تابع : مصر في عصور الإحتلال
ثانياً – مصر في العصر الروماني
69 - الإمبراطور هراكيليوس - Heraclius
610 م - 641 م
مقدمة
في مراجع أخرى يُنطق إسمه : " هرقل " . وإسمه بالكامل هو " فلافيوس أغسطس هرقل " .
باللاتينية - Heraclius Flavius Augustus
باليونانية : Φλάβιος Ἡράκλει
لقد جلس " هرقل " على عرش الإمبراطورية الرومانية ، كإمبراطور روماني ، لاينازعه أحد في المُلك ، في الفترة من سنة 610 م ، وحتي وفاته في سنة 641 م .
عُرف عنه أنه إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية الذي شهد العالم كله خلال عهده ، جٌملة من الأحداث الهامة على الصعيدين - الداخلي والخارجي ، فمن جهة ، تجددت الحملات الفارسية ضد الإمبراطورية الرومانية ، وإحتدت ذروتها في عهد حكمه ، ومن جهة أخرى ، بدأت تحركات قوى جديدة ، لم تكن موجودة على مسرح الصراع التاريخي للى سلطة حكم العالم من قبل - ألا وهي القوى العربية - التي إتخذت مما أسمته " دعوة الإسلام " - رسالةً لها ، لكي تُبارك بموجب هذه الرسالة ، غزواتهم ، وتطلعاتهم في توسيع رُقعة ممالك شبه العربية الإسلامية ، والتي عظم شأنها في عهد مشترع ديانة الإسلام - محمداً إبن عبد الله .
ولكن ، كان وصول " هرقل " - إلى عرش الإمبراطورية الرومانية ، في بداية الأمر ، هو القيام بتمرد ضد الإمبراطور فوقاس ، الذي تسلّم السلطة بعد خلع الإمبراطور موريس ، ودون شعبية تذكر في ظل القلاقل التي عانت منها الإمبراطورية.
كان والد هرقل ، وهو هرقل الأكبر ، قائدًا عسكريًا ناجحًا شارك في حروب الإمبراطور موريس ، وعينه المذكور في أعقاب الحرب نائبًا إمبراطوريًا على شمال أفريقيا ومقر حكمه في قرطاج ، حيث قضى هرقل الشطر الأول من حياته ، وبكل الأحوال تشير المصادر التاريخية المتوافرة ، لكون هرقل من أصول أرمنية في كبادوكية ؛ أيضًا يعتبر هرقل - مؤسس السلالة الهراقلية - التي إستمرت بحكم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 711 م .
عملة ذهبية تحمل صورة الإمبراطور هرقل
المولد والنشأة الأولى والأصول
ولد الإمبراطور " هرقل الكبير " في عام 575م .
لقد كان هرقل هو الإبن البٍكر للوالي هرقل الأكبر وأبيفانيا ، من عائلة أرمنية الأصل من منطقة كبادوكية ، ومن جذور ترقى لعائلة الأرسكيد التي حكمت أرمينيا في السابق ؛ سوى ذلك ، فلا معلومات وافية عن خلفية الإمبراطور هرقل الأكبر وأسرته .
التدرج في المناصب الرفيعة
لقد عمل هرقل الأكبر ضابطًا في الجيش الروماني ، وساعد الإمبراطور موريس في حروبه ضد بهرام ، والدولة الساسانية في أواخر القرن السادس الميلادي ، ونتيجة دوره في الحرب عيّنه الإمبراطور ، بعد نهايتها نائبًا إمبراطوريًا على أفريقيا ، ومقر الولاية قرطاج.
وقائع التمرد على الإمبراطور موريس
في خريف عام 602 م - حدث أن تمرّد الجُند على الإمبراطور موريس في البلقان ، فساروا نحو العاصمة الخالية من الجند ، فحاصروها ، وسط ترحاب من سكان العاصمة الذين سئموا سياسة الإقطاع ، وتحكم ذوي الأراضي الواسعة بسياسة الدولة ، ومظاهر الترف الإمبراطوري ، وإذ تخوّف الإمبراطور موريس من موالاة سكان العاصمة للمتمردين ، وكذلك لا مبالاة إبنه ثيودوسيوس ونسيبه جرمانوس ، فرّ من العاصمة إلى نيقوميديا عبر البوسفور مع عائلته ، ودخل المتمردون إلى العاصمة " ناثرين الذهب على الطرقات نثرًا " ، ونادى شيوخ الشعب وأعيانه في 23 نوفمبر 602م بأحد قادة التمرد ، وهو فوقاس إمبراطورًا جديدًا ؛ أما الإمبراطور موريس ، فلم تفلح محاولته التحصّن بنيقوميديا ، إذ أدركه المتمردون وذبحوه وعائلته فيها.
لقد شَهَدَ عهد هرقل العديد من الحملات العسكرية ، ففي العام الذي توّج به هرقل ، كان جيش الإمبراطورية الساسانية ، قد بلغ قلب الإمبراطورية البيزنطية في الأناضول ، ولذلك كان هرقل المسؤول الأول عن إصلاح سياسة الدولة ، وتعبئة الجيش ، ومن ثم محاربة الفرس الساسانيين ؛ إنتهت الجولة الأولى من المعارك بهزيمة الدولة البيزنطــية ، وإقترب الجيـــش الفارسي مــن مضيق البُوسفور ، ولأن القسطنطينيـــة كانت مَحٌمِيٌة بشكل جيد ، بحيث لا يمكن إختراقها بسهولة من قبل المحاصرين، إستطاع هرقل ، تجنب الهزيمة الكاملة.
إبرام معاهدة السلام مع مملكة فارس
بعد أن عقد هرقل سلامًا مع الفرس مقابل ضريبة سنوية كبيرة ، بدأت إصلاحاته العسكرية والمدنيّة ، التي أطلق هرقل في أعقابها حملته العسكرية المضادة في آسيا الصغرى ، وأرمينيا ، متوغلاً في أراضي الدولة الساسانية ، ومُحرزًا نصرًا نهائيًا عليها في معركة نينوى عام 627م ، والتي مهدت لعقد السلام عام 629 م - بعد أن أطيح بالملك الفارسي كسرى الثاني ، ونصّت المعاهدة السلام لعام 629 م على العودة إلى حدود ما قبل الحرب في عام 602 م - بكل الأحوال - فقد واجه هرقل الهزيمة بعد فترة قصيرة من إنتصاره على الفرس ، هذه المرة من قبل الخلافة الراشدة التي تمكنت من الإطاحة بالحكم البيزنطي عن سورية ، ومصر ، وليبيا ، ومناطق أخرى.
هرقل والحياة العائلية " الزوجات والأبناء "
لقد تزوج هرقل مرتين ، الأولى من فابيا إيدوكيا ، وبعد وفاتها من إبنة أخته مارتينا . أنجب هرقل من زوجته الأولى فابيا طفلين ، في حين أنجب من مارتينا تسعة أطفال ، توفي إثنان منهما في الصغر ، في حين كان فابيوس فلافيوس مصابًا بالشلل في الرقبة ، وثيودوسيوس كان أصمَّ أبكمَ ، وقد فُسِّرَ ذلك بأنه عقابٌ ، أو لعنة إلهية لكون زواج هرقل من إبنة أخته غير مشروع.
وقد تزوج ثيودوسيوس من نايك إبنة القائد الفارسي شهربراز ؛ وغدا إثنان من أبنائه أباطرة بعده هرقل خلال الفترة ما بين الأعوام 638 - 641 م - إبن مارتينا ، وقسطنطين الثالث إالذي كان إبن إيدوكيا من فبراير وحتى مايو 641م.
، كان لهرقل إبناً واحد على الأقل غير شرعي ، ومن أم غير معروفة في التاريخ ، ولربما إنخرط في مؤامرة لخلع هرقل مع إبن عمه وعدد من رجال البلاط منهم النبيل الأرمني ديفيد ساهاروني ، غير أن هرقل إكتشف المؤامرة ، وقام بجدع أنف ، وقطع يدين المتآمرين ، ثم قام بنفيهم إلى جزيرة برينكيبو ؛ في السنوات الأخيرة من حُكم هرقل ، غدا الصراع على وراثة العرش شديد الوضوح في البلاط مع محاولات مارتينا الدفع بأبنائها نحو العرش ، وقد انتهى الأمر بقرار من الإمبراطور هرقل ، حيث وضعا كلٍ من هرقل ، وقسطنطين الثالث ، لكي يحكما مناصفة بالإشتراك مع مارتينا كإمبراطورة للدولة .
وقائع الحملة الفارسية على الإمبراطورية الرومانية
خريطة توضح تقدم الجيوش الفارسية نحو أهدافها في الإمبراطورية الرومانية
كان الإمبراطور موريس قد كتب إلى كسرى الثاني ، إمبراطور الأسرة الساسانية في بلاد فارس يستنجده لإنقاذ عرشه ، فلبّى الملك كسرى الثاني الطلب لكون الإمبراطور المخلوع سبب عودته إلى عرش فارس من جِهَة ، وللقرابة العائلية التي تربطه به مع كونه صهره.
ثم قرر الملك كسرى الثاني ، بعد أن لجأ إبن الإمبراطور المخلوع ثيودوسيوس إليه طالبًا معونته ، تجريد حملة عسكرية على بلاد ما بين النهرين ، وشمال العراق ، معضودة بثورة القائد نارسيس في الرها عام 603 م ، فزحف كسرى بنفسه إلى الرها فملكها عام 604 م ، وإنتصر على الروم البيزنطيين في العام ذاته في نصيبين ، وفي العام التالي أي 605 م - في دارة عزة إلى الشمال من حلب ، واحتلّ في الوقت ذاته قائد جيشه الثاني شاهين ، مناطق أرضولم ، وأرمينيا ، وأكمل السيطرة على الأناضول وآسيا الصغرى مع نهاية العام 606 م ، وإتجه صوب العاصمة حتى خلقيدونية عام 610 م ، في حين تمكن قائد فارسي ثالث هو شهربراز من فتح آمد ودخول مناطق ما وراء الفرات إلى الرقة منهيًا ذلك كون النهر حدًا فاصلاً بين الدولتين ، ومعرضًا سوريا الرومانية للإجتياح الفارسي ، فدخل الجيش الفارسي الثالث منبج وحلب عام 609 م ، وأثار سقوط حلب ثورة في عاصمة سوريا الرومانية أي أنطاكية ، قتل العوام خلالها أنسطاسيوس الثاني بطريرك المدينة بعد أن " تفننوا في تعذيبه " ، وقد ذكر بعض المؤرخين القدماء أمثال : ثيوفانس والمعاصرين أمثال أسد رستم ، أنّ اليهود المحليين كان لهم يد في تدبير ثورة أنطاكية ومحاولة أخرى شبيهة في صور؛ وقد سقطت المدينة في ربيع 611 م - بيد الفرس أنفسهم بعد حصار طويل ، فبسط الساسانيون ، بذلك سيطرتهم على سوريا الشمالية كلّها ، وتابعوا سيرهم نحو دمشق في الجنوب.
وفي عام 608 م - تخلى هرقل الأكبر ، والد الإمبراطور هرقل والنائب الإمبراطوري على أفريقيا عن دعمه للإمبراطور فوقاس ، وأرسل إبن عمه الأصغر نيكيتاس إلى مصر ، فملكها بحلول عام 609م - هازمًا السلطة الموالية للإمبراطور فوقاس فيها، - وفي ذات الوقت - أوفد إبنه الأكبر هرقل مع أسطول صغير إلى العاصمة عن طريق صقلية وقبرص.
عملة معدنية من عهد الإمبراطور هرقل
قبل وصوله إلى العاصمة ، أجرى هرقل إتصالات مع قادة بارزين في الجيش مخططًا للإطاحة بالحكم القائم في المدينة ، وإذ والاه عدد من كبار الضباط ، توّج إمبراطورًا حال وصوله إلى المدينة ، دون مقاومة جدية من قبل المقاومين للإمبراطور فوقاس ، وحينما إلتقى الإمبراطور المتوّج هرقل بسلفه فوقاس ، أمر بقطع رأسه ، وقطع أعضائه التناسلية ، كعقوبة على إغتصاب فوقاس لزوجة فوتيوس ، أحد سياسي القسطنطينية البارزين.
بعد مقتل فوقاس ، وفي 5 أكتوبر 610 م ، تُوِّجَ هرقل للمرة الثانية في كنيسة القديس إسطفان داخل القصر الإمبراطوري في العاصمة ، وتزوج من فابيا التي إتخذت إسم الإمبراطورة إيدوكيا ؛ وبعد وفاتها عام 612 م - تزوج من ابنة أخته مارتينا عام 613 م ، ولكون الزواج محظورًا تراجعت شعبية هرقل بين الشعب ، ورغم الكراهية الواسعة النطاق التي واجه بها الشعب مارتينا ، ورغم ضغوط البطريرك سرجيوس لحلّ زواجه منها ، إلا أن هرقل بقي متزوجًا بها ، ومصطحبًا إياها في جميع حملاته العسكرية .
لوحة توضح مصرع كسرى الثاني من الشاهنامه الفارسية تأليف أبو قاسم الفردوسي
[ القرن السادس عشر الميلادي ]
في غُمرة القلاقل داخل العاصمة إثر تقهقر الجيش البيزنطي ، وأراد هرقل نقل العاصمة إلى قرطاج ، بعيدًا عن الخطر الفارسي ، غير أن بطريرك العاصمة " سرجيوس " ، أقنعه بكون المدينة محمية لأسوارها المرتفعة وموقعها الحصين. وفي أعقاب الهزيمة على أسوار أنطاكية ، بدأ هرقل بمفاوضة الفرس على عقد إتفاق سلام مقابل ضريبة سنوية مقدارها ألف قطعة من الذهب ، وألف من الفضة ، وألف ثوب من الحرير ، وألف حصان ، وألف عذراء ، تؤدى سنويًا إلى ملك الفرس ؛ وقد دفعت الكنيسة من ثرواتها معظم الضريبة.
ولقد حقق السلام للإمبراطور الفرصة لإعادة بناء جيشه ، وأدخل إصلاحات على النظامين العسكري والزراعي ، ومكّن الجند من إمتلاك الأراضي إن قاموا بإستصلاحها ، وبذلك وسّع مساحة الأراضي المزروعة ، وجعل للجندي مصلحة شخصية في الدفاع عن الأرض والدولة ، وساهمت الكنيسة في عملية الإصلاح ، إذ تنازلت عن مجمل ثروتها لصالح الدولة ، التي أعادت بدورها ترشيد النفقات محولة أغلبها للجهد العسكري ، كما قاك هرقل بإعادة صك وضبط العملة.
في 5 أبريل 622 م - غادر هرقل العاصمة تاركًا إياها تحت إدارة البطريرك ، ووصاية إبنه ، وتوجه بالجيش إلى آسيا الصغرى بدءًا من بيثينية ، وفيها أضفى على الحرب صيغة الحرب المقدسة ، وإتخذ من وجه المسيح شعارًا لجيشه ؛ ومن آسيا الصغرى سار هرقل نحو أرمينيا ، وفيها كسر الجيش الفارسي في معركة فاصلة ، ما مكنه من تثبيت ملكه في أرمينيا ، ليعود بعدها إلى القسطنطينية لتموين الجيش ؛ وفي ربيع العام التالي 623م - إستأنف هرقل الهجوم ، فدخل أذربيجان ، وطلب تبريز عاصمة الإمبراطورية الساسانية فملكها بعد حصار هرب خلاله كسرى الثاني وحاشيته إلى قسطيفون ، وأحرق بعد دخلها معبد النار المجوسي فيها ، وإضطر للعودة إلى آسيا الصغرى خوفًا من حركة التفافية يقوم بها الفرس بقيادة شهربراز أو شاهين أو كلاهما ، وإستغلّ سلسلة الإنتصارات في تعبئة المزيد من القبائل المعادية للفرس والمسيحية في الغالب في منطقة القوقاز ، لتكون خطوته التالية إطلاق الجولة الرابعة للحرب من القسطنطينية في 25 مارس 624 م - مُنطلقاً مع زوجته وابنيه نحو نيقوميديا ، حيث إحتفل بعيد الفصح في 15 أبريل ، ومنها اتجه إلى القوقاز حيث كسب سلسلة معارك ضد جيش كسرى الثاني ، وحاول الفرس ثني الإمبراطور عن التقدم بدعمهم حصار السلاف للقسطنطينية ، غير أن الحصار فشل ، وإنسحب في العام نفسه ؛ وفي الجولة الخامسة من الحرب تحالف هرقل مع قبائل الخزر التركية وتمكن من دخول تبليسي ، ومناطق بحر قزوين ، وبنتيجة التقدم البيزنطي قرر كسرى إعدام قائد جيوشه شهربراز أواخر عام 627 م .
وقد قضى هرقل شتائه في أرمينيا ، ومنها اتجه نحو شمال العراق متحالفًا مع القبائل، وفي وادي الزاب حصلت معركة نينوى الفاصلة على جبهة بلاد ما بين النهرين في 12 ديسمبر 628 م - والتي هزم فيها الفرس شرّ هزيمة ، وسقطت في أعقابها قطسيفون عاصمة الدولة بيد هرقل ، مستعيدًا الأسلحة التي سيطر عليها الفرس خلال مرحلة إنتصاراتهم من جهة ، ومُحررًا آلافًا من رعايا الإمبراطورية الأسرى في البلاط الفارسي من جهة ثانية.
صورة توضح إستخدام جيوش الروم في عهد الإمبراطور هرقل للمدافع النارية لأول مرة في المعارك ضد جيوش الفُرس
ونتيجة الهزائم المتتالية ، حصل إنقلاب في البلاط الفارسي ، فخُلع الملك كسرى الثاني ، وقُتل على يد إبنه قباز شيرويه في 28 فبراير 628م ، ثم طلب عقد السلام مع هرقل ، فقبل هرقل بشرط العودة إلى حدود ما قبل الحرب الفارسية الرومانية الأولى ، وإطلاق سراح جميع الأسرى ، وإرجاع الصليب لعهدة الدولة البيزنطية في القدس ، فقبل شيرويه ، وأقرت الإتفاقية السلام في يونيو 629 م بكل الأحوال ، فبعد عدة أشهر ، توفي شيرويه ، ودخلت الإمبراطورية الفارسية في حرب أهلية حول خلافة العرش. وبتدخل من هرقل ، تم الأمر في عام 632 م ، ليزدجرد الثالث حفيد كسرى الثاني ، وبذلك غداً ، هرقل وصيًا على عرش فارس.
دخول هرقل القدس وإستعادة خشبة الصليب المقدس
بعد أن تقلّد هرقل منصب الإمبراطور ، كتب إلى كسرى بزوال سبب الحرب وداعيًا إلى السلام ، فرفض كسرى ، وجرّد حملة عسكرية أخرى على سوريا ، فأوفد الإمبراطور جيشين الأول بقيادة فيليبيقوس نحو كيليكيا والثاني بقيادته مع أخيه " ثيؤدسيوس " ، وذلك من أجل إستعادة أنطاكية عاصمة سوريا الرومانية من الحكم الفارسي ، غير أن جيش هرقل كٌسر ، وهزم في هذه المعركة ، وهو ما لترسيخ سيطرة الفرس على المدينة ، ومعها اللاذقية ، وطرطوس ولبنان ، وإكتساح الجيش الفارسي للحاميات البيزنطية حيثما وجدت بدءًا من حمص ، ثم دمشق التي نهبت عام 613 م ، وقتل الفرس عُشر سكانها بمساعدة من اليهود المحليين أيضًا ، وسار الجيش بعدها جنوبًا نحو فلسطين ، فدخل القدس عام 614 م - بعد حصار دام عشرين يومًا ، هدموا خلالها كنيسة القيامة وسلبوا " الصليب الحقيقي " ، وقتلوا من سكانها حسب بعض المصادر سبعة وخمسين ألفًا، وأسروا خمسة وثلاثين ألفًا ؛ وفي ربيع 617م - حاصر الفرس بقيادة شهر براز الإسكندرية ، وبسطوا سيطرتهم تدريجيًا على مصر ، ما أدى إلى انقطاع القمح عن العاصمة ، وبحلول منتصف عام 621 م - كانت مصر بأكملها في أيديهم.
هرقل يدخل أورشليم بعد إنتصاره على الفرس وهو يحمل خشبة الصليب المقدس
واقعة الإنقسام داخل الكنيسة
في المسائل الدينية ، يُذكر هرقل كقوة دافعة لنشر المسيحية في البلقان ، وبناءً على طلبه أرسل البابا يوحنا الرابع معلمين ومبشرين مسيحيين إلى مقدونيا وكرواتيا ، كما حاول إصلاح الصراع الحاصل في المجتمع والكنيسة حول مجمع خلقيدونية عن طريق اقتراحه الصيغة المونوثيلية ، إلا أنه فشل في ذلك ؛ وتُشير المصادر الإسلامية إلى وجود رسالة من النبي محمد إلى هرقل ، يدعوه فيها إلى الدخول في دين الإسلام.
بعد تحقيقه الإنتصار على الفرس الساسانيين ، أدرك هرقل كما سلفه يوستينيان الأول من قبل ، أهمية حل الخلاف حول مجمع خلقيدونية حفاظًا على وحدة الإمبراطورية ولرأب الصدع الكبير الذي طرأ على المجتمع بنتيجتها والذي وصف " بأكبر صدع طرأ على الإمبراطورية البيزنطية وأشده خطورة " ؛ كان الخلاف حول مجمع خلقيدونية منذ عام 450 م - يتعلق بين القائلين بأنّ " في المسيح طبيعتان متحدتان في شخص واحد" ، وبين القائلين " بأن شخص المسيح ذي طبيعة واحدة من جوهرين أو طبعين مختفلين " ، وكانت الصيغة الأولى قد أقرت في مجمع خلقيدونية ودعمها كرسي روما والقسطنطينية ، والملكيون في أنطاكية ، والإسكندرية ، وأقلية من السريان ، والصيغة الثانية ، تمسك بها رافضو المجمع الخليقدوني ، ودعمتها غالبية السريان والأقباط والأحباش والأرمن.وعلى الرغم من مناقشة قضية الإرادة الواحدة أو المشيئة الواحدة في المسيح من قبل عدد من اللاهوتيين في القرن السادس ، إلا أنه من غير المعروف على وجه الدقة المصدر الذي إستقى منه هرقل ومعه سرجيوس بطريرك العا صمة بين عامي 610 و638 م ، فكرة التعليم الجديد بشكل مباشر ، وينصّ على القول بمشيئة واحدة في المسيح ، أي " إن طبيعة المسيح المتحدان في مشيئة واحدة ، وشخص واحد بعد الإتحاد " ، بمعنى آخر " إن الطبع البشري والطبع الإلهي في المسيح قد أفضت نتيجة اتحادهما إلى مشيئة واحدة أو قدرة واحدة " ، وحسب تعرف اللاهوتي الألماني أدولف هارباك : " إن طبيعتا المسيح أديا النتيجة نفسها عن طريق قدرة إلهية بشرية واحدة " ، وكان القديس كيرلس الإسكندري ، كان قد ذَكًر في معرض تفسيره الفصل الرابع من إنجيل يوحنا أن " المسيح أظهر مشيئة واحدة متجانسة نتيجة إتحاد طبيعتيه ".
في النهاية - أصدر الإمبراطور هرقل مرسومًا إمبراطوريًا بتبني المونوثيلية كعقيدة رسمية في الدولة ، ونصّ المرسوم الإمبراطورية على القبول بمجمع خلقيدونية وشرعية إنعقاده ، وقد إعتمدت عدة كنائس ، ومنها روما والقسطنطينية هذا التعريف ، في حين رفضته أقلية من اللاهوتيين ، ذوي النفوذ في الجانب الخلقيدوني - ومنهم القديس صفرونيوس بطريرك القدس اللاحق (633 م - 634 م ) ، و " مكسيموس المعترف " ـ الذي دافع عن القول بالمشيئتين في المسيح .
أما الرفض الأكبر - والذي أجهض مساعي الإمبراطور التوحيدية - فعليًا - فقد كان أثناسيوس الجمٌال ، بطريرك غير الخلقيدونيين في سوريا ، وذلك ليس رفضًا للمشيئة الواحدة بحد ذاتها بل رفضًا لصيغة الطبيعتين بعد الإتحاد ؛ على الرغم أنه يسود الإعتقاد بين عدد من المؤرخين ، ومنهم يوهانس وسهايم بأن الإمبراطور ما كان ليجترح الصيغة الجديدة ، لو لم يوح له المناوئون لمجمع خلقيدونية ، أنهم قد يقتنعون بقبول مجمع خلقيدونية ، إن إعترف الخلقيدونيون ، بأنه لم تكن في المسيح بعد إتحاد طبعيه سوى مشيئة واحدة ، وفعل إرادي واحد ، خصوصًا بعد لقاء هرقل مع البطريرك الجمّال في منبج عام 631 م - حيث فاوضه على الاعتراف بالمشيئة والمجمع الخليقدوني مقابل الاعتراف به بطريركًا موحدًا لأنطاكية.
وقد أدى رفض أصحاب الطبيعة الواحدة للمرسوم الإمبراطوري ، لإثارة قلاقل في الرها ومنبج وحمص - لاسيّما بعد صدور مرسوم آخر - بجدع أنف ، ومصادرة أملاك كل من يرفض شرعية الإعتراف بمجمع خلقيدونية ، وهي رواية ضعيفة عند بعض المؤرخين المعاصرين - أمثال أسد رستم - ولم يذكرها من القدماء ، سوى أبي فرج إبن العبري وديونيسيوس التلمحري.
وعلى الرغم من الإجراءات الإمبراطورية السابقة لنشر عقيدة المشيئة الواحدة والتي أرفقها الإمبراطور بزيارة سوريا حتى دير مارون قرب حماة عام 628م - على ما يذكره سعيد بن البطريق ، ولقاءه كاثوليكوس الأرمن في قبرص ، والذي قبل بالصيغة تمامًا كرغبة الإمبراطور ، فإنه وبعد وفاته سرعان ما أخذت الكنيسة الجامعة ترتد عنها بوصفها هرطقة ، فرفضتها روما أولاً في عام 649 م ، ثم رفضها مجمع القسطنطينية الثالث نهائيًا في عام 680 م ، وأقرّ صيغة المشيئتين في المسيح " إن الإعتراف بطبيعتين في المسيح ، كما في المجمع الرابع ، يستلزم منطقيًا الإقرار بمشيئتين في المسيح ، كما في المجمع السادس " .
بداية ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية
خريطة توضح تقدم الجيوش العربية الإسلامية صوب أهدافها
مقدمة
بحلول عام 629 م ، كان محمداً [ صاحب الشريعة الإسلامية ومشترعها ] ، قد تمكّن من توحيد قبائل شبه الجزيرة العربية في دين واحد هو الإسلام ، ودولة واحدة مركزها في المدينة المنورة ، لتشكل قوّة ثالثة في الشرق الأوسط منافسة ومن ثم وارثة للقوتين الكبيرتين ، والمتنازعتين في حروب متكررة - أي الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية.
بداية صراع الإمبراطور هرقل والجيوش الإسلامية
ولقد كانت المعركة الأولى بين القوتين " البيزنطية " ، و " الإسلامية " ، في معركة مؤتة في شهر سبتمبر 629 م - قامت بها قوّات صغيرة من طرف المسلمين ، وتَمَكن جند ولاية العربية من صَد الهجوم ؛ ولكون المعركة قد أفضت لإنتصار بيزنطي بجند قليل العدد لم يكن هناك من سبب واضح لإستجلاب تعزيزات عسكرية إلى حدود الإمبراطورية الجنوبية من ناحية ، ومن ناحية ثانية ، فإن حدود الدولة الجنوبية ، كانت قد إعتادت على غارات البدو الرحل طلبًا للسلب والنهب.
في العام التالي - أي 630 م - أطلق المسلمون غارات على وادي عربة والكرك ، وغارات أخرى على النقب وحتى غزة ، بكل الأحوال ، فلم يكن هناك من رغبة جدية في القتال مع البيزنطيين ، لدى قسم واسع من سكان هذه المناطق.
بعد نهاية حروب الردة في الجزيرة العربية ، عادت أنظار الخلافة الراشدة نحو الهلال الخصيب ، فأوفدوا ثلاثة ألوية إتجاه الهلال الخصيب من ناحيتي العراق وسوريا ؛ كان هرقل حينها قد شاخ ، ولم يًقُد الجيش بنفسه على الرغم من مشاركته في وضع إستراتيجية الدفاع عن الإمبراطورية والمعارك التي تخوضها ؛ بكل الأحوال ، خلال السنوات الثلاث التالية خسر هرقل جميع أملاكه في الهلال الخصيب ، وإنهارت سوريا الرومانية - لاسيّما - بعد معركة اليرموك عام 636 م ـ والتي شكلت هزيمة ساحقة للجيش البيزنطي ؛ وعند وفاة هرقل في 11 فبراير 641 م ، كانت غالبية مصر ، قد سقطت - بيد الفاتحين الجدد ؛ وقد ذكرت مراجع إسلامية متأخرة في الزمن أمثال الطبري ، أن هرقل قد تنبأ " بظهور مملكة جديدة ، ستكون منتصرة على كل أعدائها " ] .
حصن بابليون والذي إعتبر قلعة حربية رومانية حصينة دافع من خلالها الرومان عن مصر ضد هجمات العرب المسلمين
نص الرسالة التي أرسلها محمد صاحب الشريعة الإسلامية إلى هرقل إمبراطور الروم
إنجازت الإمبراطور هرقل على طريق الإصلاح
بتحليل فترة حكم هرقل ، إعترف المؤرخون له بالعديد من الإنجازات على صعيد إنقاذ الإمبراطورية من حالة الفوضى ، والترهل التي كانت تمرّ بها من ناحية ؛ وانتصاره على الفرس ، ودحره كسرى الثاني عن حدود العاصمة ، وإستعادة أملاكه في الشرق من ناحية ثانية ، وإقرار إصلاحات في البنية المالية والإدارية للدولة ، مؤسسًا بذلك السُلالة الهراقلية التي إستمرت في حكم الإمبراطورية حتى عهد جستنيان الثاني عام 711م - أحد أهم إنجازات هرقل ، كان الإعتراف باللغة اليونانية ، كلغة رسمية للإمبراطورية البيزنطية في عام 620م - بدلاً عن اللغة اللاتينية ؛ وتبادله بعثات دبلوماسية مع شعوب الصرب والكروات ، وتحوّل سكان مقدونيا إلى المسيحية بشكل كامل حوالي عام 626 م - بعد أن طلبوا من هرقل ، إيفاد رجال كنسيٌين لنشر الديانة وتعميدهم ، وهو ما تمّ بعد أن نسّق هرقل مع البابا يوحنا الرابع في إرسال مُبشرين لمناطق السلاف والكروات والمقدونيين.
هذا - إلى جانب الإصلاحات الزراعية ، وتمليك الفلاحين للأراضي البور إن قاموا بإستصلاحاتها ، كذلك فقد أنشأ هرقل جهازًا حكوميًا موحدًا لصك ، وضبط العملة ، ويعود وضع التقسيمات الإدارية الجديدة للإمبراطورية البيزنطية ، والمعروفة باسم الثيمة ، وإن كان بعض المؤرخين الحديثين ، كانوا قد أعادوا نظام الثيمات لعهد خلفه كونستانس الثاني ؛ وإن فشل في حل الخلاف الديني حول مجمع خلقيدونية عن طريق المونوثيلية ، فقد نجح بإعادة الصليب الحقيقي ، أحد أهم المقدسات المسيحية إلى القدس.بعد إنتصاره على الفرس ، إتخذ هرقل لنفسه لقب " ملك الملوك " ، وهو اللقب التقليدي لملوك فارس ؛ وبدءًا من عام 629 م ، أضاف لألقابه لقب باسيليوس الكلمة اليونانية التي تفيد معنى السيادة والإستقلال ، واستمرّ استخدام هذا اللقب من قبل الأباطرة الرومان خلال القرون الثمانية التالية ؛ يرى البعض المؤرخين أن اختيار اللقب جاء من قبل هرقل تخليدًا لإنتصاراته ، كما فعل سلفه أغسطس قيصر ، البعض الآخر يعزو اللقب إلى أصوله الأرمنية .
تمثال الإمبراطور هرقل
الإمبراطور هرقل في التراث الغربي
لقد نظر التراث الغربي خلال القرون الوسطى وما بعدها إلى هرقل ، بوصفه أحد أشجع الأباطرة وأقواهم ، لتحقيقه النصر على الإمبراطورية الفارسية بشكل حاسم وقضائه على حالة الترهل والإنحطاط الذين عانته الدولة في عهد سِلفه فوقاس ؛ ورغم خسارته سوريا الرومانية ، فقد تمكنت جيوش هرقل من صد تقدّم جيش الخلافة الراشدة في الأناضول ، وكذلك فقد حفظ السيادة البيزنطية على قرطاج ، وولاية أفريقيا لنحو ستين عامًا أخرى ، لنظرة الثانية للملك هرقل في التراث الغربي ، كانت من بعض الجهات الأكثر اهتمامًا باللاهوت والفلسفة - بوصفه هرطوقيًا - نتيجة دعمه ، ونشره لصيغة المونوثيلية كحل وسط بين مؤيدي ومعأرضي مجمع خلقيدونية ، التي أدينت في مجمع القسطنطينية الثالث بوصفها هرطقة ؛ غير أن النظرة الدينية الغالبة للإمبراطور كانت ملائمة وداعمة من خلال النظر إليه مقرونًا بقسطنطين الكبير وأمه الإمبراطورة هيلانة ، كمحافظ ، ومُعيد للصليب الذي سلبه الفرس من القدس ، إلى المقر الملكي الفارسي في دستجرد بالقرب من بغداد حاليًا ، مودعين إياه زوجة كسرى الثاني شيرين والتي إحتفظت به حتى 629 م ، حين نصّت معاهدة السلام مع الفرس على إعادته موقعه في القدس ، فنقل الصليب بموكب إحتفالي عبر مدن الهلال الخصيٌب ، ونصب في مكانه في القدس يوم 21 مارس 630 م ، وقد حفظت رواية نقل الصليب في " الأسطورة الذهبية " ، وفي " تاريخ الصليب الحقيقي " ، وهي روايات شعبية بإطار تاريخي ، إنتشرت في أوروبا ، وإزدهرت خلال القرن الثالث عشر فما بعد.
ويظهر هرقل أيضًا في عدد من أعمال عصر النهضة الفنية ، ولعلّ أهمها جدارية " تاريخ الصليب - لبيير يدلا فرانسيسكا في إيطاليا " ، والتي قام آدم إليثمير برسم مثيل لها في فرانكفورت ، والمؤرخ إدوارد جيبون في كتابه " إنحدار وسقوط الإمبراطورية الرومانية " - كتب عن هرقل بوصفه " رجل إستثنائي ، وغير قابل للتكرار ، قضى عهده الطويل في حل المشاكل التي واجهت الدولة البيزنطية وإزالة الضغوط عليها ، خصوصًا تلك المشكلات التي تهم عامة الشعب " ، ومن ناحية عسكرية يضيف غابون بأنه " من أيام هنيبعل ، لم تشهد الإمبراطورية الرومانية قائدًا عسكريًا كهرقل ".
وفاة الإمبراطور هرقل الأكبر
بعد أن قضى على عرش الإمبراطورية الرومانية أكثر من ثلاثون عاماً ، توفي الإمبراطور " هرقل " في فبراير من عام 641 م .
الإمبراطور هرقل في التراث العربي الإسلامي
يُعتبر " هرقل " من أكثر الأباطرة والشخصيات الغربية التي ورد ذكرها في مدونات المؤرخين العرب والمُسلمين ، ومُدحت بها في التراث العربي الإسلامي ، وخلّدت إنتصاراته على الفرس في القرآن بشكل غير مباشر ضمن الآيات الأولى من سورة الروم ، التي تزلت طبقًا للتقاليد الإسلامية حين كان محمداً لا يزال في مكة ، حين تمكن كسرى الثاني من هزيمة البيزنطيين ، ومبشرة بإنتصار ساحق للإمبراطورية البيزنطية ، وهو ما تم في عام 629 م ، وقد توسع مفسري القرآن في شرحها وتبيانها .كذلك ، فقد ذكر هرقل في كل من الحديث الشريف والسيرة النبوية.
خارج المصادر الإسلامية الداخلية - لا يوجد مصدر تاريخي يفيد بأن هرقل قد سمع عن الإسلام أو محمداً صاحب الشريعة ومشترعها شيئًا ، ولربما نظر مستشاريه ، ورجال البلاط للدعوة الإسلامية بوصفها نوعًا من أنواع اليهودية الجديدة ، خلال معارك سوريا.
وفي ختام حديثنا في هذا الصدد - نستطيع القول بأن جُملة المصادر الإسلامية تفيد بأن ضمن رسائل محمداً هناك رسالة إلى هرقل ، دعاه فيها إلى الإسلام ، وهناك بعض من المؤرخين المسلمين اللاحقين ، كانوا قد وجدوا أن هرقل أرسل جوابًا على الرسالة معترفًا بنبوة محمد : " لقد إستقبلت رسالتك مع المبعوث ، وإعترف أنك رسول الله المذكور لدينا في العهد الجديد ، إن عيسى بن مريم قد بشّر بك " ، ثم أبلغ سكان الإمبراطورية بذلك ، وإذ خشي ثورتهم تراجع ، معلنًا أنه كان يختبر إيمانهم بالمسيح فحسب.
كما أن هناك روايات أخرى ، تفيد بأن هرقل شاهد حلمًا حول " مملكة يقودها رجل مختون ، وتنتصر على جميع أعدائها " ؛ ياقوت الحموي في القرن الثاني عشر وضع على لسان هرقل عبارة " وداعًا يا سوريا الجميلة ، وداعًا لا لقاء بعده " ، بعد هزيمة جيشه في معركة اليرموك ، رغم أن هرقل لم يكن في سوريا عند فتوح الشام ؛ أما إبن كثير في القرن الرابع عشر أيضًا وصف هرقل بكونه " أكثر الرجال قوة وحكمة " وقال أنه " أدار الإمبراطورية بكل روح قيادية " ؛ أما في كينيا ، فقد إكتشف باللغة السواحيلية في عام 1728م - مخطوط يدعى " كتاب هرقل " ، يؤرخ حسب السير الشعبية لمعارك الإمبراطور هرقل ، وإنتصاراته على الفرس ، وعلاقته بالإسلام الناشئ أيضًا.
إرسال تعليق