الموقع الرسمي لمملكة الأرض الموقع الرسمي لمملكة الأرض
أحدث الأخبار
Loading...

آخر المقالات

أحدث الأخبار
Loading...
جاري التحميل ...

خراب اورشليم ودمار الهيكل في سنة 70 | احداث خراب اورشليم | الخراب الثالث و الاخير للهيكل

   


خراب أورشليم ودمار الهيكل عام 70

تاريخ مصر في عصور الإحتلال
ثانياً :  مصر في العصر الروماني

تابع : عهد حكم الإمبراطور فسباسيان

 <| فصل خاص عن خراب أورشليم وهيكلها |> 


مقدمة
لعل من أهم الأحداث التي عاصرتها مصر في ظل فترة الإحتلال الروماني لها - وتحديداًَ في خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني : " فسباسيان " - هذا الحدث الهام - والذي يُمثل حدثاً مُكللاً بالنصر والظُفر للجانب الروماني ، يشهد به التاريخ كإضافة لسلسلة الإنتصارات التي إستطاع أن يُحققها الرومان منذ تأسيس الإمبراطورية الرومانية ، وإعلانها رسمياً في سنة 23 قبل الميلاد ، على يد أول أباطرتها ، وباكورة المتربعين على عرشها - الإمبراطور " أوغسطس قيصر " ، وفي ذات الوقت - حدثاً مأساوياً مؤلماً على الجانب الآخر - الذي يُمثله شعب اليهود ، الذين تجرعوا فيه ويلات مريرة ، تلك الأحداث الأليمة التي بدأت بأوجاع المرض وإنتشار الأوبئة ، والمجاعات ، والقحط العظيم ، والتى كانت خاتمتها هي مرارة الهزيمة ـ بعد فترة حصار طويلة ، ثم خراب أورشليم ، ودمار هيكلها ، ونهب نفائسه ، وكنوزه الثمينة التي لاتقُدر بثمن . 
كانت أحداث خراب أورشليم " - هي فاجعة القرن الأول للميلاد ، وقد بدأت تلك الأحداث بدايةً من سنة 68 م ، منذ أن إنطلقت أولى الثورات التمردية من قِبل اليهود ضد الحكم الروماني ، فكانت تلك هي المرة الأولى التي تدخل فيها جيوش الرومان لقلب أورشليم ،  من أجل قمع الثورات اليهودية العارمة التي إجتاحت ربوعها ، وكان قائد الجيوش الرومانية في أولى طلعاتها صوب أورشليم ، هو القائد الروماني المُخضرم " فسباسيان " ، وقد إستكمل من بعده مهام قمع ثورات اليهود في أورشليم التي حققت النصر الأخير فيها إبنه " تيطس" - حيث صار " فسباسيان " - هو الإمبراطور العاشر في تاريخ الإمبراطورية الرومانية بعد وفاة أبيه في سنة 79 م.
ونحن في هذا الفصل ، سوف نُحيط هذه الأحداث إحاطة شاملة ، بكل ما فيها من تفاصيل ، وإرتباط كل حدث من أحداث خراب أورشليم وهيكلها وسبيٌ شعبها ، بنبؤات السيد المسيح ، والتي وردت في إنجيل العهد الجديد ، والتي تنبأت بما سوف يحدث على أرض أورشليم من أحداث خراب ودمار لهيكلها وسبي لشعبها ، وهذا ما تحقق بالفعل على يد القائد الروماني " تيطس " في سنة 70 ميلادية ، وكانت هذه هي النهاية الأليمة لهيكل أورشليم ، هذا الهيكل الذي إندثر ، ولم تَقُم له قائمة حتي الآن ، فقد جاءت نبؤات السيد المسيح ، عن خراب أورشليم ، ودمار هيكلها ، وسبي شعبها قبل حدوثها بأربعين سنة ، على النحو التالي في مقدمتنا :
يقول الإنجيل المقدس في صدد النبؤات عن خراب أورشليم : " وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْهَيْكَلِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ :  يَا مُعَلِّمُ ، انْظُرْ مَا هذِهِ الْحِجَارَةُ وَهذِهِ الْأَبْنِيَةُ . فَأَجَابَ يَسُوعُ : أَتَنْظُرُ هذِهِ الْأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ لَا يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لَا يُنْقَضُ " . 
وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى إنْفِرَادٍ : " قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا ، وَمَا هِيَ الْعَلَامَةُ عِنْدَمَا يَتِمُّ جَمِيعُ هذَا " ( مرقس 13- 4.:1 ) . 
كان السيد المسيح في طريقه إلى خارج الهيكل ، حين لاحظ تلاميذه جمال البناء العظيم - وكان الملك هيرودس قد بنى هذا الهيكل وعمل فيه أبواباً مغطَّاة بالفضة والذهب ، وكانت حجارته كبيرة جداً ، فقد كان طول بعضها خمسة وأربعين ذراعاً ، وعرضهستة أذرع ، وسُمْكه خمسة أذرع ، لقد كان بناء الهيكل عظيماً.
وقد لفت التلاميذ نظر السيد المسيح إلى الحجارة والأبنية ، فنظر إليها وقال : " هذه الأبنية العظيمة ، لا يترك حجر على حجر لا يُنقَض " .
ثم مضى السيد المسيح وتلاميذه إلى جبل الزيتون ، وهناك سأله التلاميذ سؤالين : " قل لنا متى يكون هذا ، وما هي العلامة عندما يتم جميع هذا " .
كان التلاميذ يريدون أن يعرفوا الوقت ، وكانوا يريدون أن يعرفوا بعض العلامات حتى يقدروا أن يميّزوا الوقت ، وبدأ المسيح يخبر عن حوادث مقبلة ، وقد تكلم السيد المسيح أولاً عن خراب أورشليم ، ثم تكلم عن مجيئه الثاني .
تلك هي مقدمتنا عن قصة خراب أورشليم ودمار هيكلها ، وقبل أن نتناول موضوع خراب أورشليم وهيكلها . نرى من المفيد أن نقف قليلاً نظرة سريعة عليهما .
على الرغم من الثراء العريض الذي حققه كثير من اليهود خارج اليهودية في الأقطار الأخرى فقد . كانوا يتطلعون دائماً بشوق إلي أورشليم ، وما يحيط بها ... كانوا يعتبرون أورشليم وكل سكانها من اليهود – أنها المكان الوحيد في العالم ، حيث يشعرون – إلي حدٍ ما – أنهم سادة في بيتهم ، وأن منها ستظهر ( حسب فهمهم المداي الخاطئ ) المملكة اليهودية الكبيرة الموعد بها ، وفيها أيضاً سيظهر المسيا المنتظر ، وهكذا كانت أورشليم مركز اليهودية في العلم كله ، وقلبها النابض وفي عهد الرسل كانت أورشليم علي جانب كبير من الثراء المادي ، وبلغ عدد سكانها نحو مائتى ألف نسمة ، ولكنها لم تعد – كما كانت في زمان داود وسليمان النبيين – تستمد عظمتها وثروتها من قوتها العسكرية ، أو تجارتها مع شعوب فلسطين . بل من هيكل يهوه وحده ، كان علي كل ذكر يهودي تجاوز عمره الستين ، أينما يعيش ، غنياً كان أم فقيراً أن يسهم في الحفاظ علي الهيكل ، بأن يدفع درهمين ( 2/1 شاقل ) سنوياً ضريبة للهيكل ترسل إلى أورشليم .
وقد أوفى الرب يسوع هذه الضريبة ( مت17 : 24 ) وإلى جانب ذلك كانت تصل إلي أورشليم تقدمات كثيرة لا تحصى كما كان لزاماً علي كل يهودي غيور أن يحج إلي أورشليم – مرة واحدة علي الأقل في حياته حيث مسكن إلهه يهوه ، ففيه وحده يقبل الله التقدمات هكذا ترنم داود وقال عن هذا المسكن أن الله يسكن ففيه وحده يقبل الله التقدمات ـ هكذا ترنم داود وقال عن هذا المسكن : 
" أن الله يسكن فيه إلي الأبد (مز68 : 16) "

{ علامات خراب أورشليم }

لقد كانت العلامة الأولى على خراب أورشليم ، هي : { مجيء مُضلين كثيرين ( آية 6 ) " كثيرون سيأتون ويقولون إنهم المسيح ، ويُضلون كثيرين.. لا تصدِّقوهم }.
والعلامة الثانية على خراب أورشليم هي الحروب ( آية 7 ) ، وقد حدثت فعلاً حروب كثيرة بين اليهود وبين الشعوب الأخرى قبل خراب أورشليم. 
حدثت حرب بين يهود الإسكندرية وبين المصريين سنة 38 م ، بعد ولادة السيد المسيح ، وحرب في سلوكية ، مات فيها خمسون ألف يهودي.
والعلامة الثالثة على خراب أورشليم هي حدوث زلازل ومجاعات وإضطرابات (آية 7)
وقد سبق خراب أورشليم وهيكلها ، بشائر مشئومة في أورشليم ذاتها وفي خارجها .... ونستعرض أهمها فيما يلى   :

1- يذكر المؤرخون أن الست سنوات الواقعة بين إضطهاد نيرون ، وخراب أورشليم ( 64 – 70 م ) ، كانت أكثر فترات التاريخ القديم إمتلاء بالرذيلة والفجور والفساد والكوارث .. لقد بدأ الوصف البنوي الذي قدمه لنا ربنا يسوع عن خراب أورشليم وهيكلها يتحقق ، وبدا للمسيحيين ، وكأن يوم الدينونة علي الأبواب ، ولم يكن هذا الإحساس قاصراً علي المسيحيين وحدهم بل شاركهم فيه كثير من الوثنيين أيضاً .
حتى أن المؤرخ الوثني تاكيتوسtacitus  ،حينما أخذ يسجل تاريخ روما بعد موت نيرون بدأه بقوله : ( أنني مقبل علي عمل غني بالكوارث ، ملئ بالمعارك الفظيعة والمنازعات والثورات ، حتى في زمان السلم لقد قتل أربعة أمراء بالسيف وفي وقت واحد نشبت ثلاثة حروب أهلية وعديد من الحروب الخارجية العنيفة إيطاليا ، مُثقلة بكوارث جديدة أو قديمة متكررة ، فكانت مُدناً تُبتلع أو تدفن تحت الحطام ، ولقد أتلفت الحرائق روما ، وإحترقت معابدها القديمة ، حتى الكابيتول ، فقد أضرم المواطنون النيران فيه ، وإنتهكت المقدسات ، وتفشى الزنا ايضاً حتى في الأماكن السامية ، وإمتلات البِحار بأماكن النفي ، وتخضبت الجُزُر الصخرية بدماء القتلى ، وما زال الهياج المرعب يسود المدينة .
 2 - أما فلسطين - فكانت أكثر بلاد العالم شقاء في تلك الفترة ، أن مأساة خراب أورشليم - إنما تُمثل مقدماً - وبصورة مُصغرة - الدينونة الأخيرة كما أنبأ عنها السيد المسيح في حديثه عن نهاية العالم ، أخيراً وصل احتمال الله لشعب اليهود إلى الذروة ، بعد أن فاقوا في عنادهم كل تصور ، فصلبوا مخلصهم !! وما لبثوا أن رجموا يعقوب البار الذي كان أنسب يصالح اليهود مع المسيحية .
لقد ظهرت وحدثت ظواهر وأحداث عجيبة قبيل خراب أورشليم في السماء وعلى الرض سجلها لنا يوسيفوس المؤرخ اليهودي المعاصر ، ظهر فوق أورشليم ولمدة سنة كاملة ، نجم مذنب يشبه السيف ، وحدث ان بقرة وضعت حملاً وسط الهيكل بينما كان رئيس الكهنة كان سيقدمها ذبيحة ، والباب الشرقي الداخلي الضخم المصنوع من النحاس الذي كان يحكم إغلاقه ويقوم على غلقة عشرون رجلاً بصعوبة شوهد ينفتح من تلقاء ذاته أثناء الليل ، كما شوهدت مركبات وفرق من الجند مدججين بالسلاح بين السحب فوق المدينة المقدسة .
ويذكر لنا المؤرخ اليهودي يوسيفوس - حادثاً عجيباً أخر ، ففي سنة 63 م – قبل خراب المدينة بسبع سنوات – ظهر فلاح إسمه يوشيا في مدينة أورشليم في عيد المظال ، وأخذ يصيح بلهجة نبوية نهاراً وليلاً في الشوارع وبين الناس قائلاً : ( صوت من الشرق صوت من الغرب صوت من الرياح الأربعة . صوت ضد اورشليم والبيت المقدس . صوت ضد العرائس والعرسان . صوت ضد هذا الشعب جميعه . ويل ويل لأورشليم ) ، وإذ أزعج هذا المُتنبئ الحكام بولايته ، فقبضوا عليه وجلدوه لأنه تنبأ بالشر عليهم وعلي مدينتهم … أما هو فلم يبد أية مقاومة ، بل إستمر يردد ويلاته . ولما قدم لألبينوسAlbinus  الوالي امر بجلده حتى ظهرت عظامه ، ومع كل ذلك ما كان ينظق بكلمة دفاعاً عن نفسه ولا لعن اعداءه ، وكل ما كان يفعله كان يصدر صوتاً حزيناً مع كل جلده ( ويلُُ ويلُُ لأورشليم ) ، لم يجب بشئ على أسئلة الحاكم من هو  ومن أين  ... واخيراً أطلقوا سراحه كرجل مجنون ، ولكنه إستمر على هذه الحالة حتى نشبت الحرب لا سيما في الأعياد الثلاثة الكبرى معلنا اقتراب سقوط اورشليم وحدث أثناء حصار المدينة أنه كان يُردد مرثاته فوق سور المدينة من قوله هذا حتى إستقر حجر على رأسه ألقاه عليه الرومان ، فأرداه قتيلاً في الحال .


أحداث ثورة اليهود
في مدة حكم الولاة الرومان فيلكس وفستوس وألبينوس وفلوروس Florus إزداد الفساد الأخلاقى ، والإنحلال الإجتماعي بين يهود فلسطين مع ازدياد ثقل نير الحكم الروماني علي الشعب سنة بعد أخرى .
 وكان من مظهر هذا الإنحلال ، ظهور جماعة من السفاحين في عهد ولاية فيلكس عرفوا بإسم : حَمَلَةٌ الخناجر Sicarians  ، وهي مستوحاة من كلمة : sica - أى خنجر - كانوا مسلحين بالخناجر ، وعلى إستعداد لإرتكاب أي جريمة مقابل أي شئ .. أنتشر هؤلاء في ربوع فلسطين وهددوا الأمن في المدن والريف .
وإلى جانب ذلك ، وصلت روح التحزب بين اليهود أنفسهم وكراهيتهم لمستعمريهم الوثنيين وتعصبهم السياسي والديني حداً بالغاً .
قد شجع على هذه الروح وزادها اشتعالاً ظهور الأنبياء والمُسحاء الكذبة .
وقد إستطاع احدهم – وفقاً لرواية يوسيفوس – أن يجذب وراءه ثلاثين ألف رجل .. وهكذا بدأت تتم كلمات ربنا يسوع النبوية عن ظهور مُسحاء كذبة وأنبياء كذبة يضلون كثيرين .
وفي شهر مايو سنة 66م – تحتحكم الوالي الروماني فلوروس ، وكان طاغية شريراً قاسياً ، إندلعت ثورة يهودية مُنظمة ضد الرومان - وفي نفس الوقت - قامت حرب أهلية بين جماعات الثوار المختلفة ، لا سيما بين جماعة ما عرفوا بإسم : ( الغيورين المتطرفينzealots  ، وفريق المُعتدلين ، أو بين المتطرفين والمحافظين من اليهود ، وكان أعضاء جماعة الغيورين مملوئين شراسة وتعصباً للدين والوطن والقومية اليهودية وكان لهم النفوذ والسيطرة في المجال الحربي .
ومن ثم فقد سيطروا بعنفهم علي المدينة المقدسة أورشليم وهيكلها . وأشاعوا الذعر بين الأهالي ، وعبأوا أفكار الناس ومشساعرهم انتظار لظهور المسيا . كما رحبوا بكل خطوة نحو الدمار والخراب ، كخطوة التحرر وفسروا ظهور المذنبات والشهب والإنذارات المخيفة ، والأعاجيب التي صاحبت تلك الفترة علي أنها علامات لمجئ المسيات وملكه علي الأمم لقد كان تحدي اليهود للدولة الرومانية في ذلك الوقت يعني تحديهم لأكبر قوة مسلحة في العالم وقتذاك  ومع ذلك - فقد أعماهم تعصبهم الديني الذي إستوحوه من ذكريات بطولات ثورات المكابيين عن الفشل المحقق .


تحقق النبؤات
لقد تحققت النبؤات التي أعلنها السيد المسيح له المجد عن خراب أورشليم ، قبل حدوثها بأربعين سنة ، وذلك على مراحل ، نذكرها على الإجمال كما يلي :

1- إندلاع ثورات اليهود في أورشليم
عندما بلغ نيرون خبر ثورة اليهود ، أرسل فسبسيان قائده الذائع الصيت ، علي رأس قوة كبيرة إلى فلسطين ، وقد بدأت الحملة في سنة 67 م ، إنطلاقاً من ميناء بتولمايس ( عكا ) ، وواجهت مقاومة مُستميتة في الجليل قوامها ستون الف مقاتل ولكن ما لبثت الأحداث في رومـا أن حالت بين فسباسيان وإستكمال النصر ، واضطرته إلي العودة إليها ، بعد أن إنتحر نيرون ، وتَعَاقَب علي العرش الإمبراطوري ثلاثة أباطرة في فترة وجيزة . إنتهى الأمر بأن أعلن فسباسيان إمبراطوراً سنة 69 م ، فعمل علي إعادة الأمن والنظام في ربوع وأقام بعد هذه الأحداث بعشر سنوات ، كان جيش تيطس قوامه نحو ثمانين ألف مقاتلاً مُدرباً تدريباً عالياً ، وأقام معسكره علي جبل سكوبس وجبل الزيتون ، وهى مواقع تمكنه من رؤية المدينة أورشليم والهيكل رؤية واضحة . وكان وادي قدرون يفصل بين الرومان واليهود المحاصرين .

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/70-40.html
فســــباســـــــيان 
قائد الجيوش الرومانية في ثورة اليهود عام 69 م وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية في الفترة من عام 69م وحتي عام 79م 


2 - بداية حصار أورشليم وبداية معاناة شعب اليهود من مجاعات و وقحط ووباء عظيم
بدأ حصار الجيوش الرومانية لأورشليم في أبريل سنة 70م ، عقب عيد الفصح مباشرة ، وكانت أورشليم غاصة بالغُرباء الذين وفدوا إليها لحضور ذلك العيد العظيم ، حاول تيطس في بادئ المر التفاهم مع اليهود بالحُسنى ، لكن جماعة الغيورين رفضوا بكل تحد مقترخات تيطس ومحاولاته المُتكررة . وتوسلات المؤرخ يوسيفوس ، الذي صحبه كمترجم ووسيط ، وكانوا في ثورتهم الجنوبية يقتلون كل من يتحدث عن الإستسلام . 
في ذات الوقت - قام اليهود ببعض الهجمات أسفل وادي قدرون وفوق الجبل ، كبدوا فيها الرومان خسائر كبيرة ، كان هذا النجاح المبدئي سبباً في إزدياد حماس الغيورين علي الرغم مما حل بهم من مصائب ومتاعب .. كان تيطس يصلب يومياً من اليهود العصاة نحو خمسمائة يهودي ، وما لبثت حتي ظهرت المجاعة في أورشليم ، نتيجة أحكام الحصار عليها .
وكانت المجاعة تحصد في كل يوم آلاف اليهود ، الأمر الذي أضطر امرأة يهودية ان تشوي طفلها لتأكله ، وعلي الرغم من كل ذلك فان هذا البؤس كله لم يزحزح جماعة الغورين المسيطرين عن الموقف الجنوبي ، والواقع أن التاريخ لم يسجل لنا صورا للبؤس أبشع مما شاهدته أورشليم مدة حصارها علي يد تيطس كما أنه لا يسجل لنا مقاومة عنيدة ، وشجاعة يائسة وإستخفافاً بالموت علي نحو ما أظهره اليهود في تلك الحرب .

3 - إحكام السيطرة الرومانية على أورشليم وأحداث خرابها ودمار هيكلها ونهب محتوياته


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/70-40.html
أحداث خراب أورشليم ودمار هيكلها

أخيراً – في يولية سنة 70م – باغت الرومان حصن انطونيا ليلاً ، ونجحوا في الإستيلاء عليه ، وبسقوط هذا الحصن المنيع ، أصبح الطريق مُمهداً لوضع أيديهم علي الهيكل ، فتوقفت الذبائح اليومية في اليوم السابع عشر من يوليه لأن اليهود كانوا في حاجة إلي كل الأيدي للدفاع في الحرب ، ولعل آخر ذبيحة وأغزرها دماء قدمت علي مذبح المحرقة كانت آلاف اليهود الذين ذبحهم تجمهروا حول هيكلهم للدفاع عنه الرومان ، وقد كانتيطس  بحسب رواية يوسيفوس ينوي في بادئ الأمر أن يبقي علي الهيكل كعمل معماري رائع يحفظ ذكرى انتصره . وعندما هددت ألسنة النيران قدس الأقداس ، شق طريقه بصعوبة بين اللهيب والدخان ، فوق جثث القتلى ، وتلك التي كانت بين الحياة والموت حتى ما يحصر النيران . لكن جنوده . كانوا في حالة هياج هستيرى نتيجة المقاومة العنيدة التي أبداها اليهود والطمع في كنوز الهيكل الذهبية فلك يكن في الإمكان أيقافهم عن أعمال التخريب ، كانت الأروقة المحيطة بالهيكل هي أول ما احترق منه . ثم ما لبث أن طرحت كتلة نارية عبر البوابة الذهبية . وعندما تصاعدت ألسنة اللهب أطلق اليهود صرخات هستيرية مفزعة ، وحاولوا إخماد النار بينما وجد آخرون عزاءهم وهو يتعلقون بأخر أمل في خلاص المسيا في أن يعلنوا نبوة نبي كاذب مؤداها ان الله وسط حريق الهيكل وسيعطي علامة الخلاص لشعبه ، تنافس الجنود الرومان في تغذية السنة النيران ، وسرعان ما تحول كل البناء الضخم إلى شعلة نارية أضأت السماء .. هكذا أحرق الهيكل في العاشر من أغسطس سنة 70م ، وهو حسب التقليد نفس اليوم الذي خرب فيه الهيكل قديماً علي يد نبوخذ نصر ملك بابل - يقول وهو شاهد عيان في وصفة لخراب الهيكل ( لا يمكن أن يتصور أحد أصوات أعلى وأكثر فزعاً ، مما حدث من كل ناحية أثناء إحتراق الهيكل ، صيحات الإنتصار والفرح الصادرة من الجنود الرومان ، تختلط بصيحات عويل الشعب المحاصر بالنار والسيف فوق الجبل وداخل المدينة ) . وكان الصدى الواصل من كل الجبال المحيطة يزيد هذا الزئير الذي يصم الآذان ، ومع ذلك فالبؤس نفسه كان افظع من هذا الإضطراب ، و كان التل المقام عليه الهيكل يغلى من السخونة ، وبدا وكأنه ملفوف حتى سفحة بطبقة واحدة من اللهب . كانت الدماء في كميتها اكثر من النار ، والمذبحون أكثر عدداً ممن ذبحوهم ، ولم تعد الأرض تُرى في أي موضع ، إذ كانت مُغطاة بأكوام من جثث القتلى ، سار فوقها الجند وهو يتعقبون الهاربين ، وما لبث الرومان أن أشهروا شعاراتهم ( النسور الرومانية ) ، مُثبتين إياها فوق الأنقاض في الجهة المقابلة لبوابة اورشليم الشرقية ، وقدموا لها القرابين ، وهتفوا لقائدهم المظفر تيطس بأعظم تهاليل الفرح.
وهكذا - تمت النبوءة الخاصة برجسة الخراب القائمة في الموضع المقدس .


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/70-40.html
( تيــــــطس )
 قائد الجيوش الرومانية في ثورة اليهود عام 69 م وأحداث خراب أورشليم ودمار هيكلها وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية في الفترة من عام 79م وحتي عام 81م 



أورشليم ما بعد خراب هيكلها وسبي شعبها
لقد هدمت اورشليم تماماً ، ولم يترك بها سوى ثلاث أبراج من قصر هيرودس مع جزء من الحائط الغربي ، وقد أبقي عليها كأثار لقوة المدينة المقهورة ، التى كانت يوما معقلاً لدولة اليهود الدينية ، ومهد الكنيسة المسيحية منذ فجر ظهورها الأول ، ولقد أحس الجميع وإعترفوا بأن كارثة اليهود إنما هي قصاص إلهى .
فقد نسب إلى تيطس قوله أن الله بمعون خاصة ساعد الرومان ومنع اليهود من الإفلات من قبضة يدهم القوية .
أما يوسيفوس الذي تابع الحرب بنفسه من أولها إلى آخرها . فقد استطاع أن يتبين في تلك المأساة عدل الله ، وإعترف بذلك وقال : " إنني لا أتردد في أن أبوح بما يؤلمني ، أني أؤمن انه لو أجل الرومان عقابهم لهؤلاء الشرار لإبتلعت الأرض المدينة ( أورشليم ) ، أو أغرقها طوفان ، أو احرقت بنار من السماء كما حدث لسدوم ، لأن جيلهم بادت كان أكثر شراً من اولئك الذين حلت عليهم النقمات في سالف الأزمان . فبسبب جنونهم بادت الآمة كلها ".
هكذا كان لابد لواحد من افضل الأباطرة الرومان أن ينفذ قضاء الله ، ولخر من أكثر اليهود ثقافة في زمانه أن يصفه ... وهكذا أيضاً ، دون أن يعرفا أو يريدا – شهدا لصدق النبوة وأولوهية يسوع المسيح ربنا ، الذى إذ رفضه هؤلاء اليهود الجاحدون ، عانوا البؤس والشقاء في ملئ بشاعتهما .
وبعد أحداث خراب أورشليم ، وسبي اليهود ، بعد حصار دام خمسة اشهر وقعت المدينة كلها في أيدي الرومان الظافرين ، بلغ عدد من لقي حتفه من اليهود مدة الحصار – بحسب رواية المؤرخ اليهودي يوسفيوس – مليوناً ومائه ألف ، منهم أحد عشر ألفا هلكوا جوعاً .
وقد أسر في هذه الأحداث ، مئات الألوف من اليهود - ذكر بعض المؤرخون أنهم تجاوزوا السبعة وتسعون ألفاً . بعضهم بيعوا عبيداً ، والبعض أرسلوا للعمل في المناجم ، بينما قرب البعض كضحايا في حلبات المصارعة في قيصرية وبيروت وإنطاكية وبلاد اخرى . واحتفظ بأكثرهم قوة بدنية ووجاهة ليسيروا في مواكب النصر في روما ، وبينما أكبر قادة الثورة اليهودية وزعماؤهم : سمعان بارجيورا ويوحنا الذي من جيشالا .

وقد إحتفل فسباسيان وتيطس بالنصر معا إحتفالاً تاريخياً عظيماً في روما سنة 71م . فركب كل منهما مركبة خاصة متوجا بأكاليل النصر ، ولابساً ثياباً أرجوانية بينما ، إمتطى دوميتيان صهوة جواد ممتاز ، ثم سار الموكب في طريقة إلى معبد جوبيتر كابيتولينوس ، وسط هتافات الجماهير . وكان يتقدم الموكب جنود في ثياب احتفالية ، وسبعمائة أسير يهودي ، وقد حملت في هذا الموكب بعض صور الآلهة التى يعبدها الرومان ، وبعض قطع من أثاث الهيكل اليهودي أودعت معبد السلام الذي كان قد بنى منذ وقت قصير ... أما كتب الناموس والستائر الأرجوانية الخاصة بالهيكل ، فقد إحتفظ بها فسباسيان لقصره ، وكان يوسيفوس - أحد شهود هذا الإحتفال الخاص بإذلال أمته ، ووصفه لنا دون أن يبدى أي مشاعر لتأثره .

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/70-40.html
قوس النصر الذي بناه تطيس في روما تخليداً لذكرى إنتصاراته في أورشليم في سنة 70 ميلادية


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/70-40.html
مشاهد إحتفال تيطس بإنتصاره الذي حققه على اليهود في أورشليم وتُظهر هذه الرسومات على قوس تيطس في روما . الجيش الروماني وهو يدخل إلى روما مُظفراً ومعه نفائس الهيكل المقدس

الخلاصة
لقد نتج عن فتح أورشليم على يد الرومان ، دمار مصالح اليهود وتدهور إقتصادهم ، إحتفظ الإمبراطور فسبسيان بالأرض كملك خاص له يوزعها على إحصائه .
ولقد وصل الشعب اليهودي بعد حروب دامت خمس سنوات إلى حالة من الفقر المدقع صاروا بلا حاكم منهم ، بلا وطن وبلا هيكل : " فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لِأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلَاةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلاًبِالْإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ. فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلَاتَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلَا تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَاأُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا، لِأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ. وَسَيُسْلِمُ الْأَخُ أَخَاهُإِلَى الْمَوْتِ، وَالْأَبُ وَلَدَهُ ، وَيَقُومُ الْأَوْلَادُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ إسْمِي.
وَلكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. فَمَتَى نَظَرْتُمْ " رِجْسَةَ الْخَرَابِ " ، الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ ، قَائِمَةً ، حَيْثُ لَا يَنْبَغِي - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ - فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ ، وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ ، فَلَا يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ ، وَلَا يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئاً، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلَا يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ ، وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ. وَصَلُّوا لِكَيْ لَايَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ ، لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ ضِيقٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْخَلِيقَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللّهُ إِلَى الْآنَ ، وَلَنْ يَكُونَ ، وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الْأَيَّامَ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ ، وَلكِنْ لِأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ قَصَّرَ الْأَيَّامَ. حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ : هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا أَوْ هُوَذَا هُنَاكَ فَلَا تُصَدِّقُوا. لِأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُكَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ ، لِكَيْ يُضِلُّوا - لَوْ أَمْكَنَ - الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ (مرقس 13:9-23)"  .
1- العلامة الأولى على خراب أورشليم هي  [ إضطهاد وتبشير (آيات 9-13) ] . يقول المسيح لتلاميذه : " إنظروا إلى نفوسكم " ، فهو يفتح عيونهم على الآلامالتي ستأتي عليهم ، وعلى الأمجاد التي بعدها - أولها - إضطهادات من الخارج ، من مجالساليهود ومجامعه ، حيث يجلدونهم ويوقفونهم أمام ولاة وملوك ، من أجل شهادة المسيح (آية 9).
ويشجع المسيح تلاميذه قائلاً لهم : " حتى لا يقلقوا ويجهزوا الدفاع عن أنفسهم، لأن الروح سوف يتكلم فيهم ، ويعطيهم الرد الصحيح (آية 11)".
ثم هناك إضطهادات من الداخل - من الإخوة والآباء (آية 12) - ويقول إنجيل متى البشير : " حينئذٍ يعثر كثيرون ، ويسلمون بعضهم بعضاً ، ويبغضون بعضهم بعضاً (متى 24:10) " ، فإن بعض المسيحيين سوف يضعفون في الإيمان ، ويسلمون إخوتهم المسيحيين للإضطهاد والعذاب ، ثم يقول المسيح لتلاميذه : " وتكونون مبغَضين من الجميع من أجل إسمي (آية 13)" . 
ولكن في وسط الاضطهاد هناك تشجيع ، هو أنه » ، ينبغي أن يُكرز أولاً بالإنجيل في جميع الأمم " (آية 10) فإن الاضطهاد سوف يوّصل رسالة الإنجيل إلى جميع الأمم، وذلك قبل خراب أورشليم ، ويقول بولس الرسول في كولوسي 1:6 » الإنجيل الذي قد حضر إليكم كما في كل العالم أيضاً - ويقول في نفس الأصحاح في آية : 23 - الإنجيل الذي سمعتموه ، المَكروز به في كل الخليقة التي تحت السماء ".
إذاً فليتشجع التلاميذ ، لأن اضطهادهم يوصِّل رسالة المسيح للجميع.
وهنا تشجيع آخر ، هو " أن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص (آية 13) " ، فالذي يصبر وسط هذه جميعها يخلص.
وكانت العلامة الثانية الصحيحة على خراب أورشليم هي " رِجٌسَة الخراب " (آيات 14 - 23) أي الرجسة التي هي سبب الخراب ، وقد تكلم عنها دانيال النبي في سفره (دانيال  9:27 ، 11:31 ، 12:11).
وقد قصد دانيال في نبوته أنتيوخس أبيفانيس الذي أبطل الذبيحة في الهيكل وأقام بدلها عبادة الأصنام ، وذلك قبل ولادة المسيح بوقت طويل ، والمسيح يقولإن شيئاً كهذا سيحدث مرة أخرى.
وقد قصد المسيح من القول : " رِجٌسَِة الخراب " - أن عساكر الجيش الروماني سوف يدخلون أورشليم ، وهم يحملون تماثيل النسور ، وتماثيل ملوكهم ، وهم يعبدونها ، وهكذا فإن تلك التماثيل والأصنام سوف تكون حيث لا ينبغي (آية 14).
ويقول لوقا البشير : " أورشليم محاطة بجيوش (لوقا 21:20) " ، فتكون رجسة الخراب هي جيش الرومان وتماثيلهم ، حيث لا ينبغي أن تكون - أي في الهيكل المقدس ، والمدينة المقدسة.
هذه هي العلامة الصحيحة : أورشليم وحولها جيش الرومان الذي يريد أن يُخربها، والمسيح يحذر تلاميذه من تلك الأيام، فالذي في اليهودي يجب أن يهرب بعيداًإلى الجبال، والذي على السطح يجب أن يهرب ولا ينزل إلى البيت ليأخذ حاجاته، والذي في الحقل يجب أن يهرب ولا يرجع إلى البيت ليأخذ ثوبه - أما الحبالى والمرضعات - فسوف تكون ظروفهنَّ قاسية جداً ، وبالغة الصعوبة ، ومأساوية الصورة ، لأنهن يحملن حمل أنفسهن وحمل أطفالهن.
ويطلب المسيح من تلاميذه أن يصلُّوا حتى لا يكون ذلك كله في شتاء،ذلك لأن الضيق الذي سيأتي على أورشليم سوف يكون أعظم ضيق رأته المدينة.
وفي وسط هذه الصورة الحزينة يقدم السيد المسيح تشجيعاً (آية 20) هو أن تلك الأيام ستكون قصيرة ، وقد جعلها اللّه قصيرة من أجل المختارين ، على أن الضيق العظيم سيجعل الناس مستعدين أن يتعلَّقوا بأي قشة من أمل ، فعندما يأتي الأنبياء الكذبة والمسحاء الكذبة ويقولون إن عندهم الخلاص ، يثق الناس بهم، فيُضِلُّون كثيرين، ولوأمكن المختارون أيضاً.
وقد حدث كل الكلام الذي تنبأ المسيح به في خراب أورشليم.
فقد حاصر الإمبراطور " جالوس " أورشليم سنة 66 بعد ولادة المسيح ، ثم حاصرها فسبسيانوس الروماني سنة 68 م ، وعند هذا الحصار الثاني ، هرب المسيحيون الذين عرفوا كلام المسيح ، ولم يهلك منهم أحد ، لقد فهم القارئ المسيحي نبوَّة المسيح ، وهرب ، فلم يصبه سوء ، كما قال مرقس الرسول ليفهم القارئ (آية 14).
ثم حاصر تيطس الروماني أورشليم سنة 70 م ، حتى سقطت في يده ، وقتل من اليهود مليون ونصف مليون يهودي تقريباً ، وصلب منهم كثيرين حتى لم يكن مكان لصلبان أكثر ، وهكذا تم كلام السيد المسيح حينما قال :  " ضيق لم يكن مثله منذ إبتداء الخليقة (آية 19)". 
وقد هُدم الهيكل وأشعل أحد العساكر فيه النار ، فلم يَبْقَ فيه حجر على حجر لم يُنقض. 
وقد كانت مدة حصار أورشليم قصيرة بالنسبة للوقت الذي كانوا يحاصرون فيه المُدُن في ذلك الزمان ، وقصيرة بالنسبة لمدينة أورشليم ومناعتهاالطبيعية، لأنها كانت مبنية على جبل.
وقال تيطس الروماني الذي فتحها : " اللّه أعطانا النجاح في حصار هذه المدينة ورفض أن يأخذ مكافأة على نجاحه في حصار أورشليم وفتحها " .
وقد أصبح " تيطس " بعد يُعرف بلقب "حبيب الجنس البشري   . "
وقد كان ذلك النجاح والإنتصار العظيم للقائد الروماني تيطس ، هو بمثابة عطية خالصة من الله ، بسبب خطية اليهود ، وفي ختام كلام المسيح عن خراب أورشليم قال : " إنظروا أنتم ، ها أنا قد سبقت وأخبرتكم بكل شيء " (آية 23).
لقد أخبر السيد المسيح تلاميذه بالحوادث المقبلة ، وقد فهموا ، ونجوا من الضيق العظيم الذي جاء على أورشليم.

عن الكاتب

أشرف صالح

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

أرشيف المدونة الإلكترونية

التواصل الإجتماعي

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Powered By Blogger

المتابعون

جميع الحقوق محفوظة

الموقع الرسمي لمملكة الأرض