تاريخ
البطاركة
18 -
البابا ديمتريوس الأول
حياته
وبداية خدمته الباباوية
لقد كان القديس البابا ديمتريوس فلاحاً أمياً ، وقد عُرف بأوصاف عديدة - منها : " مجاهد الشهوة وقاهر الطبيعة " ، لا يعرف القراءة والكتابة ، وكان متزوجاً.
وأقام مع زوجته سبعاً وأربعين
سنة ، إلى أن إختير بطريركاً ، ولم يعرف أحدهما الآخر معرفة الأزواج ، بل لبثا طوال
هذه المدة وهما في بكوريتهما وطهارتهما ، ولم يكن أحد من الشعب يعرف ما هما عليه.
ولما إقتربت نياحة القديس يوليانوس البابا إلحادي عشر ، ظهر له ملاك الرب في رؤيا وأعلمه
عن هذا القديس ، وأنه هو الذي سيصير بطريركاً بعده ، وأعطاه علامة بقوله له : غدا
يأتيك رجل ومعه عنقود عنب ، فأمسكه عندك وصلي عليه ، ولما انتبه من نومه ، أعلم من
كان عنده من الأساقفة والكهنة بهذه الرؤيا.
قصة عنقود العنب والجلوس على الكرسي الباباوي
وحدث
في الغد أن وجد القديس ديمتريوس عنقوداً من العنب في غير أوانه ، فحمله إلى القديس
يوليانوس بقصد نيل بركته ، فمسكه الأب البطريرك من يده وقال للحاضرين "هذا
بطريركم بعدى " ، ثم صلى عليه ، فأمسكوه ، وأبقوه إلى أن تنيَّح الأب يوليانوس ، وأكملوا الصلاة عليه ، فإمتلأ من النعمة السمائية .
من ظُلمة الجهل إلى نور التعليم
لقد أنار الرب عقل " ديمتريوس الكرام " ، فتعلم القراءة
والكتابة ، ودرس كتب الكنيسة وتفاسيرها ، وكانت أقوال النعمة تتدفق من فيه عندما يعظ ،
من أهم أعماله في الخدمة
كان البابا " ديمتريوس الأول " أول من قام بوضع حساب الأبقطى ، والذي به كانت تستخرج مواقيت الأصوام على قواعد ثابتة ، وقد كان المسيحيون قبل ذلك يصومون الأربعين المقدسة بعد عيد الغطاس مباشرة ، إقتداء
بالسيد المسيح الذي صام بعد عماده ، ثم يصومون أسبوع الآلام مُنفصلاً ليكون الفصح
المسيحي في الأحد الذي يلي فصح الإسرائيليين ، وكان أيضاً من المسيحيين من يحتفل
بالفصح المسيحي يوم 14 نيسان ، أي أنهم كانوا يعيدون مع إليهود ، غير ملتفتين إلى أن
فصح المسيحيين بقيامة السيد المسيح كان بعد الفصح الموسوي ، ولذلك اهتم البابا
ديمتريوس بوضع قواعد ثابتة للأصوام والأعياد المسيحية ، كما ضم الأربعين المقدسة إلى
أسبوع الآلام. وكتب بذلك إلى كل من أغابيانوس أسقف أورشليم ومكسيموس بطريرك
إنطاكية وبطريرك رومية وغيرهم فاستحسنوه وعملوا بقواعده إلى اليوم ، ما عدا كنيسة
رومية فأنها عدلت عن ذلك واتبعت منذ القرن السادس عشر التقويم الغريغورى. وكانوا
باباوات الكنيسة القبطية يبعثون برسائلهم الفصحية إلى أنحاء المعمورة ليحتفل
المسيحيون بعيد الفصح في يوم واحد ليكون السرور عاما. ويرجع لهم الفضل الأول في
تعيين يوم الفصح المسيحي.
وكان
الله مع هذا الاب لطهارته ، وكان قد منحه موهبة أنه إذا أكمل القداس وتقدم الشعب
لتنأول القربان المقدس ، كان ينظر السيد المسيح يدفع بيده من يستحق، أما إذا تقدم
من لا يستحق فإنه يظهر له ذنبه ولا يسمح له بالاقتراب حتى يعترف بخطيئته فيؤنبه
الاب عليها ، ويقول له "تنح عن خطيئتك وتب وبعد ذلك تقدم وتنأول الأسرار المقدسة" ، فإستقامت رعيته في زمانه.
فترات المتاعب الخدمة
لكثرة تبكيت البابا " ديمتريوس الأول " الخطاة وحثهم على التوبة والطهارة ، تذمر بعضهم وقالوا هذا الرجل متزوج فكيف
يوبخنا ، فأراد الله تعإلى إظهار فضائله فأتاه ملاك الرب في الليل وقال له "يا
ديمتريوس لا تطلب خلاصك وتترك غيرك يهلك في شكه" فاستوضحه الأب هذا القول
فقال له : " يجب أن تكشف للشعب السر الذي بينك وبين زوجتك حتى يزول عنهم
الشك ".
وفي الصباح بعد أن أقام القداس الإلهي أمر الشعب بعدم الخروج من
الكنيسة ثم أخذ جمرا ووضعه في أزار زوجته وفي بللينه ، وطاف الإثنان الكنيسة ، ولم
تحترق ثيابهما ، تعجب الشعب من هذه المعجزة.
ثم عرفهم أنه وزوجته لم يعرفا بعضهما
المعرفة الزوجية إلى اليوم ، فزال من الشعب الشك وتيقنوا طهارة هذا الأب وبتوليته.
مخالفون الفكر والتعليم للبابا ديمتريوس الأول
وظهر في أيامه مخالفون منهم : إكليمندس وأوريجانوس وأريجانوس ، وغيرهم ووضعوا كتباً محالفة فحرمهم ، ولم يفتر أيام رياسته عن
تعليم وتثبيت المؤمنين في الإيمان الصحيح.
نياحة البابا ديمتريوس الأول
لقد كانت نياحة البابا " ديمتريوس الأول " في سنة 224 ميلادية.
ولما كبر وضعف كان يحمل على محفة إلى
الكنيسة ليعلم الشعب. وبلغ من العمر مائة وخمس سنين. منها خمس عشرة سنة إلى أن
تزوج، وسبعا وأربعين سنة إلى أن صار بطريركا، وثلاثا وأربعين سنة في البطريركية ، ثم تنيَّح بسلام.
إرسال تعليق