أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

الاباطرة المسيحيون | قسطنطين الكبير | الثالث في الاباطرة المسيحيين | اباطرة القرن الرابع الميلادي



تاريخ مصر في عصور الإحتلال
ثانياً - مصر في العصر الروماني


[ توضيح لقارئ هذا الفصل ]
لقد سبق الإمبراطور قسطنطين الكبير في الدخول في الإيمان المسيحي ، من الأباطرة الرومان – إثنين من الأباطرة هما  :

الإمبراطور فيليب العربي
الإمبراطور الروماني : فيليب العربي [ 247 م - 249م ] – والذي يُعتبر أول إمبراطور مسيحي في تاريخ الأباطرة الرومان ، وقد إعتنق المسيحية قبل مقتله على يد القائد الروماني " ديسيوس " - في سنة 249 م ، والذي إضطهد المسيحية بعد إعتلاءه عرش الإمبراطورية في ذات العام .

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/blog-post_42.html
الإمبراطور فيليب العربي

الإمبراطور دقلديانوس
الإمبراطور الروماني : دقلديانوس [ 284 م - 305 م ] – أعظم من إضطهد المسيحية في التاريخ ، وقد نال المعمودية في المنفي أثناء مرضه الأخير ـ وقبل وفاته بأيام قليلة .


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/blog-post_42.html
الإمبراطور دقلديانوس


51 - الإمبراطور قنسطنطين الأول - I Constantinus 
313 م - 337 م

مقدمة
هو قسطنطين الأول ( 27 فبراير 272 - 22 مايو 337 ) م
ويُنطق الإسم بالكامل : گايوس فلاڤيوس ڤالريوس أوريليوس قنسطنطينوس.
وباللاتينية Constantinus Gaius Flavius Valerius Aurelius.
ويُلقب أيضاً بـعدة ألقاب هي : ( قسطنطين العظيم ، وقسطنطين الأول ، وقسطنطين الكبير ).


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/blog-post_42.html
الإمبراطور قسطنطين الكبير - Constantinus


ولقد كان حكم قسطنطين ، هو بمثابة ، نقطة تحول في تاريخ المسيحية.
ففي عام 313 ميلادية ، أصدر الإمبراطور قسطنطين مرسوم ميلانو الذي أعلن فيه إلغاء العقوبات المفروضة على من يعتنق المسيحية ، وأعاد حقوق الملكية إلى الكنائس ، والتي كانت مسلوبة منها منذ عصور الإضطهاد - وبذلك - إنتهى عصر الإضطهاد ، وتبددت مخاوف الكنيسة المسيحية في ربوع الإمبراطورية الرومانية ، والتي إستمرت على مدار أكثر من قرنين من الزمان.
هذا - وهناك خلاف بين الباحثين إذا ما كان قسطنطين ، قد إعتنق المسيحية في شبابه تحت تأثير أمه هيلانة - أم أنه تبنى المسيحية تدريجياً خلال حياته.
بالإضافة إلى ذلك كان قسطنطين قد دُعى إلى عقد مجمع نيقية ، المجمع المسكوني الأول عام 325م ، وفي عام 324 م - أعلم قراره بتحويل بيزنطة إلى روما الجديدة.
وقد قام عام 330م بإعلانها عاصمة رسمية للإمبراطورية الرومانية.
وقد تم تغيير إسم المدينة إلى القسطنطينية - على اسمه - بعد موت قسطنطين عام 337م .
ولقد كانت القسطنطينية - هي أول مدينة مسيحية في العالم ، ولم يسمح بها ببناء معابد وثنية وستبقى عاصمة الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 1453م ، حين فتحها العثمانيون ، وتم تغيير إسمها إلى إسطانبول عام 1930م.

المولد والنشأة الأولى والحياة العائلية
ولد قسطنطين في نايسوس ( حيث تقع اليوم نيس في صربيا ) ، في عام 272 م أو 273م . وكان والده كان الجنرال الروماني قسطنطين كلوروس ووالدته كانت هيلانة. 
وقد تزوج قسطنطين مرتين ، الأولى هي : منيرفينا Minervina - التي رزق منها بإبنه كرسبس - Cripus ؛ والثانية وهي : فوستا Fausta - ، إبنة مكسيميان ، والتي رزق منها بثلاثة بنين وثلاث بنات ، وأصبح كرسبس جُندياً ممتازاً ، وكان نعم العون لأبيه في حروبه ، ضد ليسنيوس في عام 326 م ، قُتل كرسبس بأمر قسطنطين ؛ وأمر الإمبراطور حــوالي ذلك الوقت نفسه ، بقتل ليسنيانس بن ليسنيوس من قسطنطيا
- أخت قسطنطين ؛ وبعد قليل من ذلك الوقت أُعدمت فوستا بأمر زوجها.
ولسنا نعرف سبب مقتل هؤلاء الثلاثة ، غير أن زوسمس - Zosimus ، يؤكد لنا أن كرسبس غازل فوستا ، وإنها شكته إلى الإمبراطور ، وكانت هيلانه ، كانت شديدة الحب لكرسبس ، إنتقمت لموته ، بأن أقنعت قسطنطين أن زوجته قد إستسلمت لولده ، ولكن الأرجح من هذا كله أن فوستا عملت على أن تبعد كرسبس من طريق ابنها الذي كانت تريده وارثاً لعرش الإمبراطوريّة ، وربما كان مقتل ليسنيانس ، أنه كان يحيك المؤامرات ليحصل على نصيب أبيه في الدولة.
وقد نالت فوستا بغيتها ، ولكن بعد موتها ؛ ذلك بأن قسطنطين أوصى في عام 335 م ، بأن تقسم الإمبراطوريّة بين مَن كان حياً من أولاده وأولاد أخته ، وبعد سنتين من ذلك الوقت ، إحتفل في يوم عيد القيامة بمرور ثلاثين عاماً من حكمه ، وأحس بعد ذلك بدنو أجله ، فذهب ليستحم في الحمّامات الحارة في أكويريون Aqurion القريبة من القسطنطينية.

الإمبراطور قسطنطين الكبير

السِمَات الشخصية للإمبراطور قسطنطين الكبير
لقد كان قسطنطين قائداً بارعاً ، وإدارياً عظيماً ، وسياسياً لا يشق له في شئون الحكم غبار ، ورث الأعمال التي كان يبغي بها دقلديانوس إعادة الدولة إلى سابق عهدها وأتمها ؛ وبفضله طال عُمر الإمبراطوريّة 150 عاماً ، وقد واصل أنماط الحكم الملكي المطلق التي سار عليها أورليان ودقلديانوس ، مدفوعاً إلى هذا بأطماعه وكبريائه وباعتقاده أن الحكم المطلق هو العلاج الذي تتطلبه الفوضى السائدة في ذلك الوقت ، وكان أكبر أخطائه تقسيمه الإمبراطوريّة بين أبنائه ؛ ولعله قد تنبأ بأن هؤلاء الأبناء سيتنازعون فيما بينهم ، يريد كل منهم أن ينفرد بالملك ، كما فعل هو من قبل ، ولكنه ظن أنهم سيتقاتلون حتماً إذا إختار وارثاً للملك غيرهم ؛ وهذا أيضاً هو الثمن الذي تبتاع به الملكية المطلقة.
أما أوامره التي أصدرها بالإعدام ، فليس في مقدورنا ، أن نصدر حكماً صحيحاً عليها لأننا لا نعرف أسبابها.
وربما كانت مشاكل الحكم وأعباءه الثقيلة قد ناءت به ، فتغلبت المخاوف والغيرة على العقل والحكمة إلى حين ، وإن لدينا الشواهد على أنه في سنيه الأخيرة ، قد ندم أشد الندم على ما فعل.
ويبدو أن عقيدته المسيحية ، التي كانت في بدايتها خطة سياسية ، قد إستحالت بالتدريج إلى إيمان صحيح إستمسك به بإخلاص ، وأصبح أكثر المُبشرين في دولته مثابرة على عمله، واضطهد الملاحدة إضطهاد المؤمن المخلص لدينه ، وكان يعتمد على الله في كل خطوة يخطوها.
وقد وهب الإمبراطوريّة الهرمة حياة جديدة بأن ربط بينها وبين دين فتي ، ونظام قوي ، ومبادئ أخلاقية جديدة ، وكان في عمله هذا أعظم حكمة من دقلديانوس.
وبفضل معونته أضحت المسيحية دولة وديناً ، وأمست هي القالب الذي صبت فيه الحياة الأدبية والفكر الأوروبي مدى أربعة عشر عاماً ، ولعل الكنيسة التي رأت أن تشكر له فضله عليها ، كانت مُحقة حين لقبته بلقب : [ أعظم الأباطرة الرومان ] ، إذا إستثنينا أغسطس وحده.

التدرج في سلك الجندية
لم يتلقَ قسطنطين من العلم إلا قليلاً ، فقد إنخرط في سلك الجندية في سن مبكرة ، وأظهر بسالته في الحروب التي قامت ضد مصر وفارس ، ولما خلف جليريوس - الإمبراطور دقلديانوس ، أبقى الضابط الشاب بالقرب منه ليكون رهينة لديه يضمن به حسن مسلك قنسطنطيوس.

الإمبراطور قسطنطين الكبير

ولما طلب إليه قنسطنطيوس أن يرسل إليه الشاب ، تلكأ جليريوس في إجابته إلى طلبه ، وأظهر في ذلك كثيراً من الدهاء ، ولكن قسطنطين فر من حراسه ؛ وإخترق أوروبا راكباً ليلاً ونهاراً ، لينضم إلى أبيه في بولوني Boulogne ، ويشترك معه في حربه ضد بريطانيا.
وكان جيش غالة شديد الولاء لقنسطنطيوس ، لما كان يتصف به من الرحمة ، ولما أبصر إبنه الوسيم ، الشجاع ، النشط ، أحبه حباً جماً.

قسطنطين وإرتقاء عرش الإمبراطورية الرومانية
لما مات والد قسطنطين في يورك ؛ لم يكتفِ الجند بأن ينادوا قسطنطين "قيصراً" فحسب ، بل نادوا به أغسطساً - إمبراطوراً.
ولكنه رضي بأصغر اللقبين ، بحجة أنه لن يأمن على حياته إذا لم يكن وراءه جيش يحميه ، ولم يستطع جليريوس أن يتدخل في الأمر لبعده ، فإعترف به "قيصراً" وهو كاره.
وقد حارب قسطنطين الفرنجة الذين غزوا الإمبراطورية ، وإنتصر عليهم ، وأطعم وحوش المدرج الغالي ملوك البرابرة.
وفي هذه الأثناء نادى الحرس البريتوري في روما بمكسنتيوس إمبراطوراً ، لأنه كان يتوق لعودة الزعامة إلى العاصمة التليدة ، وانقضّ عليه سفيرس من ميلان وهاجمه. وضاعف مكسيميان الإضطراب والفوضى ، فعاد إلى لبس الأرجوان ، إجابة لطلب ولده ، وإشترك في الحرب التي شبت نارها وقتئذٍ.
وتخلى جنود سفيرس عنه وقتلوه ؛ وأراد جليريوس ، وكان في ذلك الوقت شيخاً طاعناً في السن أن يقوي مركزه ليواجه الفوضى ، التي أخذت تضرب أطنابها في البلاد ، فعين أغسطساً جديداً ، هو : فلافيوس ليسنيوس - Flavius Licinius ، فلما سمع قسطنطين بهذا إتخذ لنفسه أيضاً هذا اللقب ؛ وبعد سنة واحدة لقب مكسمنيوس دازا نفسه باللقب عينه ، وبهذا أصبح في الإمبراطوريّة ستة أغاطسة بدل الاثنين اللذين كانا على عهد دقلديانوس ، ولم يكتفِ واحد منهم بأن يكون قيصراً فقط.
وتنازع مكسنتيوس مع والده ، وذهب مكسميان إلى غالة ليستغيث بقسطنطين ، وقد كان وقتئذٍ يحارب الألمان على ضفاف الراين.

صك نقدي نقشت على صورة الإمبراطور قسطنطين الكبير

وقد حاول مكسميان أن يكون هو قائد الجيوش الغالية بدله ، وإخترق قسطنطين غالة بجيشه ، وحاصر المغتصب في مرسيليا ، وأَسَرَهُ ، وتفضل عليه بأن أجاز له أن ينتحر.
وقد أزال موت جليريوس الحاجز الأخير بين الدسائس والحرب ، فإئتمر عدد من قادة جيوشه - وهم : مكسمينس ومكسنتيوس للقضاء على ليسنيوس ، و قسطنطين ، وإئتمر الثانيان للقضاء على الأولين ، ورأى قسطنطين أن يكون هو البادئ بالعمل ، فعبر جبال الألب ، وهزم جيشاً لعدويه قرب تورين - Turin ، وزحف على روما بسرعة مدهشة ، ونظام عسكري يذكّران الإنسان ، بزحف قيصر من الربيكون - Rubicon ، وإلتقى في السابع والعشرين من شهر أكتوبر عام 312م ، بقوى مكسنتيوس عند سكسا ربرا - Saxa Rubra  (الصخور الحمراء) ، والتي تبعد تسعة أميال عن روما جهة الشمال ، وأفلح بخططه الحديثة الفائقة أن يرغم عدوه على أن يقاتل ونهر التيبر من ورائه ، وليس له من طريق يسلكه ، إذا تقهقر إلا أن يعبر جسر ملفيوس.

                                   
قسطنطين الكبير وعلامة الصليب
لقد حدث أن شاهد قسطنطين بعد ظهر يوماً من الأيام ، التي شهدت فيها معركة حامية الوطيس ، صليباً مُلتهباً في السماء ، وعليه تلك العبارة اليونانية En touti  mika ، ومعناها " بهذه العلامة أنتصر "
وفي صباح اليوم الثاني - كما يقول يوسبيوس ولكتنيوس رأى قسطنطين فيما يرى النائم أن صوتاً يأمره بأن يرسم جنوده حرف X على دروعهم ، وفي وسطه خط يقطعه ، وينثني حول أعلاه - علامة الصليب ، فلما إستيقظ من نومه ، صنع بما أمر ، وخاض المعركة خلف لواء "عرف من ذلك الوقت بإسم اللبارم Labarum ، رسم عليه الحرفان الأولان من لفظ المسيح يربطهما صليب.
ولعل حقيقة الأمر أن قسطنطين رأى أن يربط حظه بحظ المسيحيين حين رأى مكستنيوس يرفع لواء مثراس أورليان ، وهو لواء الشمس التي لا تقهر ، وكان عدد جنوده المسيحيين وقتئذٍ كبيراً ، وبهذا جعل هذه المعركة نقطة التحول في تاريخ الأديان.
ولم يكن الصليب يسيء إلى جنود قسطنطين  من عُبّاد مثراس ، لأنهم طالما حاربوا تحت لواء يحمل شعاراً مثراسّياً من الضوء ، ومهما يكن من شيء ، فقد إنتصر قسطنطين في واقعة جسر ملفيوس ، وهلك مكسنتيوس هو وآلاف من جنوده في نهر التيبر ، ودخل القائد الظافر روما وحبته المدينة وأصبح سيِّد الغرب بلا مُنازع.

التعاون مع ليسينيوس
وتقابل قسطنطين وليسنيوس في ميلان في أوائل عام 313 م ، لينسقا حكمهما ، وأراد أولهما أن يجعل تأييده للمسيحيين عاماً يشمل الولايات جميعها ، فأصدر هو وليسنيوس مرسوم ميلان يؤكدان فيه التسامح الديني الذي أعلنه جليريروس ووسعا نطاقه حتى شمل الأديان كلها ، ويأمران بأن يعاد إلى المسيحيين ما انتزع من أملاكهم في أثناء الاضطهاد الأخير.
وعاد قسطنطين للدفاع عن غالة ، بعد هذا الإعلان التاريخي الذي كان في واقع الأمر إعترافاً بهزيمة الوثنــــية ؛ وإتجه ليسنيــوس نحو الشرق ، لكي يَكيل الضربــــات إلى مكسمينس.
وكان مكسمينس ، قد مات بعد فترة قليلة . فأصبح قسطنطين وليسنيوس حاكمي الإمبراطوريّة لايُنازعهما فيها مُنازع ، وتزوج ليسنيوس من أخت قسطنطين ، واختبط الشعب الذي ملّ الحروب بمخايل السلام البادية في الأفق.
ولكن بعد هذه الهدنة المؤقتة كلا الحاكمين ، لم يفارقه قط أمله في أن يكون صاحب السيادة وحده على الدولة جميعها ؛ ووصل العداء المتزايد بينهما في 313 م - إلى إمتشاق الحِسَام ، فغزا قسطنطين باثونيا ، وهُزم لينسيوس ، واضطر إلى أن يسلم له جميع أملاك الدولة الرومانية في أوربا ما عدا تراقية.
وإنتقم ليسنيوس من المسيحيين المؤيدين لقسطنطين بالعودة إلى إضطهادهم في آسيا ومصر ؛ فطرد المسيحيين من قصره في نقوميديا ، وحتم على كل جندي أن يعبد الآلهة الوثنية ، وحرم إجتماع الرجال والنساء في أثناء العبادات المسيحية ، ثم حرم آخر الأمر جميع الشعائر المسيحية داخل المدينة ، وأمر بطرد مَن عصى من المسيحيين من خدمة الحكومة ، وحرمانهم من حق المواطنية ، ومن أملاكهم ، أو حريتهم أو حياتهم.

الإمبراطور قسطنطين الكبير

وقد ظل قسطنطين يترقب الفرصة التي تمكنه من إنقاذ المسيحيين في بلاد الشرق ومن إضافة الشرق نفسه إلى أملاكه ، وقد أُتيحت له هذه الفرصة حين غزا البرابرة تراقية ، وعجز ليسنيوس عن الزحف لملاقاتهم ، فسار قسطنطين على رأس جيشه إلى تسالونيكي لينقذ ولاية ليسنيوس من الغزاة ، فلما أن صد البرابرة إحتج ليسنيوس على دخوله تراقيا ، وتجددت الحرب بين الملكين لأن كليهما لم يكن يجنح للسلم.
وإلتقى حامي المسيحية ومعه 130.000 من رجاله بحامي الوثنية على رأس 160.000 في أدرنة أولاً ، ثم في كريسوبوليس - Chrysopolis (أشقودرة)، وإنتصر ، وأصبح وحده إمبراطوراً على الإمبراطورية الرومانية في سنة (323) م ، إستسلم ليسنيوس ، بعد أن وعده قسطنطين بالعفو عنه ، ولكنه أعدم في السنة الثانية متهماً بأنه عاد إلى دسائسه.
وإستدعى قسطنطين المنفيين من المسيحيين ، وأعاد إلى كل "المؤمنين" ، ما فقدوه من الإمتيازات والممتلكات ، ومع أنه كان لا يزال يُعلن أن الناس كلهم أحرار فيما يعبدون ، فقد أعلن وقتئذ صراحةً إعتناقه الدين المسيحي ، ودعا رعاياه أن ينهجوا نهجه في إعتناق الدين الجديد.


الإمبراطور قسطنطين والمسيحية
ترى هل كان قسطنطين حين إعتنق المسيحية مخلصاً في عمله هذا؟ ، وهل أقدم عليه عن عقيدة دينية ، أو هل كان ذلك العمل حركة بارعة أملتها عليه حكمته السياسية؟ أكبر الظن أن الرأي الأخير هو الصواب.
ولقد إعتنقت أمه هيلانة الدين المسيحي حين طلقها قنسطنطيوس ؛ ولعلها أفضت إلى ولدها بفضائل المسيحية ، وما من شك في أنه تأثر بما ناله من إنتصارات في المعارك الحربية التي خاض غمارها مستظلاً بلواء المسيح وصليبه ، ولكن المتشكك وحده هو الذي يحتال هذا الاحتيال على استخدام مشاعر الإنسانية الدينية لنيل أغراضه الدنيوية. ويقول صاحب كتاب : [ تاريخ أغسطسHistoria Augusta ] على لسانه : " إن الحظ وحده هو الذي يجعل الإنسان إمبراطوراً " - وإن كان قوله هذا تواضعاً منه لا اعتقاداً بسيطرة الظروف على مصائر الناس.
وقد أحاط نفسه في بلاطه ببلاد غالة بالعلماء والفلاسفة الوثنيين ؛ وكلما كان إعتناقه دينه الجديد يخضع لما تتطلبه العبادات المسيحية من شعائر وطقوس ، ويتضح من رسائله التي بعث بها إلى الأساقفة المسيحيين أنه لم يكن يعنى بالفروق اللاهوتية التي كانت تضطرب لها المسيحية - مع أنه لم يكن يتردد في القضاء على الانشقاق محافظة على وحدة الإمبراطورية.
وقد كان في أثناء حكمه كله يعامل الأساقفة على أنهم أعوانه السياسيون ؛ فكان يستدعيهم إليه، ويرأس مجالسهم ، ويتعهد بتنفيذ ما تقره أغلبيتهم من آراء.
ولو أنه كان مسيحياً حقاً أولاً وحاكماً سياسياً بعدئذٍ ؛ ولكن الآية انعكست في حال قسطنطين ، فكانت المسيحية عنده وسيلة لا غاية ، ولقد شهد في حياته كيف أخفق الاضطهاد ثلاث مرات ، وانطبع في نفسه بلا ريب انتصار المسيحية رغم كل اضطهاد. نعم إن أتباع هذا الدين كانوا لا يزالون قلة في الدولة ، ولكنهم كانوا إذا قيسوا إلى غيرهم قلة متحدة ، مستبسلة قوية، على حين أن الأغلبية الوثنية كانت منقسمة إلى عدة شيع دينية، وكان فيها عدد كبير من النفوس التي لا عقيدة لها ولا نفوذ في الدولة. وكان المسيحيون كثيرين في روما بنوع خاص في عهد مكسنتيوس ، وفي الشرق في أيام ليسنيوس ؛ وقد أفاد قسطنطين من تأييد المسيحية إثنا عشر فيلقاً لاقى بها هذين القائدين. ولقد اعجب بجودة نظام المسيحيين ، إذا قيسوا بغيرهم من سكان الإمبراطوريّة، وبمتانة أخلاقهم ، وحسن سلوكهم، وبجمال الشعائر المسيحية وخلوها من القرابين الدموية ، وبطاعة المسيحيين لرؤسائهم الدينيين ، وبرضاهم صاغرين بفوارق الحياة رضاء مبعثه أملهم في أنهم سيحظون بالسعادة في الدار الآخرة. ولعله كان يرجو أن يطهر هذا الدين الجديد أخلاق الرومان ، ويعيد إلى الأسرة ما كان لها من شأن قديم ، ويخفف من حدة حرب الطبقات ، وقلما كان المسيحيون يخرجون على الدولة رغم ما لاقوه من ضروب الإضطهاد الشديد ، ذلك بأن معلميهم قد غرسوا في نفوسهم واجب الخضوع للسلطات المدنية ، ولقنوهم حق الملوك المقدس.
كان قسطنطين يأمل أن يكون ملكاً مطلق السلطان ، وهذا النوع من الحكم يفيد لا محالة من تأييد الدين ، وقد بدا له أن النظام الكهنوتي ، وسلطان الكنيسة الدنيوي يقيمان نظاماً روحياً يناسب نظام الملكية ، ولعل هذا النظام العجيب بما فيه من أساقفة وقساوسة ، يصبح أداة لتهدئة البلاد ، وتوحيدها وحكمها.
ولكن قسطنطين ، إضطر إلى أن يتحسس كل خطوة يخطوها بحذر، لأن الوثنية كانت هي الغالبة على العالم الذي يعيش فيه ، ولذلك ظل يستخدم ألفاظاً توحيدية يستطيع أن يقبلها كل وثني ، وقام خلال السنين الأولى من سلطانه المفرد في صبر وأناة بجميع المراسيم التي يتطلبها منه منصب الكاهن الأكبر ، والتي تحتمها عليه الطقوس التقليدية ، وجدد بناء الهياكل الوثنية ، وأمر بممارسة أساليب العرافة ؛ واستخدم في تدشين القسطنطينية شعائر وثنية ومسيحية معاً ، وإستعمل رُقى سحرية وثنية لحماية المحاصيل ، وشفاء الأمراض ، ولما توطدت دعائم قوته ، أخذ يجهر تدريجياً بمحاباة المسيحية ، فمحا بعد عام 317 م - من نقوده واحدة بعد واحدة ما كان على وجهها من صور وثنية ، ولم يحل عام 323 م - حتى كان كل ما عليها من الرسوم نقوشاً محايدة لا هي مسيحية ولا وثنية.
ومن المراسيم القانونية الباقية من عهده مرسوم مشكوك فيه ولكنه لم يثبت كذبه، يخول الأساقفة المسيحيين حق الفصل فيما يقوم في أبرشياتهم من منازعات قضائية ، وأعفت قوانين أخرى كل ما يرتبط بأملاك الكنيسة العقارية من الضرائب ، وجعلت الجماعات المسيحية شخصيات معنوية قضائية ، وأجازت لها امتلاك الأرض وقبول الهبات ، وجعلت الكنيسة هي الوارثة لأملاك الشهداء الذين لم يعقبوا ذرية. وكذلك وهب قسطنطين أموالاً إلى المجامع الدينية المحتاجة إليها ، وشاد عدداً من الكنائس في القسطنطينية وغيرها من المُدن ، وحرّم عبادة الأوثان في عاصمته الجديدة ، وكأنه نسي مرسوم ميلان ، فحرّم إجتماع الشيع الدينية المُلحِدة ، وأمر آخر الأمر بتدمير مجامعهم الدينية.
وقد ربي الإمبراطور قسطنطين أبناءه تربية مسيحية سليمة ، وأعان بالمال أعمال البر المسيحية التي كانت تقوم بها أمه ، وقد إبتهجت الكنيسة بهذه النعم التي فاقت كل ما كانت تتوقعه؛ وكتب يوسيبوس صحائف كانت في واقع الأمر عقود مدح لقسطنطين وإقراراً بفضله ، واحتشد المسيحيون في جميع أنحاء الإمبراطوريّة ليعبروا عن شكرهم لانتصار إلههم.
غير أن سحباً ثلاثاً كدّرت صفو ذلك اليوم الذي " لا سحاب فيه " ، تلك هي انشقاق الأديرة ، والإنشقاق الدوناني ، والإلحاد الأريوسي.
وكانت الكنيسة ، في الفترة الواقعة بين إضطهادي ديسيوس ودقلديانوس ، قد أضحت أغنى الهيئات الدينية في الإمبراطوريّة، وخففت من هجماتها على الثراء.
فترى سبريان يشكو من أن أبناء أبرشيته ،  كان قد أضل حب المال عقولهم ، ومن أن النساء المسيحيات يصبغ وجوههن ، وأن الأساقفة يتولون مناصب في الدولة تدر عليهم المال الكثير، فأثروا ، وأقرضوا المال بربا فاحش ،  وإرتدوا عن دينهم إذا بدت لهم أول علامة من علامات الخطر ، ويبدي يوسبيوس حزنه من تناحر القساوسة في تنافسهم على المناصب الكنسية العليا ، وقصارى القول أن الدنيا ، جعلت المسيحيين رجال دنيا في الوقت الذي هدت فيه المسيحية العالم إلى ذلك الدين ؛ وأظهرت الدنيا ما في الفطرة البشرية من غرائز وثنية.


الإمبراطور قسطنطين الكبير والرهبنة
وقامت الرهبنة المسيحية إحتجاجاً على هذا التوفيق المتبادل بين الروح والجسم. ذلك أن أقلية من المسيحيين كانت ترغب في الإبتعاد عن كل طاعة للشهوات البشرية ، وتطالب بالإستمرار على الانهماك المسيحي القديم في التفكير في الحياة الأبدية الخالدة ، وجرى بعض هؤلاء الزهاد على الكلبيين ، فَتَخَلٌوُا عن جميع أملاكهم ، وإرتدوا ثوب الفلاسفة الخلق ، وعاشوا على ما يقدم لهم من صدقات.
وقد ذهب بعضهم ليعيشوا بمفردهم في الصحراء المصرية ، كما فعل بولس الناسك. وحدث حوالي عام 275 م - أن بدأ راهب مصري يدعى أنطونيوس ربع قرن من حياة العزلة ، قضى بعضها أولاً في قبر ، وبعضها في حصن جبلي مهجور ، وبعضها الآخر في فجوة ضيقة نحتها في الصخور ، كانت تنتابه فيها أثناء الليل رؤى مخيفة وأحلام لذيذة تغلب عليها كلها ، حتى إشتهر بالقداسة ، وعمت هذه الشهرة جميع أنحاء العالم المسيحي ، وعمرت الصحراء بالنُساك المنافسين له.
وقد أحس باخوميوس في عام 325م - أن إعتزال الناس أنانية - فجمع الزهاد في دير عند طابين في مصر ، وأنشأ الرهبنة الجماعية التي صار لها أعظم الأثر في بلاد الغرب.

دير القديس الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر
أقدم الأديرة في تاريخ الرهبنة - القرن الرابع الميلادي

موقف الكنيسة من الرهبنة
قاومت الكنيسة حركة الرهبنة وقتاً ما ، ثم رضيت بها لتوازن اهتمامها المتزايد بشئون الحكم - وقبل أن يمضي عام واحد على إعتناق قسطنطين المسيحية - حدث فيها انشقاق شديد الخطورة كاد يقضي عليها في ساعة النصر.
ذلك أن دوناتس Donatus أسقف قرطاجنة ، يؤيده قسطنطين إسمه كإسمه ، ومزاجه كمزاجه ، أصر على أن الأساقفة الذين أسلموا الكتاب المقدس لرجال الشرطة الوثنيين قد فقدوا بعملهم هذا أهليهم لمنصبهم وسلطتهم ، وأن شعائر التعميد ورسامة القساوسة التي تجري على أيدي هؤلاء الأساقفة باطلة ، وان صحة العشاء الرباني،يقف بعضها على الحالة الروحية للقائم بخدمته ، ولما رفضت الكنيسة العمل بهذه العقائد الصارمة نصب الدوناتيون أساقفة جدد في كل مكان رأوا أن الأسقف الذي فيه لا تنطبق عليه شروطهم ، وحزن قسطنطين أشد الحزن ، لما أعقب هذه الحركة من فوضى وعنف ، وقد كان يظن أن المسيحية ستكون قوة تعمل على الوحدة ؛ ولعله قد تأثر بعض التأثر بالحلف الذي عقد إلى حين بين الدوناتيين ، وبين القائمين بالحركة المتطرفة بين الزراع الأفريقيين - ولهذا - فقد دعا الأساقفة إلى مجلس جامع يعقد في أرليس ، وأيد ما أصدره من قرار بالتشهير بالدوناتية ، وأمر المُنشقين بالعودة إلى الكنيسة ، وقرر أن المجامع التي لاتطيع هذا القرار تفقد أملاكها وحقوقها المدنية.
وبعد خمس سنين من ذلك الوقت ، طافت بعقله في فترة قصيرة ذكرى مرسوم ميلان ، فألغى هذه القرارات ، وتسامح مع الدوناتيين ، تسامحاً مصحوباً بالسخرية.
وبقيت هذه الشيعة حتى قضى العرب على أتباع الدين القويم ، وعلى الملحدين حين فتحوا أفريقيا.

الإمبراطور قسطنطين الكبير وقضية لاهوت المسيح
وفي هذه السنين نفسها ، شهدت الإسكندرية ، وقائع قيام أخطر حركة إلحادية في تاريخ الكنيسة.
ذلك أن قساً مصرياً تقدم إلى أسقفه حوالي في عام 318 م بآراء غريبة عن طبيعة المسيح ، ويصفه مؤرخ كاثوليكي عالم وصفاً كريماً فيقول : " كان أريوس - طويل القامة ، نحيل الجسم ، مكتئب المظهر ، ذا منظر تبدو فيه آثار خشونة العيش ، وكان معروفاً بأنه من الزهاد ، كما يستدل على ذلك من ملبسه - وهو جلباب قصير من غير كمين تحت ملحفة يستخدمها عباءة وكانت طريقته في الحديث ظريفة ، وخطبه مقنعة. وكانت العذارى اللاتي نذرن أنفسهن للدين ، وهن كثيرات في الإسكندرية ، يبجلنه أعظم التبجيل ، وكان له من بين رجال الدين عدد كبير من المؤيدين" .
ويقول أريوس إن المسيح لم يكن هو والخالق شيئاً واحداً، بل كان هو الكلمة أول الكائنات التي خلقها الله ، وأسماها ، وإحتج الأسقف ألكسندر على هذا القول ، ولكن أريوس أصر عليه ، وقال إنه إذا كان الإبن من نسل الأب ، فلابد أن تكون ولادته قد حدثت في زمن ، وعلى هذا لا يمكن أن يكون الابن مصقفاً مع وجود الأب في الزمن.
يضاف إلى هذا - أنه إذا كان المسيح قد خلق فلابد أن يكون خلقه من لا شيء ، أي من غير مادة الأب ؛ لأن المسيح والأب ، ليس من مادة واحدة.

آريـــــوس


وقد ولد الروح القدس من الكلمة ، وهو أقل ألوهية من الكلمة نفسها ، ونحن نرى في هذه العقائد إستمرار للأفكار المنحدرة من أفلاطون عن طريق الرواقيين ، و فيلون ، و أفلوطينس ، و أوريجانوس  إلى أريوس.
وبذلك - أصبحت الأفلاطونية التي كان لها أعظم الأثر في اللاهوت المسيحي في نزاع مع الكنيسة ، وإرتاع الأسقف ألكسندر من هذه الآراء ، وقد إرتاع أكثر من هذا من سرعة إنتشارها بين رجال الدين أنفسهم.
ولهذا ، فقد دعا مجلساً من الأساقفة المصريين إلى الاجتماع في الإسكندرية ، وأقنع أعضاءه ، بأن يحكموا بتجريد أريوس وأتباعه ؛ وأبلغ الإجراءات التي اتخذها المجلس إلى سائر الأساقفة ، فإعترض عليها بعضهم ، وأظهر بعض القساوسة عطفاً على أريوس ، وإختلفت آراء رجال الدين والدنيا في الولايات الأسيوية في هذه المشكلة، وترددت في المدائن أصداء " الضجيج والإضطراب... حتى كان الدين المسيحي " ، كما يقول يوسبيوس "موضوع السخرية الدنسة من الوثنيين، حتى في دور التمثيل نفسها".
ولما جاء قسطنطين إلى نقوميديا بعد أن هزم ليسنيوس ، سمع هذه القصة من أسقفها ، فأرسل إلى الاسكندر وإلى أريوس رسالة شخصية يدعوهما فيها أن يتخلقا بهدوء الفلاسفة ، وأن يوفقا بين آرائهما المختلفة في سلام ، فإن لم يفعلا ـ فلا أقل من أن يخفيا جدلهما عن آذان الجماهير ، ويكشف هذا الخطاب ، الذي نقله لنا يوسبيوس في صراحة ، عن قلة إهتمام قسطنطين بعلوم الدين ، وعن الهدف السياسي الذي كان يبتغيه من سياسته الدينية : " لقد إقترحت أن أرّد جميع آراء الناس في الله إلى صورة واحد ، لأني قوي الإعتقاد بأني إذا إستطعت أن أوحد آراءهم في هذا الموضوع سهل علي كثيراً تصريف الشئون العامة. ولكني مع الأسف الشديد أسمع أن بينكما من الخلاف أكثر مما كان قائماً في أفريقيا من وقت قريب. ويبدو لي أن سبب هذا الخلاف بينكما صغير تافه غير جدير بأن يثير هذا النزاع الشديد. فأنت يا ألكسندر تريد أن تعرف رأي قساوتك في إحدى النقاط القانونية، في جزء من سؤال هو في حد ذاته عديم الأهمية؛ وأما أنت يا أريوس فقد كان الواجب عليك، إذا كانت لديك أفكار من هذا القبيل ، أن تظل صامتاً. ولم يكن ثمة حاجة إلى إثارة هذه المسائل أمام الجماهير ، لأنها مسائل لا يثيرها إلا مَن ليس لديهم عمل يشغلون به أنفسهم ، ولا يرجى منها إلا أن تزيد عقول الناس حدة - تلك أعمال سخيفة بالأطفال العديمي التجربة لا برجال الدين أو العقلاء من الناس ".
ولم يكن لهذه الرسالة أثر ما لأن مسالة اتفاق الأب والابن في المادة لا مجرد تشابههما كانت في نظر الكنيسة مسألة حيوية من الوجهتين الدينية والسياسية ، وكانت ترى أنه إذا لم يكن المسيح إلهاً فإن كيان العقيدة المسيحية كلها يبدأ في التصدع ، وإذا ما سمحت بإختلاف الرأي في هذا الموضوع فإن فوضى العقائد قد تقضي على وحدة الكنيسة وسلطانها ، ومن ثم على ما لها من قيمة بوصفها عوناً للدولة.
ولما إنتشر الجدل في هذه المسألة ، وإشتعلت نيران الخلاف في بلاد الشرق اليوناني ، إعتزم قسطنطين أن يقضي عليه بدعوة أول مجلس عام للكنيسة.
                                          


الإمبراطور قسطنطين ومجمع نيقية
ولهذا عقد مجلساً من الأساقفة في عام 325م في نيقية البيثينية بالقرب من عاصمة نقوميديا ، وأعد ما يلزم من المال لنفقاتهم ، وقد حضر الإجتماع عدد لا يقل عن 318 ، " يصحبهم " - كما يقول واحداً منهم - " حشد كبير من رجال الدين الأقل منهم درجة " ، وهو قول يدل على مقدار نماء الكنيسة العظيم.
ولقد كان معظم الأساقفة من الولايات الشرقية ، لأن كثيراً من الأبرشيات الغربية تجاهلت هذا الجد .
وقد إكتفى البابا سلفستر الأول Silvester l بأن مثله بعض القساوسة ، لأن المرض حال بينه وبين حضور الاجتماع بنفسه.
هذا - وقد إجتمع المجلس في الموعد المُحدد ، في بهو أحد القصور الإمبراطوريّة ، وذلك تحت رئاسة الإمبراطور قسطنطين ، وإفتتح هو المناقشات بدعوة موجزة وجهها إلى الأساقفة ـ يطلب إليهم فيها أن يعيدوا إلى الكنيسة وحدتها.
ويقول يوسبيوس إنه كان يستمع بصبر عظيم إلى المناقشات، ويهدئ من عنف الجماعات المتنازعة ، ويشترك في المناقشات بنفسه.
وأكد أريوس من جديد رأيه القائل بأن المسيح مخلوق، لا يرقى إلى منزلة الأب ، ولكنه " مقدس بالإشتراك معه لا غير"  ، وقد أرغمته بعض الأسئلة الحاذقة على أن يعترف بأنه إذا كان المسيح مخلوقاً ؛ وأن له بداية ؛ فإن في مقدوره أن يتحول ، وأنه إذا إستطاع أن يتحول ، فقد ينتقل من الفضيلة إلى الرذيلة ، وكانت إجاباته عن الأسئلة منطقية ، صريحة ، قاطعة.
وقد أوضح أثناسيوس - Athanasiua ، رئيس الشمامسة البليغ المشاكس ، الذي جاء به الإسكندر معه ليقطع به لسان معارضيه ، إنه إذا لم يكن المسيح والروح القدس كلاهما من مادة الأب ، فإن الشرك لابد أن ينتصر.
وقد سلم بما في تصوير أشخاص ثلاثة في صورة اله واحد من صعوبة، ولكنه قال بأن العقل يجب أن يخضع لما فيه الثالوث من خفاء وغموض.
ووافقه الأساقفة جميعهم على رأيه عدا سبعة عشر منهم ووقعوا قراراً يعلنون فيه هذا الرأي. ورضي مؤيدو أريوس أن يوقعوا معهم إذا سمح لهم بأن يضيفوا إلى هذا الإعلان نقطة واحدة وهي أن يستبدلوا كلمة همويوسيون Homoiousion ( أي مماثلاً في الجوهر) بكلمة همؤوسيون Homoousion أي من جوهر واحد.

القديس البابا أثناسيوس
المُلقب بـ ( الرسولي ) و بابا الكنيسة القبطية العشرون في تاريخ الكرسي المرقسي
ولكن المجلس رفض هذا التعديل وأصدر بموافقة الإمبراطور القرار الآتي : " نحن نؤمن بإله واحد ، وهو الأب القادر على كل شيء ، خالق الأشياء كلها ما ظهر منها وما بطن ، وبسيّد واحد هو يسوع المسيح إبن الله ، المولود ـ غير المخلوق من نفس جوهر الأب ، وبأنه من أجلنا نحن البشر ومن أجل نجاتنا نزل وتجسد ، وصار إنساناً، وتَعذّب ، وقام مرة ثانية في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء ، وسيعود ليحاسب الأحياء والأموات ". ولم يرفض توقيع هذه الصيغة إلا خمسة من الأساقفة ، نقصوا آخر الأمر إلى إثنين.
وحكم المجلس على هذين الأسقفين وعلى أريوس الذي لم يتزحزح عن عقيدته أو يتوب عما صدر منه ، حكم عليهم باللعنة والحرمان ، ونفاهم الإمبراطور من البلاد.
كما صدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب أريوس المُهرطق جميعها ويجعل إخفاء أي كتاب منها ، جريمة يعاقب عليها بالإعدام .
وقد إحتفل قسطنطين بانقضاض المجلس بأن دعا جميع الأساقفة الذين حضروه إلى وليمة ملكية، ثم صرفهم بعد أن طلب إليهم ألا يمزق بعضهم أجساد بعض ، ولكنه أخطأ إذ ظن أن النزاع قد وقف عند هذا الحد ، أو أنه هو لن يغير رأيه فيه.
غير أنه كان على حق حين اعتقد أنه خطا خطوة كبيرة في سبيل وحدة الكنيسة.
فلقد أذاع المجلس عقيدة الكثرة العظمى من رجال الدين ، وهي أن نظام الكنيسة وبقاءها يتطلبان تحديد العقائد بطريقة ما؛ وقد أثمر آخر الأمر ذلك الإجماع العملي على العقيدة الأساسية التي إشتق منها إسم الكنيسة في العصور الوسطى ، وهو الكنيسة الكاثوليكية.
وكان في الوقت نفسه إيذاناً باستبدال المسيحية بالوثنية وجعلها المظهر الديني والعضد القوي للإمبراطوريّة الرومانية.
وإضطر قسطنطين أن يكون أكثر تصميماً من ذي قبل على التحالف مع المسيحية؛ وهكذا - بدأت حضارة جديدة ، ومؤسسة على دين جديد ، تقوم على أنقاض ثقافة مضعضعة ، وعقيدة مُحتضرة ، وبذلك ، كانت البداية الفعلية لزمن العصور الوسطى.

قسطنطين وإنجازاته في مجالات الإصلاح المختلفة
لقد أنشأ قسطنطين بعد سنة واحدة من إجتماع المجلس مدينة جديدة ، وسط خرائب بيزنطية أسماها : [ روما الجديدة - Nova Roma[  ، وسمتها الأجيال التي أعقبته بإسمه.
وفي عام 330م ـ أدار ظهره نحو روما ونيقوميدية كلتيهما ، واتخذ القسطنطينية عاصمة له ، وأحاط نفسه فيها بأبهة الملوك الشرقيين وحاشيتهم ، لإعتقاده أن ما تحدثه هذه الأُبهة من تأثير نفساني في الجيش والشعب ، سوف يجعل ما تحتاجه مظاهرها من المال الكثير اقتصاداً حقيقياً في مطالب الحكم ، وبسط رعايته على الجيش بما أوتي من حُسن السياسة وقوّاه بأن أمده بالسلاح  ، وخفف من نير الاستبداد بقراراته الرحيمة ، وناصر الآداب والفنون ، وشجع مدارس أثينا ، وأنشأ جامعة جديدة في القسطنطينية ، كان فيها أساتذة يتناولون مرتبات من قِبَل الدولة ، ويعلّمون اللغتين اليونانية واللاتينية ، والآداب والفلسفة ، والبلاغة ، والقانون ، ويدربون الموظفين الذين تحتاجهم الإمبراطوريّة.

قصر الإمبراطور قسطنطين الكبير في مسقط رأسه
في صربيا - روسيا



وأيد ما كان للأطباء والمدرسين في جميع الولايات من إمتيازات ووسّع نطاقها ، وأمر الحكام أن ينشئوا في ولاياتهم مدارس للعمارة ، وأن يستجلبوا الطلاب إليها بمختلف الإمتيازات ، والمكافآت ، وأعفي الفنانين من الواجبات المفروضة على غيرهم من المدنيين حتى يوفر لهم ما يكفي من الوقت لإتقان فنهم وتعليمه أبناءهم.
وقد إستعان بالكنوز الفنية في جميع أنحاء الإمبراطوريّة على تجميل القسطنطينية حاضرته الجديدة.
وبدأت أعمال البناء في روما في ذلك العهد على يد مكسنتيوس ، فقد بدأ هو وأنم قسطنطين باسلقا ضخمة كانت هي تاج العمارة القديمة في الغرب ، وعمد في بنائها إلى طراز الحمّامات الكبرى ، فعدّله ، وشاد على طرازه المعدل صرحاً عظيماً تشغل قاعدته 330 قدماً في 250.
وكانت لردهتها الوسطى التي تبلغ 104 قدماً في 82 سقف ، مكون من ثلاث قباب متقاطعة مشيدة بالأسمنت المسلح يبلغ إرتفاعها 120 قدماً يستند بعضها إلى ثماني دعامات عريضة تواجهها عمد كورنثية ذات حزوز غائرة يبلغ إرتفاعها ستين قدماً. وكانت أرضها من الرخام الملوَّن ؛ ووضعت بين الأعمدة عدة تماثيل، وعلت جدران هذه الأجزاء التي بين الأعمدة فوق سقفها لكي تكون دعامات مرتفعة للقباب الوسطى. ولقد تعلم مهندسو القوط ومهندسو النهضة الشيء الكثير من هذه القباب والدعامات، ولما أراد برامنتي Bramante ، أن يُخطط كنيسة القدّيس بُطرس ، إعتزم أن يتوج صحن الكنيسة الواسع بقبة ضخمة ، أو "أن يقيم بناء الكنيسة الكبرى فوق باسلقا قسطنطين". 
وشاد أول الأباطرة المسيحيين كنائس كثيرة في روما ـ وأكبر الظن أن الشكل الأول لكنيسة سان لورنزو ، التي في خارج روما كان من هذه الكنائس.

كنيسة القديس بطرس - روما

وأراد أن يحتفل بذكرى نصره عند نهر ملفيوس ، فأقام في عام 315م - قوساً لا يزال يُشرف على طريق النصر 
Via del Trionfi ، وهو من أكمل الآثار الباقية في روما ولم ينقص من عظمته كثيراً ما إنتزع من أجزائه آناً بعد آن.

قوس نصر قسطنطين الكبير - روما



جانب من الزخارف على قوس نصر قسطنطين في
صورتين مختلفتين

ويتركب القوس من أربعة جذوع دقيقة التناسب ترتفع فوق القاعدة المنحوتة، وتقسم الأقواس للثلاثة ، وتسند الدعامة المزخرفة المرتكزة عليها.
وعلى الطبقة العليا نقوش بارزة وتماثيل مأخوذة من آثار لتراجان وأورليوس، كما أن الحليات الوسطى التي بين الأعمدة مأخوذة من مبانٍ شيدت في عهد هدريان. وربما كان نقشان من النقوش البارزة من عمل فناني قسطنطين ، ويشهد ما في هذا الأثر من صور جالسة ، ومن إختلاط سمج بين الوجوه المصورة ، من الجانب والسيقان المصورة من الأمام ، ومن تكديس الرؤوس فوق الرؤوس بدل أن يراعي الفنان قواعد المنظور ، يشهد كل هذا بخشونة الذوق وعدم الإتقان الفني ، ولكن الحفر العميق وما يقع عليه من ضوء وظل، يطبع في الخيال صورة واضحة من العمق والسعة، والحادثات التي تقصها تلك النقوش ممثلة بحيوية خشنة ، كأنما الفن الإيطالي قد اعتزم أن يعود إلى منبعه الأول.
ويبدو تمثال قسطنطين الضخم المحفوظ في الكنسر فتورى بدائياً إلى حد تشمئز منه النفس، ولا يكاد العقل يصدق أن الرجل الذي تفضل فرأس مجمع نيقية يشبه البربري الفظ إلى الحد الذي يطالع الإنسان في هذا التمثال - إلا إذا كان الفنان قد أراد أن يوضح مقدماً العبارة الجامعة الساخرة التي قالها جبن :
" لقد وصفت إنتصار الهمجية والدين ".
وفي أوائل هذا القرن الرابع أخذ فن جديد يتشكل ويزهر في الوجود - ونعني به "تزيين" المخطوطات بصورة ملونة صغيرة ، وكان معظم الأدب في ذلك الوقت مسيحي الطابع.


الملكة هيلانة ورحلتها إلى أورشليم
منذ أن وقعت أحداث الصلب والموت والقيامة لمخلصنا يسوع المسيح ، والذي تحقق بموجبها الخلاص لجميع بني البشر ، من عبودية إبليس ، وفُتحت أبواب الحياة الأبدية أمام الجميع ، ممن يعلنون إيمانهم بهذه القيامة الإنتصارية للسيد المسيح ، والتي - بموجبها - وبواسطتها - لم يعد للموت سُلطان على الإنسان ، لم يرد أي ذكر في أي مصدر من مصادر التاريخ ، أو مدونات المؤرخين ، عن مكان وجود الصليب المُقدس ، والزخائر المقدسة [ مسامير الصلب ، إكليل الشوك ، الكرابيج المستخدمة في جَلد وتعذيب رب المجد يسوع المسيح ] ، ولم يتحدث أي كتاب عن مكان تواجدها إلا في فترة حكم الإمبراطور المؤمن " قسطنطين الكبير " [ 313م - 234 م ] .
ولقد إشتركت القديسة هيلانة مع إبنها الإمبراطور قسطنطين بخصوص إقامة مبانٍ كنسية في بيت لحم وأورشليم ، وإكتشافها للصليب المقدس ، سبب حركة إحياء لأورشليم وشجع على السياحة إليها .
تقول الرواية ـ أن القديسة هيلانة ، كانت قد رأت في الليل من يقول لها : " إمضِ إلى أورشليم وافحصي بتدقيق عن الصليب المجيد والمواضع المقدسة ".
وإذ أعلمت ابنها بذلك أرسلها مع حاشية من الجند إلى أورشليم ، فبحثت عن عود الصليب المجيد حتى وجدته ، كما وجدت الصليبين الآخرين الذين صلب عليهما اللصان ، فقصدت أن تعرف أيهما هو صليب السيد المسيح ، فأعلمها القديس مقاريوس أسقف كرسي أورشليم بأنه هو الصليب المكتوب أعلاه : " هذا هو يسوع ملك اليهود ".
ثم سألته أن ترى آية ليطمئن قلبها ، فإتفق بتدبير السيد المسيح مرور قوم بجنازة ميت في ذلك الحين ، فوضعت كلاَّ من الصليبين على الميت فلم يقم ، ولما وضعت الصليب الثالث ، قام الميت في الحال ، فإزداد إيمانها وعِظَم سرورها.


أسقف أورشليم ممسكاً بخشبة الصليب المقدس بعد إكتشافها وبجواره القديسة الملكة هيلانة 


الملكة هيلانة تحمل الصليب المقدس
                   

البدء في بناء كنائس المواضع المقدسة بأورشليم
شرعت الإمبراطورة هيلانة بعد ذلك في بناء الكنائس الأشهر في تاريخ أورشليم ، والتي تم تشييدها في جميع المواضع التي إرتبطت بحياة السيد المسيح ، والتي كانت بمثابة مواضع مقدسة ، حيث كانت لا توجد بأورشليم سوى كنيسة واحدة ، ألا وهي كنيسة أورشليم والتي تأسست في موضع عُليٌة صهيون [ بيت القديس مرقس الرسول ] ، وبعد ما سلمت للأب مقاريوس المال اللازم لعميلة البناء أخذت الصليب المجيد والمسامير وعادت إلى إبنها الملك البار قسطنطين ، فقبَّل الصليب ووضعه في غلاف من ذهب مرصع بالجواهر الكريمة ، ووضع في خوذته بعض المسامير التي كانت به. صارت هيلانة مثلاً حيًّا للإمبراطورة المسيحية التي تساهم في جعل الإمبراطورية الرومانية مسيحية.

كنائس أورشليم المقدسة التي تم بناءها بأمر من
القديسة هيلانة
تأسست في الفترة من سنة 325م وحتي سنة 330م
كنيسة المهد

كنيسة القيامة

كنيسة التجلي


الصورة بأعلى : كنيسة الصعود
الصورة بأسفل : الصخرة التي إرتفع فوقها السيد المسيح إلى السماء 

كنيسة الجثمانية تعلوها كنيسة كل الأمم
على جبل الزيتون

 كنيسة كل الأمـــم

 قبر القديسة العذراء مريم

 نياحة القديسة هيلانة
بعد أن أمضت الملكة والقديسة هيلانة ، أيام حياتها على هذه الأرض ، تصنع الخير ، وتُحسن على الفقير والمريض ، ورتبت أوقافاً كثيرة على الكنائس والأديرة والفقراء ، وبعد أن سارت لها في هذه الدنيا سيرة مُرضيٌة ، سعت خلالها من أجل إرساء دعائم الكنيسة وترسيخ مبادئ الإيمان المسيحي في ربوع الإمبراطورية الرومانية كلها ، وبذلت جهوداً كبيرة من أجل ترتيب العديد من الأوقاف على الكنائس والأديرة والفقراء ، تنيّحت القديسة هيلانة بسلام ، في عام 327م ، وهي في سن يُناهز الثمانين عاماً . [ راجع السنكسار القبطي / يوم 9 بشنس ] .
                                         

وفاة الإمبراطور قسطنطين الكبير
لما إشتد عليه المرض ، إستدعى قساً ليجري له مراسيم التعميد المقدس الذي أخره عمداً إلى تلك الساعة ، وكان يرجو أن يطهره هذا التعميد مما إرتكبه من الخطايا في حياته المزدحمة بالأعمال.
ثم خلع الحاكم المجهد الأثواب الملكية الأرجوانية ، وإرتدى الثوب الأبيض ثوب المسيح الحديث المتنصر ، وأسلم الروح.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1