{ موسوعة الكتاب المقدس }
| الجزء الأول : العهد القديم |
(( أولاً - الأسفار الموساوية الخمسة
📖 ))
3 - سفر اللاويين 📙
سفر اللاويين هو سفر الطقوس
لا نجد هنا شئ تاريخى سوى أشياء بسيطة مثل طقس سيامة هرون ( إصحاح 8،
9 ) ، و عقوبة ناداب و أبيهو و غيرها. أما باقي السفر كله فهو طقوس الذبائح و
التطهيرات و ما يأكلوه و ما يمتنعوا عنه. وبهذه الطقوس يخصصهم الله شعباً له
ويميزهم عن باقى الأمم.
إسم السفر وطبيعته
إعتاد اليهود أن يطلقوا على الأسفار المقدسة أول كلمة فى السفر. وهنا
أول كلمة هى ” ودعا ” وبالعبرية ” ويقرا ” أما السبعينية أى الترجمة اليونانية
للعهد القديم فقد أسمته اللاويين لأن كل الأوامر التى أتت به سينفذها الكهنة
واللاويين أى الذين هم سبط لاوى. وأما التلمود فأسماه ” ناموس الكهنة ” والسفر له
طابع نبوى وبالذات إصحاح 26 وهى النبوة التى تحققت بتشتيت اليهود فى العالم كله.
أما باقى الطقوس والرموز فهى تعتبر كأنها نبوات عن عمل السيد المسيح الكفارى.
ويوجد فى العهد الجديد حوالى 40 إشارة لهذا السفر
الرمز والمرموز إليه في السفر
يقول بولس
الرسول ” إذ يوجد الكهنة الذين يقدمون قرابين حسب الناموس، الذين يخدمون شبه
السمويات وظلها ” عب 8 : 4، 5. فالعهد القديم كان “ظل الخيرات العتيدة” عب 10 : 1.
والمسيح كان هو النور الذى كشف كل شئ كان مذخراً لنا، هو النور الإلهى الساطع. واليهود
حتى الآن قد إكتفوا بالظل يحيون فيه غير مدركين ان هناك نوراً قد ظهر. والسؤال
هنا، إذا كان النور قد ظهر فلماذا نحن كمسيحيين ما زلنا نبحث فى العهد القديم عهد
الظلال ؟ فى الحقيقة أن العهد القديم بما يحمله من رموز فهو شرح وافى جداً وبتصوير
رائع لما قام به المسيح وربما من شدة ضوء النهار تخفى بعض الملامح الهامة مثل
ملامح الوجوه أو بعض المناظر الطبيعية التى يكون لها تأثير أوضح فى الظلال ولم يكن
هذا واضحاً فى نور النهار الساطع هكذا رموز العهد القديم تشرح لنا بوضوح كل جوانب
ذبيحة المسيح وعمله وفدائه، هذه التى تغيب عنا فى نور العهد الجديد الساطع. وهناك
سؤال آخر، إذا كنا نحن المسيحيين قد فهمنا هذه الحقائق بعد مجئ المسيح فماذا كان
موقف اليهودى فى العهد القديم وكيف كان يتعامل معها ويستفيد منها ؟ لنأخذ أمثلة
لذلك.
(أ)- كان لحم الخنزير
نجساً فى العهد القديم. فكان اليهودى الصالح يطيع دون أن يفهم معنى هذا ولكن كان
فيما يفعل هذا يتأمل فى تصرفات الخنازير ويراها ترتمى دائماً فى الطين تتمرغ فيه
حتى بعد غسلها وتنظيفها. وقد يفهم هذا اليهودى الصالح الرمز كما فهمه بطرس الرسول
أن الله يمنعه من أن يكون مثل الخنزيرة المغتسلة التى تعود لمراغة الحماة (أى
تتمرغ فى الطين) أى بعد أن يتوب يعود للخطية مرة أخرى 2بط 2 : 22. ولاحظ قوله أن
هذا أصبح مثلاً أى كثيرين فهموا الرمز.
(ب)- موضوع الذبائح :- كان اليهودى يرى هنا ذبيحة بريئة تموت عوضاً عنه
فيتأمل ويعرف أن عقوبة الخطية لابد وأن تكون الموت وقد يدفعه هذا للتوبة.
وفي العموم ، فالرموز هى مدرسة قصد الله بها أن يعمق و يوسع دائرة الأفكار و الرغبات فتسموا الأفكار الروحية و تنشأ رغبات مقدسة. و القصص الرمزية أو الرموز ليس مثلها فى أن تطبع الحقائق في ذهن الإنسان، لذلك فإن المسيح إستخدم الأمثال كثيراً. و الرموز في هذا السفر كشفت بوضوح الخطية و الخاطىء، النعمة و المخلص، و كيف أن الله في محبته يتنازل و يظهر للإنسان الخاطىء أن هناك وسيلة يتخلص بها من الخطية التى دخلت إليه و هذه الوسيلة هى عطية مجانية بل أن هذه العطية المجانية تؤدى للقداسة، و هذه الوسيلة هى الذبائح رمز ذبيحة المسيح.
سفر اللاويين هو سفر الكهنوت و سفر
الجماعة المقدسة
فى سفر اللاويين : 1 : 1، 2 يقول الرب لموسى “كلم بنى إسرائيل ” فإن كان السفر
يختص بشرائع الكهنة و اللاويين فهو من أجل تقديس الشعب. فالكهنة و اللاويون ليسوا
إلا أداة إلهية لخدمة الجماعة الذين هم أعضاء فيها، خدمتهم غرضها أن تقترب الجماعة
من الله و يقطنون فى شركة معه. فالكهنة حقاً هم وسطاء و عاملون بإسم الرب لكنهم
يعملون لحساب الجماعة.
غاية السفر
هى إعلان أن القداسة هى الخط المميز لشعب الله لأنه هو قدوس ( لا 11 :
44 ) و القداسة كما يرسمها هذا السفر لها شقين. الشق الأول هو دم الذبائح. و هذا
ما قام به المسيح و الشق الثانى ما هو دور الشعب حتى يتقدس ؟ أن يمتنع عن الخطايا
و يلتزم بالوصية المقدسة. و ينتهى السفر بالأعياد و الأفراح. فمن يحيا في القداسة
لابد و أن يفرح، و يلتزم الله بكل إحتياجاته الزمنية و سلامة كل ممتلكاته مثل
البيوت ( شريعة تطهير المنازل ) و أكلهم و شربهم. و الله حين يعطي يعطي بسخاء و لا
يعير و تكون هناك بركة و لكن هناك شرط !!
إصحاح 26
هناك نص قانوني ” أن العقد شريعة المتعاقدين ” و من لا يلتزم بالعقد
فهناك شروط جزائية. فالله إلتزم بأن يبارك شعبه لكن بشرط أن يلتزم الشعب بالوصايا
المقدسة و إن لم يلتزم فهناك عقوبات أى لعنات. فلا يصح أن نلوم الله عن خسارتنا
لبركاته إن لم نلتزم بوصاياه فالخطية بالنسبة لله شئ شنيع.
كاتب السفر
كاتب الأسفار الخمسة هو موسى النبي. ويبدأ هذا السفر بقوله ” ودعا ” و
حرف العطف هنا يشير أن هذه الدعوة الإلهية جاءت بعد إقامة خيمة الإجتماع كما شرح
فى سفر الخروج ويشير حرف العطف لإتصال سفرى الخروج و اللاويين وأن كاتبهما واحد.
من هم
اللاويين؟
أفرز الله اللاويين ( سبط لاوى ) لخدمته بدلاً من أبكار بنى إسرائيل (
عد 3 : 44، 45 ) و قد أفرز من سبط لاوى هرون و بنيه ليكونوا كهنة. أما بقية السبط
فهم اللاويين و هؤلاء يساعدون الكهنة فى خدمتهم ( و عملهم يناظر الشمامسة الأن فى
الكنيسة ). و قد كان عملهم هو الإهتمام بخيمة الإجتماع و حملها عند ترحالهم فى
سيناء، أما بعد بناء الهيكل فكانوا يعتنون به. كما كان منهم معلمين و كتبة و قضاة
و موسيقيين ( 1 أى 23 : 3- 6 ).
اللاويين و رسالة العبرانيين
تعتبر الرسالة إلى العبرانيين خير مفسر لهذا السفر، إذ تقارن بين
ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة المسيح الكفارية، وأظهر الرسول كيف أن دم التيوس
مهما كثرت لا تستطيع أن ترفع الخطية، أما يسوع فقد قدم نفسه مرة واحدة حاملاً
خطايا العالم فى جسده. كذلك نجد فى الرسالة مقارنة رائعة بين الكهنوت اللاوى
وكهنوت السيد المسيح الذى على رتبة ملكى صادق.
فكرة عامة عن الذبائح
الله يعطى رجاء. وسط كل عقوبة الله يعطى رجاء. ففى وسط عقوبة أبوينا
الأولين أعطانا رجاء بمجئ المسيح الذى يسحق رأس الحية. وبدأ الله يعلم الناس
الذبائح، أى عقيدة بدون سفك دم لا تحدث مغفرة. وكانت أول ذبيحة عرفها الناس ذبيحة
الله نفسه، لأنه بعد أن تعرى آدم وحواء وتغطى كل منهما بأوراق الشجر، يقول الكتاب
أن الله صنع لهما أقمصة من جلد أى أن الله ذبح حيوان. وبدأ الإنسان يأخذ فكرة أنه
بالخطية يتعرى ويفتضح وبالذبيحة يكتسى من عريه. وهابيل تعلم من أبيه فقدم ذبائح
حيوانية فقبلها الله ولذلك لم يقبل الله تقدمة قايين فهو بتقديمه من ثمار الأرض
خالف التقليد المسلم من أبيه بضرورة سفك دم. وسفك الدم معناه نفس توضع عن نفس.
وهكذا بعد الطوفان قدم نوح ذبائح محرقات
فتنسم الرب رائحة الرضا وقال فى قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان.
ولهذا أخذ نوحاً سبعة أزواج من البهائم والطيور الطاهرة حتى يستطيع أن يقدم ذبائح.
وكانت الذبائح يجب أن تكون طاهرة بلا عيب إشارة للمسيح الذى بلا خطية. فالخاطئ
يموت عن نفسه أما البار فيموت عن غيره
وهناك نوعان من الذبائح
(أ)- ذبائح
المحرقات.
(ب)- ذبائح الخطية.
(أ)- المحرقات : تذبح وتوضع على النار فتأكلها النار جميعها حتى تتحول إلى رماد ولا
يأكل منها الكاهن ولا الإنسان الذى قدمها ولا أحد من البشر على الإطلاق، كلها
للنار، أى كلها للرب. هذه تمثل غرضاً معيناً ليس هو فداء الإنسان إنما إرضاء الله
الغاضب على الخطية.
(ب)- ذبائح الخطية : هذه تقدم فداء عن الإنسان حتى لا يموت الإنسان
وذلك لأن الخطية كان لها نتيجتان هما :
1- إحزان قلب الله.
2 - هلاك الإنسان.
إذاً المحرقات كانت لإرضاء قلب الله الغاضب وذبائح الخطية لفداء الإنسان
ولذلك فعندما قدم نوح محرقاته تنسم الرب رائحة الرضا وعمل أول ميثاق مع الإنسان تك
9 : 9 وهو وعد بالحياة وأنه لن يكون هناك موت شامل ثم يأتى إبراهيم الذى كان عنده
عنصران أساسيان فى حياته أولهما الخيمة فهو غريب على الأرض وثانيهما المذبح. وفى
تقديم إسحق ذبيحة إرتقى الله بالفكر البشرى. فإسحق كان الإبن الوحيد المحبوب وكان
بلا خطية يموت عنها لذلك فهو رمز للمسيح البار والإبن الوحيد الجنس (أف 1 : 6)
الذى مات عن غيره.
ثم قدم يعقوب ذبائح. فكانت هذه الذبائح حسب التقليد المسلم من الأباء
عن آدم.
وإستمر هذا حتى سلم الله لموسى شرائع الذبائح الواردة فى سفر اللاويين.
إرسال تعليق