أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

الأباطرة الرومان | دوميتيان - Domitian | الإمبراطور دوميتيان | أباطرة القرن الأول الميلادي

    

الإمبراطور دوميتيان

مصر في عصور الإحتلال

مصر في العصر الروماني

أباطرة القرن الأول الميلادي 


12 - الإمبراطور دوميتيان -  Domitian

81 م - 96 م



مقدمة
لقد وُصِفَ الإمبراطور الروماني "دوميتيان" ، بأنه [ أعاد بعث حكم نيرون من جديد ] ، فصار على نهجه في أمور كثيرة ، لعل من أهمها ، إضطهاد المسيحيين والكنيسة .
هو " دوميتيان " - الإمبراطور الثاني عشر في ترتيب أباطرة روما ، وهو المعروف أيضاً بإسم : "أوتيتوس فيلافيوس دوميتيانوس".
وهو يُعد الأخير ممن حكموا الإمبراطورية الرومانية من السلالة "الفلافية" ـ والتي أسسها أبيه الإمبراطور " فسباسيان "  .
كان دوميتيان قديراً في حكمه صارماً فيه ، وقام من خلف مظاهر الفجور والتقتيل نظام إداري حفظ للولايات قسطاً كبيراً من النظام خلال هذه الفترة الطويلة كلها. 
يضاف إلى هذا أن الأباطرة أنفسهم كانوا أكبر ضحايا سلطانهم ، فلقد كان مرض من نوع ما يجري في دمائهم ، أشعلت ناره حرارة شهواتهم الطليقة ، وظل يلازم " اليوليوسيين - الكلوديين " حتى قضى عليهم ، كما قضى أتريوس Atreus ، وكان عيب من نوع ما في نظام الحكم هو الذي حط من شأن الفلافيين في مدى جيل واحد ، فهوى بهم من حزمهم في شؤون الحكم وصبرهم على متاعبه إلى القسوة الوحشية المروعة. 
ولقد إِختتمت حياة سبعة من هؤلاء الرجال العشرة أسوأ خاتمة ، وكانوا كلهم تقريباً غير سعداء في حياتهم ، فقد عاشوا في جو من المؤامرات والدسائس ، والخيانة ، ويحاولون أن يحكموا عالماً من بيت تسوده الفوضى. 

تمثال دوميتيان
الإمبراطور دوميتيان 

وإذا كانوا قد أطلقوا العنان لشهواتهم فما ذلك إلا لأنهم كانوا يعرفون أن سلطانهم العظيم سريع الزوال وأنهم كانوا يعيشون يروعهم في كل يوم بأنهم مقضي عليهم بالموت الباكر المُفاجئ . وإذا كانوا قد إنحطوا إلى الدرك الأسفل فما ذلك إلا لأنهم كانوا فوق متناول القانون ، وإذا كانوا قد أضحوا أقل من الرجال ، فما ذلك إلا لأن السلطة جعلت منهم آلهة يُعٌبَدُون.
الآراء التقليدية عن دوميتيان تؤكد أنه كان كان طاغية قاسياً. 
ومن بين المؤلفين القدماء ، وقال انه من بين صفوف معظم الحكام الرومان في التاريخ ، دخل إلى هذه المقارنة الاباطره كما كاليجولا ونيرون. 
هذا - ويرفض مؤرخوا التاريخ الحديث الأخذ بالرأى القائل بأن الإمبراطور " دوميتيان " - كان إمبراطوراً طاغياً ، قاسياً ، لا يعرف الرحمه ، ولكنهم يؤيدون الرأي القائل بأنه كان إمبراطوراً مُتسلطاً ولكن في ذات الوقت ، على قدر عالِ من الكفاءة .

المولد والنشأة الأولى
ولد دوميتيان في روما في 24 أكتوبر سنة 51م ، وكان الإبن الأصغر للإمبراطور الروماني فسباسيان ، وكانت والدته هي دوميتيلا الكبيرة ، وكانت له أخت أكبر منه ، هي دوميتيلا الصغيرة ، وأخ أكبر هو تيتوس فلافيوس دوميتيانوس ، صاحب الإنتصار العظيم على اليهود ، والذي خَرِبَت على يديه أورشليم ، وزال هيكلها إلى الأبد ، في الأحداث المعروفة تاريخياً بإسم " خراب أورشليم " في سنة 70 م  . 

الإمبراطور دوميتيان 

الإرتباط بين شخصية دوميتيان ونيرون 
إن المؤرخ الذي يريد أن يرسم صورة صادقة للإمبراطور دوميتيان - سوف يجد في ذلك صعوبة لا تعادلها صعوبة رسم صورة لنيرون نفسه.
ذلك أن أهم المصادر التي نستمد منها معلوماتنا عن حكمه هما مصدران للمؤرخان : " تاسيتوس الروماني و " بلليني الصغير " ، وكلاهما ممن علا نجمهم في عهده ، ولكنهما كانا من حزب الشيوخ الذين كانت بينهم وبينه حرب عوان يريد فيها كلا الطرفين أن يضرب الضربة القاضية ، ولدينا في مقابل هذين المؤرخين المعاديين له شاعران هما أستاتيوس ، ومارتيال اللذين كانا ينالان رفده أو يسعيان لنيله ، واللذين شادا بذكره ورفعاه إلى عنان السماء ، ولعلهم هم الأربعة كانوا على حق فيما قالوه عنه ، لأن دومتيان آخر الفلافيين بدأ حياته كالملائكة ، وختمها كالشياطين ، وكان شأنه في هذا شأن كثيرين من اليوليوسيين - الكلوديين. 

الإمبراطور دوميتيان

وقد سايرت روح دوميتيان جسده في هذا التطور ، فقد كان في شبابه متواضعاً، رشيقاً ، لطيفاً ، وسيماً ، طويلاً ؛ ثم صار فيما بعد "بطيناً، رفيع الساقين، أصلع الرأس" ، وإن كان قد ألف كتاباً " في العناية بالشعر" ، وكان في كهولته يقرض الشعر أما في شيخوخته فلم يكن يثق بثره ، وكان يعهد إلى غيره كتابة خطبه وتصريحاته. 
ولو لم يكن تيطس أخاه لأمكن أن يكون أسعد مما كان ؛ ولكن أنبل الناس وحدهم هم الذين يغتبطون بنجاح أصدقائهم. 
أما دومتيان - فقد إستحالت غيرته من أخيه في أول الأمر نكداً صامتاً ثم مكائد تدبر سراً لإسقاطه ، فإضطر تيطس أن يرجو أباه أن يصفح عن أخيه الأصغر. 
ولما مات والدة الإمبراطور " فسباسيان " ، إدعى دوميتيان أن أباه  كان قد أوصى قبل وفاته ، بأن يكون شريكاً في الحكم ، ولكن الوصية عبثت بها الأيدي ؛ ورد تيتس على هذا الإدعاء بالقول بما مضمونة ، بأنه كان قد عرض عليه أن يكون شريكه وخليفته ، فرفض هذا العرض ، وظل دوميتيان سادراً في مؤامرته .
 ويقول المؤرخ " ديوكاسيوس" - إنه لما مرض تيتس ، عجل دوميتيان منيته بأن أحاط جسمه بالثلج ، وليس في وسعنا أن نتأكد من مدى صحة هذه الأخبار ومصداقيتها ، أو غيرها من القصص الني وصلت إلينا عن شهواته الجنسية الطليقة - كقولهم إن دوميتيان كان يسبح في الماء مع العاهرات ، وإنه ضم إبنة تيتس إلى سراريه ، وإنه " كان فاجراً فاسقاً بالنساء والغلمان على السواء " ، ذلك أن التواريخ اللاتينية كلها لا تختلف في شيء عن سياسة هذه الأيام، فقد كانت ضربات توجه للوصول إلى أغراض رجال العصر الذي كتبت فيه.
هذا - وقد أمضى دوميتيان الكثير من شبابه المبكر والوظيفي في ظل شقيقه تيتوس ، والذي اكتسب شهرة اثناء الحملات العسكرية في جيرمانيا في سنة 60 م . 
وقد إستمر هذا الوضع في ظل سيادة فسبسيان ، الذي اصبح الإمبراطور 21 ديسمبر 69 م ، وبعد سنة من الحرب الاهليه المعروفة بإسم سنة الأربعة أباطرة. 
بينما تقاسم اخيه تيتوس سلطات متساويه تقريبا في حكومة والده ، كان لدوميتيان اليسار مع مرتبة الشرف ، ولكن لا مسؤوليات. 
وقد توفي فسبسيان في 23 يونيو 79 ، وخلفه تيتوس ، وجاء عهد تيتوس موجز إلى نهاية غير متوقعة في 13 سبتمبر 81م - وفي اليوم التالي - أُعلن دوميتيان إمبراطوراً وبدأ عهده الذي دام أكثر من خمس عشرة سنة - أي اطول الأباطرة جلوساً على عرش روما منذ عهد حكم الإمبراطور تيبريوس.
فأما من حيث سياسة دوميتيان نفسها ، فإنه كان في العشر سنين الأولى من حكمه متميزاً في أخلاقه قديراً في سياسته إلى حد دهش معه جميع عارفيه.
فقد إتخذ سياسة تيبيريوس وأخلاقه مثلاً يحتذيه.
كما إتخذ فسباسيان أغسطس مثلاً آخر له. 
ومن ذلك جعل نفسه رقيباً مدى الحياة ، ثم حرم نشر المطاعن البذيئة ( وإن كان قد غض النظر عن فكاهات مارتيال الشعرية ). 
وقد نفذ القوانين اليوليوسية الخاصة بالزنى، وحرم تمثيل المسرحيات الصامتة لمجافاتها الأخلاق ، أمر بضرب عنق عذراء فستية حكم عليها بالزنى - أو بمضاجعة أحد أقربائها المُحرمين عليها ، وقضى على عادة الخصاء وهي العادة التي انتشرت مع إرتفاع أثمان الأرقاء الخصيان ، ولم يكن يطيق رؤية الدم المسفوك ول كان دم الثيران التي يضحى بها في المراسم الدينية. 
وكان رجلاً شريفاً ، واسع الفكر ، لم يؤخذ عليه بخل أو شره في حب المال ، وأبى أن يقبل الوصايا ممن لهم أبناء ، وألغى جميع الضرائب المتأخرة من اكثر من خمس سنين ، وأعرض عن المُتجسسين. 
وكان في أحكامه صارماً نزيهاً ، وكان له أُمناء سر من معاتيقه ولكنه ألزمهم جميعاً أن يكونوا أمناء صالحين.


إنجازات عهد الإمبراطور دوميتيان 
1- في مجال البناء والعمران
وكان عهده من أعظم عهود العمارة الرومانية ، فلما رأى أن النار التي شبت في عامي 79 ، 82 م - قد دمرت كثيراً من المباني وأنزلت بالبلاد كثيراً من البلايا، وضع برنامجاً واسعاً للمنشآت العامة ، ليوفر بذلك العمل للأهلين ، ويساعد على توزيع الثروة ، وكان هو أيضاً ممن يأملون في إحاء الإيمان القديم بتجميل الهياكل والأضرحة والإكثار منها ، ومن أعماله أنه أعاد بناء هياكل جوبتير ويونو ومنيرفا، وأنفق ما يعادل 22.000.000 ريال أمريكي في صنع أبوابها المصفحة بالذهب وأسقفها المطلية بهِ ، وقد أعجبت رومة بنتائج هذه الجهود وأسفت على ما أنفق فيها من أموال طائلة

ولما أن شاد دومتيان لنفسه ولموظفيه الإداريين قصره الرحب المعروف بإسم دوميس فلافيا Domus Flavia شكا الأهلون بحق من كثرة ما أنفق في بنائه من الأموال، ولكنهم لم يرفعوا أصواتهم بالاحتجاج على الألعاب الكثيرة الأكلاف التي حاول أن يخفف بها من كراهية الشعب. 
وقد دشن هيكلاً باسم أبيه وأخيه ، وأعاد بناء الحمامات ، وهيكل الآلهة التي أنشأه أجربا ، والرواق ذي العمد الذي أقامته أكتافيا ، وهيكلي إيزيس وسرابس، وأضاف أجنحة جديدة للكوليزيوم ، وأتم حمامات تيتس ، وبدأ الحمامات التي أكملها تراجان.

في مجال الثقافة والأدب
لم تشغله هذه المنشآت عن بذل الجهود الجبارة في تشجيع الفنون والآداب حتى بلغ النحت الفلافي الملون في أيام زعامته ذروة مجده، وحتى النقود التي سكت في أيامه رائعة الجمال

ومن الوسائل التي إستعان بها على تشجيع الشعر أن أقام في عام 86 الألعاب الكبتولية ، وكانت تشمل مباريات في الأدب والموسيقى ، كما أقام معهداً للموسيقى في ميدان المريخ ؛ وقدم معونة متوسطة لإستاتيوس Statius ذي المواهب الوسطى، وأخرى لمارتيال ذي المواهب الوضيعة ، وأعاد بناء دور الكتب العامة التي دمرتها النيران ، وجدد ما كانت تحتويه من الكتب بأن أرسل الكتبة لنسخ المخطوطات المحفوظة في الإسكندرية ، وذلك برهان آخر على أن مكتبتها العظيمة لم يحرق إلا جزء صغير من كنوزها في النار التي أوقدها فيها قيصر .


فلسفة الإمبراطور دوميتيان في إدارة شئون الحكم 
وإلى جانب هذا كله كان يصرف شؤون الإمبراطورية أحسن تصريف ، وكان يتصف بما يتصف به تيبيريوس من عزيمة قوية صارمة في الشؤون الإدارية ، وقد ضرب على أيدي المختلسين والمرتشين ، وكان شديد الرقابة على تعيين الموظفين ومصائرهم ، وكما فعل تيبيريوس بجرمنكوس إذ حد من جشعه ، كذلك إسترجع دومتيان أجركولا من بريطانيا بعد أن قاد هذا القائد المغامر جيوشه ودفع حدود الأملاك الرومانية حتى وصلت إسكتلندة ، ويلوح أن أجركولا كان يعتزم مواصلة الزحف ، ولكن دوميتيان ، أبى عليه ذلك
وقد عزا بعضهم إسترجاع أجركولا لحسد دوميتيان له ، وغيرته من مجده ، وجُوزي الإمبراطور على هذا أشد الجزاء ، حين كتب تاريخ حكمه صِهر أجركولا نفسه ، وخانه الحظ في الحرب أيضاً حين عبر الداشيون بهر الدانوب في عام 86 م ، وغزوا ولاية موئيزيا Moesia الرومانية ، وهزموا قواد دوميتيان ، فما كان من الزعيم إلا أن تولى القيادة بنفسهِ، ووضع خطة الحرب فأحكم وضعها ، وأوشك أن يدخل داشيا.
ولكن أنطونينس ستورنينس - Antoninus Saturninus الوالي الروماني على ألمانيا العليا أقنع فيلقين من الفيالق المعسكرة في مينز Mainz بأن تنادي به إمبراطوراً ، وأخمد أعوان دومتيان الفِتنة ، ولكنها أفسدت عليه خطته إذ مكنت أعداءه من جمع شملهم والإستعداد لقتاله
فما إن عبر الدانوب لملاقاة الداشيين ، حتى هزمه هؤلاء على ما يظهر ، فعقد الصلح مع دسبالس Dacibalus ملك الداشيين ، وأرسل إليه هدية كان يرسل مثلها في كل عام يسترضيه بها.

ثم عاد دوميتيان إلى رومة ليحتفل بنصر مزدوج على الشاتين Chatti ، والداشيين ، وإكتفى فيما بعد بإنشاء طريق محصن بين نهري الراين والدانوب ، وآخر بين الثنية الشمالية لهذا النهر ، والبحر الأسود.

عملة الإمبراطور دوميتيان
      عملة نقدية - الإمبراطور دوميتيان


دوميتيان يُجبر الإمبراطورية الرومانية على عِِبادته
وكانت فتنة سترنينس نقطة الإنقلاب في حكم دوميتيان ، أو الحد الفاصل بين نفسه الطيبة ونفسه الخبيثة ، لقد كان على الدوام شديداً لا يلين ، أما الآن فقد انحدر إلى القسوة والوحشية؛ ولقد كان قادراً على أن يحكم حكماً صالحاً، ولكن مقدرته هذه كانت موقوفة على أن يكون حاكماً أوتوقراطياً لا معقب لحكمه ؛ ففي عهده لم يلبث مجلس الشيوخ أن فقد سلطته ، وكانت اختصاصاته الواسعة بوصفه رقيباً سبباً في إذلال هذا المجلس ، وبث روح الإنتقام في نفوس أعضائه ، هذا إلى أن غرور دوميتيان لم يقف عن حد  ، والغرور كما هو معروف من الصفات التي تترعرع حتى نفوس الوضيعين من الناس ، ومن مظاهر غروره أنه ملأ الكبتول بتماثيله ، ونادى بتأليه أبيه ، وأخيه ، وزوجته ، وأخته ، كما نادى بتأليه نفسه، وأنشأ طائفة جديدة من الكهنة سموا الفلافيال Flaviales ليشرفوا على عبادة أولئك الأرباب ، وطلب إلى الموظفين ألا يذكروه في وثائقهم إلا بلقب : "سيدنا وإلهنا Dominus et Deus Noster    ."
وكان يجلس على عرشه ، ويُشجع زائريه على أن يحتضنوا ركبتيه ، وأدخل في قصره المزخرف آداب القصور الشرقية ، لأن الزعامة أصبحت بقوة الجيش وانحلال مجلس الشيوخ ملكية غير دستورية


دوميتيا لونجينا زوجة الإمبراطور دوميتيان 


وقائع فتنية سترنينوس ونهاية حكم دوميتيان
على إثر ذلك - إشتعلت نيران الفتن على هذا التطور الجديد بين صفوف الأشراف وبين الفلاسفة والأديان التي أخذت تتسرب إلى روما من بلاد الشرق ، وأبى اليهود والمسيحيون أن يعبدوا دوميتيان ، ويتخذوه إلهاً من دون الله ، وندد الكلبيون بكل أنواع الحكومات ، وأقسم الرواقيون ليقاومن كل مُستبد جبار ويكرمن قتلة المستبدين وإن قَبِلُوا أن يحكم البلاد ملوك. 
وفي عام 39 م - طرد دوميتيان الفلاسفة من روما ، ثم أخرجهم من إيطاليا كلها في عام 95 م - وكان قرار طردهم من روما يشمل معهم المنجمين ، لأن تنبؤهم بموت الإمبراطور أوقع الرعب في قلب رجل خال قلبه من الإيمان ومُستعد لقبول الخرافات والأوهام. 
وفي عام 93م - أعدم دوميتيان بعض المسيحيين ، لأنهم أبوا أن يقربوا القرابين بين يدي تمثاله ؛ وتقول الروايات المتواترة إن فلافيوس كلمنز إبن أخيه كان من بين هؤلاء القتلى.
وقد زاد خوف الإمبراطور دوميتيان من المؤامرات حتى بلغ في السنين الأخيرة من حكمه جد الجنون، فكان يبطن بالحجارة البراقة جدران الأروقة التي يمشي تحت سقفها، حتى يرى صورة من كان وراءه معكوسة فيها ، وكان يندب سوء حظ الحكام لأن أحداً لا يصدقهم إذا قالوا إن الناس يأتمرون بهم إلا إذا نجحت المؤامرة ، وكان كتيبيريوس يستمع للواشين حين تقدمت به السنون ، فلما أن تضاعف عدد الوشاة ، لم يكن أحد من المواطنين ذوي المكانة يأمن على نفسه وهو في عقر داره من الجواسيس ، وزادت التهم والأحكام زيادة سريعة بعد فتنة سترنينس ، فنفى الأشراف أو قتلوا تقتيلاً ، وعذب كل من إشتبه فيه عذاباً شديداً ، وكان من بين ضروب العذاب " إدخال النار في أعضائهم التناسلية " ، وإتُّخذ مجلس الشيوخ المروع-وكان من أعضائه تاسيتوس الذي يقص هذه الأخبار والحقد يملأ قلبه-أداة لهذه المحاكمات والأحكام ، وكان كلما أعدم إنسان يحمد للآلهة أن أنجت الزعيم.
وكان من الأخطاء التي وقع فيها دوميتيان أن قذف الرعب في قلوب آل بيته أنفسهم. من ذلك أنه أمر في عام 96م بإعدام إيفرديت Epaphraidtus ، أمين سره لأنه أعان نيرون على الانتحار قبل ذلك الوقت بسبع وعشرين سنة. 
وأحس معاتيق بيته بأنهم مهددون بالخطر، فاعتزموا أن يتقوا الشر بقتل دوميتيان، وانضمت إليهم دومتيا في هذه المؤامرة ، وحدث في الليلة السابقة لليلة مقتله أن قفز من فراشه مذعوراً. ولما حلت الساعة المتفق عليها وجه خادم دوميتيان الضربة الأولى ؛ واشترك أربعة عشر غيره في الهجوم عليهِ ؛ وقاوم دوميتيان هذا الهجوم مقاومة المجنون.

الإمبراطور دوميتيانوس وإضطهاد الكنيسة المسيحية
رفض المسيحيين تأليه الإمبراطور الروماني وعبادته كما رفضوا الخدمة في الجيش الروماني ، ولذلك نظرت الحكومة الرومانية إلى المسيحيين على أنهم فرقة هدامة تهدد أوضاع الإمبراطورية وكيانها ، بل وسلامتها.

ومن جملة هذه الحرب الشعواء التي أثارغبارها الإمبراطور دوميتيان ضد الكنيسة المسيحية ورجالها ، أن أصدر قراراً بتعذيب القديس " يوحنا الحبيب - الرسول " بإلقاءه في خلقين  [ إناء به زيت مغلي ] ، ولما صنع الرب مع تلميذه القديس يوحنا الرسول معجزة ، فلم تمسسه هذه العذابات الأليمه بسوء ، أمر بنفيه إلى جزيرة بطمس . 

القديس يوحنا الرسول 

منظر طبيعي لجزيرة بطمس

وكان مسلسل إضطهاد الكنيسة الرسمي من قِبَل الإمبراطورية الرومانية ، قد بدء منذ عهد الإمبراطور نيرون في عام 64م ، وإستمر حتي وفاته في عام 68 م ، وقد عرف هذا الإضطهاد بالإضطهاد الأول ، أما الإضطهاد الثاني ، فقد تم بين ما عامي 95 – 96 م ، في زمن حكم الإمبراطور دوميتيان .


وفاة الإمبراطور دوميتيان
بعد فترة حكم إستمرت على مدى نحو 15 سنة ، توفي الإمبراطور دوميتيان ، وقد إستقبلت روما نبأ وفاته بالترحاب ، وثارت بعض مجموعات من الشعب ، من الفئة التي كانت ساخطة عليه ، ولا تتقبل سياسته في الحكم ، وقاموا بالهجوم على تماثيله ومعابده في أنحاء روما ، وقاموا بتحطيمها ، حتي لايبقى له أثراً يُذكر في التاريخ ، وحتي لا تُخلد ذكراه إلى الأبد .
وكانت وفاته في السنة الخامسة والأربعين من عمره ، والخامسة عشرة من حكمه في سنة 96 م ، فحدث أنه لما علم الشيوخ بالنبأ ، مزقوا ما كان له في قاعة المجلس من صور وحطموا ما وضع له فيها من تماثيل ، وأمروا أن يُحطم كل ما في الإمبراطورية بأجمعها من ثماثيل له ومن نقوش يُذكر فيها إسمه.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1