سلسلة
دراسات في تاريخ المسيحية عبر العصور
( الفصل الأول )
أزمنة الإضطهاد الأولى في
تاريخ المسيحية
عصر الرُسُل
نيرون | زمن الإضطهاد الأول
هو الإمبراطور " نيرون " أو " نيــرو" (
15 ديسمبر 37 - 9 يونيو 68م ) ، كان خامس وآخر من حكموا الإمبراطورية الرومانية من
السلالة اليوليوكلودية - ( وهي التي بدأت من أوغسطس حتى نيرون ) ( في الفترة ما
بين عامي 27 ق.م. - 68 م ) .
وقد وصل نيرون إلى عرش
الإمبراطورية الرومانية ، لأنه كان إبن كلوديوس قصير بالتبنى ، حيث أنه حكم الإمبراطورية ، وأيضاً
كان لوالدته : " إجريبينا " - الفضل الأول في وصول نيرون إلى عرش
الإمبراطورية الرومانية .
وقد قضى " نيرون " على عرش الإمبراطورية الرومانية حوالي 14 عاماً ، كانت من أشد الفترات التاريخية قسوة على الشعب الروماني بصفة
خاصة ، وعلى رعايا الإمبراطورية الرومانية المشمولين بحكمها في ربوع العالم بصفة
عامة ، إذ إنصرف نيرون عن أمور الحكم ، ومهام مسئولياته الجِسام ، إلى حياة اللهو
والسُكر والعربدة ، وكان يقضي معظم ساعات يومه إما في العزف على قيثارته ، أو
الغناء ، أو ممارسة هواياته المفضلة - كالتمثيل ، وقيادة العربات الحربية ، واللهث
وراء الفتيات العاهرات ، وقضاء الليالي الملتهبة مع من عشقهن منهن ، تاركاً أمور
الحكم ، ومسئولياته ، إلى رجال الإمبراطورية القائمون على معاونته وإرشاده ،
والذين لم يحسنوا التصرف في الكثير من شئون الحكم ، وكانت في النهاية جرائم نيرون
التي يندى لها الجبين ، بدايةً من قتله لأمه ، ثم زوجته " أوكتافيا " ،
ثم زوجته الثانوية " بوبية " ، ثم مُعلمه الفيلسوف الشهير " سنيكا
" ، خاتماً تلك الجرائم البشعة في حق الإنسانية ـ بحريق روما ، ومن ثم ، شن
أشرس حرب إضطهادية ضد الكنيسة المسيحية ورجالها في زمن الرسل الكَازرين بكلمة
الإنجيل ورسالة الخلاص ، والتي سوف نوافيكم بتفاصيلها في السطور القادمة .
وقائع حريق روما [ 64 م ]
بعد حريق روما المروع ، والذي تسبب فيه الإمبراطور الروماني نيرون في عام 64 م ، والذي أسفر عن وقوع أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات في روما ، حيث إمتدت ألسنة اللهب إلى جميع ربوع روما ، فُدمرت الأربعة عشر مقاطعة التي سبق وأن أسسها الإمبراطور أغسطس قيصر إبان فترة حكمه [ 14 ق.م - 4 م ] ، حيث تم حصر خسائر هذا الحريق المروع الذي بدأ من سيرك روما العظيم للألعاب ، ومنه ، إنتشر إلى سائر ربوع الإمبراطورية ، فلم تسلم من الحريق أية بِناية ، فأتى الحريق على ما يقابله في طريقه ، حتى الأشجار لم تنجو من هذا الحريق المروع ، وقد راح على أثره من الضحايا مئات الألوف ، بعد كل ذلك - ألصق نيرون تُهمة التسبب في هذا الحريق في المسيحيين ، وعلى ذلك ، وما لبث أن زاع الخبر أرجاء الإمبراطورية الرومانية ، وإنتشر في ربوعها كلها ، حتى بدأت أعنف موجة إضطهاد في تاريخ المسيحية ، حيث هجم الأهالي الرومان على المسيحيين في ربوع الإمبراطورية ، وفتكوا بهم ـ كما سيق الألآف من المسيحيين في روما إلى ساحات التعذيب المختلفة ، وتلقوا أبشع صور القتل والتعذيب ، وحصدت هذه الأحداث شهداء بالألوف في ربوع روما ، وتخطى الإضطهاد حدودها أيضاً .
وقد إشتدت حدة الكراهية
للإمبراطور نيرون من قِبل الشعب الروماني كله ، بعد إنتشار الحروب الأهلية في ربوع
الإمبراطورية الرومانية ، فكانت الثورة الأهلية من أجل الإطاحة به ، ولما إستشعر
نيرون القلق والخوف من أن تناله أيادي الإنتقام من شعبه المشمول بحكمه ، قرر
الإنتحار ، في سنة 68 م .
1 - القديس يعقوب البار [ أخا الرب ]
إستشهد في عام 62 م
هو القديس يعقوب البار ، والملقب أيضاً بأخي الرب (غلاطية 1: 19) ، يظن البعض بأنه هو نفسه يعقوب بن حلفى أحد رسل المسيح الإثنا عشر أو يعقوب الصغير.
هذا - ويُعتقد بأنه قتل بسبب تمسكه بإيمانه بيسوع المسيح حوالي عام 62م.
ووفقاً للتقليد الكنسي - فقد كان أول أساقفة أو بطاركة أورشليم - وهو كاتب رسالة يعقوب أحد أسفار العهد الجديد.
وقد لقب بالبار لما كتب وتناقل عنه ، وعن زهده الشديد ، وتقشفه في الحياة.
هذا - وتعيد الكنيسة الكاثوليكية في تذكار إستشهاده القديس يعقوب البا في يوم 3 أيار/مايو والكنائس الأرثوذكسية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر والكنيسة الأنغليكانية في 1 أيار/مايو.
نشأته الأولى وحقيقة لقب [ أخا الرب ]
بحسب التقليد الكنسي فأن أصول يعقوب البار تنحدر من اليهودية في فلسطين وكان أول أساقفة أورشليم ، وكان يعقوب يتمتع بمكانة بارزة في الكنيسة الأولى فبحسب (أعمال الرسل 15 : 19 -30) لعب يعقوب البار دوراً رئيسياً في تحديد مقررات مجمع الرسل الأول حوالي عام 50م - حول قضية الداخلين في المسيحية من غير اليهود والتزامهم أو عدمه بتطبيق شريعة موسى ، حيث حدد يعقوب بنفسه ما يتوجب عليهم التقييد به من الناموس وهو ( أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام ، والزنى ، والمخنوق ، والدم ) - (أعمال الرسل 15: 20).
وهناك إعتقاد يقول أن يوسف النجار قبل أن يخطب العذراء مريم كان أرملاً ، وكان له أولاد من إمرأته المتوفاة من بينهم يعقوب ، وتربى هؤلاء مع يسوع كإخوة، بينما يظن البعض بأنه كان ابن يوسف ومريم ، وبالتالي أخاً حقيقياً ليسوع وهذا الرأي مرفوض من قبل الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية لإيمانهم بدوام بتولية مريم حتى موتها.
وهناك آراء أخرى تقول بأنه كان إبن كلاوبا ومريم وهذه الأخيرة كانت إبنة خالة مريم أم يسوع (يوحنا 19: 25) ، (مرقس 15 :40).
وبسبب هذه القربة ـ فقد دُعي "أخا الرب" ، فقد كانت هذه العادة دارجة عند اليهود القدماء ، حيث يلقب القريب بالأخ كما كان لوط يدعى أخاً لإبراهيم (تكوين11: 27) بينما كان لوط في حقيقة الأمر ابن أخيه (تكوين 14: 16).
وقد ورد في (متى 13: 55) ، أسماء كل من : يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا على أنها أسماء إخوة يسوع ، ومن المحتمل جداً أن يكون يعقوب المذكور في الآية السابقة هو نفسه يعقوب البار.
بداية الخدمة والتلمذة للسيد المسيح
وفي (أعمال الرسل 21: 18 -20) يبين كاتب السفر مكانة يعقوب الهامة حيث يخبرنا بزيارة بولس ليعقوب البار ليحدثه بحضور مشايخ الكنيسة بالأعمال التبشيرية التي قام بها في وقت لاحق.
بالإضافة إلى ذلك فأن بولس الرسول في رسالته للغلاطيين وصف يعقوب بأنه أحد أعمدة الكنيسة مع بطرس ويوحنا ( غلاطية 2: 9 ).
إستشهاد القديس يعقوب
البار
وعن إستشهاده يخبرنا التقليد والتراث الكنسي بأنه بعد أن بقي أسقفا لأورشليم مدة ثلاثين عاماً ثارت عليه جماعة متزمتة من اليهود بقيادة رئيس الكهنة حنان وطلبوا منه أن يجحد إيمانه، حيث أصعدوه إلى جناح الهيكل في يوم عيد الفصح ليقول لجميع الشعب أن يسوع ليس الماشيح ، ولكنه صرخ مجاهراً بإيمانه بيسوع المسيح قائلاً : (ماذا تريدون إن تعلموا عن يسوع انه جالس في السموات عن يمين قدرة أبيه وهو الذي سوف يأتي جالساً على سحاب السماء لكي يدين بالعدل كل المسكونة) فصرخ اليهود ( لقد ضلّ البار هو أيضاً ) ، وألقوا به من السطح ولما رؤوا أنه لم يمت بعد هجم عليه أحدهم ، وضربه على رأسه بقطعة خشب ، فشجها وسقط قتيلاً عن عمر يناهز الـ 63م .
ويُعتقد أن تاريخ إستشهاده كان عام 62م - في زمن الإمبراطور الطاغية نيرون - وبأنه دفن قرب الهيكل.
القديس يعقوب البار في معتقدات الكنائس الشرقية والغربية
لقد كتب "يوسابيوس القيصري" ، نقلاً عن المؤرخ "هجزيبس" - مايفيد أن القديس "يعقوب البار" ، كان مقدساً منذ كان في أحشاء أمه ، على غرار "يوحنا المعمدان".
كما تحدث عنه "إيرونيموس" ، فوصفه بأنه قدوة للمسيحيين في طهارة سيرته ، ونقاوة حياته والتزامه بواجبات الدين من صوم وعبادة وغيرها ، ويقول بأن يعقوب لما بلغه خبر موت المسيح أقسم بأن لا يتناول أي شيء من الطعام حتى يقوم يسوع من بين الأموات ، وفي يوم أحد القيامة ظهر له يسوع وأعطاه خبزاً ، وقال له (قُمْ كُلْ يا أخي فان إبن الإنسان قد قام).
هذا - ويعتقد البعض بأن القديس "يعقوب البار" ، كان قد عاش بحسب منهاج جماعة الناصريين ، حيث لم يكن يأكل اللحم أو يشرب الخمر ولم يحلق شعره أو ذقنه أبداً.
وبحسب المؤرخ يوسيفيوس ، فإن دمار أورشليم في عام 70م - بيد الرومان ، وما رافقه من ويلات على الشعب اليهودي كان عقوبة إلهية على جريمتهم بقتل يعقوب البار.
هذا - وتُنسب ليعقوب ليتورجية ( قداس القديس يعقوب أخي الرب ) ، والتي يعتقد أنها أول ليتورجية مكتوبة للقداس المسيحي ، وبرأي الباحثين فأنها كتبت في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس.
ويظن بأن هذه الليتورجيا ، كانت أساس قداس كل من القدّيسين باسيليوس الكبير ، ويوحنا الذهبي الفم.
2 - القديس إندراوس [ أخا بطرس ]
إستشهد في عام 64 م
سيرة القديس إندراوس الرسول
مما هو معلوم لنا مما تسلمناه من الوحي المقدس في العهد الجديد ، أن القديس إندراوس الرسول كان في الأًصل تلميذا ليوحنا المعمدان .
كان تلميذاً ليوحنا المعمدان
أول أمره (يوحنا 35:1).
كان يوم نظر القدّيس يوحنا
الرّب يسوع ماشياً بادر اثنين من تلاميذه كانا واقفين معه بالقول: "هوذا حمل
الله!" (يوحنا 36:1) ، فتبع التلميذان يسوع :" فإلتفت يسوع ونظرهما
يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان؟ فقالا ربّي الذي تفسيره يا معلّم أين تمكث ؟ فقال
لهما تعاليا وإنظرا ، فأتيا ، ونظرا أين يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم ، وكان نحو
الساعة العاشرة" (يوحنا1: 38 - 39).
كان القديس "إندراوس الرسول" واحداً
من الإثنين ، ومن تلك الساعة صار للرّب يسوع تلميذاً. إثر ذلك ، أقبل اندراوس على
أخيه بطرس ، وأعلن له : " وقد وجدنا مسيّاً الذي تفسيره المسيح " (يوحنا
41:1)، ثم أتى به إلى يسوع.
موطن اندراوس وبطرس كان
الجليل الأعلى ، وعلى وجه التحديد بيت صيدا فيها ، ومنها فيليبس الرسول أيضاً
(يوحنا 44:1).
كانت مهنة "إندراوس الرسول" ، كأخيه
بطرس ، صيد السمك (مرقص 16:1)، وكان له بيت في كفرناحوم (مرقص 29:1). ورد اسمه
ثانياً في لائحة الرسل ، في كلّ من إنجيلي متى (2:10) ولوقا (14:6) بعد بطرس، فيما
ورد رابعاً في كلّ من إنجيل مرقص (16:3) وأعمال الرسل (13:1) ، بعد بطرس ويعقوب
ويوحنا.
أكثر ما ورد ذكر القديس "إندراوس الرسول" في إنجيل يوحنا ؛ فإلى ما سبق ذكره نلقاه في الإصحاح السادس ، يبلّغ الرّب يسوع ، قبل تكثير الخبز والسمك ، بأن "هنا غلاماً معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان. ولكن ما هذا لمثل هؤلاء ".
ونلقى القديس "إندراوس الرسول" مرّةً أخرى في
الإصحاح الثاني عشر حين تقدّم يونانيون إلى فيليبس وسألوه قائلين : " نريد أن
نرى يسوع " ، فأتى فيليبس وقال لأندراوس ، ثم قال إندراوس وفيليبس ليسوع.
وأمّا يسوع فأجابهما قائلاً : " قد أتت الساعة ليتمجّد إبن الإنسان - 23 - 20 ."
3 - القديس بولس الرسول
إستشهد في عام 67 م
القديس بولس الرسول
مقدمة عن القديس بولس
الرسول
يُعد القديس " بولس الرسول " - هو أحد قادة الجيل المسيحي الأول - ويعتبره البعض على أنه ثاني أهم شخصية في تاريخ المسيحية بعد المسيح نفسه.
وقد عُرف بولس الرسول بلقب : [ رسول الأمم ] ، حيث كان من أبرز من بشر بهذه الديانة في آسيا الصغرى وأوروبا ، وكان له الكثير من المريدين والخصوم على حًــد سواء. يتوقع أنه لم يتمتع بذات المكانة التي خصها معاصريه من المسيحيين لبطرس أو ليعقوب أخو الرب ، ومن خلال الرسائل التي تنسب إليه تتبين ملامح صراع خاضه بولس ليثبت شرعية ومصداقية عمله كرسول للمسيح.
هذا - وقد ساهم التأثير الذي خلفه بولس في المسيحية بجعله واحد من أكبر القادة الدينيين في العالم على مر العصور.
المولد والنشأة الأولى [ شاول ما قبل التحول إلى المسيحية ]
ولد " شاول " [
بولس ] - في مدينة طرسوس في كيليكية ، والواقعة في آسيا الصغرى (تركيا اليوم) ، في
فترة محتملة غير مؤكدة بين السنة الخامسة والعاشرة للميلاد.
ولقد كان إسمه عند الولادة
" شاول " ، وقد ترَعٌرَعَ في كَنَف أسرة يهودية منتمية لسبط بنيامين
بحسب شهادته في رسالته إلى أهل روما ، كما أنه كان أيضاً مواطناً رومانياً ، وقد
عمل كصانع خيم ، وكان مهتماً بدراسة الشريعة اليهودية حيث إنتقل إلى أورشليم
ليتتلمذ على يد غامالائيل الفريسي أحد
أشهر المعلمين اليهود في ذلك الزمن ، ويبدو أنه لم يلتقى خلال تلك الفترة بيسوع
الناصري.
بعد أن أصبح "شاول" نفسه فريسياً متحمساً ذو ميول متطرفة عمل على محاربة المسيحية الناشئة على أنها فرقة يهودية ضالة تهدد الديانة اليهودية الرسمية، فنرى أول ظهور له في سفر أعمال الرسل في الإصحاح السابع حيث كان يراقب الشماس إستفانوس ، وهو يرجم حتى الموت بينما كان يحرس هو ثياب الراجمين ، وهو راض بما يقومون به ، عقب إعدام إستفانوس شن اليهود حملة إضطهاد بحق كنيسة أورشليم مسببين في تشتت المسيحيين في كل مكان ، فقام بولس بعد أن نال موافقة الكهنة ، بتتبع المسيحيين ( الذين كانوا يسمون بإناس الطريق ) ، حتى مدينة دمشق ليسوقهم موثقين إلى أورشليم.
الرؤية التي رأها وبداية إيمانه [ بولس ما بعد التحول إلى المسيحية ]
وفقاً لما ورد في كتاب العهد الجديد المقدس ، فقد بدأ إيمان " شاول " - بالمسيحية بعد أن رأى رؤيا ، تسببت في تغيير مسار حياته ، حيث أعلن الله له عن إبنه بحسب ما قاله هو في رسالته إلى الغلاطيين ، وبشكل أكثر تحديداً ، فقد قال بولس بأنه رأى (الرب يسوع) .
وفي سفر أعمال الرسل - يتحدث
الإصحاح التاسع عن تلك الرؤيا - فيصفها على الشكل الآتي " وفي ذهابهِ حدث
أنهُ اقترب إِلى دمشق ، فبغتةً ـ أبرق حوله نورٌ من السماء"، بعد ذلك حصل
حوار بينه وبين المسيح ، إقتنع شاول على إثره بأن يسوع الناصري هو المسيح الموعود.
ويتكرر ذكر هذه الرؤيا في سفر أعمال الرسل مع بعض الإختلافات الطفيفة في (22: 6-11) ، و)26: 13-18(.
بعد تلك الرؤيا إقتيد شاول وهو
مصاب بالعمى إلى مدينة دمشق حيث إعتمد على يد حنانيا ، وعاد له البصر بحسب رواية
الكتاب المقدس ، وعرف شاول بإسم بولس بعد إعتناقه للمسيحية.
هذا - وقد قضى بولس فترة من الزمن في العربية (ربما بادية الشام) ، ثم عاد إلى دمشق، وهناك تآمر عليه اليهود ليقتلوه وأبلغوا عنه الحاكم فقام رفاقه بتسهيل هروبه من المدينة بأن دلوه في سل من فوق السور .
في حوالي عام 48م - وقعت أزمة بين مسيحيي أنطاكية حول مسألة الختان ، وذلك عندما وصل إلى المدينة مسيحيون ذو خلفية يهودية ، يطالبون بضرورة تطبيق شريعة الختان على المسيحيين القادمين من الديانات الوثنية لكي ينالوا الخلاص ، أما بولس وبرنابا فقد خالفا ذلك بشكل كبير ، ولما لم يتمكنا من حل المسألة أرسلت كنيسة أنطاكية بهما مع أناس آخرون إلى الرسل ومشايخ أورشليم للنظر في الأمر.
وتم عقد ما يعتبره مؤرخوا الكنيسة أول مجمع كنسي وهو مجمع أورشليم وافقت فيه الكنيسة على مقترحات بولس وبرنابا بأن لا يلزم الوثنيون المؤمنون بالمسيح بالختان وإنما يكتفى منعهم عن "نجاسات الأصنام والزنى والمخنوق والدم" بحسب وصف كاتب سفر أعمال الرسل.
وتم بعد ذلك المجمع تحديد المهام التبشيرية في الكنيسة ، حيث أصبح بطرس - مع ويعقوب
البار ويوحنا بن زبدي - رسول للختان (أي اليهود) ، وبولس - مع برنابا - رسول للأمم
(أي الوثنيين).
وبفضل ذلك المجمع أيضاً تحدد
وجه المسيحية كديانة مستقلة وليس كفرع من فروع اليهودية .
النشاط الكرازي
للقديس بولس الرسول
أولاً - رحلة بولس التبشيرية الأولى
حقول الكرازة في رحلة بولس الرسول الأولى
بعد مرور نحو الثلاث سنوات ، عاد بولس الرسول إلى أورشليم في حوالي سنة (40 م ؟) ، وهو راغب بلقاء رسل المسيح ، فمكث عند بطرس خمسة عشر يوماً قابل خلالها يعقوب البار، عقب ذلك إبتدأ برحلاته التبشيرية الشهيرة في الغرب ، ولكنه قام أولاً بالتبشير في سوريا وكيليكية .
وفي العشرين سنة اللاحقة قام بولس الرسول بتأسيس العديد من الكنائس في آسيا الصغرى ، وثلاث كنائس على الأقل في أوروبا.
ثانياً - رحلة بولس التبشيرية الثانية
حقول الكرازة في رحلة بولس الرسول الثانية
لقد مكث بولس الرسول لفترة من الزمن في مدينته طرسوس ومن ثم انضم إلى برنابا وذهبا معاً إلى أنطاكية ، حيث وعظا فيها سنة كاملة ، ومن هناك إنحدروا إلى منطقة اليهودية حاملين معهم مساعدات من كنيسة أنطاكية .
وبعد أن أكملا مهمتهما غادرا أورشليم يرافقهما مرقس.
ومن أنطاكية - إنطلقت بولس
الرسول رحلته التبشيرية الأولى ، وهي الرحلة التي رافقه فيها برنابا الرسول ، وفي
قسم منها إبن أخت هذا الأخير مرقس.
وقد عبروا البحر ، مُتجهين
إلى قبرص ، وبعد ذلك إلى جنوب الأناضول ( بيرجة ، بيسيدية ، أيقونية ، لسترة ،
دربة ) ، وقد كان بولس ورفاقه يتبعون أسلوب معيناً في الدعوة، فقد كانوا يتنقلون
من مدينة إلى أخرى ينادون بالخلاص بيسوع المسيح في مجامع اليهود وفي الأسواق
والساحات العامة حيث أوجدوا جماعات مسيحية جديدة ، وأقاموا لها رعاة وقساوسة. انقسم
اليهود من سامعيهم بين مؤيد ومعارض، وأما بولس فقد حول وجهه صوب الوثنيين ليتلمذهم
هم أيضاً على ما يؤمن به.
وفي الرحلة الثانية ، أراد
برنابا إصطحاب مرقس معهما ، ولكن بولس لم يوافق على ذلك فوقع شجار فيما بينهما
افترقا على أثره ، ومضى بولس في طريقه مع سيلا أحد الوعاظ المسيحيين.
ولقد كان هدف بولس الرئيسي
من تلك الرحلة ، هو المرور على الجماعات المسيحية التي أقامها في جنوب الأناضول
خلال رحلته الأولى لتفقد أحوالها ، وفي لسترة التقى بتيموثاوس الذي انضم إليه هو
الآخر، ثم تابع طريقه باتجاه الشمال حتى وصل إلى الدردنيل ومن هناك عبر إلى
اليونان.
وفي تلك البلاد أسس بولس
كنائس جديدة في فيلبي وتسالونيكي وبيرية وأثينا وكورنثوس . وخلال إقامته الطويلة
نوعاً ما في كورنثوس قام بولس بكتابة رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل تسالونيكي
(حوالي عام 52 م) ، ومن المحتمل أنه كتب في تلك الفترة أيضاً رسالته إلى
الغلاطيين، مع أن بعض الباحثين يرجحون إحتمال أن تكون هذه الرسالة – المكتوبة في
أنطاكية - هي باكورة أعماله، بينما يذهب آخرون إلى أنها كتبت في فترة لاحقة في
مدينة أفسس .
ثم أبحر بولس الرسول بعد ذلك
إلى قيصرية في فلسطين ، ومنها قام بزيارة لأورشليم ، ومن ثم عاد إلى أنطاكية.
ثانياً - رحلة بولس التبشيرية الثالثة
أخذت الرحلة الثالثة بولس الرسول إلى غلاطية ، ثم إلى فريجية ،
ومنها إلى أفسس ، وكانت فترة العامين والنصف التي قضاها في أفسس هي أكثر فترات
حياته إثماراً ، كتب فيها رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس (حوالي عام 56 م).
ثم ذهب بولس
الرسول بعد ذلك صوب كورنثوس ، حيث يعتقد أنه كتب فيها رسالته إلى أهل روما ، ثم عاد إلى
أفسس وبعدها إلى أورشليم ، حيث إعتقل فيها ، وكانت تلك هي زيارته الأخيرة للمدينة
المقدسة (في الفترة ما بين عامي 57 و 59 م) .
كتابات القديس بولس في كتاب العهد الجديد
من بين كتب العهد الجديد الـ 27 تنسب 13 منها بشكل مباشر للقديس بولس الرسول ، كما أن قرابة نصف سفر أعمال الرسل ، كُرٌِسَ للحديث عن حياته ، وعن مُهماته التبشيرية - وبالمحصلة - فأن حوالي نصف كتاب العهد الجديد ، قد تمت كتابته بيد بولس ، وبيد أشخاص ، كانوا قد تأثروا بفكر وكرازة هذا الأخير.
ومن بين الرسائل الثلاث عشر
تقبل سبع منها على أنها رسائل بولسية أصلية ، بينما تعتبر الأخرى على أنها رسائل
تلاميذ بولس كتبت باسم معلمهم، استخدمت فيها مواد من رسائله الأخرى أو من رسائله
المفقودة.
وفي دراسة - وتتبع ملامح حياة وفكر بولس الرسول ، يستند عادةً بشكل رئيسي على الرسائل السبع الأصلية وبمرتبة ثانية على سفر أعمال الرسل تلك الرسائل - الأصلية - بحسب ترتيبها في الكتاب المقدس هي :
- الرسالة إلى أهل روما.
- الرسالة الأولى إلى أهل
كورنثوس.
- الرسالة الثانية إلى أهل
كورنثوس.
- الرسالة إلى أهل غلاطية.
- الرسالة إلى أهل فيلبي.
- الرسالة الأولى إلى أهل
تسالونيكي.
- الرسالة إلى فليمون.
أما من الناحية التاريخية فمن المحتمل أن هذه الرسائل تصنف على الشكل الآتي (بإستثناء الرسالة إلى فليمون والتي من الصعب تحديد تاريخ كتابتها).
- الرسالة الأولى إلى أهل
تسالونيكي.
- الرسالة الأولى إلى أهل
كورنثوس.
- الرسالة الثانية إلى أهل
كورنثوس.
- الرسالة إلى أهل غلاطية.
- الرسالة إلى أهل فيلبي.
- الرسالة إلى أهل روما.
رسائل العهد الجديد المنسوبة
لبولس الرسول
بشكل العام هذه هي الرسائل التي تنسب عادةً لبولس الرسول :
- الرسالة إلى أهل رومية.
- الرسالة 1 إلى أهل كورنثوس.
- الرسالة 2 إلى أهل كورنثوس.
- الرسالة إلى أهل غلاطية.
- الرسالة إلى أهل أفسس.
- الرسالة إلى أهل فيلبي.
- الرسالة إلى أهل كولوسي.
إستشهاد القديس بولس الرسول
في فترة الخمسينات زار بولس الرسول أورشليم مع بعض مسيحيي الأمم الذين آمنوا على يديه، وهناك تم اعتقاله لأنه قام بإدخالهم (وهم يونانيون) إلى حرم الهيكل ، وبعد سلسلة من المحاكمات أُرسل إلى روما ، حيث قضى فيها آخر سنين حياته.
وبحسب التقليد المسيحي ، فأن
بولس الرسول ، أُعدم بقطع رأسه بأمر من نيرون على أثر حريق روما العظيم الذي إتهم
المسيحيون بإشعاله عام 64 م.
لاهوتيات القديس بولس الرسول
لقد هيمنت شخصية بولس الرسول على العصر الرسولي للمسيحية ، كما أن رسائله خلفت أثر عظيم على هذه الديانة ، فقد تضمنت أولى كتابات اللاهوت المسيحي ، وكانت كتاباته تلك ذات طابع روحاني أكثر من أن تكون تحليلات ذات صفة منهجية ، وأصبح لاهوت بولس منبعاً للعقائد المسيحية أعطى له اللاهوتيون المسيحيون تفسيراتٍ عديدة ، فقد إعتمدت عليه الكنيسة منذ العصور الأولى ، وإستندت عليه لاحقاً الفرق المسيحية المختلفة لدعم معتقداته ، فإعتمد مارتن لوثر مثلاً على رسالة بولس إلى أهل روما ، لكي يُثبت مبدأه حول الخلاص بالإيمان فقط بدون الأعمال.
وبشكل عام فإن فكر بولس الرسول حول
حياة وموت وقيامة المسيح ، وحول كون الكنيسة هي جسد المسيح السري ، وتعليمه عن
الناموس والنعمة ، ونظرته حول التبرير قد ساهمت بشكل قاطع بإعطاء الإيمان المسيحي
شكله المعروف.
4 - القديس بطرس الرسول
إستشهد في عام 67 م
القديس بطرس الرسول
مقدمة عامة عن حياة القديس بطرس الرسول
بطرس أو بيتر هو الذي يعرف أيضا بار يوحنا أو بن يوحنا في الأرامية والعبرية، سمعان بطرس الذي يعني الصخرة ، بيترا وبطرس اليونانية Κηφᾶς وكيفا وسيفاس כיפא تعني أيضاً الصخرة ، وسيفاس في الأرامية ، والإسم الأصلي شمعون أو سمعان وفي اللغة العربية ، أخذ إسم بطرس الأكثر شعبية عند المسيحين العرب كما عرف عند المسلمين بشمعون الصفا.
المولد والنشأة الأولى وتلمذته للسيد المسيح له المجد
ولد ونشأ بطرس في قرية بيت صيدا في الجليل بفلسطين ، وعمل هناك صياداً للسمك مع أخيه أندراوس قبل أن يدعوه يسوع ليكون أحد أتباعه ، وأصبح بعد ذلك قائداً لبقية رسل المسيح كما أن الكنيسة الأولى أقرت بسلطته.
القديس بطرس والكنيسة الكاثوليكية
يعترف أغلب المسيحيين بقداسة سمعان بطرس ، وبأنه أول باباوات روما بما في ذلك الكاثوليك الشرقيين.
بينما تعتبره طوائف مسيحية أخرى بأنه أول أساقفة أنطاكية ومن ثم أصبح أسقف روما ، ولكن لا يؤخد هذا بأنه كان يملك سلطاناً أسقفياً فعلياً على بقية الأسقفيات أو الأبرشيات في مختلف أنحاء العالم ، ذلك بأن هذه الوظيفة أو المهمة تحددت خصائصها وطبيعتها في الكنيسة في فترة لاحقة لزمن هذا الرسول.
وعلاوة على ذلك فإن الكثير من المسيحيين البروتستانت لا يستعملون لقب القديس في الحديث عنه ويكتفون بلقب تلميذ أو رسول .
كان بطرس مُتحمّساً للدفاع عن
معلّمه يسوع عندما أعلن يسوع عن كيفيّة ميتته ، فقال له سمعان بطرس : " إنّي
مستعدّ أن أمضي معك إلى السجن وحتى إلى الموت. ومع أن بطرس أنكر المسيح إلا أنه
كان أول من إعترف بألوهية المسيح وآمن به.
وقد بشّر بطرس في فلسطين
وفينيقية وآسيا خمس سنوات، ثم أقام كرسيه سنة 44 للميلاد. ثم عاد إلى أورشليم في السنة
نفسها ، فألقاه هيرودس في السجن وخلّصه ملاك الربّ حسب الرواية. فاستأنفَ التبشير،
وعقد المجمع الأول مع الرسل وكتب رسالته الأولى.
ثم رجع إلى روما ، حيث أسقط سيمون الساحر ، وكشف خدعه وتعاونه مع الأرواح الشريرة ، وكان سيمون عزيزاً على نيرون الملك ، والذي غضب بدوره من بطرس وما لبث أن أمر بالقبض عليه وسجنه، ثم أمر بصلبه، ولعمق تواضعه، أبى ان يُصلب إلاّ منكّساً (عكس طريقة صلب معلمه المسيح ) ، وقد أثبت القدّيسون : ديونيسيوس وإيريناوس و يوسابيوس وإيرونيموس ، كما تبيّن أيضاً من الآثار التاريخيّة المكتشفة حديثاً في روما ، أن بطرس ذهب إلى روما بالاتفاق مع بولس. وبعد أن أسس كنيستها إستشهد في عهد نيرون عام 67.م.
سبب تسميته بإسم " الصخرة "
في حوار بين يسوع وتلاميذه (متى 16:16-20) ، سأل يسوع التلاميذ قائلاً : " ماذا يقول الناس عني ؟ " ، فكان بعض التلاميذ يعطونه إجابات مختلفة فيقولون نقلاً عن كلام الناس أنه نبي أو يوحنا أو اليا النبي أو رجل صالح.
وعندما توجه يسوع بكلامه
لتلاميذه قائلاً : " وأنتم ماذا تقولون من أنا ؟ فأجابه سمعان بطرس ، "
أنت هو المسيح إبن الله الحي" - وبدُوره - أطلق عليه يسوع اسم الصخرة وقال له
: " ستكون أنت الصخرة التي سأبني عليها كنيستي " ، وأبواب الجحيم لن
تقوى عليها" ، وكان هذا الاعتراف الأول ، بعد يوحنا المعمدان بالوحي الإهي.
والتفسير الشائع حسب الباحث
بيتر دانيال هارينغتون الذي يوحي بأن بطرس كان رمزاً ، وفي نفس الوقت كان واحدا من
التلاميذ وأول من دعا وشغل منصب المتحدث بإسم الجماعة الأولى ،وكان بطرس الرسول هو
أيضاً قدوة مع إيمان مهزوز في بداية عهده، "قليل الإيمان" في متى 14 حيث
يعبر ذلك بالغفران في المسيحية ، حيث أنه أنكر المسيح ثلاث مرات ، ولكن كان هو
أيضاً المؤسس الأول للكنيسة التي أرسى دعائمها بقوة وحزم. لم يسبق استخدام اسم
بطرس كثيراً في السابق، ولكن أصبح الاسم الأكثر شعبية للدلالة على أنه اسم مسيحي
وخاصة في العالم اليوناني سابقاً وفي بدايات مبكرة من المسيحية.
أما فيما يخص العلاقة ما بين
بطرس الرسول وعقيدة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية فالكنيسة الأرثوذكسية تعترف ببطرس
الرسول كرسول وقديس عظيم في تاريخ الكرازة المسيحية في عصر الرسل ، ويفهم أن معنى إسم بطرس الصخرة ، على أنها تشير إلى الإيمان الرسولي.
ثلاثة من الأناجيل الأربعة -
ذكرت قصة سير السيد المسيح على الماء ، وتلك الأناجيل هي متى ومرقس ويوحنا ، حيث
يحكي أن يسوع كان يمشي على الماء.
وقال لبطرس تعال ، و سار
بطرس على الماء ولكن عند إرتفاع الأمواج خاف وارتعش فبدأ يغرق، فأمسك به يسوع
وأنبه على قلة إيمانه. [متى. 14:28-31].
في بداية العشاء الأخير ، قام
يسوع بغسل أرجل تلاميذه ، ليعطيهم درساً في التواضع. ولكن بطرس رفض في البداية
السماح ليسوع بغسل قدميه ، ولكن عندما أجابه يسوع : " إن كنت لا أغسلك فليس
لك معي نصيب. قال له سمعان بطرس : " يا سيد ليس رجلي فقط بل أيضاً يدي ورأسي
" - [يو. 13:2-11] ، وغسل القدمين كثيراً ما تتكرر في خدمة العبادة يوم خميس
العهد من قِبَل بعض الطوائف المسيحية.
إستشهاد القديس بولس الرسول
يؤكد كل من بابياس وإيرونيموس وإكليمندس الإسكندري وترتوليانوس وكايوس وأوريجانوس ويوسابيوس ، وهم من آباء أو مؤرخي الكنيسة القدامى بأنه قتل في 29 حزيران-يونيو من عام 64 م - بينما يذهب بعض الباحيثين إلى أن وفاته كانت في 13 تشرين الأول - أوكتوبر من عام 64 م ، وبحسب تقليد مختلف الكنائس ، يعتقد بأنه قتل صلبا بيد السلطات الرومانية.
وإستناداً إلى أحد كتب
الأبوكريفا [ أي الكتب الدينية المرفوضة من الكنيسة ] ، والذي يسمى بكتاب أعمال
بطرس ، فإنه صلب بشكل مقلوب - أي رأسه إلى الأسفل وقدماه للأعلى - ويحدد تقليد
الكنيسة الكاثوليكية مكان دفنه تحت المذبح العالي في كاتدرائية القديس بطرس في
الفاتيكان.
نستطيع أن نتبين ملامح شخصية
بطرس الرسول من خلال ما ذكر عنه في الكتاب المقدس بأنه كان شخصية حماسية مندفعة
كما أنه كان متسرعا في كثير من الأحيان في إطلاق الأحكام والوعود.
هذا - ويُرجح بعض دارسي
العهد الجديد بأنه كان في البدئ تلميذاً ليوحنا المعمدان (النبي يحيى) قبل أن
يلتحق بالسيد المسيح ويصبح الشخص الأبرز بينهم حيث تم ذكره بشكل أكبر من بقية
التلاميذ في الإناجيل الأربعة ، فكان السبّاق في طرح الأسئلة على سيده ، كما أنه
كان السبّاق أيضاً في إعطاء الأجوبة.
إضافة إلى ذلك إختصه السيد
المسيح مع يعقوب ، ويوحنا بمعاينة أحداث عظيمة يرويها الإنجيل كحادثة التجلي وغيرها.
ويتحدث الكتاب المقدس عن
إنكار بطرس معرفته بالمسيح ثلاث مرات أثناء المحاكمة التي سبقت الصلب ولكنه ندم
على ذلك لاحقا وقبلت توبته وبعد قيامة السيد المسيح من الموت نال بطرس ورفاقه
الرسل قوة من الروح القدس واندفعوا يبشرون بإيمانهم في كل مكان.
يعتقد أن الرسول بطرس كتب
سفرين من أسفار العهد الجديد هما رسالة بطرس الأولى والثانية، في معظم اللوحات
التي رسمت له نراه يحمل في يديه مفاتيح ملكوت السموات (رمز قيادته للكنيسة).
القديس مرقس الرسول
إستشهد في عام 68 م
" كاروز الديار المصرية "
مقدمة عامة عن حياة القديس مرقس الرسول
مار مرقس أو مرقص وبالعبرية " ماركوس - מרקוס " ، ويُطلق عليه إسم مرقس البشير ، كان الكاتب للسفر الثاني من العهد الجديد إنجيل مرقس ولذلك يلقب بالانجيلي.
ويعتبر بحسب التقليد الكنسي الإسكندري البطريرك الأول (55 ـ 68) ، أو(43-63) .
ويظهر المسيح في الإِنجيل
الذي دوَّنه مرقس بمظهر المُخَلّصِ الذي جاء ليفدي الإِنسان. فبدافع محبته
الفائقة، نراه ينهمك في اَعمال الرحمة؛ فيسدُّ حاجة الإِنسان ، ويخفِّف من أَحزانه
، ثم يبذل نفسه فدية عنه. ومن هنا تركيز مرقس على معجزات المسيح أكثر من تركيزه
على تعاليمه.
وينتهي هَذا الإِنجيل إلى
الحديث عن نهاية الزمان وما سيحدث عند رجوع المسيح ثم يسرد الاَحداث المتعلِّقة
بآلام المسيح وموته وقيامته وصعوده إلى المجد ، ويؤكِّد على مساندة المسيح لتلاميذه
فيما هم ينشرون البشارة في العالم أَجمع.
كانت ليبيا أول موطن للدعوة
المسيحية في القارة الإفريقية ، على يد القديس مرقس القادم من ُصحبة السيد المسيح
عبر بلاد اليونان ، ثم إنطلق ليضع اللبنة الأولى للأرثوذكسية في مصر، لكنه سريعًا
ما عاد إلى ليبيا ثانية ، بعدما قد خاف الكهنه منه ، فقد إنتشرت المسيحية بقوة -
أي ان المصرييين آمنوا بقوة بالمسيحية بأكملهم - وليموت في مصر.
تختلف الروايات عن ولادة
مرقس ، ولكن الأغلب يقول أنه ولد في قورينا بإقليم برقة في ليبيا.
بداية نشاطه الكرازي وتأسيس كنيسة الأسكندرية
ومما هو جدير بالذكر أيضاً ،
فقد أقيم العشاء الأخير في بيته.
خروجه مع بولس وبرنـابا ، ثم
رجـع (أع 13:13) .
في الرحـلة الثانية خرج مع
برنابا إلى قبرص.
جاء إلى مصر سنة 55 م ، وكرز
فيها.
أسس في مصر الكنيسة القبطية
الأرثوذكسية وقد كان أول بطريرك لها.
رسم إنيانوس أسقفاً.
وقد نال إكليل البر
بالإستشهاد على يد عَبَدَة سيرابيس بمدينة الأسكندرية في سنة 68 م.
جسد القديس مرقس
الرسول عبر العصور
لقد تعرض جسد القديس مارمرقس الرسول للسرقة من الإسكندرية في فترة مقاربة للغزو العربي الإسلامي لمصر في نحو العام 641م ، وقيل أن سارقوا الجسد ، كانوا قد ذهبوا به إلى البندقية ، حيث بيع هناك .
ولكن الكنيسة القبطية ، كانت قد بذلت الجهود المضنية من أجل إستعادة الجسد ، وكانت تلك الجهود قد كُلِلَت بالنجاح بعودة الجسد إلى أرض مصر في عام 1968م - في زمن رعوية قداسة البابا القديس كيرلس السادس - بابا الكنيسة القبطية رقم 116 .
وفي صباح الأربعاء 26 يونيو 1968م - إحتفلت الكنيسة القبطية ، بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية المرقسية بعد إستقبال قداسة البابا كيرلس السادس لجسد القديس مرقس الرسول ، وفي نهاية القداس ، حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مارمرقس إلى حيث أودع في مزاره الحالى تحت الهيكل الكبير في شرقية الكاتدرائية.
إرسال تعليق