
[
بطاركة القرن الثالث عشر الميلادي ]
76 - البابا أثناسيوس الثالث - III Athanasius
1250م - 1261م
القضاء على السيمونية
لقد جاهد البابا " أثناسيوس الثالث " خلال فترة رئاستــه للكنيسة القبطــية في سبــيل القضاء على توابع وآثار السيمونية .
فمن أجل إصلاح ما أفسده سلفه البابا كيرلس بن لقلق اخلال فترة باباويته للكنيسة القبطية ، قام البابا " أثناسيوس الثالث " ببذل كل ما في وسعه من أجل إستعادة الصورة السليمة التي عُرفت بها الكنيسة الرسولية في مصر منذ فجر ظهورها المبكر بالأسكندرية ، فضغط على الأساقفة الذين إرتقوا لتلك الوظيفة الكهنوتية بواسطة السيمونية - الأسلوب الذي تميز به البابا كيرلس بن لقلق - فعاملهم بقساوة عظيمة ، فكان ذلك سببًا في أن ترك كثير من الأساقفة الأقباط الإيمان الأرثوذكسي.
طبخ الميرون المقدس
في سنة 973 ش. (1257 م.) عزم البابا أثناسيوس الثالث على طبخ الميرون في دير أبي مقار ، فحضر معه لتأدية هذا العمل المقدس الآباء الأساقفة : الأنبا يوأنس أسقف سمنود - أنبا غريغوريوس أسقف المحلة - أنبا ميخائيل أسقف البرمون - الأنبا يوساب صاحب التاريخ أسقف فوه ومنوف العليا - أنبا ابرآم أسقف نستروة - أنبا بطرس أسقف سنجار - أنبا يؤانس أسقف لقانة - أنبا مرقس أسقف دفري - أنبا يوأنس إبن الخازن أسقف أبو تيج - أنبا يوساب أسقف أخميم - أنبا بطرس أسقف الفيوم - أنبا يوانس إبن الراهبة أسقف البهنسا.
موقعة عين جالـــوت
ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين ، وخضعت لهولاكو ، كانت مصر في تلك الفترة تئِنُّ من الصراعات الداخلية والتي إنتهت بإعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر سنة 1259 سلطان مصر ، فبدأ بالتحضير لمواجهة التتار ، فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم ، ثم أصدر عفواً عاماً عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي بمن فيهم بيبرس ، ثم طلب من العز بن عبد السلام إصدار فتوى ، تُشرع له جمع الضرائب على سكان مصر بعد أن واجهته أزمة إقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش ، وكان له ما أراد وأصدر العز بن عبد السلام فتوى تجيز جمع الضرائب بشروطٍ خاصة ومحددة ، ما إن إنتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية ، شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت ، الذي يقع تقريباً بين مدينة بيسان شمالاً ، ومدينة نابلسجنوباً في فلسطين ، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي ، وكانت الغلبة للمسلمين ، وإستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب بيسان ، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وإنتصر المسلمون ، وأُبيد جيش المغول بأكمله.
هولاكو قائد جيوش التتار
ولقد كان لمعركة عين
جالوت أثراً عظيماً في تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة
الشام ، فقد تسببت خسارة المغول في المعركة من تحجيم قوتهم ، فلم يستطع القائد
المغولي هولاكو الذي كان مستقراً في تبريز من التفكير بإعادة احتلال الشام مرةً
أخرى ، وكان أقصى ما فعله رداً على هزيمة قائده كتبغا هو إرسال حملة إنتقامية
أغارت على حَلَب .
أثر معركة عين جالوت على الأقباط والكنيسة في مصر
أعقاب أحداث موقعة
عين جالوت ، حدث أن وقع في مصر خلال فترة جلوس البابا " أثناسيوس الثالث
" ، حادثة قتل جماعة من النصارى بدمشق ، ونهب دورهم وخربت في سنة 976 ش (1259م) ، بعد موقعة عين جالوت وهزيمة المغول ،
فلما دخل السلطان الملك المظفر قطز إلى دمشق قرر على النصارى بها مائة وخمسين ألف
درهم جمعوها من بينهم ، وحملوها إليه بسفارة الأمير الفارسي فارس الدين أقطاي
المستعرب أتابك المعسكر ، وكان للقبط فيها جالية كبيرة وبيٌع (كنائس).
مشاهير الشخصيات المعاصرة للخدمة
القديس الأنبا برسوم العريان
وُلد القديس الأنبا " برسوم العريان " في سنة 1257 م. من أبوين تقيين، وكان والده يدعي الوجيه مفضل ، اتخذته الملكة شجرة الدر كاتمًا لأسرارها. تقبلاه الوالدان كعطية إلهية ثمرة صلوات وأصوام طويلة ، لذا ربياه في مخافة الله واهتما بحياته الروحية ودراسته في الكتاب المقدس.
توفى والده وبعد عام
توفيت والدته، فطمع خاله في الميراث، أما برسوم فلم يدخل مع خاله في خصومة،
متذكرًا قول الحكيم: "باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح" (جا 1: 2).
وإذ حاول بعض أقاربه أن يثيروه ليقاضي خاله رفض تمامًا.
إنطلق خارج الفسطاط ليعيش في مغارة، يحتمل حرّ الصيف وبرد الشتاء، غير مبالٍ بما يصادفه من مخاطر البرية. عاش خمس سنوات في حياة نسكية جادة مع صلوات ومطانيات -metanoia من دون إنقطاع، يرتدي منطقة من جلد الماعز على حقويه، لذا دعي بالعريان.
القديس الأنبا برسوم العريان
ثم حدث أن أرشده الله
إلى كنيسة الشهيد أبي سيفين "مرقوريوس" بمصر القديمة، إذ كان بها مغارة
بجوار الباب البحري، لا تزال إلى يومنا هذا، وكان بها ثعبان ضخم بسببه امتنع الناس
من النزول إليها. حاول القديس أن ينزل المغارة فمنعه خدام الكنيسة مظهرين خوفهم
عليه - أما هو - فبإيمان بسط يديه نحو السماء وصلى، قائلًا : "يا ربي يسوع المسيح إبن الله الحيّ ، أنت الذي أعطيتنا السلطان أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوة
العدو. أنت الذي وهبت الشفاء لشعب إسرائيل الذين لدغتهم الحيات عندما نظروا إلى
الحية النحاسية، الآن أنظر أنا إليك يا من عُلقت على الصليب لكي تعطيني قوة أستطيع
بها مقاومة هذا الوحش". وإذ رشم نفسه بعلامة الصليب تقدم نحو الثعبان، وهو
يقول : " تطأ الأفعى والحيات، وتدوس الأسد والتنين..." (مز 27: 1) ، فنزع
الله من الثعبان طبعه الوحشي ، وصار مرافقًا له في المغارة حوالي 20 عامًا.
وقد إنتشرت فضائلة ، وفاحت رائحة المسيح الذكية فيه ، فجاءت الجموع من كل مدينة تطلب صلواته وبركته.
وفي أيامه إجتازت
الكنيسة ضيقة شديدة في أواخر سلطنة خليل بن قلاوون، إذ أُغلقت الكنائس في كل القطر
ماعدا الإسكندرية، وصدر الأمر بلبس العمائم الزرقاء. أما القديس برسوم فكان
مستمرًا على صلواته في الكنيسة ، رافضًا لبس العمامة الزرقاء. وشى به البعض لدى
الوالي فأمر بجلده وحبسه ، ثم أطلقه ، فسكن على سطح الكنيسة يقدم صلوات ومطانيات
بدموعٍ لكي يرفع الله غضبه عن شعبه ، ويغفر لهم خطاياهم ويحنن قلوب المتولين عليهم.
وقد توفي القديس الأنبا برسوم العريان في خلال فترة بابوية البابا " يوحنا الثامن ".
الملوك المعاصرون للخدمة
الملك العادل الثاني
(
الصالح نجم الدين أيوب )
1218 م - 1249 م
الملك العادل الثاني
الملكة شجر الدر
(
عِصمت الدين أم خليل الأرمينية )
1250 م - 1257 م
الملكة شجر الدر
تاريخ الحكم
ترجع أصول الملكة شجر
الدر إلى أرمينيا ، وكانت في الأصل إحدى جاريات الملك الصالح نجم الدين أيوب ،
ونظراً لحسنها الفائق ، فقد حظيت عنده بحيث كان لا يفارقها سفرًا ولا حضرًا ، ولدت
له ولد اسمه خليل مات صغيرًا، لكن لا يوجد فى
الموسوعات التاريخية تاريخ ميلادها، كما لا يعرف أصلها، فبحسب ما ذكر كتاب
"السلوك لمعرفة دول الملوك" للمورخ تقى الدين المقريزى ، إنها تركية
الجنسية ، وقيل أرمنية ، كما ورد في مصادر تاريخية أخرى أنها من أصل تركى أو خوارزمى.
ويعود بداية ذكرها مع
عام 1239م ، عندما ضمها الملك الصالح نجم الدين أيوب ضمن جواريه.
من المفترض أن يكون اليوم هو الذكرى الـ761 ، على رحيل شجرة الدر ، إذ رحلت فى 3 مايو من عام 1257، 23 ربيع الأول عام 655، بحسب موقع الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" ، والذى يتضارب فى المعلومة ، ويذكر أيضًا فى صفحة السلطانة ـ إنها توفيت فى 28 أبريل من نفس العام.
دينار يرجع تاريخه إلى فترة حكم شجر الدر
أما فى الموسوعات
التاريخية ، فيذكر فى كتاب المقريزى السابق ذكره إنها توفيت فى يوم السبت الثامن عشر
من ربيع الآخر، وهو ما يختلف ذكره مع ما ورد فى موسوعة "النجوم الزاهرة"
للمؤرخ ابن تغر بردى، حيث قال إنها وجدت مقتولة فى يوم السبت حادى عشر من ربيع
الآخر.
هذا - ولم يذكر أى
مرجع تاريخى عمر شجرة الدر عند مقتلها.
بعد وفاة زوجها الملك
الصالح نجم الدين أيوب ، تمت مبايعة شجرة الدر من جانب المماليك لتكون سلطانة
للبلاد ، وظلت ما يقرب من شهرين حتى أرسلت إلى ابن زوجها توران شاه، والذى ما لبث
فى حكمه بضع أشهر حتى أرسلت فى قتله بعدما قام بتهديدها من أجل المال ، وتزوجت من
الأمير المعز الدين الله أيبك، وكان ذلك بداية لدولة المماليك ، لكنه وبعدما إنفرد
بالسلطة وعلمت شجرة الدر بنيته بالزوج من بنت بدر الدين لؤلؤ ملك الموصل ، دبرت
لقتله ، وقد وقع.
ويذكر ابن تغر بردى
فى "النجوم الزاهرة (الجزء السادس ص 648)" إنها بعد مقتل أيبك ومحاولة
مماليك الأخير قتلها أقامت فى البرج الأحمر فى قلعة الجبل، وكان يحميها الملوك
الصالحية ، وكانت زوجة أيبك وابنه المنصور يحرضان ضدها إلا إنها وجدت مقتولة
مسلوبة خارج القلعة ، فحملت إلى مكان دفنها بقرب من مشهد السيدة نفيسة، ودفنت هناك.
أما المقريزى فى
"السلوك لمعرفة دول الملوك (الجزء الأول ص 394)"، إنه لما تولى ابن
المعز أمر السلطنة، حُملت شجرة الدر إلى أمه فضربها الجوارى بالقباقيب إلى أن ماتت
وألقوها من سور القلعة وليس عليها سراويل وقميص، فباتت فى الخندق أياما، إلى أن
حملت ودفنت فى مشهدها النفيسى.
برغم ما أشير إليه
سابقاً فى موسوعات ابن تغر بردى والمقريزى إلا أن المؤرخة الدكتورة سعاد ماهر،
ذكرت فى موسوعة "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون (الجزء الثانى ص 262)"،
"أن الكتابة على الإفريز العلوى لا تحتوى على تاريخ وهى نقل للكتابة الأصلية،
لقد بنت شجرة الدر هذا الضريح قبل وفاتها ببضع سنوات كتب عليه بعض ألقابها
"عصمة الدنيا والدين" ولكن قتلها
على تلك الصورة البشعة منع دفنها فى ضريحها العظيم، وبعد قرنين أو ثلاثة دفن فى
ضريحها أحد الخلفاء العباسيين.
الملك موسى الأشرف
1182 م - 1237 م
تاريخ الحكم
هو الملك الأشرف أبو
الفتح مظفَّر الدين وقيل شرف الدين موسى بن الملك العادل محمد بن أيوب، من ملوك
الأيوبيين ولد في القاهرة وقيل في الكرك سنة 1182م .
بدأ حياته السياسية في عهد أبيه الذي ولاَّه سنة م1202 حكم الرها ، ثم أصبح ملكاً بعد ذلك لمملكة حرَّان ، و التي إنطلق منها سنة 600 هـ ، لمساعدة صاحب سنجار قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود في حربه صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود الزنكي ، ثم إصطلحوا ، وتزوج الأشرف من شقيقة نور الدين.
كان الأشرف مؤيداً في
الحروب ، وأعتق المماليك، كريماً كثير
العطاء، ومات وفي ذمته بعض الديون للتجار وغيرهم ، وكان يحضر مجالس الوعظ.
دينار يرجع تاريخه إلى فترة حكم موسى الأشرف
وقد مدحه كثير من الشعراء ، كإبن عُنَين ، وابن مطروح وعلى رأسهم كمال الدين بن النبيه صاحب الأشرفيات ؛ حيث نظر يوماً في دواة كاتبه وشاعره كمال الدين علي بن النبيه المصري فرأى بها قلماً واحداً فأنكر عليه ، فأنشد الكمال بديهاً " دوبيت " :
قال الملك الأشرف
قولاً رشداً ... أقلامك يا كمال قلت عدداً
جاوبت لعظم كتب ما
تطلقه ... تحفى فتقط فهي تفنى أبداً
وكانت وفاة الأشرف في
يوم الخميس رابع المحرم بدمشق، ودفن بقلعتها؛ ثم نقل بعد محق إلى التربة التي أنشئت
له بالكلاسة في الجانب الشمالي من جامع دمشق.
وبوفاته ـ إنتهت
الدولة الأيوبية ، وإنتهي حكمها في مصر.
بداية عصر المماليك
البحرية في مصر
الملك المعز عز الدين أيبك
1250 م - 1257 م
دينار يرجع تاريخه إلى فترة حكم عز الدين أيبك
تاريخ الحكم
هو المعز عز الدين
أيبك الجاشنكير التركماني الصالحى النجمي التركماني - أول ملوك " سلاطين
" الدولة المملوكية ، وقد نُصب سلطاناً على مصر في عام 1250م بعد أن تزوجته وتنازلت له عن العرش الملكة شجر
الدر ، وقد ظل متربعاً على عرش مصر بلقب
سلطان مصر حتى أغتيل بقلعة الجبل في عام 1257م .
كانت بداية ظهور
" عز الدين أيبك " على ساحة السياسة بشكل فعلي ، بعد أن تآمر أيبك مع
قطز والمماليك المعزية على إغتيال فارس الدين أقطاي والقضاء على مماليكه فقام أيبك
بدعوة أقطاى إلى قلعة الجبل لأخذ مشورته في أمر ما واغتاله .
في بادئ الأمر ظنت
مماليك أقطاى أن أيبك قد حجز زعيمهم في القلعة فلما تجمعوا عندها للمطالبة
بالافراج عنه ألقيت إليهم رأسه ، فأصيبوا بالفزع وأيقنوا أن أيبك قد عزم على
القضاء عليهم ففروا من مصر أثناء الليل .
وقد هربت جماعة منهم
إلى سلطنة الروم السلاجقة وآخرى إلى الكرك وثالثة إلى سوريا ، وكان من بين تلك
الجماعة الأخيرة بيبرس البندقدارىوقلاوون الألفى
وسنقر الأشقر ، ثم حدث أن لاحق عز الدين أيبك البحرية الفارين ، فصادر
أموالهم وممتلكاتهم واسترد مدينة الإسكندرية
التي كان أقطاى قد إقتطعها لنفسه من خاص السلطنة في عام 1252م ، أعاد
للناصر البلاد التي كان قد اقتطعها للبحرية بالساحل من قبل ، وأرسل إلى حكام
المناطق التي فروا إليها يحذرهم منهم ويحرضهم عليهم.
أما البحرية الذين لم
يتمكنوا من الفرار من مصر فقد قام أيبك بالقبض عليهم وأعدم بعضهم ونودى في مصر
بتهديد من أخفى أحدا من البحرية.
أما المماليك البحرية
فقد أعلنوا ولائهم للملك الناصر يوسف في دمشق
بسوريا بأنهم قد وصلوا إلى خدمته ، فسمح لهم بدخول مملكته وخرج إلى لقائهم
وأكرمهم وأنعم عليهم.
ولقد كان لإغتيال
فارس الدين أقطاى وفرار البحرية نتائج داخلية هامة منها بزوغ نجم الأميرسيف الدين
قطز الذي أصبح أقرب المماليك إلى أيبك
وأحبهم إليه ، ومنها انقسام المماليك منذ ذلك الحين إلى فريقين هما المماليك
البحرية والمماليك المعزية.
وفي نحو العام 1255 م
، تمرد شبيه إسمه عز الدين أيبك الأفرم ، وهو من المماليك الصالحية على السلطان
أيبك ، وسار إلى الصعيد وقام بجمع الأعراب ، فسير إليه أيبك العسكر بقيادة وزيره
الأسعد شرف الدين الفائزى الذي تمكن من اخماد التمرد.
أصبح أيبك - مع زوجته
شجر الدر ونائب السلطنة قطز - الحاكم
الأوحد لمصر.
إلا أن وجود البحرية
الفارين وعلى رأسهم بيبرس البندقدارى وقلاوون الألفى وبعض الأمراء الكبار عند
غريمه الايوبى الملك الناصر ودخولهم في خدمته كان يقلقه. فالمماليك في الشام راحوا
يحرضون الملوك الأيوبيين على غزو مصر والإطاحة بأيبك ، قام الناصر يوسف بارسال
قوات من الشام إلى مصر للقضاء على أيبك كانت تضم المماليك البحرية مع عسكره.
وبحلول عام 1257 م ،
كان سوء العلاقات بين أيبك وزوجته شجر الدر قد وصل إلى ذروته وتزايدت الوحشة
بينهما بسبب تسلط شجر الدر على الحكم بل وعلى حياته الشخصية حيث كانت تمنعه من
زيارة زوجته الآخرى أم إبنه نور الدين علي ،
وتُصر على أن يقوم بتطليقها.
أيبك الذي كان يبحث
عن إستقلالية وتحالفات تساعده على التصدى للأيوبيين والبحرية الفارين ، قرر الزواج
من إبنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ. وقد أخبره بدر الدين لؤلؤ أن شجر الدر قد
كاتبت الملك الناصر يوسف وحذره منها. عزم أيبك على الزواج من امرأة آخرى بالإضافة
إلى خلافاتها معه في أمور الحكم وهي التي جعلته يبلغ السلطنة واحساسها بمخاطر على
حياتها أساء شجر الدر ، وأثار رغبتها في التخلص من أيبك فما كان منها إلا أن دبرت
خطة لإغتياله مع بعض الخدم والمماليك .
وفي العاشر من أبريل عام 1257 تم اغتيال السلطان عز الدين أيبك أثناء استحمامه داخل قلعة الجبل على أيدي عدد من الخدم فمات بعد أن حكم البلاد سبع سنوات.
في أعقاب هذا - أعلنت شجر الدر في الصباح
التالي انه قد توفي فجأة أثناء الليل إلا أن المماليك المعزية بقيادة نائب السلطنة
قطز لم يصدقوها وأعترف الخدم تحت وطأة التعذيب بالمؤامرة ، فحاول المعزية قتلها إلا
أن المماليك الصالحية قامت بحمايتها ونقلت إلى البرج الأحمر بالقلعة ، قام المعزية
بتنصيب نور الدين بن أيبك سلطانا على البلاد وكان صبيا في الخامسة عشرة من العمر.
بعد بضعة أيام عثر على جثة شجر الدر ملقاة خارج القلعة بعد أن قتلتها ضربا جواري
أم المنصور نور الدين علي ، تم إعدام الخدم الذين قاموا بإغتيال عز الدين أيبك.
وقد مات عز الدين
أيبك وشجرة الدر بعد أن أسسا دولة المماليك. تلك الدولة التي سيطرت على جنوب وشرق
حوض البحر المتوسط لبضعة عقود من الزمان قضت خلالها على القوى المغولية والصليبية
التي تأزرت ضد المسلمين ، وحاولت إقتلاع العالم الإسلامي.
الملك المنصور نور الدين على بن أيبك
( ميخائيل بن أيبك )
1257 م - 1259 م
تاريخ الحكم
هو الملك المنصور نور
الدين علي بن أيبك .
ولد في القاهرة في
نحو العام :1242 م ، ويُعتبر الثاني في سلاطين دولة المماليك المعزية تولى حكم مصر
لمدة سنتين ونصف من سنة 1257م إلى سنة أواخر سنة 1259م.
في خلال فترة حكمه ،
وردت الأخبار بهجوم التتار ، فعُزل وتولى
مكانه المظفر قطز بعد مقتل عز الدين أيبك ، إنحازت المماليك المعزية بقيادة الأمير سيف الدين قطز لإبنه نور الدين
علي ، وكان في الخامسة عشرة من عمره ونصبته سلطانًا على مصر بلقب الملك المنصور
ومعه قطز كنائب للسلطنة والأمير فارس الدين أقطاي المستعرب كأتابك ، وعُين الأمير
بدر الدين يوسف وزيرًا للسلطان بدلًا من وزير أيبك الأمير شرف الدين الفائزي ثم
عزل واستقر الأمير ابن بنت الأعز في الوزارة .
المماليك البحرية
الذين كانوا قد فروا من أيبك إلىسلطنة الروم السلاجقة ، عـــادوا إلى مصر بعد أن
بلغهم نبأ وفاته ولكنهم بهتوا عندما وجدوا أن السلطان الجديد مجرد صبي صغير لا
يهتم سوى بتربية الحمام وصراع الديوك وركوب الحمير داخل قلعة الجبل -أما المماليك الذين كانوا في سوريا ، وكان من
بينهم بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي والذين كانوا قد غادروا سوريا إلى الكرك
بعد أن عقد السلطان أيبك صلحا مع الناصر يوسف أمير سوريا الأيوبي في دمشق ، فقد
رفضوا الاعتراف بسلطنة المنصور علي ،ثم
حاولوا بعد ذلك الإستيلاء على مصر مع الملك المغيث - ملك الكرك الأيوبـــى
،فتصدت لهم قوات قطز وفي
إحدى المعارك تمكنت المماليك المصرية من أسر قلاوون الألفي وبلبان الرشيدي ، بينما
الموقف في مصر كان على ذاك النحو كان جيش المغول بقيادة هولاكو قد إقتحم الحدود
الشرقية للعالم الإسلامي وتقدم نحو بغداد.
وفي شهر فبراير عام
1258 م إستباح بغداد، التي كانت دار
الخلافة العباسية ، وإرتكبوا أشنع المذابح
وقتلوا الخليفة العباسي " المعتصم بالله " ، الذي هادنهم ومنحهم النقود
والهدايا ربما لسوء التقدير ، ولعدم إدراكه بأهداف هولاكو وأطماعه. المؤرخ إبنأيبك
الدواداري وصف الخليفة البغدادي ذاك بأنه
" كان فيه هوج ، وطيش ، وظلم ، مع بله ، وضعف ، وإنقياد إلى أصحاب السخف ،
يلعب بطيور الحمام ، ويركب الحمير المصرية الفرء " أرسل الناصر يوسف بابنه
العزيز إلى هولاكو محملاً بالهداية ورسالة ترجو منه مساعدته في الاستيلاء على مصر
فطلب منه هولاكو إمداده بعشرين ألف فارس.
ولما علم المماليك
المقيمون في الكرك بما يجري طلبوا من المغيث ملك الكرك مهاجمة مصر للإستيلاء عليها
فوافق المغيث ، وأرسل جيشاً إلى الحدود المصرية حيث هزمته قوات قطز ، بعد فرار
المغيث إلى الكرك عاد قطز إلى قلعة الجبل وأمر بإعدام بعض المماليك والأمراء الذين
تنكروا له أثناء المعركة .
وفي عام 1259 وبينما
المغول يحاصرون ميفرقين حاول الملك المغيث الإستيلاء على دمشق ، ولكنه انهزم وعقد
صلحاً مع الناصر يوسف ، وإتفقا على ترحيل المماليك المقيمين في الكرك إلى دمشق
، حيث أودعهم الناصر يوسف في السجن .
وفي عهده - وتحديداً
في عام 1257، سُكِت النقود ، وقد نُقِشت عليها الأسماء والألقاب التالية الملك
المنصور نور الدين ، الملك المنصور نور الدنيا والدين ، وقد نُقِش اسم أبيه أيبك
أيضًا على عملاته بلقب :الملك المعز ، كما
نقش إسم الخليفة العباسي على النحو التالى: الإمام المستعصم بالله أمير المؤمنين ،
إمام المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله أمير المؤمنين.
بعد أن هدد هولاكو
الناصر يوسف في دمشق أرسل إلى مصر رسالة إستغاثة
،فإجتمع الأمراء ببلاط الملك المنصور علي في قلعة الجبل ، وقال قطز - الذي
كان ساخطًا على لامبالاة المنصور علي وتحكم أمه به وتدخلها في شئون السلطنة -
للأمراء : أن الموقف يحتاج إلى سلطان قوي قادر على التصدي للعدو المغولي ، وأن
الملك المنصور علي صبي صغير غير قادر على حكم المملكة ، ثم قام قطز باعتقال
المنصور علي وأخيه قاقان وأمهما داخل برج بالقلعة ، وبذلك تم خلع المنصور علي بعد
أن حكم لمدة سنتين ونصف تقريباً ، ونُصِب قطز سلطانًا بعد أن وعد الأمراء
بالاستقالة بعد النصر على المغول .
في النهاية - أُرسِل
المنصور علي وأخوه قَليج قَان وأمهما إلى دمياط ، ثم أُبعِدوا إلى بلاد الأشكرى
الأراضى البيزنطية ، وهناك تنصر المنصور ،
وسُمِى ميخائيل بن أيبك وتزوج وأنجب ، وعاش إلى نحو سنة 700 هـ - كما ذكر أخوه
(قَليج قَان) للمؤرخ شمس الدين الذهبي .
كما ذكر إبن إياس في
بدائع الزهور خلاف ذلك - فقال أنه اُعتقل في برج السلسلة في دمياط ، حتى توفي ودفن هناك.
الملك المظفر سيف الدين قطز
1259 م - 1260 م
سيف الدين قطز
تاريخ الحكم
هو الملك المظفر سيف
الدين قُطُز محمود بن ممدود بن خوارزم شاه هو سلطان مملوكي .
وقد بدأ حكمه في عام
1259م .
ويُعدّ قُطُز البطل
الفعلي الذي إستطاع أن يحقق النصر في موقعة عين جالوت - فلقب بـ ( قاهر التتار
) ، ومُحرر القدس من التتار ؛ كما يعد أحد أبرز ملوك مصر ، وذلك
على الرغم من أن فترة حكمه لم تدم سوى أقل من عام واحد ، حيث نجح في إعادة تعبئة
وتجميع الجيش الإسلامي ، وإستطاع إيقاف زحف جيوش " المغول " - أو "
التتار " الذي كاد أن يقضي على الدولة
الإسلامية ، فهزمهم قُطُز بجيشه هزيمة كبيرة في عين جالوت ، ولاحق فلولهم حتى حرر
الشام ، بأكملها من سلطتهم.
قطز هو إسم أطلقه
التتار عليه حيث قاومهم بشراسة خلال إختطافهم وبيعهم إياه وهو صغير ، ومعنى قطز (
الكلب الشرس ) باللغة المغولية .
هذا - ويعود نسب قطز
إلى الأمير ممدود الخوارزمي إبن عم السلطان جلال الدين خوارزم شاه سلطان الدولة الخوارزمية ، وزوج أخته.
نشأ قطز نشأة الأمراء ، وتدرب على فنون القتال على يد خاله ، وبعد سقوط الدولة الخوارزمية بِيع مملوكًا في الشام ، ثم انتقل لمصر وبِيع مملوكًا للملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الدولة الأيوبية ، فتعلم فنون القتال والخطط الحربية في مدارس المماليك ، وشارك جيش الملك الصالح في صد الحملة الصليبية السابعة ، وتحقيق الإنتصار في معركة المنصورة عام 648 هـ الموافق 1250م.
وقد تدرّج قطز في ترتيب السلطة حتى كان يوم السبت 24 الموافق ذو القعدة 657 هـ - والموافق 11 نوفمبر 1259م - عندما نُصّب ثالث سلاطين مماليك مصر ، ولما عاد قطز منتصرًا من عين جالوت إلى مصر تآمر عليه بعض الأمراء المماليك بقيادة بيبرس ، فقتلوه بين القرابي والصالحية ، ودفن بالقصير ، ثم نُقِل قبره بعد مدة من الزمن إلى القاهرة ، وكان مقتله يوم السبت 1260م ، وذلك بعد معركة عين جالوت بخمسين يومًا.
النياحة
لقد تنيَّح البابا " أثناسيوس
الثالث " في اليوم الأول من شهر كيهك سنة 978 ش - والموافق لعام 1261م . ودُفِنَ في
كنيسة القديس مرقوريوس أبو سيفين - بمصر القديمة.
إرسال تعليق