زلزال 11 يناير علامة إنتقال رجل قديس
مما
لايعلمه الكثيرون عن هذه الظواهر التي تحدث كإعلان ينبئ عن حدوث أمر ما . نقول أن
للإرادة الإلهية التي أوجدت الطبيعة ، والتي لها وحدها القدرة على أن تأمرها بأن
تُتمم مشيئتها في كل حين ترتأيه حكمتها ، بغرض أن تعلن للجميع عن أمر ما سوف يحدث
، وهي بمثابة إعلان حتي ينتبه الجميع إلى أهمية هذا الحدث ، وبأنه ليس حدثاً
عادياً ..
ولقد
حظى أبونا مكاري يونان بمعونة إلهيه كانت ملازمة لفترة كهنوته المبارك ، فصارت
خدمته كما هي مقبولة من السماء ، ومباركة من الله ، مقبولة من الناس ، ولذلك ، لم
يكن حدث إنتقاله حدثاً عادياً ، ولم تسمح الإرادة الإلهية بأن يمر يوم نياحة هذا
الاب الفاضل مرور الكرام دون أن يعطي شاهداً بأن من إنتقل اليوم ، ليس كاهناً
عادياً ، بل كان مميزاً من الله بمواهب عظيمة لم ينالها الكثيرون ، على الرغم من
أن كنيستنا غنية بالكثير من الآباء الكهنة العظام في قامتهم الروحية ، إلا أن
الكثير منهم لم يمنح المواهب التي منحها الله للأب مكاري يونان ، فكان الروح القدس
يتحدث على لسانه ، وكان هو مجرد مؤدي فقط ، يؤدي ما يأمره به الروح القدس من أقوال
، وكلمات ـ وترنيمات ، ومعجزات . ولذلك ، وبالطبع ، يجب أن يكون في يوم إنتقاله
علامة يتنبه بموجبها الجميع إلى أن أمر ما سوف يحدث.
وهذا
ماحدث في صبيحة يوم 11 يناير ، حيث إستيقظ الناس على هزة أرضية ، شعر بها الكثيرون
، وكانت هذه إشارة لما سوف يحدث ، وبالفعل حدث بعدها بعدة ساعات قليلة ، حيث إنتقل
الأب القمص مكاري يونان إلى الأخدار السماوية ، وكان يوماً حزيناً تألمت فيه قلوب
الكثيرين من محبي أبونا مكاري يونان ، فمنهم من صنع معهم الأب مكاري يونان معجزات
بقوة صلاته ، فشفى أمراضهم ، وأدخل الفرحة في قلوبهم ، وفرج عنهم في أزماتهم
ومشكلاتهم ، وأخرج منهم الأرواح الشريرة ، والشياطين ، فحزن عليه الجميع ، مسلمين
ومسيحيين ، في داخل مصر وخارجها .
وفي
ذات السياق ، وبالعودة إلى الوراء بالتاريخ إلى بداية الأربعينيات من القرن الماضي
، وتحديداً في عام 1945 م ، نتذكر يوم نياحة القديس البابا مكاريوس الثالث ، والذي
لازمت ساعة نياحته واقعة لاينساها كل من عاصروها ، حيث ضرب زلزال قوي القاهرة في
ذات الساعة التي تنيح فيها البابا مكاريوس الثالث ، وكان هذا شاهد على مدي قداسة
هذا الرجل البار ، ولكل أمر يحدث ، غاية إلهية لايمكن إنكارها ولاإغفالها .
وليس من المنطقي أن نربط مابين الظواهر الطبيعية التي إهتزت لها أرجاء الأرض كلها ، في الساعة التي مات فيها السيد المسيح له المجد على عود الصليب ، ومابين مايحدث من ظواهر لها علاقة بإنتقال قديس أو كاهن أياً كانت درجته الكهنوتيه ، لأنه شتان الفارق بين الأمرين ، فمن مات على عود الصليب هو الكلي القدرة ، إله السموات والأرض ، وهو من أوجد الوجود ، وطوٌعه لأجله ، وهو وحده صاحب السلطان على كل ما فيه ، في السماء وعلى الأرض ، بالتالي ، ماحدث من أمور في يوم الصلبوت ، ومنها إظلام الشمس على الأرض كلها ، وحدوث الزلزلة العظيمة ، وإنشقاق حجاب الهيكل ، وقيامة عدد من الموتي وخروجهم من قبورهم !!! ، ولكننا من الممكن أن نربط بين الإرادتين في أن الله - وفقاً لما ترتأيه مشيئته وحكمته - يسمح بأن تحدث أموراً معينة من أجل أن ينبه الناس بأن حدثاً ما غير عادي سوف يحدث ، فيعطي الإشارة على حدوثه بأي وسيلة من الوسائل ، وبأي صورة من الصور ، وهذا يتكرر كثيراً في أيام نياحة الكثير من آباءنا القديسين ، أصحاب السيير العطرة في تاريخ الإيمان القويم ، أصحاب القامات الروحية العالية ، الذين ميزهم الله عن غيرهم بمواهب معينة ، وتلك هي الحكمة الإلهية التي لايمكن للإنسان مهما بلغ من الحكمة والذكاء ، إدراكها ، والكشف عن مكنونها ، فهي تظل أمور غامضة وغير معلنة بالنسبة له ، مهما كانت إجتهاداته في تفسيرها ، وعمق رؤيته له ، فإن أيد أمر أو عارضه ، فسيظل من داخله غير مستقر على ما إنتهي إليه من قرار ، وسوف يظل في حيرة من أمره مابين قبول أو رفض لتلك الظواهر العجيبة التي لايسمح بحدوثها سوى الله .
بقلم : المؤرخ
الكاتب والباحث الشماس / أشرف صالح
إرسال تعليق