سلسلة تفسيرات سفر الرؤيا
للكاتب والباحث الشماس / أشرف صالح
( تابع أبواق سفر الرؤيا السبعة )
تابع : ( البوق السادس )
[ ظُهـــُـــور الضِــــــــد " المَسيِـــٌـــح الـــــدَجَـال " ]
|| الجزء السابع ||
{ فترة ظُهـُــــــور الدَجــــَــال - وفقاً لأحداث
سِفر الرؤيا }
مقدمة
:
يطالعنا كل من الإصحاحين : " 10 ، 11 " في سفر الرؤيا ، بما يجب وأن يحدث خلال فترة ظهور الضِد ، حيث ورد ذكر للعديد من الأمور التي تدور حول مجئ هذا الضِد (الدَجَال ) ، وقد سَرَدَ لنا السفر ، العديد من الأهوال التي ستعاينها الكنيسة خلال أيام هذا الدجَال ، حيث يكون بتلك الأحداث ، تحقٌقُاً لنبؤة النبي داود القائل :
" الكآبة مَلَكَتني من أجلِ الخُطاة قائلين : حَادُوا عن نَامُوسَك ".
مضمون الرسالة :
نبدأ حديثنا بهذا المقطع - حيث جاء :
" ثُمَ أُعٌطَيٌتُ شِبٌهِ عَصَا ، ووَقَف المَلاَك ليٌ قُمٌ وقِسٌ هَيٌكَلَ الله والمَذٌبَحِ والسَاجِدِيٌنَ فيِهِ ، وأمَا الدَارِ التِي هِيَ خَارجُ الهَيٌكَلِ ، فإطٌرَحٌهَا خَارجاً ، ولا تَقِسٌهَا ، لأنُهَا قَدٌ أُعٌطٌيَتُ للأمَمِ ، وسَيَدُوٌسُونَ المَدِيٌنةِ المُقَدٌسَةِ إثٌنَيِنِ وأرُبَعِيٌنَ شَهٌرَاً ".
التفسير
:
في خلال فترة
ظهور الدجالِ ، سيُنادَي بأنه إلهاً ، يحمل مكانة المعبودين ؟
" حتىَ
أنٌه يَجٌلِسُ في هيٌكل الله كإله مُظِهَراً نَفٌسِهِ أنٌه إلَه
" .
ويرى الأسقف " فيكتوريانوس " في تفسيره لتلك الجزئية ، أن
اليهودِ الرافضين للمسيح سوف يتقبلون الدجال ويتعبدون له ، ظناً منهم أنه سيبني
لهم هيكل سُليمان ، ويعيد إليهم مجدهم القديم .
وسينخَدِعُ فيه عدداً من المسيحيين ، بسبب العجائب التي سوف يصنعها ،
والآيات التي سوف يُثبتها ، وسيسيرون وراءه ، وسوف يعتبرونه " المسيح "
الذي جاء ليملك المُلك الألفي العالمي على الأرض ، وفي هذا النحو يجدر بنا أن
نستعيد معاً تحذيرات رب المجد للبشر من تلك الأضاليل حينما قال
:
" حينئذٍ إن قال
لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تُصَدِقُوا " .
وفي هذا النحو يقول الأسقف " فيكتوريانوس " : " إن
المقصود هنا بالهيكل هو المؤمنين الثابتين في إيمانِهِم ، والدار الخارجة هي
الخارجين عن الكنيسة وأما المقصود بمُدة الإثنين وأربعين شهراً ، فهي المدة التي
سيُضلِلَ فيها " ضد المسيح " - أو " المسيح الدجال " البشر على
الأرض ".
مضمون الرسالة :
ثم يُكمل لنا القديس " يوحنا اللاهوتي " تفاصيل المشهد الرؤياوي العظيم بالروح فيقول:
" وسَأعٌطِى لشَاهِدَيَ فيَتَنبٌَآنِ ألفَاً ومَائَتَِيٌنِ وسِتٌيِنَ يَوٌمَاً لابِسِيٌنَ مُسُوحَاً " ؟ .
التفسير :
في الوقت الذي
يخيم فيه ظلام الدجال على العالم ، حيث تنتشر أكاذيبه ، وأضاليله ، سوف يُرسل الله
شاهديه ، وهما نبيان من أنبياء العهد القديم هما " أخنوخ " ، و "
إيليا " ، اللابسين مِسُوحَاًَ ، لكي يقاوما المسيح الدجال ، وأتباعه من
المُضللين لبني البشر ، وقد نَادى الأنبياءِ الأولين بأن الشاهدين هما : أخنوخ ،
وإيليا ، وقد ذكر الآباء في كتاباتهم مايؤكد ذلك ، ومنهم القديس " يوستينوس
الشهيد " ، و الأسقف " هيبوليتس " ، والقديس " إغناطيوس
النوراني ، وترتيليان العلامة .
ويقول الأسقف " هيبوليتس " - ما يفيد - أنه أمراً طبيعياً أن يظهر أولاً قبل الدينونة سابقاه ، كما سبق وأن ذكر على لسان " ملاخي النبي " حين قال : " أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجئ الربَ اليوم العظيم والمَخٌوف ، فيرد قلب الآباء على الأبناء ، وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتي وأضرب الأرضِ بلعنه ".
ويذكر العلامة " ترتيليان " في ذات الصدد يقول في حديثه عن
النبيان إيليا وأخنوخ : [ أن أخنوخ وإيليا ، قد إنتقلا من العالم دون أن يزوقا الموت
، حيث أن الله أرجئ موتهما إذ هما محفوظان ليحتملا الموتَ حتى أنه بدمهما ، يسحقا
الضِد " الدجال " ، وسيهبهما الله القوة لصُنع العجائب والآيات مع البشر
، أما فترة شهادتهما ، فستكون " ألف مائتان وستين يوماً إلى يوم شهادتهما " .
أما عن فترة الدجال ، فستدوم على مدى إثنين وأربعين شهراً - أي بحسب
تمثيلها بالسنين حوالي ثلاثة سنوات ونصف - أي حوالي 1269 يوماً ، وسيبقي تسعة عشرة
يوماً على إستشهادهما ، وموت الضِد ، وسقوط مملكته الكاذبة
.
ويصف الوحي الإلهي النبيان هكذا :
1 - بأنهما
صانعا سلام ، بوصفهما في الرؤية : " هذان هما الزيتونتان " ، وقد عُرِفَ
غصن الزيتون كرمزٍ للسلام منذ أن جاءت حمامة نوح بغصن الزيتون بفمها بعد نهاية
الطوفان .
2 - وبأنهما شاهدان للنور الحقيقي " المنارتان القائمتانِ أمام رب الأرض " ، وهما سيكونا منارتان مُضيئتانِ للناس لتُرشدهم إلى الروح القدس لكي لايسقطون في هاوية الظلام .
3 - وهما
غَيُوران " وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما تخرج نَاراً من فمهما وتأكل أعداءهما
، وإن كان أحد يُريد أن يؤذيهما ، فهكذا لابد أن يُقتَل " .
ولعل هذا المقطع
السابق ، يُذكرنا بما صنعه إيليا مع قائدي الخمسين وجنودهما حين طلب ناراً من
السماء فأحرقتهم .
وهذا يُفسر بأن
الله سيجعل كلمته ناريه في وجه الضِد ، وأتباعه ، وهذا يُحقق ما جاء من نبوات على
لسان أرميا النبي : " أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب ، وكمطرقة تُحَطِمُ
الصخرة ، هأنذا أجعل كلامي في فمك ناراً ، وهذا الشعب حطباً ، فتأكلهم
.
4 - يصنعان
المعجزات : " هذان لهما السُلطان أن يغلقا السماء حتى لا تُمطر مطراً في أيام
نبوتهما ، ولهما سُلطاناً على المياة أن يحولاها إلى دم ، وأن يضربا الأرض بكل
ضربة كلما اراد " .
ويذكرنا ذلك بما
تحقق في العهد القديم من إبادة للأوثان وعابديها على يد " مُوسى النبي "
كليم الله ، وإيليا النبي . [ تابع البوق السادس : ظهور الضِد " المسيح الدجال ".
مضمون الرسالة :
التفسير :
تلك هي شهادتهما
، وفي الوقت المُحدد ، سيُحاربون الضِد ، وسيسمح الله للوحش الصَاعد من الجحيم
" إبليس " ، أن ينتصر عليهما ، ويقتلهما لأنهما يذلك سيعدون شهداءاً من
أجل كلمة الحق .
مضمون الرسالة :
" وسَتَكُوُنَ جُثٌتَهِمَا عَلَىَ شَارِعَ المَدِيٌنَةِ العَظِيٌمَةِ التيِ تُدٌعىَ سَدُوٌمَ ، ومِصٌرَ حَيٌثُ صُلِبَ رَبِنَا أيٌضَاً ".
التفسير :
سيكون الدجال مصدر
قلق للبشرٍ ، فسيقوم بأعمال كاذبة كثيرة ، مستترة وراء صورة آيات ومعجزات ستظهر
ظهوراً جلياً للعيان ، وسيصنع حيلاً مُضللة عديدة ، وسيكون الغرض من هذه الحيل هي
إبعاد البشر عن طريق الله ، وحينما ينتصر الضِد على النبيين ، وحين يقتلهما
يتركهما في الشارع على مدى ثلاثة أيام ونصف اليوم .
وقد ذكر النص
اليوناني كلمة " جثتهما " بصيغة المُفرد " جثتاهما " ، وذلك
إشارة إلى ما يحدث يجثتهما ليس من عداء شخصي ، بل هو عداء مُضاد للكنيسة الواحدة
.
وستكون شهادتهما
في أورشليم التي صلب فيها رب المجد ، وهي تدعى بأكثر من إسم ، وذلك للمعاني
التالية :
(1) - مدينة
عظيمة :
هي مدينة من حيث
عِظم وهول القلاقل والأكاذيب التي سيقوم الدجال بترويجها .
(2) - سَـــــــدوم
:
وفي ذلك الإسم (
إشارة روحية ) ، وليست ( مادية ) ، تدل إلى شدة إنحطاطِها في فترة ظهور الدجال ،
وهذه الصفة عُرفت بها سدوم منذ عهد القديم بسبب عدم إيمان شعبها
.
(3) - مصـــــر
:
وهي تُدعى مصر
سبب قساوة فترة حُكم فرعون ، والتي عاصرها " موسى النبي - كليم الله " ،
وفي عهده عُرفت جيوش فرعون وفرعون في البحر .
مضمون الرسالة :
ثم يُكمل القديس " يوحنا الحبيب " وصف رؤياه قائلاً :
" وَيَنٌظُر
أًُنَاسِ مِنَ الشَعٌبِ والقَبَائِلٌ والألٌسِنَةِ والأُمَمِ جُثٌتَيِهِمَا
ثَلاَثَةُ أيَام ، ونِصٌفِ ، ولايَدٌعُونَ جُثَتِيٌهِمَا تُضَعاَنَ في قُبُور ،
ويَشٌمِتَ بِهُمَا السَاكِنُونَ عَلَى الأرضٌ ويَتَهَلٌلٌوٌنَ ويَرٌسِلُونَ
هَدَاياَ بَعٌضِهِم لبَعٌضٍ لأن هَذَيٌن النَبِيٌيٌنِ ، كَانَا قد عَذٌباَ
السَاكِنٌُينَ عَلَى الأرٌضِ " .
التفسير :
وفي هذه الجذئية إهانة لجثتيهما شركها في العراء ثلاثة أيام ونصف اليوم ، وسيكون هذا داعياً للشماته من قبل الضِد وأتباعه وستكون مملكة الدجال في سعادة بسبب مقتلهما وسيذيد أتباع الدجال ، وسيجوبونَ ربوع اليهودية ، وسيقتادونَ وراءهم أتباعاً جُدداً وسيمتلئ قلب الأشرار تَهٌلُلاً .
مضمون الرسالة :
ثم يكمل القديس يوحنا الحبيب وصف رؤياه فيقول :
" ثًمَ بَعٌد الثُلٌثَة أيَام والنِصٌفِ دَخَلَ فِيٌهُمَا رُوٌح حَيَاة مِنَ الله ، فَوَقٌفَا عَلَىَ أرُجِلِهِمَا ، وَوَقَع خُوٌف عظيم على الذين ينظروهما ".
التفسير :
ولم يتركهما الله ، بل سيساندهما ، فيقيمهما بالروح المُحيية ، فقد سمح الله بما حدث لكي يده الناس يشمتون فيهما - بما في ذلك - تأكيداً لرسالتهما ، إذ وهبهما " روح الحياة".
مضمون الرسالة :
ثم يكمل القديس " يوحنا اللاهوتي " فيقول
:
" صَوٌتِ
عَظِيٌم مِنَ السَمَاء قَائِلاً : " لَهُمَا إصٌعَدَا إلى هَهُنَا ،
فَصَعَدُوٌا إلىَ السَمَاءِ فيٌ السِحَابَة ، ونَظَرهُمَا أَعٌدَادَهُمَا ، فيٌ
تِلكَ السَاعَة حَدَثَتٌ زَلٌزَلَةُ عَظِيٌمَةُ ، فَسَقَط َعُشٌرَ المَدٌيِنَة فيٌ
رُعبَةً وأَعٌطُوٌا مَجٌدَاً لإِلَهِ السَمَاءِ " .
التفسير :
ومن المؤكدات
لرسالتهما ، قيام هذه الزلزلة في وقت غير مُحدد ، وسيشهد البشر الذين لم يقتلوا من
الزلزلة ، ولكنهم لم يَتُوبوا بل يرهبون من هول الكَارثة فيعطون المجد لله ، صاحب
السلطان ، دون أن يَتَقَبلوا إلههم هم ، فهم سيشهدون له ، ولكنهم لم يَنتسبون إليه
.
وفي ذلك ختاماً لشاهدا الله في زمن الدجال :
" وَهَكَذَا - يَكُوٌنَ الوَيٌلِ الثَانِيَ مَضَىَ - وهُوَذَاَ الوُيِلَ الثَالِثَ يَأتُيِ سَرِيَعَاً ".
{ خلاصة البوق السادس }
+ إن
الدجال سيظهر في صورة إلهاً ، بسبب ما سيصنعه من آياتٍ وأعاجيب تقوق تصور وإدراك
البشر ، فبالتالي سينادون به إلهاً معبوداً .
+ إن الله سيرسل إثنان ليُدافعا عن كنيسة ضد الدجَال ، وأعوانه ، ولكنهم سيهزمون ويقتلون ثم يموتون ، ثم يحيهما الله مرة أخرى لكي يكون يذلك خِتاماً لشهادتهما .
+ وسيكون
الإثنان من أبناء العهد القديم وهما : " إيليا " ، و " أخنوخ
" .
+ وستظل
مُدة خِدمتهما ثلاث سنوات ونصف ، وهي مدة خدمة السيد المسيح العلنية
.
+ وسيقع خراباً في نفس مكان خروج الدجال إلى العالم .
إرسال تعليق