أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

تاريخ البطاركة | البابا ثيؤدوسيوس الثاني - Theodosius II | بطاركة القرن الثالث عشر الميلادي


[  بطاركة القرن الثالث عشر الميلادي ]

79 – البابا ثيؤدوسيوس الثاني - II Theodosius

{ عبـــد المسيــح إبــن زويـــــل }

    1294 - 1300م

مقدمة 
ولد البابا " ثيؤدوسيوس الثاني " في بلدة المني " منيا القمح " ، وكان إسمه " عـــبد المسيح " ، وكان لقبه " عبد المسيح إبن زويل " ، وقد ترهب في سن مبكرة من شبابه في دير
أبو فانا بالمنيا ، ولما تنيح البابا " يؤانس السابع " ، ثم ترشيحه للكرسي الباباوي المرقسي .
وكان تاريخ جلوسه " يؤانس السابع " على الكرسي الباباوي المرقسي ، في تمام يوم  10  أبيب 1010 للشهداء ، والموافق : 4 يوليو 1294 للميلاد.

                                 
الجلوس على الكاتدراء المرقسي 
كان تاريخ جلوس البابا " يؤانس السابع " على الكرسي الباباوي المرقسي في يوم  10  أبيب 1010 للشهداء 4 يوليو 1294 للميلاد.


أهم الأحداث المعاصرة للخدمة 
  أوبئة وغلاء ومجاعة وضيق عظيم في مصر
نظرًا لأن إرتقاءه على الكرسي البطريركي يخالف الناموس والشريعة لأنه فرض عليه فرضًا ولأنه كان محبًا للرشوة فقد أظهر الله غضبه فحدث في أيامه قحط وغلاء فاحش وقد ورد في مصدر آخر ما يلي في ذات السياق :
إنتشر مرض الطاعون بسبب قلة ماء النيل ، وإضطر الناس إلى أكل الحيوانات النافقة والجياف النتنة.
وحدثت في أيامه مصائب وويلات كثيرة على المسيحيين بسبب إنقسام المماليك إلى أحزاب ، فكان القبط هم أعظم ضحية لهذه المصائب ، فاضطهدهم الحكام وألزموهم بدفع غرامات طائلة ، وزادوا الجزية ، فمات الكثيرون ، وأسلم الكثيرون بسبب ذلك.

تابع الملوك المعاصرين للخدمة
{ عصر المماليك البحرية }
الملك الأشرف خليل

1259 م - 1293 م

مقدمة
هو الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون .
وهو الثامن سلاطين المماليك البحرية .
وُلد في القاهرة في عام 666 هـ/1267 م - توفى في سنة 1293م . في مدينة تروجة بالقرب من مدينة الأسكندرية .
تولّى شؤون الحكم إلى جانب والده لفترة قصيرة من الزمن ، وبعد وفاة الأخير نُصب خليل سلطانًا في عام 1290 م ، وبقي حتى إغتياله في ديسمبر من عام 1293م .
يُعتبر من أبرز سلاطين الأسرة القلاوونية والدولة المملوكية. 
ولعا من أشهر إنجازاته : فتح عكا ، والقضاء على آخر معاقل الصليبيين في  الشام، بعد أن إستمر وجودهم فيها مائة وستة وتسعين سنة.

بداية الحكم 

في عام 1290 م - تسبب الأشرف خليل في إصدار والده قلاوون لقرار باعتقال ونفي سلاميش ، و خضر إبناً السلطان المتوفى  الظاهر بيبرس، بعد أن أخبره بأنهما إتصلا بالأمراء الظاهرية ، وقد قام خليل بعد أن تولى السلطنة بنفيهما مع أمهما إلى إمبراطورية نيقيا البيزنطية .

الحروب التي خاضها الأشرف خليل على مدى حكمه

وقائع حصار عكا وتحريرها من الصليبيين

عندما خرج قلاوون إلى عكا لتحريرها من الصليبيين في عام 1290 م ، أقام الأشرف نائبًا عنه في الحكم ، فلما توفي قلاوون في نفس السنة ، طلب الأشرف توليته السلطنة على هذا الأساس .
بعد وفاة قلاوون ، عندما طلب خليل من القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر ، تقليده بولاية العهد ، اتضح أن والده المتوفى لم يُعلم على مستند التقليد ، وقيل أن السلطان قد رفض عدة مرات وضع علامته على التقليد قبل وفاته قائلًا للقاضي فتح الدين: "يا فتح الدين أنا ما أولى خليلًا على المسلمين". 
فلما رأى خليل التقليد بغير علامة أبيه قال: "يا فتح الدين إن السلطان امتنع أن يعطيني ، وقد أعطاني الله" ، وألقى التقليد إلى إبن عبد الظاهر وجدد الأمراء الحلف له فجلس على تخت السلطنة وكُتب بسلطنته إلى الأقطار.
ويذكر المؤرخ إبن إياس في هذا الصدد فيقول : أن الأشرف بعد أن تسلطن نزل من قلعة الجبل إلى الميدان الذي تحتها لأن الأمراء خشوا أن يقبض عليهم إذا دخلوا القلعة، فلما علم الأشرف بذلك نزل إلى الميدان ، بشعار السلطنة ، وجلس بالميدان حيث استحلف له كل الأمراء ، وقد إستهل الأشرف خليل عهده بالخلع على أرباب الدولة وإقامة الأمير بيدرا المنصوري ، وكان وزيرًا لأبيه ، نائبًا للسلطنة بعد أن أقال الأمير حسام الدين طرنطاي، وجعل إبن السلعوس ، والذي كان مقيمًا  بمكة، وزيره بعد خلع الأمير الشجاعي من الوزارة ، ثم القبض على حسام الدين طرنطاي، والأمير كتبغا ، وأعدم طرنطاي بعد أن نكّل به ، وطلب من الأمير الشجاعي الإحاطة بممتلكاته ، بعد أن قام الأشرف بالتغييرات والتبديلات ، وقضائه على أعدائه ومناوئيه بالسجن والقتل، وكانوا من حواشي أبيه ـ وأحس بإستقراره على تخت الملك قرر مواصلة العمل الذي كان أبوه قلاوون قد بدأه ولم ينهه بسبب وفاته ، ألا وهو القضاء على آخر ممالك ومعاقل الصليبيين في بلاد الشام في عام 1289 م ، قضى السلطان قلاوون على كونتية طرابلس الصليبية ، وحرر طرابلس من قبضة الصليبيين ثم قرر في العام التالي تحرير ثغر عكا الذي كان من بقايا مملكة بيت المقدس الصليبية، إلا أنه ولفرحة سكانها الصليبيين  ،توفي في شهر تشرين الثاني/نوفمبر قبل أن يبدأ بالمسير ، فلما تولى الأشرف خليل السلطنة ، قرر المسير إلى عكا لفتحها وإنهاء الاحتلال الصليبي لها ، فأرسل إلى "وليام أوف بوجيه" ، رئيس طائفة فرسان المعبد الداوية بعكا يعلمه بأنه قد قرر الهجوم عليها ، وطلب منه عدم إرسال رسل أو هدايا إليه لأن ذلك لن يثنيه عن مهاجمة المدينة ، إلا أن عكا أرسلت إلى القاهرة وفدًا محملًا بالهداي يرأسه فيليب ماينبوف الإسترجاء الأشرف بالعدول عن خطته وضرورة الحفاظ على المعاهدة فرفض الأشرف خليل مقابلتهم وقام بحبسهم.
قام الأشرف بتعبئة جيوشه من بلاد الشام ومصر ، والتي كانت تضم أعدادًا كبيرة من المتطوعين  ،وآلات الحصار التي كانت تشمل اثنين وتسعين منجنيقاً ، وبعض العرارات الضخمة كانت تحمل أسماءً مثل المنصوري والغاضبة ، وكانت هناك مجانيق أصغر حجمًا ، ولكن ذات قوة تدميرية هائلة إسمها "الثيران السوداء" ، في أعقاب ذلك ، إحتشدت الجيوش عند قلعة الحصن في جبال الساحل السوري ثم انضم إليها جيش مصر الذي خرج به الأشرف خليل من القاهرة ، ثم إنضمت أربعة جيوش يقودها نواب السلطان ، جيش دمشق يقوده حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقي الدين ، وجيش من طرابلس يقوده سيف الدين بلبان ، أما الجيش الرابع فقد كان من الكرك ، وكان على رأسه الأمير المؤرخ بيبرس الدوادار ، وقد كان في جيش حماة أمير مؤرخ آخر هو أبو الفداء.

خريطة عكا في عام 1291م

كان الصليبيون في عكا يدركون منذ فترة خطورة موقفهم ، وكانوا قد أرسلوا إلى ملوك وأمراء أوروبا يطلبون منهم العون والمساعدة إلا أنهم لم يصلهم من أوروبا دعم يذكر. قام ملك إنجلترا إدوارد الأول بإرسال بعض الفرسان ، الدعم الوحيد الذي كان ذا أهمية جاء من هنري الثاني ملك قبرص الذي قام بتحصين أسوار عكا ، وأرسل قوة عسكرية على رأسها أخوه "أمالريك". 
كانت عكا محمية برًا عن طريق سورين مزدوجين سميكين واثنا عشر برجًا شيدها الملوك الأوروبيون ، وبعض أثرياء حجاج بيت المقدس ، كانت الأسوار مُقسمة على الطوائف والفرق الصليبية بحيث تكون كل طائفة فرسان المعبد ، و طائفة  فرســــان التيوتيون الألمان ، وغيرهم مسؤولة عن حماية قسمها .
غادر الأشرف خليل القاهرة في السادس من آذار/مارس عام 1291، وبحلول الخامس من نيسان / أبريل كان جيشه يقف بمواجهة عكا ، نصب الأشرف دهليزه الأحمر فوق تلة مواجهة لبرج المندوب البابوي ، على مسافة غير بعيدة من شاطئ البحر، وانتشر جيش مصر من نهاية سور مونتموسارت حتى خليج عكا ، وإتخذ جيش حماة مواقعه عند البحر وعلى ساحل عكا.
 وفي اليوم التالي انطلقت عرارات جيش المسلمين ومناجيقه تلقي بالأحجار الضخمة والنيران على أسوار عكا وراح رماة السهام من المسلمين بإمطار المدافعين من الصليبيين المتمركزين فوق أبهاء الأبراج وأفاريزها بسهامهم ـ بعد ثمان أيام من الدك والمناوشات والاشتباكات تقدم الفرسان ، والمهندسون المسلمون وقد تغطوا بالدروع في موجات متلاحقة نحو سور عكا حتى سيطروا على حافته دون أن يتمكن المدافعون الصليبيون من إيقاف موجات زحفهم لكثرة أعدادهم وتلاحق موجاتهم بامتداد الأسوار ، إستخدم المسلمون سلاحًا يدويًا صغيرًا يطلق نيرانًا كثيفة ، وسريعة أطلق عليه الصليبيون إسم "كارابوها" ، وقد أحدث هذا السلاح أضرارًا بالغة بالمقاتلين الصليبيين ، وصعب عليهم التقدم نحو المهاجمين المسلمين ، وتمكن المسلمون من أحداث أضرار ، وبعض النقوب في الأجزاء الضعيفة من الأسوار ، وأخذ الأمير سنجر الشجاعي ومقاتلوه على عاتقهم نقب سور برج جديد يسمى برج الملك وكان أمام البرج الملعون ، فقام الصليبيون بإشعال النار فيه وتركوه ينهار.
على الرغم من إستمرار وصول الإمدادت والتعزيزات العسكرية من قبرص إلى عكا عن طريق البحر إلا أن الصليبيين المحاصرين فيها كانوا يدركون أنهم غير قادرين على التصدي لجيش المسلمين. 
في الخامس عشر من نيسان/أبريل ، تحت ضوء القمر قامت قوة صليبية من فرسان المعبد بقيادة جين غريلي وأوتو أوف غراندسون بغارة مفاجئة على معسكر جيش حماة بهدف إحراق إحدى عرارات المسلمين إلا أنه ، ولسوء حظهم، تعثرت أرجل خيولهم في حبال خيام المقاتلين المسلمين مما أدى إلى انكشاف أمرهم ومقتل وأسر العديد منهم ، وتمكن عدد منهم من الفرار ببعض طبول ودروع المسلمين.
 وبعد بضعة أيام شن فرسان الاسباتريه غارة أخرى على معسكر للمسلمين، تلك المرة في الظلام الدامس ، ولكن غارتهم انتهت هي الأخرى بالفشل بعد أن إنكشف أمرهم وأشعل المسلمون المشاعل وتصدوا لهم فلاذوا بالفرار بجرحاهم.

حصـــار عــــــكا  

في الرابع من شهر أيار/مايو إسترد الصليبيون المحاصرون بعض الثقة والأمل حين وصل الملك هنري الثاني من قبرص ، وفي صحبته أربعون سفينة محملة بالمقاتلين والعتاد ، تولى هنري قيادة الدفاع ولكن سرعان ما أدرك هنري قلة حيلته في مواجهة الأشرف خليل ، فأوفد إليه فارسين من فرسان المعبد هما : "وليم أوف كافران و"وليم أوف فيلييه ، لطلب السلام وإعادة الهدنة، وسألهما الأشرف عما إذا كانا قد أحضرا معهما مفاتيح المدينة ، فلما أجابا بالنفي قال لهما أن كل ما يهمه هو امتلاك المدينة وأنه لا يهمه مصير سكانها ، ولكن تقديراً منه لشجاعة الملك هنري ولصغر سنه وقدومه لتقديم المساعدة وهو مريض ، فإنه على استعداد أن يبقي على حياة السكان في حال تسليم المدينة له دون قتال ، فأجابا بأنهما لم يأتيا إليه للاستسلام ولكن فقط لطلب رحمته على السكان ، وبينما الفارسان يستعطفان الأشرف إذ بعرارة صليبية تلقي من داخل عكا بحجر يسقط بالقرب من دهليز الأشرف فظن أنها مؤامرة صليبية لقتله وأراد قتل الفارسين ، إلا أن الأمير سنجر الشجاعي شفع فيهما فسمح الأشرف لهما بالعودة إلى عكا ، ومنذ الثامن من شهر أيار/مايو بدأت أبراج عكا تصاب بأضرار بالغة نتيجة لدكها المستمر بالمناجيق وتنقيبها عن طريق المهندسين المسلمين. فانهار برج الملك هيو وتبعه البرج الإنجليزي وبرج الكونتيسة دو بلوا، وفي السادس عشر من أيار/مايو قام المسلمون بهجوم مركز على باب القديس أنطوان تصدى له فرسان المعبد والاسبتارية ، وفي فجر يوم الجمعة 18 مايو/أيار 17 جمادى الأولى سنة 690 هـ ـ سمع صليبيو عكا دقات طبول المسلمين ، وبدأ المسلمين بالزحف الشامل على عكا بامتداد الأسوار، تحت هدير دقات الطبول التي حُملت على ثلاثمائة جمل لإنزال الرعب في صدور الصليبيين داخل عكا ـ ثم إندفع جنود جيش الأشرف وجيش حماة وهم يكبرون لمهاجمة تحصينات المدينة تحت قيادة الأمراء المماليك الذين إرتدوا عمائم بيضاء ، ووصل المقاتلون إلى البرج الملعون وأجبروا حاميته على التراجع إلى جهة باب القديس أنطوان واستمات فرسان المعبد وفرسان الاسبتاريه في الدفاع عن البرج والباب ولكن المقاتلين المسلمين، الذين كانت نار الاغريق من ضمن أسلحتهم ، تمكنوا من الاستيلاء عليهما وراحت قوات جيش المسلمين تتدفق على شوارع المدينة حيث دار قتال عنيف بينهم وبين الصليبيين. 
وقتل مقدم فرسان المعبد "وليم أوف بوجوه" وتبعه "ماثيو أوف كليرمونت ، وجُرح مقدم الاسبتارية "جون فيلييه" جرحًا بالغًا فحُمل إلى سفينته وبقي فيها.
رفعت الصناجق الإسلامية على أسوار عكا وأيقن الملك هنري أنه لا طاقة للصليبيين بجيش الأشرف ، وأن عكا ستسقط في يد الملك الأشرف خليل لا محالة ، فأبحر عائدًا إلى قبرص ومعه "جون فيلييه" ، مقدم الإسبتاريه ، وقد تعرض الملك هنري فيما بعد ، للإتهام بالتخاذل والجبن .
سادت عكا حالة من الفوضى العارمة والرعب الهائل، واندفع سكانها المذعورن إلى الشواطئ بحثاٌ عن مراكب تنقلهم بعيدًا عنها، ولا يدري أحد بالتحديد كم منهم قتل على الأرض أو كم منهم ابتلعه البحر ، وقد تمكن بعض الأثرياء من النبلاء من الفرار من عكا في مراكب الكاتلاني "روجر فلور"، مقدم المرتزقة وفارس المعبد، مقابل أموال دفعوها له وقد تمكن "روجر دو فلور من إستغلال الموقف فابتز الأثرياء والنبيلات وكون ثروة طائلة . 
قبل أن يحل الليل كانت مدينة عكا قد صارت في يد المسلمين، فيما عدا حصن فرسان المعبد الذي كان مشيدًا على ساحل البحر في الجهة الجنوبية الغربية من المدينةعادت عكا إلى المسلمين بعد حصار دام أربعة وأربعين يومًا ، وبعد أن احتلها الصليبيون مائة عام .
بعد أسبوع من فتح عكا تفاوض السلطان خليل مع "بيتر دو سيفري" رئيس حصن فرسان المعبد ، وتم الإتفاق على تسليم الحصن مقابل السماح بإبحار كل من في الحصن إلي قبرص بعد وصول رجال السلطان إلى الحصن للإشراف على تدابير الإخلاء تعرضوا لبعض النسوة في الحصن ، أو أرادوا أخذهن مما أدى إلى غضب فرسان المعبد ، فإنقضوا عليهم وقتلوهم وأزالوا صنجق المسلمين الذي كان قد رفع على الحصن من قبل ، وإستعدوا لمواصلة القتال .
في الليل ، تحت جنح الظلام ، غادر" تيبالد غودين مقدم فرسان المعبد الجديد، الحصن إلى صيدا في صحبة عدد من المقاتلين ومعه أموال الطائفة ، وفي اليوم التالي ذهب "بيتر دو سيفري" إلى السلطان خليل ومعه بعض الفرسان للتفاوض من جديد فقبض الأشرف عليهم وأعدمهم انتقامًا لرجاله الذين قتلهم الفرسان في الحصن. فلما رأى بقية الفرسان المحاصرين في الحصن ما حدث لبيتر دو سيفرى ورفاقة واصلوا القتال. في الثامن والعشرين من أيار/مايو، بعد أن حفر المهندسون نقبًا تحت الحصن، دفع الأشرف بألفي مقاتل للاستيلاء عليه، وبينما هم يشقون طريقهم داخله انهار البناء وهلك كل من كان بداخل الحصن من مدافعين ومهاجمين.
وصلت أنباء انتصار جيش المسلمين وتحريره عكا إلى دمشق والقاهرة ففرح الناس وزينت المدن. ودخل السلطان خليل إلى دمشق ومعه الأسرى الصليبيين مقيدين بالسلاسل وقوبل جيش المسلمين بالاحتفالات ورفع رايات النصر وزينت دمشق وعمت البهجة بين الناس. وبعد أن دخل إلى القاهرة ، وتزينت وفرشت فيه الشقق الحرير تحت حافر فرسه. وبعد أن زار قبر أبيه الملك المنصور ، صعد إلى قلعة الجبل وخلع على الأمراء أمر الأشرف بإطلاق سراح "فيليب ماينبيف" وزملائه الصليبيين الذين كان قد قبض عليهم قبل مسيره إلي عكا ، وقام الأشرف بنقل بوابة كنيسة القديس أندرياس من عكا إلى القاهرة لاستخدامها في استكمال بناء مسجده .

تحرير صيدا وحيفا وأرواد من قبضة الصليبيين 

أرسل الأشرف خليل الأمير الشجاعي إلى صيدا ، فقرر فرسان المعبد اللوذ بقلعتهم ، التي كانت مشيدة على جزيرة صغيرة قرب الشاطئ ، إذ أن ثروتهم كانت قد نقلها زعيمهم الجديد " تيبالد جودين " إلى صيدا وقت حصار حصنهم في عكا ، ثم فر "تيبالد جودين" بالثروة إلى قبرص بعد أن وعد فرسان حامية صور بإرسال إمدادات إليهم من  قبرص، وهو مالم يفعله ، فاضطر الفرسان إلى مناوشة قوات الشجاعي لبعض الوقت حتى تمكنوا ذات ليلة من الفرار إلى طرطوس بعدما لاحظوا أن المسلمين يبنون جسرًا بين الشاطئ والقلعة.


قلعة الملك الأِشرف خليل في صيدا 

وبعد أن حرر الشجاعي صيدا توجه إلى بيروت التي كان بها حامية صليبية صغيرة كانت مرفأً تجاريًا هاماً للصليبيين ، كانت سيدة بيروت إيشيفا أوف ايبلين ، تظن أنها بمأمن من المسلمين بسبب توقيعها هدنة مع السلطان قلاوون والد الأشرف خليل. عندما وصل الشجاعي إلى  بيروتطلب من مقدمي الحامية المثول أمامه ، فلما أتوه قبض عليهم ، فر المقاتلون الصليبيون عن طريق البحر. تحررت بيروت من الصليبيين في الحادي والثلاثين من يوليو ، وأمر الشجاعي بتدمير قلاعها وأسوارها ، وتحويل كاتدرائيتها إلى مسجد.

وقد تحررت حيفا بدون مقاومة صليبية تُذكر ، وقام الأمير سيف الدين بلبان بمحاصرة طرطوس ، ففر الصليبيون إلى جزيرة أرواد مقابل الساحل السوري القريبة من طرطوس ، وتحررت طرطوس في الثالث من أغسطس ، وبعدها عثليت في الرابع عشر من أغسطس.

وبهذا - فقد الصليبيون كافة معاقلهم على ساحل الشام عدا جزيرة أرواد التي بقيت اثنتي عشر سنة في أيدى فرسان المعبد إلى أن قام المسلمون بمحاصرتها وتحريرها في عام 1302م كان الأشرف يدرك أن بطرد الصليبيين من سواحل الشام ، فإن قبرص قد صارت مصدر الخطر الأساسي على المسلمين ، فملك قبرص كان يعتبر بالنسبة للجيوش الصليبية ، من الناحية الاسمية ملكًا لبيت المقدس حتى بعد تحريرها.

 وبعد تحرير ساحل الشام أصبحت حكومة قبرص هي الحكومة الصليبية الأكثر حماسة لمعاودة الاستيلاء على "الأرض المقدسة" ، فقام الأشرف بتدمير كل المواقع والمدن والحصون الساحلية ليحرم الصليبيين من الافادة منها في حالة مهاجمتهم لها. ففضل الأشرف أن تبقى منطقة الساحل مهجورة طالما بقى التهديد الصليبي قائمًا .

وفي عام 1292 وصل الأشرف خليل ومعه وزيره ابن السلعوس إلى دمشق وانطلق منها على رأس الجيش إلى حلب ومنها إلى قلعة الروم "هرموغلا" مقر أرمينيا حاصر الأشرف قلعة الروم بعشرين أو ثلاثين منجنيقًا. وعمل الأمير الشجاعي سلسلة وشبكها في شراريف القلعة ، فصعد الأجناد وقاتلوا قتالًا شديدًا إلى أن إستولوا على القلعة بعد ثلاثة وثلاثين يومًا ، وأمر السلطان خليل بتغيير إسمها من قلعة الروم إلى قلعة المسلمين ، وطلب من الأمير الشجاعي عمارتها ، وعاد إلى دمشق بالأسرى المكبلين بالأغلال ، وكان من ضمنهم بطريرك الأرمن ، وقام أهل دمشق باستقبال الجيش بآلاف الشموع المضيئة ، وتزينت المدينة إحتفالًا بالنصر ، ومن دمشق توجه الأشرف إلى القاهرة التي تزينت له من باب النصر ، وصعد إلى قلعة الجبل من  باب زويلة ،  وإستقبلته رعيته المحتشدة والمبتهجة بآلاف الشموع .

ولقد كانت مملكة  أرمينية الصغرى، أو مملكة  قليقية، من ألد أعداء الدولة المملوكية، حيث شاركت في الحروب الصليبية ضد المسلمين وتحالفت مع المغول عليهم وكان لها قوات شاركت في صف المغول في معركة عين جالوت ، وقد أصبحت تلك المملكة الصليبية بعد هزيمة المغول، التي أدت إلى نقص قدرتهم على حمايتها ، هدفًا للماليك يغيرون عليها من حين لآخر منذ عهد السلطان الظاهر بيبرس ، وبعد فتح قلعة الروم أصبحت سيس عاصمة مملكة أرمينية الصغرى مقرًا للكنيسة الكاثوليكية الأرمينية.

وقد تجهز الجيش في دمشق بقيادة الأمير بيدرا نائب السلطنة ، ثم لحق به الأشرف بعد أن توقف في الكرك لترتيب أحوالها ، وأمر بالتجهيز لأخذ بهنسا من الأرمن ، فلما علم الأرمن بنية الأشرف أرسلوا له الرسل يرجون منه عدم مهاجمة مملكتهم ، فتم الاتفاق على تنازل الأرمن عن بهنسا ومرعش وتل حمدون في مقابل عدول الأشرف عن مهاجمتهم ، فأرسل الأشرف الأمير طوغان والي البر بدمشق مع رسل الأرمن إلى تلك المناطق لتسلمها فصارت في حوزة المسلمين بغير قتال .


القضاء على الصليبيين ونهايتهم

أنهى الأشرف خليل عملية تقويض الحلم الصليبي التي كان قد بدأها  الناصر صلاح الدين ،  وأكملها السلطان بيبرس ومن بعده إبنه قلاوون.  

وبسقوط عكا والمراكز الصليبية على ساحل الشام ، تبخر الحلم الصليبي الذي عمل الصليبيون خلال مائتي عام على تحقيقة بكل جد ودون كلل وكلفهم المال والرجال. بعد سقوط عكا حاول بابا الكاثوليك "نيقولا الرابعفعل شيء يعيد للصليبيين مكانتهم وهيبتهم ، وقام فور سماعه بسقوط عكا بتحميل عشرين سفينة بالمقاتلين في أنقونا وجنوا، وأرسل بها إلى قبرص ، وقامت تلك السفن بعد أن انضمت إليها سفن الملك هنري بغارة فاشلة على حصنتركي على ساحل الأناضول ، وغارة كر وفر على مدينة الإسكندرية في مصر ، غلًا وحقدًا على انتصارات الأشرف وجيش المسلمين، ولكن البابا نيقولا مات في سنة 1292 دون تحقيق أكثر من ذلك.

أما ملوك أوروبا - فقد دخلوا في صراعات داخلية - كالحرب المريرة التي نشبت بين فرنسا وإنجلترا في عام 1293 ولم يعد في إستطاعتهم تنظيم حملات صليبية جديدة - أما فرسان المعبد - فقد كانت نهايتهم مأساوية في أوروبا بعد أن تورطوا في مشكلات مالية مع ملك فرنسا فيليب الرابع ، وإتهمهم البابا  كليمينت الخامس بالهرطقة فتم الإستيلاء على ثرواتهم ، ولعنوا ، وألقي بهم في النار.

عسكريًا ، كان الأشرف خليل يملك مواهب وطاقات بعض من سبقوه :  كالظاهر بيبرس ،  ووالده قلاوون ، ولكن الأشرف لم يصادف هوى الأمراء منذ البداية. فقد بدأ حكمه بالقبض على أمراء أبيه وأعدم بعضهم مثلما فعل مع الأمير طرنطاي نائب سلطنة أبيه. بعد فتح عكا قام الأشرف بالقبض على حسام الدين لاجين ، وبعد عودته منتصرًا إلى القاهرة ، أعدم بعض كبار الأمراء - من بينهم  الأمير سنقر الأشقر - ومن جهة ثانية عمد الأشرف إلى تفضيل المماليك والأمراء البرجية من ذوي الأصول الشركسية على المماليك والأمراء من ذوى الأصول التركية مما خلق حالة من التنافس والكراهية بين الأمراء.

بعد عودة الأشرف من الشام إلى مصر منتصرًا تملكته مشاعر الغرور والتعاظم فراح يعامل الأمراء بخشونة واستخفاف وأصبح يعلم على الأوراق والمستندات بحرف "خ" فقط دون إسمه مما أغضب الأمراء ، وفوق ذلك كان الأمراء يكرهون وزيره ابن السلعوس الذي أتى من سوريا ، ولم يكن في الأصل أميرًا أو مملوكًا وإنما كان تاجرًا دمشقيًا ، وتقلد منصب الوزارة الرفيع بدلًا من الأمير الشُجاعي ، وراح يغدق عليه الاشرف ويفضله على كبار الأمراء لمكانته ، وكان إبن السلعوس يتعالى على الأمراء.]

في شهر ديسمبر عام 1293 ذهب السلطان الأشرف إلى تروجة القريبة من مدينة الأسكندرية ، في رحلة صيد طيور ، وكان في صحبته وزيره ابن السلعوس ونائب سلطنته بيدرا. 

وطلب الأشرف من ابن السلعوس الذهاب إلى الإسكندرية لتحصيل العائدات. فلما وصل إبن السلعوس إلى الإسكندرية تبين له أن نواب الأمير بيدرا قد حصلوا العائدات من قبل ، فكتب للأشرف يعلمه بما فعله بيدرا ، فلما بلغت الرسالة الأشرف غضب واستدعى بيدرا إلى دهليزه وراح يعنفة ويهدده في حضور الأمراء. خرج بيدرا من دهليز الأشرف مضطربًا خائفًا فجمع عددا من الأمراء من خشداشيته ومنهم حسام الدين لاجين وقرا سنقر وإتفقوا على قتل السلطان .

في  21 ديسمبر 1293، وبينما الأشرف يتجول مع صاحبه الأمير شهاب الدين أحمد بن الأشل ، جاءه بيدرا والمتآمرون معه ، وكان من بينهم لاجين وألطنبغا رأس نوبة وإغتالوه بسيوفهم .

بعد إغتيال الأشرف توجه المتآمرون إلى الدهليز ونصبوا بيدرا سلطانًا ولقبوه بالملك الأوحد - أو الملك القاهر - ولكن بيدرا لم ينعم طويلا بسلطنته حيث قبض عليه المماليك السلطانية بقيادة كتبغا وبيبرس الجاشنكير وقتلوه ، وأرسلوا رأسه إلى القاهرة ، وقبض على الأمراء المتآمرين عدا حسام الدين لاجين وقرا سنقر الذين فرا واختفيا ، وقبض الأمراء ، وعلى رأسهم الشجاعي ، على إبن السلعوس ، بعد عودته إلى القاهرة حيث حُبس وضُرب حتى الموت.

بعد موت الأشرف خليل اتفق الأمراء - وعلى رأسهم سنجر الشجاعي - على إخفاء الأمر لبعض الوقت وعلى تنصيب أخيه الصغير الناصر محمد سلطاناٌ على البلاد ومعه كتبغا نائبًا للسلطنة والأمير الشجاعي وزيرًا ، وكان الناصر محمد صبيًا في نحو التاسعة من عمره. 

وأرسل إلى الحكام في الشام مكتوباً على لسان الأشرف مضمونه : "إنّا قد إستنبنا أخانا الملك الناصر محمدًا وجعلناه ولي عهدنا حتى إذا توجهنا إلى لقاء عدو يكون لنا من يخلفنا" ، وطلب من أمراء الشام تحليف الناس للملك الناصر محمد ، وأن يقرن إسمه بإسم الأشرف في الخطبة ، وبعد أن إستقرت الأمور ورتب الأمراء أمورهم أعلن في البلاد عن وفاة السلطان خليل ولبس جواري الأشرف الحداد ، وطافت النواحات في شوارع القاهرة وأقيمت المآتم وساد مصر الحزن ، وإحتشدت العامة في الشوارع والميادين للفرجة على عقوبة وإعدام المتآمرين.


السلطان الناصر نصر الدين قلاوون
الفترة الثالثة للحكم
1299 م - 1302م


الصراع مع بيبرس الجاشنكير والإنتقام منه
لقد بدأ الناصر ولايته الثالثة بالقبض على عدد من الأمراء وحبسهم بالإسكندرية ، وأفرج عن بعض المساجين والأمراء ، كان من ضمنهم : شيــخ الإسلام إبن تيميـــــة ، والأقوش المنصوري قاتل سنجر الشجاعي ، كما جرد عدداً من الأمراء إلى دمشق ، وأمر اثنين وثلاثين من مماليكه. 
ثم بعد أن إنتهى من ذلك ، بدأ يجهز للإنتقام من بيبرس الجاشنكير وسلار ، فطلب بيبرس الجاشنكير الأمان من الناصر، ورد الأموال التي كان قد نهبها قبل فراره من القلعة ، وقد سلمها بيبرس الدوادار إلى الملك الناصر ، إلا أن الناصر أمر بالقبض عليه ، رفض بيبرس مقاتلة الرجال الذين أرسلهم الناصر للقبض عليه وقام بتسليم نفسه عند غزة للأمير أسمندر كرجي، فقام بنقله مقيداً إلى الناصر في قلعة الجبل. فلما مثل بين يدي الناصر عنفه الناصر وراح يذكره بما فعل به، وبعد أن عدد له اساءاته ختم كلامه قائلاُ: " ويلك وزدت في أمري حتى منعتني شهوة نفسي ". فقال بيبرس : " يامولانا السلطان كل ماقلت فعلته ، ولم تبق إلا مراحم السلطان ". فقال له الناصر: " يا ركن الدين أنا اليوم أستاذك ، وأمس تقول لما طلبت أوز مشوي إيش يعمل بالأوز، الأكل هو عشرون مرة في النهار "، وأمر بإعدامه فخنق ودفن خلف القلعة .
لقد كان وجود الملك الناصر في الكرك وتحركاته تقلق السلطان بيبرس الجاشنكير ، فتحجج بحاجته للمال ، بسبب إمكانية مهاجمة خربندا ملك المغول للشام ، وطلب منه إرسال كل الأموال والخيول التي أخذها معه من مصر وكل الأموال التي استولى عليها من حاصل الكرك بالإضافة إلى كافة المماليك بإستثناء عشرة مماليك لخدمته ، وهدده بأنه إن لم يفعل ذلك " خرجت إليه العساكر حتى تخرب الكرك عليه " ، فأرسل الناصر إليه نصف المال المطلوب مع رسالة شفهية ، تعتذر عن عدم إمكانية إرسال كل المطلوب ، فقنع بيبرس الجاشنكير بذلك.
إلا أن الأمور لم تستقم لبيبرس الجاشنكير الذي لم يكن محبوبا عند المصريين بسبب سوء الأحوال الإقتصادية والسياسية في البلاد ، ففي عهده عم الوباء وإنخفض منسوب مياه النيل ، وإرتفعت الأسعار ، وحدث قحط وغلاء في مصر ، فراح الناس يطالبون بعودة الناصر محمد ويهزءون من بيبرس ونائبه سلار ويغنون : " سلطاننا ركين ونائبنا دقين ، يجينا الماء منين جيبوا لنا الأعرج ، يجى الما ويدحرج" .
مع مرور الوقت زاد إضطراب بيبرس الجاشنكير ، وأصبح أمر الملك الناصر يؤرقه وينغص عليه ، فنصحه أمراءه بالقبض عليه ، إلا أنه خشى عاقبة اقدامه على فعل ذلك ، لكنه أرسل إليه الأمير مغلطاي لياخذ منه الخيل والمماليك ، فغضب الملك الناصر وقال له : " أنا خليت ملك مصر والشام لبيبرس، وما يكفيه حتى ضاقت عينه على فرس عندى أو مملوك لى ، ويكرر الطلب ؟ ارجع اليه، وقل له والله لئن لم يتركنى والا دخلت بلاد التتر ، وأعلمتهم أنى قد تركت ملك أبى وأخى وملكى لمملوكى ، وهو يتبعنى ويطلب منى ما أخذته" ، فلما رد عليه مغلطاي بقلة احترام صاح به : " ويلك! وصلنا إلى هنا؟" ، وأمر بجره ورميه من سور القلعة ، لكنه عفا عنه واكتفى بحبسه بعد أن شفع فيه الأمير أرغون الدوادار ، ثم طرده. 
كتب الناصر رسائل إلى بعض نواب الشام ومؤيديه من أمراء مصر يستعطفهم ويثيرهم على بيبيرس الجاشنكير ، فشرح لهم أنه ترك مصر بسبب ضيق اليد والتدخل في شئونه ، وأن الملك المظفر يضايقه من حين لأخر بمطالبته بالمال والخيل والمماليك. وقال لهم: " أنتم مماليك أبي وربيتموني ، فإما تردوه عني إلا أسير إلى بلاد التتار". وتعاطف بعض الأمراء مع الناصر محمد وأعلنوا عن تأييدهم له. وأرسل الأمير بهادرآص من دمشق إلى بيبرس يعلمه أن نواب الشام قد مالوا إلى الناصر وأن عليه الخروج إلى الشام. فأجاب بيبرس بأنه لا يخرج لأنه يكره الفتنة وسفك الدماء وأن الخليفة قد كتب بولايته وعزل الملك الناصر، فإما أن يرضى النواب بذلك أو يتنحى.
دخل الملك الناصر دمشق في شهر شعبان بتأييد غالبية الأمراء وزينت الشوارع وفرح الناس بقدومه وكثر الدعاء له. 
وفي يوم الجمعة 12 شعبان إحتشد الناس في الميدان للصلاة وخطب له ، فلما وصلت الأنباء إلى القاهرة ، إستدعى بيبرس الجاشنكير كل الأمراء وإستشارهم ، فنصحه بيبرس الدوادار وبهادر آص ، بخلع نفسه والذهاب إلى الناصر ليستعطفه ، فوافق وارسل بيبرس الدوادار إلى الناصر ، لكنه أصيب بإضطراب في آخر النهار ، فدخل الخزائن وأخذ ما إستطاع من المال والخيل والهجن وفر مع مماليكه فلحقت بهم العامة وراحت تسبهم وتلقيهم بالحجارة إلى أن تمكنوا من الفرار ، وفي صباح اليوم التالي أمر سلار حراس قلعة الجبل بالهتاف باسم الملك الناصر ، وفي يوم الجمعة خطب على منابر مصر باسمه وأسقط إسم الملك المظفر.
في أول أيام شهر شوال وصل الناصر إلى القاهرة وصلى صلاة العيد بالدهليز، وفي اليوم التالي جلس على تخت الملك للمرة الثالثة ، في فترة حكمه الأولى كان الناصر دمية في أيدى العادل كتبغا والشجاعي وفي الفترة الثانية، مع أنه كبر وأصبحت له أعمال يعتز بها، إلا أنه عاش محجوراً عليه عن طريق بيبرس الجاشنكير وسلار اللذان كانا يمارسان السلطان الفعلي ويتحكمان في معاشه. 
أما هذه المرة فقد عاد إلى مصر وقد جاوز سن الطفولة وأصبح في الخامسة والعشرين ، وقد صقلته الأحداث وحنكته التجارب ، عاد الناصر إلي تخت السلطنة هذه المرة عازماً على الإنتقام لنفسه ممن أساءوا إليه ومصمماً على ألا يترك أحداً يستصغره أو يتآمر عليه.

الصراع مع سلار والإنتقام منه
طلب سلار من الناصر محمد أن يعفيه من نيابة السلطنة ، وأن يعينه حاكماً على الشوبك ، فإستجاب الناصر مؤقتاً ، وعين الأمير بكتمر نائباً للسلطنة بدلاً منه، وسافر سلار إلى الشوبك وظن أن الناصر قد عفا عنه ـ إلا أن بعد مرور بعض الوقت، استدعاه الناصر إلى القاهرة ، وأمر بحبسه وصودرت أملاكه وممتلكاته، وكان سلار من أغنى الأمراء محباً لجمع المال ، فقد بلغت ثروته المصادرة أكثر من خمسين حملاً من الذهب والفضةوالجواهر واللجم المفضضة والأقمشة المزركشة وغير ذلك. ومات سلار بالسجن ودفن في التربة التي كان قد أنشأها بالقرب من جامع أحمد بن طولون.

الصراع مع بكتمر الجوكندار والأمير بتخاص
في عام 1310 م ـ تآمر نائب السلطنة بكتمر الجوكندار والأمير بتخاص المنصوري مع المماليك المظفرية على الإطاحة بالناصر محمد وتنصيب الأمير موسى بن الصالح علي بن السلطان قلاوون سلطاناً على البلاد. 
وقد وافق موسى على الخطة ولكن المؤامرة وصلت إلى علم الناصر محمد بعد أن وشى بهم بيبرس الجمدار أحد المماليك المظفرية ، وقبض على موسى وبتخاص ، وأمهل بكتمر الجكندار سنة ثم قبض عليه بتهمة محاولة الإستيلاء على الحكم ، وأحل محله الأمير بيبرس الدوادار في نيابة السلطنة .
باع الناصر محمد وخبرته الطويلة مع الأمراء وألاعيبهم جعلته دائماً متيقظ ومترقب وشاك في كل صغيرة وكبيرة تصدر عنهم أو عن غيرهم ، فكان إذا رأى بادرة خروج أو تمرد قضى عليها في الحال لدرجة أنه في عام 738 هـ م / 1338 م نفى الخليفة " المستكفي با لله " ذاته إلى قوص بحجة إستخدامه عبارة " يحضر أو يوكل " (أي الناصر) في مستند دعوى شرعية أقامها شخص ضد الناصر ، وكان الناصر لا يحب هذا الخليفة لمساندته لبيبرس الجاشنكير وتقليده السلطنة من قبل .
ويذكر المقريزي أن الناصر :" كان فيه تؤدة ، فإذا غضب على أحد من أمرائه أو كتابة أسر ذلك في نفسه ، وتروى فيه مدة طويلة ، وهو ينتظر له ذنباً يأخذه ". ويضيف : " حتى لا ينسب إلى ظلم ولا حيف ، فإنه كان يعظم عليه أن يذكر عنه أنه ظالم أو جائر أو فيه حيف ".
ببطء ولكن بنظام وحسابات دقيقة أمسك الناصر بزمام الأمور، وانتقم من الأمراء الذين أسؤوا إليه وهو صغير والذين تأمروا عليه وهو كبير بعد عودته إلى مصر. وعمد إلى أخذهم بجرائرهم وليس بالظلم والتلفيق ، قام الناصر بإلغاء بعض مناصب الدولة ومنها منصب الوزير في 713 هـ / 1313 م ، وصادر أموال أرباب الدولة الفاسدين الذين كونوا ثرواتهم من الرشاوي واستغلال المناصب، وأبعد المغول الاويراتية عن مناصب الدولة ، وألغى في 715 هـ / 1315 م المكوس الجائرة التي فرضها الأمراء ورجال الدولة على عامة الناس لإثراء أنفسهم وكان هذا جزء من سياسته للحد من نفوذ وقوة الأمراء ، وأبطل الرشوة ، وعاقب عليها .

الصراعات الداخلية وإضطهاد الأقباط في مصر
لقد وقعت خلال فترة حكم الناصر ، سلسلة من الإضطرابات الداخلية في الصعيد نتيجة لخروج العربان عن القانون وقطعهم الطريق امتناعهم عن دفع الخراج ، ولكن أمكن السيطرة عليها بسهولة - إلا أنه في فبراير 1321 م - حدث أن نشبت مشاحنات بين المسلمين والمسيحيين بعد أن أصيبت بعض الكنائس في نفس الوقت في أنحاء مختلفة من مصر بأضرار ، وتبع ذلك نشوب حرائق في بعض المساجد والمباني بالقاهرة وقد أدت تلك الحرائق إلى نشوب حريق هائل ، وقبض على بعض المسيحيين أثناء محاولتهم إضرام النار في بعض المباني والمساجد واعترف أحدهم أن البعض اجتمعوا وصنعوا خرق بها نفط وقطران ، ووزعوها على بعض الناس لإشعال الحرائق انتقاماَ من الاعتداء على بعض الكنائس ، وأمر الناصر بإستدعاء البطريرك الذي أدان ماحدث ، وقبض على بعض المسلمين وعوقب مثيري الشغب من الطرفين ، وقد أدت الهجمة الغربية الصليبية على بلاد المسلمين ، إلى إثارة الضغائن أحياناً بين المسلمين والمسيحيين المحليين في بلاد المسلمين .

أعمال الإصلاح وتنظيم الإدارة الداخلية
في إطار خطة الإصلاح التي وضعها الناصر ، فقد قام بتعيين الناصر محمد الأمير إبن الوزيري رئيساً لدار العدل والأوقاف في سنة 713 هـ ، وكان الوزيري رجلاً أميناً ومعروف بكرهه للفساد والمفسدين ، وقد كثر الدعاء على الناصر بسببه ، وكان الناصر يذهب بنفسه في كل يوم اثنين إلى دار العدل للإصغاء إلى شكاوي عامة الناس من أرباب الدولة والأمراء والموظفين  وأصدر قراراٌ يمنع النواب من معاقبة المتهمين والإساءة إليهم بدون تصريح منه ، ومنع ضرب الناس بالمقارع ، وأغلق جب القلعة الذي كان يستخدم سجناً وكانت له سمعة سيئة وتسكنه الخفافيش في عام 714 هـ / 1314 م ألغى الناصر منصب نائب السلطان ، وأحدث وظيفة " الناظر الخاص "، وفي عام 715 هـ / 1315 م أجرى الروك الناصري الذي أعاد توزيع الإقطاعات وحد من قوة الأمراء  ،وقد بلغ النظام الإداري في عهد الناصر محمد مبلغاً عظيماً في الدقة والتنسيق.

عودة هجمات المغول في فترة الحكم الثالثة
في فترة حكم الناصر محمد الثالثة لم تشهد البلاد تهديدات خارجية وذلك بسبب ضعف الصليبيين والمغول نتيجة لهزائمهم المتكررة وخسائرهم الفادحة والتهائهم في صراعاتهم الداخلية. 
في سنة 1314م فتح سيف الدين تنكز نائب الناصر في الشام ملاطية وضمها للسلطنة ، وقامت قوات الناصر بغارات على مملكة كيليكيا (مملكة أرمينية الصغرى) ، وفي سنة 716 هـ / 1316 م أغار المغول بجيش صغير على حلب ولكن تصدى لهم التركمان وقتلوهم ، وأرسلوا أسراهم إلى القاهرة ، ولكن الأمور لم تتطور إلى حروب كبيرة.

أزمة إقتصادية وقحط وغلاء في مصر
على الرغم من إنتعاش الإقتصاد المصري والرخاء الذي عم مصر إلا أنه حدثت بعض الإضطرابات المالية وإرتفاع في الأسعار نتيجة لظهورعملات مغشوشة وأخرى تحت الوزن القانوني (زغل) في الأسواق ، مما أدى في سنة 724 هـ / 1323 م إلى توقف الناس عن أخذ النقود واغلاق الحوانيت ، وتم التعامل بالنقود بالوزن وليس بالعدد ، وقد واجه الناصر تلك المشكلة بطرح آلاف العملات في الأسواق لمحاربة العملات المغشوشة ، وحددت أسعار جديدة لصرف الدينار .

دينار الملك الناصر نصر الدين محمد 


فترات الرخاء والإزدهار لمصر في عهد الملك الناصر
في عهد الناصر إرتفعت مكانة مصر في العالم الخارجي وسعت البلاد الإسلامية والمسيحية على السواء لخطب ودها ، وأصبحت القاهرة قبلة للمتوددين والزوار من شتى الأرجاء ، وخطب بإسم الناصر على منابر بغداد التي كانت في حوذة مغول فارس، ونقش إسمه على نقودها ، كما خطب ملوك بني رسول في اليمن للناصر وأرسلوا له الهدايا. 

الإهتمام بالبناء والمعمار والنهوض بمنظومة الزراعة
كان الملك الناصر مولع بالعمارة وينفق عليها ببذخ ، وفي فترة حكمه الثالثة شيد في مصر مالم يشيده أي سلطان آخر ، وتحولت القرى إلى مدن منفردة ، أعاد حفر خليج الإسكندرية ، وأنشأ البساتين ومزارع قصب السكر على ضفتيه، وأنشأ الميدان تحت القلعة ، وغرس فيه النخل والأشجار ، وأنشأ الميدان الكبير على نيل القاهرة وزرع فيه أشجار الفاكهة. 
منبر ومحراب من عصر الملك الناصر محمد

وعمر الخانكاة بناحية سرياقوس ، وحفر الخليج الناصري خارج القاهرة حتى أوصله بسرياقس وعمره بالقناطر ، وشيد الجسور ومد الترع وأحيا الأراضي في كل أنحاء مصر ، وجدد نحو ثلاثين جامع قديم منها الجامع الناصري بالقلعة وجامع المشهد النفيسي ، وكانت أغلب عمائره من الحجارة لأنه كان يخشى عليها من الحريق.

مسجد السلطان قلاوون بالقاهرة

العلاقة بين الملك الناصر والكنيسة في روما
في يونيو 1327 م -  وصلت إلى القاهرة سفارة من بابا الكاثوليك : جون الثاني والعشرين ومعهم هدية ، ورسالة من البابا يرجو فيها من الناصر حماية المزارات المسيحية في الأراض المقدسة ، ووقف الحملات على مملكة أرمينية الصغرى ، وكانت هذه أول سفارة باباوية تفد إلى مصر منذ عهد السلطان الأيوبي الصالح أيوب

الناصر يرفض سداد منحة بيت المقدس لملك فرنسا
وفي عام 1330 م - أرسل فيليب السادس ملك فرنسا إلى القاهرة سفارة ضخمة قوامها 120 رجلاً ، طالباً من الناصر منحه بيت المقدس وبعض المناطق على ساحل الشام، فأهان الناصر رجال السفارة وملكهم ، وقال لهم : " لولا أن الرسل لا يقتلون لضربت أعناقكم "، وطردهم من مصر .

مشاهير الشخصيات المعاصرة 
الرحالة إبن بطوطة
كان الرحالة الشهير إبن بطوطة هو أحد مشاهير عصر حكم الملك الناصر نصر الدين محمد ، الذين زاروا مصر في سنة 725 هـ / 1324 م ، وهو في طريقه إلى الحج في عهد الناصر محمد ، وذكر في كتابه تحفة النظار مشيداً به : " وكان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ، وللملك الناصر السيرة الكريمة والفضائل العظيمة ، وكفاه شرفاً انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين ، وما يفعله في كل سنة من أفعال البر التي تعين الحجاج ، من الجمال التي تحمل الزاد ، والماء للمنقطعين والضعفاء ، وتحمل من تأخر أو ضعف عن المشي في الدربين المصري والشامي " .

الرحالة إبن بطوطة



النياحة
تنيَّح البابا " ثيؤدوسيوس الثاني " في أول يناير سنة 1300 م. ودُفن في دير النسطور في منطقة البساتين.
وفي مصدر آخر ورد مايلي :
تاريخ النياحة : 5 طوبه 1016 للشهداء - أول يناير 1300 للميلاد
مدة الإقامة على الكرسي: 5 سنوات و5 أشهر و28 يومًا .





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1