البدع والهرطقات المُعاصرة
(1) - البدعة السيمونية
مقدمة
لم تكن البدعة السيمونية من أخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من الخارج فحسب ، بل أنها أخترقتها ، وتغلغلت فيها وعصفت بها ، حدث هذا الإختراق فى بعض الأزمنة أثناء الإضطهاد الإسلامى الشديد ، حيث كان الولاة المسلمين يفرضون أتاوة مالية على بطاركة القبط بدفع مبالغ ضخمة من المال ، فيضطرون إلى الجولان على بيوت الأقباط فى الوجه البحرى ثم القبلى لجمع هذه الأموال كما كانوا يضطرون إلى بيع مراكز الأساقفة بدراهم ، وهذا لتسديد ما طلب منهم للوالى أو الخليفة.
البدعة السيمونية وأنواع :
والسيمونية التى طُبِقَت فى ثلاث أنواع الأول هى السيمونية المالية، أو السيمونية بالمقايضة ، والنوع الثالث السيمونية الوثنية .
وقد أنشأ هذه البدعه سيمون الساحر ، وقد أنضم إلى الكنيسة الأولى أملاً فى الحصول على القوة الإلهية عارضاً مالاً على الرسل ظاناً منه أن قوة الرسل الإعجازية إنما هى قوة سحرية يتعلمها ويمارسها مع الناس للحصول على المال كما كان يفعل قبل إيمانه، وقد أطلق أسم السيمونية فيما بعد على الجزء المالى الخاص بها فى بيع مراكز الأسقفيات فقط أو عن طريق مقايضة المركز بشئ آخر كما سبق واوضحنا من قبل ولكن لم تنجرف الكنيسة القبطية إلى تطبيق الشق الثالث أى ما تطورت إليه هذه الهرطقة ، حيث أن سيمون عبده الناس كإله هو وإمرأة عاهرة.
ولما كان الشراء فى العصور القديمة يتم بالمقايضة قبل ظهور النقود فبيع المواهب والمراكز الكنسية سواء يتم بالمال أو المقايضة لقاء شئ أو عمل ما أو خدمة أو قرابة أو منصب أو تنازل عن شئ... ألخ يطلق عليهما السيمونية .
وتعتبر السيمونية المالية من أخطر البدع التى عصفت بالكنيسة القبطية حيث كان يضطر إليها بعض البطاركة ألأقباط أحياناًُ للحصول على المال لسداد الأتاوة التى كانت تفرض عليهم من بعض الولاة المسلمين الذين حكموا مصر ، أو كان يلجأ إليها أشخاص بدفع مبالغ مالية للوصول إلى منصب فى الكنيسة القبطية.
سيمون الساحر [ صاحب البدعة ]
سيمون هو ساحر أدهش شعب السامرة بسحره، فكانوا يقولون أن سحره شيء عظيم، وكان يرضى شهوة نفسه من العظمة وترديد الناس لإسمه كما كان يجنى أرباحاً طائلة من سحرة فقداعتقدأهل السامرة أن قوة إلهية عظيمة حلت فيه! وذهب فيلبس الرسول والشماس يكرز بالإنجيل في السامرة ورأى سيمون المعجزات التي تجري على يد فيلبس، فأيقن أنها تجري بقوة أعظم من سحره، فآمن واعتمد ولازم فيلبس مندهشاً من المعجزات التي يجريها. ويبدو أن إيمانه لم ينشأ عن إقتناعه بقوة إلهية حقيقية إنما كان عن خداع فقد ظن أن في المسيحية قوة سحرية أقوى من قوة سحره. وقد ردت قصة سيمون في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال (9 - 24 ).
وسمعان هو إسم عبراني معناه ((السامع)) وسمع بطرس ويوحنا عن عمل الله في السامرة، فنزلا إليها. وأجرى الرب بهما معجزات أخرى شبيهة بتلك التي حدثت يوم الخمسين (أعمال 2) ، فأندهش سيمون أكثر، وأسرع طالباً معرفة تلك القوة السحرية العظيمة مقدماً المال ثمناً لذلك، فوبخه بطرس بشدة وطلب منه أن يتوب.
البدعة السيمونية وتطورها عبر العصور
لقد عرفت الكنيسة الأولى شناعة هذه الخطيئة ، فأطلقت اسم السيمونية على كل من يتاجر في الوظائف الكنسية.
وقد واجه الكارزون الأولون بالمسيحية مقاومة من السحرة، مثلما جرى مع عليم الساحر الذي قاوم بولس الرسول (أعمال 13: 6 و 7). ولكن قوة معجزات التلاميذ هزمت السحرة ، كما هومت قوة الرب التى حلت فى موسى سحرة فرعون.
هذا - ولقد كان لسيمون أتباع أعجبوا بقوة سحرة أطلق عليهم إسم [ السيمونيون ] ، حيث إعتبروا سيمون نبياً لهم ، وهم شيعة صغيرة من شيع الغنوسيين.
يقول أوريجانوس عنهم أنهم ليسوا مسيحيين لأنهم يعتبرون سيمون مظهر قوة إلهية.
ويقول إيريناوس أن سيمون هذا هو أبو الغنوسيين،
ولكن لم يتأكد ألعلاقة بين السيمونية والهرطقة الغنوسية فهى علاقة غير معروفه تماماً ، وذلك لسبب بسيط هو أن السيمونية تعتمد على السحر فى الإنتشار أما الغنوسية فتعتمد على الفلسفة ، ولعل الصواب قد جانب الآباء المسيحيين الأولين الذين ربطوا بين سيمون الساحر (أعمال 8) مع فكرة الغنوسية.
ولقد كان استخدام السحر أمرًا شائعًا في العالم القديم.
في البداية كان السحرة يدرسون الفلسفة وعلم التنجيم والأفلاك والطب الخ. لكن صار اسم "السحرة" يشير إلى الذين يستخدمون معرفة الفنون بغرض التعرف على المستقبل ، بدعوى أن ذلك يتحقق خلال تحركات الكواكب، ويشفون المرضى بالتعاويذ السحرية (إش 2: 6؛ دا 1: 20؛ 2: 2) ، وقد حرّمت الشريعة ذلك ( لا 19: 31؛ 20: 6) .
"وكان الجميع يتبعونه، من الصغير إلى الكبير، قائلين: هذا هو قوة اللَّه العظيمة".
يرى بعض الدارسين أن سيمون هذا هو الذي أشار إليه المؤرخ يوسيفوس، الذي وُلد في قبرص، وكان ساحرًا. استخدمه فيلكس الوالي لكي يغوي دروسللاDrusilla ، أن تترك زوجها عزيزوس Azizus وتتزوجه ، ولكن رفض بعض الدارسين ذلك، لأن سيمون هنا غالبًا ما كان يهوديًا أو سامريًا، كرَّس حياته لدراسة فنون السحر. درس الفلسفة في الإسكندرية ، وعاش بعد ذلك في السامرة.
ادعي أنه المسيح ، ورفض ناموس موسى، وكان عدوًا للمسيحية، وإن كان قد اقتبس بعض تعاليمها لكي يجتذب بها البعض.
"وكانوا يتبعونه لكونهم قد إندهشوا زمانًا طويلاً بسحره".
إذ رأى عدو الخير كلمة الله يتجسد ، وربما أدرك أن مملكته تنهار، بذل كل الجهد لإقامة العقبات في كل موضع ، فحث سيمون على عمل السحر زمانًا طويلاً، وخدع الجميع من الصغير إلى الكبير.
كان سيمون الساحر (ماجوس) شخصية خطيرة، لها سمعتها في الأوساط التاريخية والعلمية، استخدم وسائل شيطانية كثيرة، وحسبه الجميع قوة الله العظيمة. وبحسب القديس إيريناوس كان يجول بامرأة تدعى هيلانة، تُدعي أنها من تجسد سابق من إله العقل، أو من فكر الإدراك الإلهي الذي خرجت منه كل القوة الملائكية والمادية. ويقدم القديس هيبوليتس تقريرًا شاملاً لمنهجه القائم على أساس غنوسي، دعاه "الكشف الأعظم".
ويروي الشهيد يوستين كيف إستطاع هذا الساحر أن يجتذب أشخاصًا يكرسون حياتهم لنظامه بواسطة قوة السحر، ليس فقط في السامرة، بل وفي إنطاكية أيضًا وروما. وقد عُمل له تمثال في روما نُقش عليه: "تذكار لسمعان الإله المقدس". وقد أثار الحكام في روما ضد المسيحيين. ويُقال أنه دخل في صراعٍ مريرٍ مع القديس بطرس انتهي بدحره. وبتقرير العلامة أوريجينوس بقت جماعة السيمونيين تخرب في الكنيسة حتى منتصف القرن الثالث.
"قوة الله العظيمة"، وتعني: "الله القوي" أو "يهوه الجبار". جاء في كتاب اليوبيل (أبوكريفا يهودي) أن الشعب في مصر كان يخرج وراء يوسف ويصيحون قائلين : El El wa abir El، ومعناه "الله والقوة الذي من الله".
ويرى البعض أن الترجمة الدقيقة لعبارة "قوة الله العظيمة" هي: "هذا هو قوة الله، الإله الذي يُدعى العظيم " .
وقد تسبب سيمون في عزل بيلاطس بنطس ، فقد أعلن أنه سيذهب إلى جبل جرزيم، ويستخرج من تحت أنقاض هيكل جرزيم الآنية التي كان يستخدمها موسى نفسه. فانطلقت وراءه الجماهير، مما اضطر بيلاطس أن يرسل حملة من الجنود ، فحدثت مذابح رهيبة.
وقد إشتكى السامريون للحاكم الروماني في سوريا ، فأبلغ روما التي إستدعت بيلاطس بلا عودة.
يروي هيبوليتس أنه في إستعراض له بروما ، طلب أن يدفنوه حيًا ، مُدعيًا أنه سيقوم في اليوم الثالث، فدُفن ولم يقم.
"ولكن لمّا صدقوا فيلبس، وهو يبشّر بالأمور المختصّة بملكوت اللَّه، وبإسم يسوع المسيح ، إعتمدوا رجالاً ونساء".
يقول لوقا البشير: "ولكن لما صدقوا فيلبس"، وكأنهم قارنوا بين الحق الذي شهد له فيلبس الرسول، والسحر والأعمال المبهرة التي مارسها سيمون، فأعطى الروح القدس قوة لكرازة فيلبس حطمت أباطيل إبليس وجنوده.
يقرن القديس فيلبس ملكوت السماوات بالعماد باسم يسوع المسيح.
في عرضٍ رائعٍ ، يقدم لنا الشهيد كبريانوس خبرته بخصوص معموديته ، قائلاً : [ إنني مثلك، ظننت مرة إنني كنت حُرًا ، مع إنني كنت أسيرًا، مقيدًا في ظلمةٍ روحيةٍ. نعم كنت حرًا، أحيا كيفما أشاء. ولكنني كنت في فراغٍ إلي زمنٍ طويلٍ. كنت أبحث على الدوام عن شيءٍ أؤمن به. مع تظاهري بأنني واثق من نفسي، كنت كموجةٍ تلطمها الريح. كنت أيضًا أنجذب إلي كل أمور هذه الحياة معتزًا بالممتلكات والسلطة. بينما كنت أعرف في قلبي أن كل هذه الأمور ليست إلا كفقاعةٍ علي البحر ، تظهر الآن ثم تتفجر لتزول إلي الأبد - مع تظاهري باليقين الخارجي - كنت أعرف أنني مجرد تائه في الحياة، ليس لي خطة أسلكها، ولا مسكن تستقر فيه نفسي ، يمكنك أن ترى إنني لم أعرف شيئًا عن الحياة الحقيقية، الحياة الجديدة المقدمة لنا من فوق ، لأنني كنت أبحث عن الحق خلال خبراتي الذاتية، معتمدًا علي طرق منطقي الذاتي، لذا بقي الحق مراوغًا. وإذ اعتمدت علي فهمي الخاص، كان نور الحضرة الحقيقية لله مجرد إشراقة بعيدة ، سمعت أن رجالاً ونساءًا يُمكنهم أن يُولدوا من جديد ، وأن الله نفسه أعلن طريق تحقيق هذا الميلاد الجديد بالنسبة لنا، وذلك لمحبته للخليقة التائهة مثلي. في البداية ظننت أن هذا مستحيل ، كيف يمكن لشخص مثلي عالمي وعنيف أن يتغير ويصير خليقة جديدة؟ ، كيف يمكن لمن هو مثلي أن يعبر من تحت المياه ويعلن أنه قد وُلد من جديد؟ ، هذا بالنسبة لي أمر غير معقول، أن أبقى كما أنا جسمانيًا، بينما يتغير صُلب كياني ذاته، وأصير كأنني إنسان جديد ، لم أرد أن أترك عدم إيماني، ومقاومتي لهذه الفكرة بأنني أولد من فوق. لقد إعترضت: "نحن من لحمٍ ودمٍ ، مسالكنا طبيعية، غريزية، مغروسة بحق في أجسامنا ، إننا بالطبيعة نقدم أنفسنا على الغير ، ونسيطر ونتحكم ونصارع لكي نغلب الآخرين مهما كانت التكلفة. توجد بعد ذلك عادات اقتنيناها حتى وإن كانت تضرنا، صارت هذه العادات جزًء منا، كأنها أجسامنا وعظامنا ، كيف يُمكن لشخصٍ أحب الشرب والولائم أن يصير ضابطًا لنفسه ومعتدلاً؟ كيف يمكنك أن تستيقظ صباحًا ما وبمسرةٍ ترتدي ثوبًا بسيطًا وقد اعتدت علي الملابس الفاخرة وما تجلبه من الأنظار والتعليقات؟ كيف يمكنك أن تحيا ككائنٍ متواضعٍ بينما قد نلت كرامة في أعين الجماعة؟ - هكذا كان تفكيري الطبيعي، إذ كنت في عبودية لأخطاء لا حصر لها تسكن في جسدي. بالحقيقة يئست من إمكانية التغيير. فقد تكون تلك العادات ضارة لي، لكنها كانت جزءً مني. لذلك كان التغير مستحيلاً، فلماذا أصارع؟ فإنني كنت أشبع رغباتي بتدليلٍ ، ولكن... في يومٍ أخذت خطوة وحيدة بسيطة وضرورية متجهًا نحو الله. تواضعت أمامه وكطفل قلت: "أؤمن". نزلت تحت المياه المباركة... فغسلت مياه الروح الداخلية وسخ الماضي، وكأن بقعة قذرة قد أُزيلت من كتانٍٍ فاخرٍ، بل وحدث ما هو أكثر ، أشرق نور عليَّ كما من فوق. إغتسلت في سلامٍ لطيفٍ. تطهرت في الحال. قلبي المظلم يتشبع بحضرته، وعرفت... عرفت... أن الحاجز الروحي القائم بيني وبين الله قد زال. تصالح قلبي وقلبه. أدركت الروح ، نسمة الآب، قد حلّ فيّ من هو فوق هذا العالم. وفي تلك اللحظة صرت إنسانًا جديدًا ، منذ ذلك الحين وأنا أنمو في معرفة كيف أحيا بطريقٍ ينعش حياتي الجديدة المعطاة لي ويعينها ، ما كنت أتشكك فيه صار لازمًا أن أتعامل معه بكونه الحق واليقين. ما كنت أخفيه يلزم أن يخرج إلي النور. بهذا ما كنت أسيء فهمه بخصوص الله والعالم الروحي بدأ يصير واضحًا ، وأما عن عاداتي الخاصة بإنساني القديم، فقد تعلمت حسنًا كيف تتغير... حيث تُعاد خلقة هذا الجسد الأرضي بواسطة الله. في كل يوم أنمو علي الدوام، صرت أكثر قوة، وحيوية في روح القداسة ، الآن أخبرك ببساطة الخطوة الأولي في طريق الروح: قف أمام الله كل يومٍ بوقارٍٍ مقدسٍ، كطفلٍ بريءٍ ثق فيه. هذا الاتجاه يحمي نفسك. يحفظك من أن تصير مثل الذين ظنوا أنهم متأكدون أنهم يخلصون، فصاروا مهملين. بهذا فإن عدونا القديم، الذي يتربص دومًا، أسرهم من جديد. لتبدأ اليوم أن تسير في طريق البراءة، الذي هو طريق الحياة المستقيمة أمام الله والإنسان. لتسر بخطوة ثابتة. أقصد بهذا أنك تعتمد علي الله بكل قلبك وقوتك. ألا تشعر به، الآب، إذ هو موجود حولك؟ ، إنه يود أن يفيض عليك... فقط اذهب إليه وأنت متعطش للحياة الجديدة... إفتح الآن نفسك واختبر نعمته، التي هي الحرية والحب والقوة، تنسكب عليك من أعلى ، تملأك وتفيض ، إفتح نفسك أمامه الآن، هذا الذي هو أبوك وخالقك. كن مستعدًا أن تنال الحياة الجديدة وتمتلئ بها... هذه التي هي الله نفسه ].
"وسيمون أيضًا نفسه آمن، ولمّا اعتمد كان يلازم فيلبس ، وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تُجرى اندهش".
استطاع سيمون في البداية أن يميز بين الحق والباطل ، وما هو من الله وما هو من الشيطان، فآمن وصار مرافقًا لفيلبس الرسول ، لقد أبهرته الآيات والقوات العظيمة، وللأسف إندهش فإشتهاها، وصمم أن يشتريها بالمال.
القديس أغسطينوس يقول: " عندما نسمع: "من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16)، فبالطبع لا نفهم ذلك على من يؤمن بأيّة طريقة، فالشيّاطين يؤمنون ويقشعرّون (يع 2: 19). كما لا نفهم ذلك على من يتقبّلون المعموديّة بأيّة طريقة كسيمون الساحر الذي بالرغم من نواله العماد إلا أنه لم يكن له أن يخلص. إذن عندما قال: "من آمن واعتمد خلص" لم يقصد جميع الذين يؤمنون ويعتمدون بل بعضًا فقط، هؤلاء الذين يشهد لهم أنهم راسخون في ذلك الإيمان الذي يوضّحه الرسول: "العامل بالمحبّة" (غل 5: 6.( "
القديس كيرلس الأورشليمي: " حتى سيمون الساحر جاء يومًا إلى الجرن (أع 13: 8) واعتمد دون أن يستنير، فمع أنه غطس بجسمه في الماء، لكن قلبه لم يستنر بالروح. لقد نزل بجسمه وصعد، أما نفسه فلم تُدفن مع المسيح ولا قامت معه (رو 4: 6، كو 12: 2) .
ها أنا أقدم لكم مثالاً لساقطٍ حتى لا تسقطوا أنتم. فإن ما حدث كان عبرة لأجل تعليم المتقرّبين لهذا اليوم [ بيوم العماد ] .
إذن ليته لا يكون بينكم من يجرب نعمة اللَّه، لئلا ينبع فيه أصل مرارة ويصنع انزعاجًا (عب 15: 12)!
ليته لا يدخل أحدكم وهو يقول: لأنظر ماذا يعمل المؤمنون! لأدخل وأرى حتى أعرف ماذا يحدث؟! (أي يدخل لمجرد حب الاستطلاع.
أتظن أنك ترى الآخرين وأنت (في نيتك أن) لا ترى؟! أما تعلم إنك وأنت تفحص ما يحدث معهم، يفحص اللَّه قلبك؟ .
"ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة اللَّه، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا".
القديس يوحنا الذي سبق فطلب مع أخيه يعقوب من رب المجد يسوع أن يرسل نارًا ليحرق قرية سامرية (لو 9: 25 الخ) ، هو نفسه الآن ينطلق مع القديس بطرس، منتدبين من الكنيسة في أورشليم ، لمساندة القديس فيلبس في خدمته في السامرة. ذهبا الآن لكي تنزل نار الروح القدس الذي يجدد القلوب ويسكب المحبة الإلهية فيها، ويشَّكل النفوس لتصير العروس المقدسة للسيد المسيح.
إذ قبل السامريون الكلمة بأعداد كبيرة صار العمل يحتاج إلى أيدٍ أخرى للعمل بجانب القديس فيلبس. إنها أول حركة كنسية جريئة من أورشليم، أن تبعث رسولين إلى خارج اليهودية لخدمة السامريين، لينضم سامريون إلى العضوية الكنسية.
إرسال بطرس ويوحنا إلى السامرة من قبل الكنيسة في أورشليم يؤكد العمل الكنسي الجماعي، ودور الكنيسة في أورشليم القيادي، وأنه لم يكن بين الرسل رئيس، بل كان الكل متساوين في السلطان الرسولي. لا يحمل القديس بطرس رئاسة ليرسل رسلاً، بل في تواضعٍ وحبٍ وشركةٍ أطاع صوت جماعة الرسل الذين أرسلوه مع القديس يوحنا للعمل بحكمة. اختار الرسل القديس بطرس المعروف بغيرته واندفاعه ومعه القديس يوحنا المعروف بهدوئه ورقته؛ وقد حدث انسجام بينهما مع اختلاف سماتهما، إذ شعر كل منهما محتاجًا للآخر. فاختلاف السمات أو المواهب علامة صحية للكنيسة مادام الحب مع التواضع يعملان في حياة الجماعة.
"اللذين لمّا نزلا صلَّيا لأجلهم ، لكي يقبلوا الروح القدس".
"لأنه لم يكن قد حلّ بعد على أحدٍ منهم ، غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع".
"حينئذٍ وضعا الأيادي عليهم ، فقبلوا الروح القدس".
كان المؤمنون قد نالوا سرّ العماد، الآن وضع الرسولان بطرس ويوحنا الأيادي ليحل الروح القدس عليهم. وقد تسلم الأساقفة هذا التقليد أو التسليم: "وضع الأيادي"، وقد دُعي سرّ المسحة" أو "سرّ الميرون" حيث يسكن الروح القدس في أعماق النفس، ويُقدس حياة المؤمن ، ويقوده لكي يحمل أيقونة المسيح، وسأتحدث عنه في ملحقٍ خاص به في نهاية الحديث عن هذا الإصحاح.
لقد سبق فأوصى تلاميذه ألا يدخلوا مدينة للسامريين (مت 10: 5)، الآن بعد صعوده وإرسال روحه القدوس فتح أبوابها لهم ليكرزوا ويعمدوا.
قام القديس فيلبس بتعميدهم باسم الرب يسوع، فلماذا لم يضع يده عليهم ليحل عليهم الروح القدس؟.
يرى البعض أن موضوع قبول الأمم للإيمان ونوالهم سرّ العماد وحلول الروح القدس كان أمرًا غاية في الخطورة، لم يكن ممكنًا لليهود المتنصرين في البداية أن يقبلوه. فلو تم ذلك خلال فيلبس وحده لأخذ اليهود المتنصرين منه موقفًا متشددًا، وربما حسبوا عمله باطلاً. لهذا قام بالكرازة والعماد، وجاءت كنيسة الختان ممثلة في شخصي بطرس ويوحنا تثبت صحة العمل بوضع الأيادي ليقبلوا الروح القدس. فما فعله الرسولان لا يقلل من شأن القديس فيلبس، ولا يضعه في موقف العجز عن وضع اليد لقبول الروح القدس، إنما كان بخطة إلهية لتأكيد وحدة العمل جميعًا في فتح باب الإيمان للأمم.
كان قبول الروح القدس في بداية الكرازة يختلف من حالة إلي أخرى حسب ما يراه الروح من أجل ظروف الكنيسة.
القديس كيرلس الأورشليمي في قال: " أيام موسى كان الروح يُعطي بوضع الأيدي (عد 11: 29)، وبوضع الأيدي يعطي بطرس الروح. "
"ولما رأى سيمون أنه بوضع أيدي الرسل يُعطى الروح القدس، قدّم لهما دراهم".
ظن سيمون أنه قادر أن ينال سلطان الرسل في صنع الآيات والعجائب بدفع دراهم للرسل، ولم يدرك أن الرسل أنفسهم تمتعوا بها كنعمةٍ مجانيةٍ، مُقدمة لهم من الله نفسه؛ وأن هؤلاء الرسل قد باعوا كل ما لهم ليتبعوا المصلوب. فما أراد أن يقدمه لهم سيمون ليس له موضع في قلوبهم ولا في فكرهم.
مع أن سيمون قد قبل الإيمان المسيحي، لكن قلبه كان لا يزال أسيرًا لعمل أمور فائقة خلال السحر، ولعله ظن في السلطان الرسولي أنه نوع من السحر، ولكن بطبيعة أخرى غير التي مارسه قبل الإيمان.
إنه مثل بلعام، قدم مالاً ليقتنى الموهبة، فكانت غايته نوال مكاسب مادية وراء هذا العمل.
أخيرًا فإن تصرف سيمون يكشف عما في قلبه من كبرياء واعتداد بالذات.
القديس أغسطينوس قال: " أحب سيمون الساحر سلطان المسيحيين أكثر من البرّ. "
"قائلاً: أعطياني أنا أيضًا هذا السلطان، حتى أي من وضعت عليه يدي يقبل الروح القدس".
يرى القديس إيريناؤس أن سيمون الساحر ظن أن ما يمارسه الرسل من عجائب هو عن معرفة أعظم للسحر وليس بقوة الله، لذلك أراد اقتناء هذه الموهبة بدراهمٍ، لكشف السرّ له. لقد أظهر رغبته في التعرف على أسرار أعظم للسحر عوض إيمانه بالله وتوبته.
العلامة ترتليان يقول: " لا يقدر أن يرجو ملكوت السماوات من يفسد السماء بإصبعه وعصاته السحرية ( أي بإستخدامه النجوم في السحر ) ."
القديس إيريناؤس يقول : " إذ تقبلت الكنيسة العطايا مجانًا من الله تخدم الآخرين مجانًا. "
في ذات الصدد - يقول القديس كيرلس الأورشليمي : " لم يقل : "أعطياني أنا أيضًا شركة الروح القدس" بل قال: "هذا السلطان"... لقد قدم مالاً لمن ليس لهم مقتنيات، مع أنه رأى الناس يقدمون ثمن الأشياء المُباعة ويضعونها عند أرجل الرسل. "
القديس أغسطينوس يقول: " عندما رأى سيمون ذلك ظن أن هذه القوّة هي من البشر، فأراد أن تكون له هو أيضًا. ما ظنّه أنه من البشر، أراد أن يشتريه من بشر. "
"فقال له بطرس: لتكن فضتك معك للَّهلاك، لأنك ظننت أن تقتني موهبة اللَّه بدراهم".
كشف له القديس بطرس عن جريمته، وهي اعتقاده أنه قادر أن يقتني المواهب الإلهية التي لا تُقدر بثمن بدفع دراهمٍ.
يؤمن القديس بطرس أن محبة المال مدمرة للنفس، فإن كان قلب سيمون مرتبطًا بهذه الرذيلة إنما يهلك مع ما لديه من فضة، التي حتمًا تزول وتتبدد، بل والأرض كلها تزول ، لقد ربط نفسه بما هو زائل فينحدر مع ما ارتبط به.
ظن سيمون أنه قادر أن يشتري من الله إحساناته الإلهية وعطاياه السماوية بالمال؛ وهو بهذا يهين الله الكلي الحنو.
"ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر، لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام اللَّه".
"نصيب": تستخدم في توزيع الميراث حيث ينال كل شخص نصيبه منه. فإذ كان قلب سيمون غير مستقيمٍ لم يعد يُحسب ابنا لله القدوس، وبالتالي ليس من حقه أي نصيب في الميراث. وكأن ما يشغل ذهن المسيحي ليس نواله النصيب من الميراث، مهما بلغت قيمته، وإنما التمتع بالبنوة لله، والثبات فيها، عندئذ ما يناله من مواهب في هذا العالم، أو من ميراث في الحياة الأبدية، هو ثمر طبيعي للبنوة الفائقة.
"قرعة": كانت تستخدم حين تتحقق نصرة جيشٍ ما، فيجمع الغنائم وتُستخدم القرعة في توزيعهما. ليس من حق سيمون أن يتمتع بالقرعة، لأنه عزل نفسه عن جيش الله، ولم يعد بالجندي الصالح الذي يهدم حصون إبليس ويسحقه بالنعمة تحت قدميه، فأي قرعة تعمل لحسابه؟
أخيرًا، فإن علاج الموقف ليس مجرد التراجع عن طلب الموهبة بدراهمٍ، بل التحول من الاعوجاج أو عدم استقامة قلبه إلى الاستقامة والقداسة والإخلاص في محبته لله.
لقد آمن سيمون واعتمد، لكنه أصر على الاعوجاج وعدم التمتع بالحياة الجديدة التي في المسيح يسوع. فالله يراه حسبما يكون قلبه عليه، لأنه فاحص القلوب والكلي.
تُنسب السيمونية لسيمون الساحر الذي ظن أنه قادر أن يقتني مواهب الروح القدس بدراهمٍ، إما لمكسبٍ مادي أو لنوال كرامةٍ زمنيةٍ. تناقض السيمونية عمل الروح، لأن مواهب الروح تقدم لمن باعوا العالم وصلبوا الذات مع الشهوات من أجل المجد السماوي. فمن كان نصيبه السماء لا ينتظر مكاسب مادية أو مجدًا زمنيًا.
جاء في إبيفان Epiphan قال سيمون عن نفسه أنه الابن، وأنه لم يتألم حقيقة، بل بدا لهم هكذا ] ، [ وأنه جاء بنفسه بين اليهود بكونه الإبن ، وبين السامريين الآب، ولبقية الأمم بكونه الروح القدس. [
في دفاعه الموجه إلى أنطونيوس بيوس كتب الشهيد يوستينوس [ كان يوجد سيمون السامري من قرية تدعى Gitton في أيام حكم كلاديوس قيصر في روما مدينتكم الملكية، هذا صنع أعمالاً وسحرًا ، وذلك بواسطة الشياطين العاملة فيه.
ولقد حسبوه إلهًا وكُرم بينكم بعمل تمثال له، حيث أقيم في نهر التيبر بين جسرين ، وحمل هذا النقش "Simoni Deo Sanceto" الذي هو "سيمون، اللَّه القدوس" ] ، وذكر القديس إيريناؤس والعلامة ترتليان ذات القصة.
القديس كيرلس الأورشليمي قال: " سيمون الساحر هو مصدر كل هرطقة، هذا الذي جاء عنه في سفر أعمال الرسل أنه فكَّر أن يشتري بمالٍ نعمة الروح القدس، فسمع القول: "ليس لك نصيب في هذا الأمر" الخ ، وعنه أيضًا كُتب: "منا خرجوا، لكنهم لم يكونوا منا، لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا" (1 يو 19: 2 ).
هذا الإنسان بعدما طرده الرسل جاء إلى روما، حيث استمال إليه زانية تدعى هيلين Helene ، وقد تجاسر بفمه المملوء تجديفًا أن يُدعي أنه هو الذي ظهر على جبل سيناء كالآب ، وظهر كيسوع المسيح بين اليهود، ليس في جسدٍ حقيقيٍ بل كان يبدو هكذا، وبعد ذلك كالروح القدس الذي وعد المسيح أن يرسله كمعزٍ.
لقد خدع مدينة روما حتى أقام له كلوديوس تمثالاً نقش عليه من أسفل بلغة الرومان: Simoni Deo Sancto ـ وهى تعني "إلى سيمون اللَّه القدوس " .
القديس ايريناؤس قال : " اشترى سيمون من صور، وهي مدينة فينيقية، زانية معينة تدعى هيلين، اعتاد أن يأخذها معه، معلنًا أن هذه السيدة هي أول إدراكات ذهنية، وأنها أم الجميع، بواسطتها أدرك منذ البداية خلقة الملائكة ورؤساء الملائكة. "
كشف له الرسول عن سمات شخصيته الخفية وهي "عدم استقامة قلبه"؛ فجريمته تكمن في أعماقه، ولا تقف عند ما نطق به أو سلك به. فهو في حاجة إلى تجديدٍ داخليٍ للقلب. إنه يحمل فكرًا عالميًا ماديًا، أو طبيعيًا، لا يقبل ما لروح لله، فكيف ينال مواهب الروح؟
"فتبْ من شرِك هذا، وأطلب إلى اللَّه، عسى أن يغفر لك فكر قلبك".
قدم له الرسول العلاج وهو "التوبة"، فقد آمن واعتمد، لكن لم يرجع إلى الله بالتوبة... متى قدم توبة يمكنه أن يرفع عينيه إلى الله، فيراه غافر الخطايا، مهما كان جرمها. فالصلوات والطلبات والتضرعات لن تُقبل بدون التوبة.
"فكر قلبك": إنك محتاج ليس فقط إلى التوبة عن تصرفك بطلب مواهب الله المجانية بدراهم، وإنما أيضًا عن فكر قلبك الذي تخفيه في داخلك، لكنه ظاهر أمام الله.
طالبه أن يحول نظره عن المال الذي بين يديه، أو الذي يتوقع نواله، كما يحوله عن حب السلطة والكرامة، ليتطلع إلى أعماقه ويكتشف ما بلغه قلبه من فسادٍ ونجاسةٍ ويصرخ إلى الله مخلصه ليغفر له خطاياه.
مع قوله: "لتكن فضتك معك للهلاك"، بمعنى دعْ سيدك في جيبك لدمارك، يفتح له باب التوبة: "تب من شرك هذا".
"لأني أراك في مرارة المرْ، ورباط الظلم".
"مرارة": تشير الكلمة هنا إلى السائل الأخضر باصفرار الذي يوجد خفية في الكبد، فإن الخطية تفيض في داخل النفس سائلاً مرًا، يُفقد القلب سلامه، والنفس فرحها، ليعيش الإنسان مرْ النفس، أحيانًا بلا سبب خارجي.
نال سيمون شهرة عظيمة، حسده الكثيرون عليها، وظنه الكثيرون من أسعد الناس وأقواهم، أما القديس بطرس فرأى مرارته الداخلية، وقيود نفسه التي تكبله وتحبسه داخل الظلمة.
"لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم" ، أدرك القديس بطرس كيف دخل الشيطان بسيمون إلى الكنيسة ليُفسدها ، فقد كان لعمله هذا أثره على الشرق والغرب إلى قرابة ثلاثة قرون. بل ولازال عدو الخير يبذل كل الجهد لإفساد كنيسة الله بالسيمونية. إنه لا يزال يثمر سيمون علقمًا وأفسنتينًا ( تث 29: 18 ).
يفضل البعض ترجمتها: "مرًا وأفسنتينا " .
"رباط الظلم" الأصل اليوناني معناه "قيود الشر". كان الرسول بولس يطالبه بالتوبة والرجوع إلى الله، وهو يراه مقيدًا بقيود الشر.
القديس يوحنا الذهبي الفم قال: " لماذا لم يضرباه بالموت كما حدث مع حنانيا وسفيرة؟ فإنه حتى في الأوقات القديمة الذي جمع الحطب في يوم السبت قُتل (رجمًا) ليكون عبرة للآخرين (عد 15: 32)، ولم يحدث هذا بعد في الأمثلة التي بعد ذلك، هكذا في المناسبة الحاضرة.
لقديس يوحنا الذهبي الفم قال: " هذه كلمات تحمل سخطًا شديدًا. لكنه لم يعاقبه، حتى لا يكون الإيمان بالإكراه، ولكي لا يبدو الأمر فيه قسوة، لكي يفتح باب التوبة، فإنه يكفي لإصلاح أمره أن يقنعه ويخبره بما في قلبه حتى يجتذبه إلى الاعتراف بخطئه. فإن قوله: "أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي" هو اعتراف أنه ارتكب خطأً.
تًمثل الخطية هنا بالمرارة، السم القاتل، الحرمان من الفرح، هذه كلها من عمل الخطية بكونها مدمرة لكل ما هو صالح، كما تُمثل أيضًا بقيود العبودية والحرمان من حرية الحركة والعمل، والتمتع بالبرّ الإلهي (مز 116: 16؛ أم 5: 22؛ رو 7: 23- 24 ).
"فأجاب سيمون وقال: أطلبا أنتما إلى الرب من أجلي، لكي لا يأتي عليّ شيء مما ذكرتما".
اظهر سيمون انزعاجًا شديدًا بسبب اللعنة التي حلت عليه، لكن يبدو أنه لم يكن جادًا في توبته. لقد طلب الرسول بطرس منه أن يتوب وأن يصلي، لكي ما يكشف الله عن خطاياه كما يكشف له عن نعمة الخلاص، حيث ينال مغفرة خطاياه ويتمتع بالبركات الأبدية، أما سيمون فيبدو أنه لم يكن يشغله خلاص نفسه، بل يشغله ما تحل به من إهانات وفقدان للكرامة، أي عقوبة الخطية. لهذا لم يطلب من الرسولين أن يسنداه بصلواتهما لأجل توبته، بل لكي لا تحل به العقوبة. حسن أن نطلب صلوات الآخرين عنا، على أن تكون سندًا لنا في صلواتنا؛ نطلبها في شعورٍ حقيقي بالحاجة إلى التوبة، لا بالخوف من العقوبة الإلهية أمام الناس.
لقد تمثل سيمون بفرعون في طلبه من موسى الصلاة عنه (خر 8: 28، 32)، وأيضا يربعام (1 مل 13: 6). هكذا يطلب أحيانًا الأشرار الصلاة من أجلهم، مع تشبثهم وإصرارهم على ممارسة الشر.
"ثم أنهما بعدما شهدا وتكلّما بكلمة الرب،
وقد ذكر يوسابيوس القيصرى : عن سيمون الساحر في كتابه [ تاريخ الكنيسة ] يقول:
1- إذ ذاع الآن الإيمان بمخلصنا وربنا يسوع المسيح بين كل البشر دبر عدو خلاص الأنسان خطة للإستيلاء على المدينة الإنبراطورية، لذلك دفع سيمون السابق ذكره وساعده فى فنونه المضللة ، وضلل الكثيرون من سكان روما، هكذا جعلهم فى سلطانه.
-2هذا ما قررة يوستينوس ، وهو أحد كتابنا البارزين، عاش بعد عصر الرسل بوقت قصير، وسأتحدث عنه فى المكان المناسب خذ أقرأ كتابة هذا الرجل الذى فى إحتجاجه الأول الذى ألقاة أمام انطونين دفاعاً عن ديانتنا كتب ما يلى :
-3 وبعد صعود الرب غلى السماء دفعت الشياطين رجالاً معينين قالوا أنهم آلهة، ولم يسمحوا لهم فقط بأن يظلوا غير مضطهدين، بل أعتبروا أيضاً مستحقين الأكرام، كان أحدهم سيمون، وهو سامرى من قرية جتو -Gitto ( إحدى قرى السامرة) ، وفى عهد كلوديوس قيصر أجرى فى مدينتك الأمبراطورية بعض أعمال السحر العجيبة بفعل الشايطين التى كانت تعمل فيه، وأعتبر إلهاً، وكإله أكرمته بتمثال أقيم فى نهر التيبر (يعنى الجزيرة القائمة وسط نهر التيبر، وهى تحت الفاتيكان بمسافة قصيرة) بين القنطرتين ونقشت عليها الكتابة باللاتينية Simoni Deo Sancto أى (سيمون الإله القدوس
وصار كل السامرين تقريباً ، وقليلون حتى من الأمم الأخرى يعترفون به ويعبدونه كالإله الأول، وجالت معه أمرأة فى ذلك الوقت أسمها هيلانة (تحدث عنها بنفس المعنى كل من إيناوس وهيبوليتس وترتليانوس وأبيفانيوس.. ألخ)، وكانت سابقاً عاهرة فى مدينة صور من أعمال فينيقية، وهم يدعونها الفكرة الأولى التى برزت منه "
5- وقد روى هذه الأمور يوستينوس، وأتفق إيريناوس فى الكتاب الأول من مؤلفه " ضد الهرطقات" حيث تحدث عن هذا الرجل وعن تعاليمه الفاسدة، وتعتبر من باب تحصيل الحاصل سرد روايته هنا، لأنه من السهل لمن يريد معرفة أصل المهرطقين الذين أتبعوه وحياتهم وتعاليمهم الكاذبة، ومعرفة العوائد التى مارسوها كلهم، أن يجدها مفصلة فى مؤلف إيريناوس السابق الإشارة إليه
6 -ونحن نعلم أن سيمون هو منشئ كل بدعة، ومنذ عصره إلى الوقت الحاضر نرى أن كل الذين أتبعوا هرطقته قد تظاهروا بفلسفة المسيحيين الوقورة المتزنة، المعروفة للجميع بسبب طهارة الحياة التى تنادى بها، على أنهم مع ذلك رجعوا ثانية لخرافات الأوثان التى تظاهروا بأنهم نبذوها وصاروا يخرون أمام صور وتماثيل سيمون نفسه، وهيلانة السابق ذكرها التى رافقته ، ويتجاسرون على عبادتها بالبخور والذبائح والسكائب.
-7 على أن تلك الأمور التى يحتفظون بسريتها أككثر من هذه ، والتى يقولون عنها أن المرء لدى سماعها عنها لأول مرة يندهش، بل "يرتبك" (حسب العبارات المسجلة كتابة المألوفة بينهم) هى فى الحقيقة مليئة بالمدهشات وبالجنون والحماقة، لأنها النوع الذى يستحيل أيضاً على إناس محتشمين مجرد التلفظ بها بشفاههم بسبب إنحطاطها المتناهى وفجورها المتزايد.
8- أيه سفالة يمكن تصورها أدنى من أسفل السفائل، تلك التى برز فيها أولئك السفلة الذين يلهون ويعبثون بالنساء التعيسات اللاتى إنغلبن من كل انواع الرزائل.
نياحة البابا ديمتريوس الكرٌام
بعد أن قضى البابا " ديمتريوس الكرٌام " - على كاتدراء مارمرقس الرسول ، ما يربو عن الإثنين وعشرون عاماً ، تنيح بسلام في يوم 12 بابه ، لعام 224م.
إرسال تعليق