مشاهير الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
أحمد باشا عرابي
1841م - 1911م
أحمد عرابي
هو " أحمد الحسيني عرابي " (31 مارس 1841 - 21 سبتمبر 1911)، قائد عسكري وزعيم مصري ، هو قائد الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق ، ووصل إلى منصب ناظر الجهادية (وزارة الدفاع حالياً) ، وكان أميرالاي (عميد حالياً).
المولد والنشأة والتدرج في سلم التعليم
ولد أحمد عرابي في 31 مارس 1841م في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية، وكان عرابي ثاني الأبناء ، أما الابن الأكبر فهو محمد، وشقيقاه الصغيران هما عبد السميع وعبد العزيز. تعلم القرآن الكريم، ثم عهد به والده الذي كان عمدة القرية إلى صراف القرية الذي كان يدعى ميخائيل غطاس ، حيث قام بتدريبه على العمليات الحسابية والكتابية ، ومَكَثَ يتمرن على يديه نحو خمس سنوات أحسن فيها معرفة القراءة والكتابة وبعض القواعد الحسابية.
وفي سن الثامنة طلب من أبيه أن يلحقه بالجامع الأزهر فأجاب طلبه وأرسله إلى القاهرة فدخل الأزهر في نوفمبر 1849م، ومكث فيه أربع سنوات أتم خلالها حفظ القرآن الكريم وأجزاء من الفقه والتفسير، وقد توفي والده في 23 يوليو 1848م إثر إصابته بوباء الكوليرا عن سن 63 عاماً، وكان عرابي آنذاك يبلغ 8 سنوات. وتولى أخوه محمد الإنفاق عليه ، وكان مصدر عيش الأسرة ريع 74 فداناً تركها والده.
الحياة العسكرية
حين أمر محمد سعيد باشا بإلحاق أبناء المشايخ والأعيان بالجيش ضمن جهوده للمساواة بين الشركس والمصريين ، إلتحق عرابي بالخدمة العسكرية في 6 ديسمبر 1854م وبدأ كجندي بسيط، ولحسن حظه عين ضابط صف بدرجة أمين بلوك "مساعد حالياً"، واستفاد من نظام الترقي بالامتحانات فوصل إلى رتبة ملازم ثاني بعد أربع سنوات فقط في الخدمة، ثم إرتقى عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة في عهد سعيد باشا حيث حصل خلال عام 1859م على ترقيتين هما يوزباشي "نقيب حالياً" وصاغ "رائد حالياً". وخلال عام 1860م رقي إلى بكباشي "مقدم حالياً" ثم إلى قائمقام "عقيد حالياً" وهو لم يكمل العشرين عاماً. كان سعيد باشا يثق بعرابي إلى درجة أنه كان يشركه معه في ترتيب المناورات الحربية، ووصلت درجة التقارب بينه وبين سعيد باشا أن أهداه كتاباً عن تاريخ نابليون بونابرت مكتوباً باللغة العربية.
الأوضاع السياسية وإنعاكسها داخل الجيش
تغيرت الأوضاع بعد وفاة سعيد باشا وتولي خلفه الخديوي إسماعيل الحكم، حيث عادت التفرقة بين المصريين و الشراكسة في الجيش.
بداية الخلاف بين أحمد عرابي واللواءات الشراكسة في الجيش
وقع خلاف بين عرابي وأحد اللواءات الشراكسة يدعى اللواء خسرو باشا الذي سعى لإقالته بدعوى "شراسة الخلق وقوة الرأس" ، وقدم بسببها للمحاكمة العسكرية وحكم عليه المجلس بالسجن واحد وعشرين يوماً ، ولكنه إستأنف الحكم أمام المجلس العسكري الأعلى والذي قضى بإلغاء الحكم الابتدائي ، وبسبب ذلك حدث خلاف بين وزير الحربية وقتئذٍ إسماعيل سليم باشا وبين رئيس المجلس العسكري الأعلى؛ لأن الوزير كان يرغب في تأييد الحكم الابتدائي، وذهب وزير الحربية إلى الخديوي إسماعيل ليفصل عرابي ، وتم فصله فعلاً وتركت هذه الحادثة في نفسه كراهية شديدة للضباط الشراكسة وسيطرتهم على الجيش. وحاول رفع مظلمة للخديوي إسماعيل ، ولكن لم يتم النظر فيها، وحاول رفع الكثير من المظالم إليه مدة ثلاثة أعوام.
وفي هذه الفترة ، إلتحق أحمد عرابي بوظيفة في دائرة الحلمية ، وخلال شغله هذه الوظيفة تزوج من كريمة مُرضعة الأمير إلهامي باشا وهي أخت حرم الخديوي محمد توفيق فيما بعد من الرضاعة ، ومن هنا كانت وساطة بعض المقربين من زوجته لاستصدار أمر من الخديوي إسماعيل بالعفو عنه ، وإعادته إلى الجيش برتبته العسكرية التى خرج عليها ، وحرم من مرتبته خلال مدة فصله ، فزادت كراهيته على أوضاع الجيش ونفوذ الضباط الشراكسة وتعنتهم مع الضباط المصريين ، بعد ذلك عين مأموراً للحملة العسكرية المصرية في الحبشة ، وقد إنتهت هذه الحملة بهزيمة الجيش المصري، وكان للهزيمة أثر كبير في نفسه لما رآه من إستهتار للقيادة الشركسية.
بداية الدعوة للإنقلاب العسكري ( ثورة عرابي )
أصدر ناظر الجهادية عثمان رفقي باشا عدداً من القرارات التي اعتبرها الضباط المصريون تحيزاً للشركس في الجيش على حساب المصريين:
منع ترقية ضباط الصف المصريين و الإكتفاء بخريجي المدارس الحربية.
إستبدال بعض كبار الضباط المصريين بالشراكسة في المواقع القيادية بالجيش.
أثارت تلك القرارات غضب الضباط المصريين ، وإتهموا الشراكسة بالعمل على استعادة دولة المماليك ، ثم اجتمع الضباط المصريون على تقديم مذكرة لرياض باشا رئيس النظار وقعها عرابي واثنين من زملائه اشتملت على النقاط التالية :
- التظلم من إنحياز عثمان رفقي للشراكسة.
- المطالبة بتعديل قوانين الجيش للمساواة بين جميع الأجناس في الجيش.
- تعيين ناظر للحربية من الوطنيين.
- المطالبة بقيام مجلس نواب وطني كما وعد الخديوي إبان توليه.
- زياده عدد الجيش المصري إلى 18 ألفاً.
أحمد عرابي يتقدم بمطالباته أمام الخديو
إستجاب توفيق لمطالب الجيش حين رأى التفاف الشعب حول عرابي ، وعزل رياض باشا من رئاسة النظار، وعهد إلى محمد شريف باشا بتشكيل الوزارة وتشكلت بذلك أول نظارة شبه وطنية في تاريخ مصر الحديث.
ويمكن القول أن الوزارة كانت شبه وطنية بسبب أن محمد شريف باشا كان من أصول شركسية إلا أنه كان رجلا كريمًا مشهود له بالوطنية والإستقامة ، فألف وزارته في (19 شوال 1298 هـ = 14 سبتمبر 1881م)، وتم تعيين محمود سامي البارودي ناظرا للجهادية وهو أول مصري يتولى هذا المنصب.
وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شؤون البلاد بعد أن ازدادت ضغوط الدول الأوربيه الدائنة على مصر التي بات يتعين عليها دفع ما يقارب العشرين مليون جنيه إسترليني أو ما يقرب من ثلث دخلها القومي سنوياً لسداد الديون. أصرت بريطانيا وفرنسا على إدارة شؤون الخزانة المصرية باعتبارهما أكبر الدائنين. وبسبب العقلية الاستعمارية المتغطرسة التي كانت سائدة في ذلك الوقت التي روجت لفكرة أن الشعوب الشرقية لا تصلح لإدارة شؤونها وخصوصاً الشؤون المالية. وفعلاً تم فرض تعيين مفتشين ماليين على شؤون الخزانة المصرية أحدهما إنجليزي والآخر فرنسي. كرد فعل لكل هذه الضغوط، أصر مجلس الأعيان برئاسة محمد سلطان باشا على تغيير وزارة محمد شريف باشا التي قبلت بكل هذه التدخلات في شؤون مصر الداخلية. وتأزمت الأمور، وتقدم محمد شريف باشا بإستقالته في (2 ربيع الآخر 1299 هـ = 2 فبراير 1882 م).
بداية الإحتلال الإنجليزي لمصر
تطورت الأحداث بسرعه في صيف عام 1882 ومع ظهور الأسطول البريطاني الفرنسي المشترك في مياه الإسكندرية ، إزدادت سخونة الأحداث. وجدت إنجلترا وفرنسا في أحداث الإسكندرية فرصة سانحة للتدخل ، وإتهمتا "عرابي" في التسبب في حصول هذه الأحداث حيث اعتبرتاه المسؤول عن تحريض المصريين ضد الأجانب، ومن الغريب أن ذريعة الإنجليز لغزو مصر كانت الإرهاب.
واقعة قصف الأسكندرية
تزعمت بريطانيا جهود القضاء على عرابي بينما تراجع الدور الفرنسي (المنافس التقليدي للدور البريطاني) إلى الاكتفاء بالمشاهدة وسحبت فرنسا أسطولها إلى بورسعيد. انتظرت بريطانيا أي فرصة لبدء العدوان على مصر حيث أنها لم تكن مرتاحة لفكرة التدخل التركي لحل الأزمة. في السابع من يوليو وجدت بريطانيا الذريعة التي كانت في انتظارها.
كانت الحكومة المصرية قد نصبت بعض المدافع على قلعة الإسكندرية ، فإعتَبرت بريطانيا أن هذا عمل عدائي ضد حكومة صاحبة الجلالة.
وفي (24 شعبان 1299 هـ = 10 يوليو 1882 م) ، وجه قائد الأسطول البريطاني إنذارا للحكومة المصرية - إما تسليم القلعة للأسطول البريطاني - وإلا سوف تضرب الإسكندرية من البحر. مارس الخديوي توفيق لعبته المعتادة حين قابل "عرابي" ، وشجعه على مقاومة المعتدين بينما كان قد اتصل سراً بقائد الأسطول البريطاني ودعاه إلى الهجوم على عرابي. لم يقبل "عرابي" الإنذار البريطاني وانتظر تنفيذ البريطانيين لتهديدهم. بدأ الإنجليز في ضرب الإسكندرية يوم 12 يوليو 1882 ونزلت قواتهم إليها في اليوم التالي بعد أن قرر "عرابي" سحب قواته منها والتحصن عند كفر الدوار.
حين سمع الخديوي توفيق بإنسحاب "عرابي" أمام الإنجليز تشجع وظهر على حقيقته حيث أعلن "عرابي" متمرداً في الرابع والعشرين من يوليو ، وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، إستقبل في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء إنتقاله من قصر الرمل إلى قصر رأس التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة.
ثم أرسل الخديوي إلى "أحمد عرابي" في كفر الدوار يأمره بالكف عن الإستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين ؛ ليتلقى منه تعليماته. صارت المواجهة مكشوفة بين كل الأطراف منذ ذلك التاريخ.
قررت الحكومة البريطانية أن تكون المواجهة شاملة وأن تكون الحرب كاملة، فجلبت المزيد من قواتها إلى الحرب. تم تحريك 15,000 جندي من مالطة وقبرص بالإضافة إلى 5,000 من الهند باتجاه مصر مما رفع تعداد قوة الهجوم على مصر إلى 30,000 جندي وضعت تحت قيادة السير جارنت ولسلي.
موقعة كفر الدوار
رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي ، وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299 هـ= 17 يوليو 1882م) ، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على إستمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.
كان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين عمر لطفي محافظ الإسكندرية بدلاً منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.
وفي (6 رمضان 1299 هـ = 22 يوليو 1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.
في الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن العدوي"، و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين لإنحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف ولم يكتفوا بهذا بل جمعوا الرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد. وقد قام العمدة محمد إمام الحوت عمدة الصالحية شرقية والعمدة عبد الله بهادر عمدة جهينة جرجاوية ببث الحماسة في الناس وجمع ما يستطيعون من الرجال والسلاح لدعم الدفاع عن البلاد فقد قدم العمدة عبد الله بهادر نحوا من 600 مقاتل من رجال جهينة المعروفين بالبأس والشجاعة و140 فرسا و74 بندقية والعديد من الأسلحة الأخرى وكميات كبيرة من الغلال وقدم العمدة محمد إمام الحوت نحو من 40 مقاتلا بعددهم وعتادهم وقدم سليمان زكي حكيم من أعيان مركز طوخ 41 فرس وأحمد حسني مأمور مركز ميت غمر قدم 33 بندقية.
واقعة إغلاق قناة السويس
لجأ الإنجليز والخديوي توفيق لمختلف الحيل لكسر شوكة أحمد عرابي ورجاله ، صدر منشور من السلطان عبد الحميد الثاني يعلن عصيان أحمد عرابي ، وأكد دليسبس أن الإنجليز لن يهاجموه في الجبهة الشرقية عن طريق قناة السويس لأن القناة محايدة. وانضم محمد سلطان باشا صراحةً إلى الخديوي توفيق ضد عرابي ، وعلي يوسف (خنفس باشا) ـ وعدد من الضباط ، إحتل الإنجليز بورسعيد.
وفي 21 أغسطس وصلت القوات الهندية إلى السويس وفي 25 أغسطس ، وسقطت المحروسة.
موقعة القصاصين
في 28 أغسطس 1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غرباً في محافظة الإسماعيلية بقيادة الجنرال جراهام ، حوصر هذا الأخير من قبل الأهالي العزُل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصراً ، فوصلته الساعة 8:45 مساءاً ، مما مَكٌنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي.
بعد أن جاء الجيش البريطاني من الإسماعيلية اشتبك مع الجيش المصري في معركة حامية عند القصاصين ، وقد كاد الجيش المصري أن ينتصر لولا إصابة القائد راشد حسني.
وقائع معركة التل الكبير
وقعت معركة التل الكبير في 13 سبتمبر 1882 (الموافق 29 شوال 1299 هـ) الساعة 1:30 صباحاً ، وإستغرقت أقل من 30 دقيقة.
وقد فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم ، وفوجئ أحمد عرابي بوصول القوات الإنجليزية لقلب معسكره قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري وفشل في منع تفرق جنوده الذين فاجئهم الهجوم، ونصحه خادمه بضرورة الإسراع للقاهرة لتحصينها فلا أمل هنا ، فأستجاب له وإمتطي جوادة مسرعا إلي الزقازيق ليستقل القطار الي القاهرة فلم يجده ، فأكمل علي صهوة جواده إلي بلبيس حيث وجد قطارا أقله للقاهرة.
وقائع معركة التل الكبيير
ودارت مناقشات مع وجهاء المدينة إنتهت بالإتفاق علي الإستسلام، وأرسل عرابي عارضا إستسلام القاهرة شرط إستسلامه شخصياً لعهدة الحكومة البريطانية وليس الخديوي توفيق - وهو ما أمن به علي حياته من حكم الإعدام المنتظر علي يد الخديوي توفيق.
واقعة الخيانة
واصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق ، حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ، ثم إستقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي إستسلمت حاميتها بالقلعة بقيادة خنفس باشا عصـر نفس اليوم.
وكان ذلك بداية الإحتلال البريطاني لمصر الذي دام 74 عاماً ؛ فقد غادرت بعد ذلك القوات البريطانية في 18 يونيو 1956 بعد توقيع معاهدة 19 أكتوبر 1954 مع جمال عبد الناصر: (التي تنص على جلاء القوات من قناة السويس خلال عشرين شهراً).
بعد دخول الإنجليز القاهرة في 14 سبتمبر 1882 ووصول الخديوي قصر عابدين في 25 سبتمبر 1882، تم عقد محاكمة لعرابي وبعض قادة الجيش في المعركة وبعض العلماء والأعيان. وتم الحكم عليهم في 3 ديسمبر 1882 بالنفي إلى جزيرة سرنديب (سيلان) أو سريلانكا حالياً.
بعد المعركة قال الجنرال جارنت ولسلي قائد القوات البريطانية إن معركة التل الكبير كانت مثالاً نموذجيا لمناورة تم التخطيط الجيد لها مسبقاً في لندن ، وكان التنفيذ مطابقا تماماً كما لو كان الأمر كله لعبة حرب Kriegspiel . إلا أنه أردف أن المصريين "أبلوا بلاءً حسناً" ، كما تشير خسائر الجيش البريطاني.
نفي أحمد عرابي إلى جزيرة سيلان والعودة منها إلى مصر
قام الأسطول البريطاني بنفي أحمد عرابي وزملائه عبد الله النديم ومحمود سامي البارودي إلى سريلانكا سيلان سابقاً حيث إستقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات. بعد ذلك نقل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة.
وكانت عودة أحمد عرابي بعد 20 عاماً ومحمود سامي البارودي بعد 18 عاما. وعاد عرابي بسبب شدة مرضه أما البارودي لاقتراب وفاته وإصابته بالعمى من شدة التعذيب.
عاد أحمد عرابي من المنفى بعد عشرين عاماً ومعه محمود سامي البارودي بعد 18 عاماً.
عاد هذا الأخير من أجل إصابته بالعمى من شدة التعذيب وسوء صحته.لدى عودته من المنفى عام 1903، أحضر أحمد عرابي شجرة المانجو إلى مصر لأول مرة.
الوفاة
توفي أحمد باشا عرابي في القاهرة في يوم 21 سبتمبر من عام 1911 م .
تابع : مشاهير
الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
بطرس باشا غالي
1846م - 1910م
بطرس باشا غالي
مقدمة
هو " بطرس باشا نيروز غالي " - (1262 هـ / 1846 - 1328 هـ / 20 فبراير 1910) رئيس وزراء مصر من 12 نوفمبر 1908 إلى 1910. والده نيروز غالي كان ناظرا للدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل في الصعيد.
وقد تلقى تعليمه في كلية البابا " كيرلس الرابع " ، أبو الإصلاح.
وبصفتهِ وزير للخارجية صاغ ، ووقع على إتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان عام 1899. وكانت الخطوة الأولى نحو تقسيم السودان حيث دخل الإنجليز السودان على حساب مصر.
أغتيل على يد إبراهيم ناصف الورداني في 20 فبراير 1910.
رئاسته للوزراء وأبرز أعماله خلال المنصب
عندما كان بطرس باشا غالي رئيساً لوزراء مصر ، وافق على تمديد امتياز شركة قناة السويس 40 عاماً إضافية من 1968م إلى 2008م في نظير 4 مليون جنيه تدفع على أربع أقساط. ولقد تمكن محمد فريد من الحزب الوطني من الحصول على نسخة من المشروع في أكتوبر 1909م ، ونشرها في جريدة اللواء، وطالبت اللجنة الإدارية للحزب الوطني بعرض المشروع على الجمعية العمومية، فإضطر المسؤولون تحت الضغط إلى دعوة الجمعية التي رفضت المشروع.
ومن الأعمال التي تنسب لبطرس باشا غالي ، خلال الفترة التي شغل فيها منصب رئيس ورزاء مصر - ما يلي تباعاً :
إصدار قانون المطبوعات 1881م
صدر أول قانون للمطبوعات في مصر في (5 محرم 1299 هـ / 26 نوفمبر 1881م) في عهد الخديوي توفيق، لكن هذا القانون لم يتم العمل به حتى اشتد ساعد الحركة الوطنية خاصة بعد حادثة دنشواي وحالة الغضب التي اجتاحت الرأي العام المصري على محاكمة دنشواي ، لذا طلب الإنجليز من حكومة بطرس غالي ضرورة عودة قانون المطبوعات مرة أخرى، فأصدر مجلس الوزراء في (4 من ربيع الأول 1327 هـ/ 25 مارس 1909م) قرارا بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر في عهد الخديوي توفيق، وكان الهدف منهُ مراقبة الصحف ومصادرتها وإغلاقها إذا اقتضى الأمر، وكان هذا القانون لأجل وضع القيود على الأقلام، فقام "محمد فريد" زعيم الحزب الوطني بالذهاب إلى الخديوي عباس حلمي في نفس اليوم الذي صدر فيهِ ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به وزارة بطرس غالي وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت لحريتها.
طرح فكرة تمديد إمتياز قناة السويس في عام 1921م
كانت هناك فكرة مد إمتياز قناة السويس أربعين عاماً أخرى ، وذلك مقابل مبلغ من المال تدفعه الشركة صاحبة الامتياز إلى الحكومة المصرية إلى جانب نسبة معينة من الأرباح تبدأ من سنة 1338هـ / 1921م حتى 1387هـ / 1968م.
في رمضان1327 هـ/ أكتوبر 1909م استطاع محمد فريد الحصول على نسخة من مشروع القانون ونشرها في جريدة اللواء وبدأت حملة من الحركة الوطنية على رأسها الحزب الوطني في تعبئة المصريين ضد هذا القانون، خاصة أن إعطاء الامتياز كان يعني أن تترك الشركة القناة للمصريين سنة 1428هـ/ 2008م، وطالبت بعرض مشروع القانون على الجمعية العمومية لأخذ رأيها، ومعنى ذلك حشد الأمة المصرية ضد القانون، فوافق الخديوي عباس حلمي على ذلك، وحدد يوم 1 صفر 1328 هـ / 10 فبراير 1910م لانعقاد الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين لمناقشة المشروع، فرفضته الجمعية العمومية مما اضطر الحكومة إلى سحبهِ.
الإنتقادات الموجه له
توجه له الانتقادات [من صاحب هذا الرأي؟] لعدة أسباب مثل محاوله مد امتياز قناة السويس لصالح الاحتلال واعدام فلاحين دنشواي وقانون المطبوعات واتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان ، إتهم بمحاباة الإنجليز حين صادق، كوزير العدل المؤقت، على أحكام محكمة دنشواي بإعدام 6 فلاحين مصريين قتلوا جنود بريطانيين كانوا قد قتلوا فلاحة مصرية أثناء صيدهم للحمام. مع تنامي الحركة الوطنية بمصر تحت شعار "مصر للمصريين"، أصبحت سياسات بطرس غالي شديدة الولاء لبريطانيا بؤرة لنقمة الوطنيين المصري.
أهم الأحداث المعاصرة
وقائع الثورة المهدية في السودان
عندما احتل الإنجليز مصر عام 1882م بعد فشل الثورة العرابية ، شهد السودان قيام الثورة المهدية التي إستطاعت أن تسيطر على السودان، وفي تلك الفترة قرر الإنجليز إعادة السودان إلى سيطرتهم في إطار حملة مشتركة تتحمل تكاليفها الخزانة المصرية، وأن يكون حكم السودان مشتركا بين مصر وبريطانيا، وقد وقع اللورد "كرومر" المعتمد البريطاني في مصر على تلك الوثيقة عن الجانب البريطاني، ووقع عن الجانب المصري "بطرس غالي"، وتم توقيع إتفاق السودان في 19 يناير 1899م) ، حيث أن جميع سلطات السودان تتمركز في يد الحاكم العام للسودان وهو بريطاني الجنسية ، نص الاتفاق على أنه لا يجوز عزل هذا الحاكم إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية ، كما أن تشريعات القطر المصري لا تسري على السودان.
بذلك لم يُعط هذا الاتفاق لمصر أي ميزة فعلية من المشاركة مع بريطانيا في إعادة فتح السودان، وتحملت مصر بمفردها تكاليف الحملة، وكانت المسئولية ملقاة على مصر والسلطة في يد بريطانيا.
أعطى غالي بريطانيا بموافقته حقا في السودان دون أن تتحمل ثمنه، وأعطاها سلطة واسعة في إدارة السودان دون أدنى مسئولية. كما أن هذا الاتفاق قوض ممتلكات مصر في منطقة خط الاستواء في كل من أوغندا وعدد من الموانئ الموجودة على البحر الأحمر مثل زيلع وبربرة.
ذكر اللورد كرومر أن إعادة فتح السودان يُعزى إليه إفلاس الخزانة المصرية، حتى إن مصر باعت في سبيل هذه الحملة البواخر الخديوية وعددا من السرايات والحدائق والأراضي وكل ما استطاعت بيعه للإنفاق على هذه الحملة ، ورغم هذه النفقات جاء اتفاق 1899م) ليطيح بهذه النفقات والأرواح التي بذلت ، ويعطي السودان بلا ثمن لبريطانيا.
حادثة دانشواي وتولي الحكم فيها
لعب بطرس باشا غالي دوراً كبيراً في حادثة دنشواي والتي كانت من المحطات الهامة في تاريخ الإنجليز في مصر، وملخصها أن عددا من ضباط الجيش الإنجليزي خرجوا لاصطياد الحمام في قرية دنشواي فأصيبت إحدى السيدات بعيار ناري فقتلت في التو واللحظة واحترق أحد الأماكن التي يتم فيها تخزين القمح، فاستشاط أهالي القرية غضبا وهاجموا هؤلاء الإنجليز ففر البعض وتوفي أحدهم من تأثير ضربة شمس، فعقد الإنجليز محاكمة لعدد من أهالي القرية، ورأس هذه المحكمة بطرس غالي باعتباره قائما بأعمال نظارة الحقانية في (23 نوفمبر 1906م)، وقضت بالإعدام شنقا لأربعة من الأهالي ، وبالأشغال الشاقة مدداً مختلفة لعدد آخر ، وبالجلد خمسين جلدة على آخرين ، وتم تنفيذ الأحكام بعد محاكمة ، إستمرت ثلاثة أيام فقط وأمام الأهالي.
واقعة إغتيال بطرس باشا غالي
قام إبراهيم ناصف الورداني عضو الحزب الوطني بإطلاق ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته على بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهراً يوم 11 صفر 1328 هـ / 20 فبراير 1910م، فقتله.
كان إبراهيم الورداني شاباً في الرابعة والعشرين من عمره، درس الصيدلة في سويسرا، لعامين بدءاً من سنة 1324 هـ / 1906م، ثم سافر إلى إنجلترا فقضى بها عاماً آخر حصل خلاله على شهادة في الكيمياء وعاد إلى مصر في ذي الحجة 1326 هـ / يناير 1909م ليعمل صيدلانياً وكان عضواً في الحزب الوطني، وعندما ألقي القبض عليه أقر أنه قتل بطرس غالي لأنه "خائن للوطن"، وأنه غير نادم على فعلته، وأصر على أقواله تلك في المحكمة.
تابع : مشاهير الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
مصطفي باشا كامل
1874م - 1908م
مصطفي باشا كامل
مقدمة
هو : "مصطفى كامل باشا" (1291 هـ / 1874 - 1326 هـ / 1908) زعيم سياسي وكاتب مصري.
أسس الحزب الوطني وجريدة اللواء.
كان من المنادين بإنشاء (إعادة إنشاء) الجامعة الإسلامية. كان من أكبر المناهضين للإستعمار وعرف بدوره الكبير في مجالات النهضة مثل نشر التعليم وإنشاء الجامعة الوطنية ، وكان حزبه ينادي برابطة أوثق بالدولة العثمانية ، أدت مجهوداته في فضح جرائم الإحتلال والتنديد بها في المحافل الدولية خاصة بعد مذبحة دنشواي التي أدت إلى سقوط اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني في مصر.
المولد والنشأة الأولى والتدرج في سلم التعليم
ولد 'مصطفى كامل في 1 رجب عام 1291 هـ الموافق 14 أغسطس عام1874م، في قرية كتامة التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية وكان أبوه "علي محمد" من ضباط الجيش المصري، وقد رُزِقَ بابنه مصطفى وهو في الستين من عمره ، وعُرِف عن الابن النابه حبُّه للنضال والحرية منذ صغره؛ وهو الأمر الذي كان مفتاح شخصيته وصاحبه على مدى 34 عامًا.
والمعروف عنه أنه تلقى تعليمه الابتدائي في ثلاث مدارس، أما التعليم الثانوي فقد التحق بالمدرسة الخديوية ، أفضل مدارس مصر آنذاك، والوحيدة أيضًا، ولم يترك مدرسة من المدارس إلا بعد صدام لم يمتلك فيه من السلاح إلا ثقته بنفسه وإيمانه بحقه.
بداية ظهور النزعة الوطنية
وفي المدرسة الخديوية أسس جماعة أدبية وطنية كان يخطب من خلالها في زملائه، وحصل على الثانوية وهو في السادسة عشرة من عمره، ثم التحق بمدرسة الحقوق سنة (1309 هـ = 1891م)، التي كانت تعد مدرسة الكتابة والخطابة في عصره، فأتقن اللغة الفرنسية ، والتحق بجمعيتين وطنيتين، وأصبح يتنقل بين عدد من الجمعيات؛ وهو ما أدى إلى صقل وطنيته وقدراته الخطابية.
وقد إستطاع أن يتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية، منهم: إسماعيل صبري الشاعر الكبير ووكيل وزارة العدل ، والشاعر الكبير خليل مطران، وبشارة تقلا مؤسس جريدة الأهرام، الذي نشر له بعض مقالاته في جريدته اللواء.
في سنة (1311 هـ = 1893م) ترك مصطفى كامل مصر ليلتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية ؛ ليكمل بقية سنوات دراسته ، ثم التحق بعد عام بكلية حقوق تولوز، واستطاع أن يحصل منها على شهادة الحقوق، والف في تلك الفترة مسرحية "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه في سماء الصحافة، واستطاع أن يتعرف على بعض رجال وسيدات الثقافة والفكر في فرنسا، ومن أبرزهم جولييت آدم ، وازدادت شهرته مع هجوم الصحافة البريطانية عليه.
التفكير في إنشاء جامعة مصرية
أرسل إلى الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد برسالة يدعو فيها إلى فتح باب التبرع لمشروع الجامعة، وأعلن مبادرته إلى الاكتتاب بخمسمائة جنيه لمشروع إنشاء هذه الجامعة، وكان هذا المبلغ كبيرًا في تلك الأيام؛ فنشرت الجريدة رسالة الزعيم الكبير في عددها الصادر بتاريخ (11 شعبان 1324 هـ الموافق 30 سبتمبر 1906م).
تأسيس جريدة المؤيد
لم تكد جريدة المؤيد تنشر رسالة مصطفى كامل حتى توالت خطابات التأييد للمشروع من جانب أعيان الدولة، وسارع بعض الكبراء وأهل الرأي بالاكتتاب والتبرع، ونشرت الجريدة قائمة بأسماء المتبرعين، وكان في مقدمتهم حسن بك جمجوم الذي تبرع بألف جنيه ، وسعد زغلول وقاسم أمين المستشاران بمحكمة الاستئناف الأهلية، وتبرع كل منهما بمائة جنيه.
غير أن عملية الإكتتاب لم تكن منظمة، فاقترحت المؤيد على مصطفى كامل أن ينظم المشروع ، وتقوم لجنة لهذا الغرض تتولى أمره وتشرف عليه من المكتتبين في المشروع ، فراقت الفكرة لدى مصطفى كامل، ودعا المكتتبين للاجتماع لبحث هذا الشأن، واختيار اللجنة الأساسية، وانتخاب رئيس لها من كبار المصريين من ذوي الكلمة المسموعة حتى يضمن للمشروع أسباب النجاح والاستقرار. أتمت لجنة الاكتتاب عملها ونجحت في إنشاء الجامعة المصرية يرئسها الملك فؤاد الأول آنذاك .
العلاقة بالخديوِ عباس حلمي الثاني
من المعروف أن الخديوي عباس قد اصطدم في بداية توليه الحكم باللورد كرومر في سلسلة من الأحداث كان من أهمها أزمة وزارة مصطفى فهمي باشا عام 1893، وتوترت العلاقات إلى حد خطير في حادثة الحدود عام 1894، وكان عباس يري أن الاحتلال لا يستند إلى سند شرعي ، وأن الوضع السياسي في مصر لا يزال يستند من الناحية القانونية إلى معاهدة لندن التي كانت في عهد محمد علي باشا في 1840 والفرمانات المؤكدة لهذه المعاهدة إلى جانب الفرمانات التي صدرت في عهد إسماعيل بشأن اختصاصات ومسئوليات الخديوية ، فالطابع الدولي للقضية المصرية من ناحية إلى جانب عدم شرعية الاحتلال كانا من المسائل التي استند عليها عباس في معارضته للاحتلال ، ثم رأى عباس أن يستعين كذلك في معارضته للاحتلال بالقوى الداخلية. لا نعتقد أن الخديو عباس كان على استعداد للسير في صرامة ضد كرومر إلى حد التفكير في تصفية الاحتلال نهائياً، بل كانت معارضته المترددة لسياسة كرومر تستهدف المشاركة في السلطة حتى في ظل الاحتلال.
أما بالنسبة لتعاون مصطفى كامل مع عباس فله أسبابه أيضاً من وجهة نظر مصطفى كامل:
أولاً: يجب أن نقرر أن الحركة الوطنية المصرية في ذلك الوقت كانت أضعف من أن تقف بمفردها في المعركة.
ثانياً: أن مصطفى كامل كان يضع في اعتباره هذفاً واحداً وهو الجلاء وعدواً واحداً وهو الاحتلال، ولذلك كان مصطفى كامل على استعداد للتعاون مع كل القوى الداخلية والخارجية المعارضة للإحتلال ، أما المسائل الأخرى التي كانت العناصر الوطنية المعتدلة ، من أمثال حزب الأمة فيما بعد ، تضعها في الاعتبار الأول كمسألة الحياة البرلمانية وعلاقة مصر مع تركيا وغيرها ، فكلها مسائل يجب أن تترك حتى يتخلص المصريون من الإحتلال.
الأولى المرض والوفاة
كان مصطفي كامل يعاني من مشاكل صحية في سن مبكرة من الشباب تتمثل في متاعب في القلب ، وقد كانت وفاته متأثراً بالمرض ، وهو لم يزل في ريعان الشباب " 36 عاماً" .
تابع : مشاهير الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
سعد باشا زغلول
1854م - 1908م
سعد باشا زغلول
المولد والنشأة والتدرج في سلم التعليم
ولد سعد باشا زغلول في حوالي سنة 1857م ، في قرية إبيانة " مركز فوة " - " مطوبس الآن " وكان ينتمي لأسرة من الفلاحين من الطبقة المتوسطة في إبيانه في دلتا النيل ، وقد تلقى تعليمه في الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873م. تعلم على يد السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وإلتف مثل الكثير من زملائه حول جمال الدين الأفغاني ،
بداية العمل والتدرج في السلم الوظيفي
عمل سعد زغلول في بداية حياته مع جمال الدين الأفعاني في جريدة الوقائع المصرية. ثم إنتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي. إشتغل بالمحاماة ، لكن قبض عليه عام 1883م بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف بـ «جمعية الانتقام» ، وبعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود إلى المحاماة.
دخل إلى دائرة أصدقاء الإنجليز عن طريق الملكة نازلي ، وسعى وقتها إلى تعلم اللغة الإنجليزية.
تزوج من إبنة مصطفى فهمى باشا، رئيس وزراء مصر.
تعلم الفرنسية ليزيد من ثقافته.
توظف سعد وكيلاً للنيابة وكان زميله في هذا الوقت قاسم أمين.
ترقى حتى صار رئيساً للنيابة وحصل على رتبة الباكوية ، ثم نائب قاض عام 1892م. حصل على ليسانس الحقوق عام 1897م.
بداية الكفاح من أجل مقاومة الإحتلال الإنجليزي
لقد إنضم سعد زغلول إلى الجناح السياسي لفئة المنار، التي كانت تضم أزهريين وأدباء وسياسيين ومصلحين اجتماعيين ومدافعين عن الدين، واشترك في الحملة العامة لإنشاء الجامعة المصرية ، وكان من المدافعين عن قاسم أمين وكتابه «تحرير المرأة». في عام 1906م تم تعيينه ناظراً للمعارف ، ثم عين في عام 1910م ناظرا للحقانية.
وفي عام 1907م كان سعد أحد المساهمين في وضع حجر الأساس لإنشاء الجامعة المصرية مع كل من: محمد عبده، ومحمد فريد، وقاسم أمين، وتم إنشاء الجامعة في قصر جناكليس (الجامعة الأمريكية حاليا) وتعيين أحمد لطفي السيد كأول رئيس لها.
ساهم سعد أيضاً في تأسيس النادي الأهلي عام 1907م وتولى رئاسته في 18 يوليو 1907 م
أصبح سعد نائباً عن دائرتين من دوائر القاهرة ، ثم فاز بمنصب الوكيل المنتخب للجمعية. بعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة في الجمعية التشريعية التي شكلت نواة «جماعة الوفد» فيما بعد وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية.
وقد تسبب غياب زغلول الي الاضطرابات في مصر، مما أدى في نهاية المطاف إلى الثورة المصرية في عام 1919م. لدى عودته من المنفى، قاد زغلول القوى الوطنية المصرية حتى إجراء الانتخابات في 12 يناير 1924م، حيث أدت إلى فوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة ، وبعد ذلك بأسبوعين ، شكلت الحكومة الوفدية برئاسة سعد زغلول. كما كتب في تاريخ مصر الحديث ( الطبعه 4 ، ص 279 وما يليها.):
الجماهير تعتبر زغلول الزعيم الوطني، و زعيم الأمة، البطل القومي المتشدد. وقد فقد خصومه مصداقيتهم على حد سواء كما أنهم تضاءلوا في أعين الجماهير. ولكنه أيضا قد حان أخيرا أوان إعتلائه السلطة ، ويعود ذلك جزئياً أنه تحالف مع مجموعة القصر حيث قبلوا ضمنيا الشروط التي تنظم حماية المصالح البريطانية في مصر.
في أعقاب اغتيال السير لي ستاك، سردار و الحاكم العام للسودان، في 19 نوفمبر 1924م ، وتصاعد المطالب البريطانية اللاحقة التي شعرت أن سعد زغلول صار شخصا غير مقبول ، إستقال زغلول.
ثم عاد لاحقاً إلى الحكومة في عام 1926م حتى وفاته في عام 1927م.
تأسيس حزب الوفد المصري
خطرت لسعد زغلول فكرة تشكيل الوفد المصري للدفاع عن القضية المصرية عام 1918م ضد الاحتلال الإنجليزي ، حيث دعا أصحابه إلى مسجد وصيف في لقاءات سرية للتحدث فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918م.
تشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وآخرين، أطلقوا على أنفسهم الوفد المصري.
وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية. جاء في الصيغة: "نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلا في استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى".
وقائع ثورة 1919م
بعد إعلانه القيام بثورة 1919 م ، إعتقل سعد زغلول ونفي إلى جزيرة مالطة في البحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919م فانفجرت ثورة 1919م التي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول.
وقد إضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني وأفرج الإنجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية إستقلال مصر.
لم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلى الثورة وإزداد حماسهم ، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى ، ونفوه مرة أخرى إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، فازدادت الثورة إشتعالاً ، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت مرة أخرى·
وقائع الحرب العالمية الأولى
إشتعلت نيران الحرب العالمية الأولى إعتباراً من عام 1914م ، وظلت مستمرة حتي عام 1918 م ، وفي خلال الحرب العالمية الأولى ، كان سعد زغلول والعديد من أعضاء الجمعية من الجماعات الناشطة شكلت هيكلا تشريعياً في جميع أنحاء مصر.أدت الحرب العالمية الأولى إلى الكثير من الصعاب على السكان المصريين، وذلك بفضل العديد من القيود البريطانية.
13 نوفمبر 1918م : مع نهاية الحرب العالمية الأولى، فإن زغلول واثنين آخرين من أعضاء سابقين من المجلس التشريعي دعوا المفوض السامي البريطاني، للسؤال عن إلغاء الحماية البريطانية. يسألون أيضا أن يكون لمصر ممثلين في مفاوضات السلام بعد الحرب.ولكن تم رفض هذه المطالب، فما كان من أنصار زغلول، وهي مجموعة تعرف الآن باسم الوفد، بأن أصبحت تحرض على الفوضى في جميع أنحاء البلاد.
النفي إلى جزيرة مالطة
في مارس عام 1919م : زغلول وثلاثة أعضاء آخرين من الوفد تم نفيهم إلى مالطة. لكن سرعان ماتم إطلاق سراح سعد وبعد ذلك عين الجنرال إدموند اللنبي وتولى منصب المفوض السامي لمصر.سعد سافر إلى باريس، فرنسا في محاولة لتقديم روايته للحالة المصرية إلى ممثلي الدول الحليفة، ولكن دون نجاح يذكر.
1920م: زغلول عقد عدة لقاءات مع وزير المستعمرات البريطاني، اللورد ميلنر ويتوصل إلى تفاهم معه، ولكن زغلول كان غير متأكد من ردة فعل المصريين تجاه هذا التفاهم ، وكيف سوف يستوعبون أنه يصوغ اتفاقا مع البريطانيين، لذلك فضل أن ينسحب.
العودة من المنفي إلى الحياة السياسية
عاد من المنفى وقام بتأسيس حزب الوفد المصري ودخل الانتخابات البرلمانية في عام 1923م ، ونجح فيها حزب الوفد بإكتساح.
تولى رئاسة الوزراء من عام 1923م واستمر حتى عام 1924م حيث تمت حادثة إغتيال السير لي ستاك قائد الجيش المصري وحاكم السودان والتي إتخذتها سلطات الإحتلال البريطاني ذريعة للضغط على الحكومة المصرية حيث وجه اللورد اللنبي إنذاراً لوزارة سعد زغلول يطالب فيه : " إن تقدم الحكومة المصرية اعتذارا عن هذه الجريمة ".
تقديم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب.
تقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه استيرليني للحكومة البريطانية.
أن تسحب القوات المصرية من السودان.
أن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطنا في السودان.
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إلى إبعاد مصر عن السودان لتنفرد بها بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر. وافق سعد زغلول على النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة.
فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان ، فتقدم سعد زغلول باستقالته. وقام الملك فؤاد بتكليف زيور باشا برئاسة الوزارة ، كما قام بحل البرلمان. ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء. فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م.
وتم قبول إستقالته في 24 نوفمبر سنة 1924م. وخاض صراعا مع الملك فؤاد وأحزاب الأقلية المتعاونة مع الملك دفاعا عن الدستور، وتوج كفاحه بفوز حزب الوفد بالأغلبية البرلمانية مرة ثانية عام 1927م، وانتخب سعد رئيسًا لمجلس النواب حتى وفاته عام 1927م.
الوفاة
توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927م ، ودفن في ضريح سعد المعروف ببيت الأمة الذي شيد عام 1931 ليدفن فيه زعيم أمة وقائد ثورة ضد الاحتلال الإنجليزي (ثورة 1919م). فضلت حكومة عبد الخالق ثروت وأعضاء حزب الوفد الطراز الفرعوني حتى تتاح الفرصة لكافة المصريين والأجأنب حتى لا يصطبغ الضريح بصبغة دينية يعوق محبي الزعيم المسيحيين والأجانب من زيارته ولأن المسلمين لم يتذوقوا الفن الفرعوني وكانوا يفضلون لو دفن في مقبرة داخل مسجد يطلق عليه اسمه فأهملوه حتى اتخذ عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة قرارا بترميمه على نفقة المحافظة ، كما وضعه على الخريطة السياحية للعاصمة.
تابع : مشاهير الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
طلعت باشا حرب
1874م - 1908م
طلعت باشا حرب
مقدمة
هو محمد طلعت بن حسن محمد حرب (25 نوفمبر 1867 - 13 أغسطس 1941) إقتصادي ومفكر مصري .
ولد بالقاهرة في سنة 1867 م ـ وتخرج من مدرسة الحقوق .
كان عضوًا بمجلس الشيوخ المصري، وهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات التابعة له ، يعد أحد أهم أعلام الإقتصاد في تاريخ مصر ولقب بـ "أبو الإقتصاد المصري" ، فقد عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية وساهم في تأسيس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل إسم مصر مثل شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتأمين ومصر للمناجم والمحاجر ومصر لصناعة وتكرير البترول ومصر للسياحة وستديو مصر وغيرها.
المولد والنشأة والتدرج في المناصب الحكومية
في عام 1889م - إلتحق محمد فريد بالعمل كمترجم بالقسم القضائي "بالدائرة السنية" ثم أصبح رئيساً لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات حتى أصبح مديراً لقلم القضايا.
وفي عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة، ثم مديراً للشركة العقارية المصرية والتي عمل على تمصيرها حتى أصبحت غالبية أسهمها للمصريين ، وفي عام 1910 حاولت الشركة المالكة لقناة السويس تقديم مقترح لمد امتياز الشركة 50 عاماً أخرى، إلا أن طلعت حرب ساهم في حشد الرأي العام لرفض ومعارضة هذا المقترح وأصدر كتابه "مصر وقناة السويس"، حيث أثمرت هذه الجهود لاحقاً قيام مجلس النواب برفض هذا المقترح.
مشاركاته الوطنية في ثورة 1919م
لقد شارك في ثورة 1919م ، وبدأت بعدها تتبلور فكرة بنك وطني للمصريين للتحرر من الإحتكار المصرفي الأجنبي ، وساهم في إنشاء "شركة التعاون المالي" بهدف الإقراض المالي للمصريين .
فكرة تأسيس بنك مصر
مع إنتشار دعوته لإنشاء شركة لتقديم خدمات التعاون المالي " الإقراض المالي " للمصريين ، إلتف الكثيرون حول هذه الفكرة ، وأيدوه فيها ، فنجح في تأسيس "بنك مصر" عام 1920 ، وتوالت العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى داخل وخارج مصر، إلا أنه في عام 1940م ، عانى البنك من أزمة مالية كبيرة تحت ضغط كلا من الحكومة المصرية وسلطات الإحتلال الإنجليزي ، ورفض البنك الأهلي منحه قروض بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما لجأ طلعت حرب إلى وزير المالية أشترط وقتها أن يترك منصبه لعلاج الأزمة، مما أجبره على الإستقالة من البنك عام 1939.
كان لدى طلعت حرب أيضاً العديد من المساهمات الأدبية والثقافية، ولعل أبرزها معارضته الشهيرة لكتابات وأفكار قاسم أمين والتي جعلته يصدر كتابيه: تربية المرأة والحجاب وكتاب فصل الخطاب في المرأة والحجاب، كذلك لديه بعض المؤلفات الأخرى مثل: مصر وقناة السويس وتاريخ دول العرب والإسلام، كما كان من أعضاء الجمعية الجغرافية.
الوفاة
توفي طلعت باشا حرب عام 1941م في قرية تابعة لفارسكور بدمياط.
تابع : مشاهير الشخصيات ورموز الحركة الوطنية المعاصرة
محمد بك فريد
1868م - 1919م
محمد بك فريد
مقدمة
هو محمد بك فريد ، (20 يناير 1868 في القاهرة – 15 نوفمبر 1919 في برلين)، سياسي وحقوقي مصري من أصل تركي ، أنفق ثروته في سبيل القضية المصرية. من أشهر ما كتب: "تاريخ الدولة العلية العثمانية" .
مواقفه الوطنية ومطالباته المعلنة
أعلن محمد فريد أن مطالب مصر هي : الجلاء والدستور. وكانت من وسائله لتحقيق هذه الأهداف: تعليم الشعب علي قدر الطاقة ليكون أكثر بصيرة بحقوقه، وتكتيله في تشكيلات ليكون أكثر قوة وارتباطاً. أنشأ محمد فريد مدارس ليلية في الأحياء الشعبية لتعليم الفقراء وكبار السن الأميين مجاناً.
وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطني وأنصاره من المحامين والأطباء الناجحين، وذلك في أحياء القاهرة ثم في الأقاليم.
إنجازاته
وضع محمد فريد أساس حركة النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909 ثم اتجه إلى الزحف السياسي، فدعا الوزراء إلى مقاطعة الحكم، وقال: «من لنا بنظارة (وزارة) تستقيل بشهامة وتعلن للعالم أسباب استقالتها؟ لو استقالت وزارة بهذه الصورة، ولم يوجد بعد ذلك من المصريين من يقبل الوزارة مهما زيد مرتبه، إذن لأُعلن الدستور ولنلناه على الفور» .
ميلاد فكرة الثورات الشعبية المنظمة
ولقد عرفت مصر علي يديه المظاهرات الشعبية المنظمة، كان محمد فريد يدعو إليها، فيجتمع عشرات الألاف في حديقة الجزيرة وتسير إلى قلب القاهرة هاتفة بمطالبها. وضع محمد فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب إلي توقيعها وإرسالها إليه ليقدمها إلى الخديوي، ونجحت الحملة وذهب فريد إلى القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات ، وكانت 45 ألف توقيع وتلتها دفعات أخرى.
وقائع محاكمته
تعرض محمد فريد للمحاكمة بسبب مقدمة كتبها لديوان شعر بعنوان "أثر الشعر في تربية الأمم"، من ما قال فيها: "لقد كان من نتيجة استبداد حكومة الفرد إماتة الشعر الحماسي، وحمل الشعراء بالعطايا والمنح علي وضع قصائد المدح البارد والإطراء الفارغ للملوك والأمراء والوزراء وإبتعادهم عن كل ما يربي النفوس ويغرس فيها حب الحرية والإستقلال.. كما كان من نتائج هذا الإستبداد ، خلو خطب المساجد من كل فائدة تعود علي المُستمع ، حتي أصبحت كلها تدور حول موضوع التزهيد في الدنيا، والحض علي الكسل وإنتظار الرزق بلا سعي ولا عمل".
ذهب محمد فريد إلى أوروبا كي يُعد لمؤتمر لبحث المسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص كي يدعو إليه كبار معارضي الاستعمار من الساسة والنواب والزعماء ، لإيصال صوت القضية المصرية إلى المحافل الدولية. نصحه اصدقاؤه بعدم العودة بسبب نية الحكومة محاكمته بدعوي ما كتبه كمقدمة للديوان الشعري، ولكن ابنته (فريدة) ناشدته علي العكس بالعودة، في خطابها الذي مما جاء فيه: "لنفرض أنهم يحكمون عليك بمثل ما حكموا به على الشيخ عبد العزيز جاويش ، فذلك أشرف من أن يقال بأنكم هربتم... وأختم جوابي بالتوسل إليكم باسم الوطنية والحرية ، التي تضحون بكل عزيز في سبيل نصرتها أن تعودوا وتتحملوا آلام السجن!" .
حُكم علي محمد فريد بالسجن ستة أشهر ، قضاها جميعاً ولدي خروجه من السجن كتب الكلمات الآتية: "مضي علي ستة أشهر في غيابات السجن، ولم أشعر أبداً بالضيق إلا عند إقتراب خروجي، لعلمي أني خارج إلى سجن آخر، وهو سجن الأمة المصرية، الذي تحده سلطة الفرد.. ويحرسه الاحتلال!.. أن أصبح مهدداً بقانون المطبوعات، ومحكمة الجنايات.. محروماً من الضمانات التي منحها القانون العام للقتلة وقطاع الطرق.." .
الوفاة
لقد إستمر محمد فريد في الدعوة إلى الجلاء والمطالبة بالدستور، حتي ضاقت الحكومة المصرية الموالية للاحتلال به وبيتت النية بسجنه مجدداً، فغادر محمد فريد البلاد إلى أوروبا سراً، وفي يوم الخامس عشر من نوفمبر 1919م وافته المنية هناك في برلين بألمانيا، وحيداً فقيراً، حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه إلى أرض الوطن، إلى أن تولي أحد التجار المصريين نقله بنفسه علي نفقته الخاصة وهو الحاج خليل عفيفي ، تاجر قماش من الزقازيق باع كل ما يملك وسافر لإحضار جثمانهِ من الخارج وقد مُنح نيشان الوطنية من الحكومة المصرية تقديراً لجهودهِ في هذا الشأن.
أهم الأحداث العالمية المعاصرة للخدمة
قيام الحرب العالمية الأولى
[ 1914 م – 1918 م ]
مقدمة
من أهم الأحداث المعاصرة لفترة جلوس البابا " كيرلس الخامس " على الكرسي الباباوي المرقسي - أحداث الحرب العالمية الأولى ، والتي نشبت بدايةً في أوروبا من 28 يوليو 1914م ، وإنتهت في 11 نوفمبر 1918م.
وقد وصفتُ هذه الحرب إبان فترة حدوثها بـ "الحرب التي ستنهيِ كل الحروب" ، وتم جمع أكثر من 70 مليون فرد عسكري، 60 مليون منهم أوربيين، للمشاركة في واحدة من أكبر الحروب في التاريخ.
وقد لقي أكثر من تسعة ملايين مقاتل وسبعة ملايين مدني مصرعهم نتيجة الحرب، وتعتبر أيضاً عامل مساهم في عدد من جرائم الإبادة الجماعية والإنفلونزا الأسبانية عام 1918،والذي تسبب في ما بين 50 و 100 مليون حالة وفاة في جميع أنحآء العالم. تفاقم معدل الخسائر العسكرية بسبب التطور التقني والصناعي للمتحاربين، والركود التكتيكي الناجم عن حرب الخنادق القاسية. تعد الحرب أحد أعنف صراعات في التاريخ، وتسببت في التمهيد لتغييرات سياسية كبيرة تضمنت ثورات 1917 – 1923 في العديد من الدول المشتركة.
وقد ساهمت الصراعات غير المحلولة في نهاية النزاع في بداية الحرب العالمية الثانية بعد عشرين سنة.
ملخص أحداث الحرب العالمية الأولى ومحصلة نتائجها
جمعت الحرب جميع القوى العظمى الاقتصادية في تحالفين متعارضين: قوات الحلفاء (الوفاق الثلاثي - وهم المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا والجمهورية الفرنسية الثالثة والإمبراطورية الروسية) ، ضد دول المركز (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا). مع أن إيطاليا كانت من ضمن الحلف الثلاثي مع الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية ، إلا أنها لم تنضم معهما في حلف دول المركز بسبب خرق الإمبراطورية النمساوية المجرية لشروط الحلف الثلاثي.
تم إعادة تنظيم هذه التحالفات وتوسيعها مع دخول المزيد من الدول إلى الحرب : إيطاليا واليابان والولايات المتحدة إنضموا إلى الحلفاء بينما إنضمت الدولة العثمانية ومملكة بلغاريا لدول المركز.
بين عامي 1908 و 1914، كانت منطقة البلقان قد زعزع إستقرارها بسبب مزيج من الدولة العثمانية الضعيفة وحروب البلقان 1912 - 1913م ، والأهداف الروسية والنمساوية المجرية المتنافسة.
وفي يوم 28 يونيو 1914م ، قام القومي الصرب بوسني اليوغسلافيوي غافريلو برينسيب باغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند مع زوجته في سراييفو، ما أدى إلى نشوب أزمة يوليو.
وفي 23 يوليو ، أصدرت النمسا-المجر إنذارا نهائيا إلى صربيا.
وسرعان ما إستقطبت التحالفات المتشابكة ، جميع القوى الأوروبية الرئيسية مع الإمبراطوريات الإستعمارية الخاصة بها ، وإنتشر الصراع بسرعة في جميع أنحاء العالم.
أصدرت الحكومة الروسية في 25 يوليو أوامر لـ "فترة التحضير للحرب" ، وبعد قصف النمسا-المجر للعاصمة الصربية بلغراد يوم 28، تمت الموافقة على التعبئة الجزئية من المناطق العسكرية الأقرب إلى النمسا، بما في ذلك كييف وكازان وأوديسا وموسكو ، تم الإعلان عن تعبئة روسية عامة مساء 30 يوليو. وفي 31، فعلت النمسا-المجر وألمانيا الشيء نفسه، في حين طلبت ألمانيا من روسيا تسريح في غضون 12 ساعة ، عندما فشلت روسيا في الإمتثال ، أعلنت ألمانيا الحرب في 1 أغسطس ، وتبعتها النمسا - المجر في يوم 6 ، قد أمرت فرنسا بالتعبئة الكاملة لدعم روسيا في 2 أغسطس. الدخول الفرنسي في الحرب جاء رغبةً في إستعادة مقاطعتي الألزاس واللورين التي تنازلت عنها بعد الحرب الفرنسية - البروسية 1870-1871، والقلق من قوة ألمانيا المتزايدة والالتزامات العسكرية المتفق عليها مع روسيا.
كانت الاستراتيجية الألمانية للحرب على جبهتين ضد فرنسا وروسيا هي تركيز الجزء الأكبر من جيشها في الغرب على هزيمة فرنسا في غضون أربعة أسابيع ، ثم تحويل القوات إلى الشرق قبل أن تتمكن روسيا من التعبئة بالكامل ؛ هذه ستعرف لاحقاً بخطة شليفن. في 2 أغسطس، طالبت ألمانيا بالمرور الحر عبر بلجيكا ، وهو عنصر أساسي في تحقيق إنتصار سريع على فرنسا.
عندما تم رفض ذلك ، دخلت القوات الألمانية بلجيكا في وقت مبكر من صباح 3 أغسطس ، وأعلنت الحرب على فرنسا في نفس اليوم. إستخدمت الحكومة البلجيكية معاهدة لندن (1839) م ، وإمتثالاً لالتزاماتها بموجب المعاهدة ، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا في 4 أغسطس.
\وفي 12 أغسطس، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على النمسا - المجر ، وفي 23، انضمت الإمبراطورية اليابانية إلى قوات الحلفاء ، وإغتنمت الفرصة لتوسيع دائرة نفوذها من خلال الاستيلاء على الممتلكات الألمانية في الصين ومنطقة المحيط الهادئ. في 24 أغسطس، حققت صربيا انتصار كبير على النمسا-المجر في معركة سير.
جانب من آثار الدمار التي خلفتها الحرب العالمية الأولى
من جانب آخر - توقف التقدم الألماني إلى فرنسا في معركة مارن وبحلول نهاية عام 1914 ، إستقرت الجبهة الغربية على معركة استنزاف تميزت بسلسلة طويلة من خطوط الخنادق التي تغيرت قليلاً حتى عام 1917. على الجبهة الشرقية، دخل جيشان روسيان شرق بروسيا في 17 أغسطس ، امتثالاً لاتفاقهما مع فرنسا عام 1912 لمهاجمة ألمانيا خلال 15 يومًا من التعبئة. أجبر الألمان على تحويل قوات من الغرب، لكنهم نجحوا في صد هذا الغزو بانتصارات في تانينبرغ وبحيرات ماسوريان. ومع ذلك إحتل الروس مقاطعة غاليسيا الشرقية في النمسا والمجر.
في نوفمبر 1914، انضمت الدولة العثمانية إلى دول المركز، وفتحت جبهات في القوقاز وبلاد الرافدين وشبه جزيرة سيناء. في عام 1915، انضمت إيطاليا إلى دول الحلفاء وانضمت بلغاريا إلى دول المركز. انضمت رومانيا إلى قوات الحلفاء في عام 1916. وبعد غرق سبع سفن تجارية أمريكية بواسطة غواصات ألمانية، والكشف عن أن الألمان كانوا يحاولون تحريض المكسيك على شن حرب على الولايات المتحدة، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا في 6 أبريل 1917. انهارت المقاومة العسكرية الروسية ، مما سمح بنقل أعداد كبيرة من القوات الألمانية إلى الجبهة الغربية. وفي أبريل 1918 وقعت روسيا على معاهدة برست ليتوفسك مع القوى المركزية لتخرج من الحرب.
ولقد أنهت ثورة فبراير من عام 1917م في روسيا الحكم الاستبدادي القيصري وجائت بالحكومة المؤقتة ، لكن استمرار السخط الشعبي على ثمن الحرب أدى إلى ثورة أكتوبر ، وإنشاء الجمهورية السوفياتية الاشتراكية.
ولقد كان الهجوم الألماني في مارس 1918م ناجحًا في البداية ، ولكن الحلفاء احتشدوا ودفعوهم مرة أخرى إلى التراجع في هجوم المائة يوم؛ في 28 سبتمبر، طلب قادة الجيش الألماني الهدنة. في 4 نوفمبر 1918 وافقت الإمبراطورية النمساوية المجرية على هدنة فيلا غوستي. ومع حدوث ثورة في الداخل وعدم رغبة الجيش في الإستمرار بالقتال ، تخلى القيصر فيلهلم عن العرش الألماني في 9 نوفمبر، كما وقعت ألمانيا أيضًا هدنة في 11 نوفمبر 1918.
ونتيجة للحرب ، فقد إستبدلت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية المجرية والعثمانية بدول جديدة قائمة على القوميات.
فرضت القوى الأربع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا شروطها في سلسلة من المعاهدات المتفق عليها في مؤتمر باريس للسلام عام 1919. كان الهدف من تشكيل عصبة الأمم هو منع حرب عالمية أخرى ، ولكن لأسباب مختلفة فشلت في القيام بذلك.
هذا - ولقد ساهمت الشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فرساي على ألمانيا ، في صعود الحزب النازي ونشوب الحرب العالمية الثانية. غيرت الحرب العظمى أجزاء كبيرة من أوروبا والشرق الأوسط بطرق لها تبعات باقية إلى اليوم.
إرسال تعليق