أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

الأباطرة الرومان | يوليان ( الجــــاحـــــد ) | الإمبراطور يوليانوس - Julianus | يوليانوس الكافر | يوليانوس المرتد | اباطرة القرن الرابع الميلادي


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html
تابعمصر في عصور الإحتلال
ثانياً – مصر في العصر الروماني



الإمبراطور يوليانوس - Julianus

361 م  -  363 م

مقدمة
لُقد عرف : الإمبراطور " جوليانوس Julian the Apostate  "
أو : فلاڤيوس كلاوديوس " جوليانوس - Julianus Claudius Flavius  ".
لُقب بالجاحد - أو المرتد - بإعتباره أول من ترك الإيمان بالمسيحية من أسرة قسطنطين الكبير ، والتي ظلت مُحتفظة بإيمانها المسيحي ، ولم تتركه قط .
وقد وصفه المؤرخون وصفاً مفصلاً من الناحية الحسدية فقالوا : 
وقد وصفه بعض المؤرخون وصفاً مُفصلاً من الناحية الجسدية فقالوا :
كان متوسط القامة ، وكان شعره مرسلاً ناعماً كأنه قد عني بتمشيطه ، وكانت لحيته كثة مستدقة ، وعيناه براقتين تومضان ناراً ، وتكشفان عن حدة ذهنه ، وكان حاجباه دقيقين وأنفه معتدلاً ، وفمه كبير بعض الشيء ، وشفته السفلى ممتلئة، ورقبته غليظة منحنية ، ومنكباه كبيرين عريضين ، وكان جسمه كله من أعلى رأسه إلى أطراف أصابع قدميه حسن التناسب، ولهذا كان قوياً سريع العدو. 
غير أن الصورة التي يصور هو بها نفسه لم تكن بهذا الحسن فهو يقول : " إن الطبيعة لم تخلع على وجهي كثيراً من الوسامة ، ولم تهبه نضرة الشباب ، ومع هذا فإني بعنادي قد أضفت إليه هذه اللحية الطويلة ، ولم أعبأ بالقمل الذي كان يسرح فيها ويمرح كأنها أجمة للوحوش البرية... أما رأسي فمنكوش ، لأني قلما أقص شعري أو أقلم أظافري، وأصابعي ، لا تكاد ترى إلا سوداء ملوثة بالحبر ".
هذا - وقد عاش في الفترة من سنة 331 م - وحتي سنة 363 م ، كان امبراطوراً رومانياً (من 361 إلى 363 م) ، وهو ينتمي في الإصل إلى الأسرة القسطنطينية ، وكان آخر امبراطور روماني ، قام بالدعوة إلى إعادة تقنين الديانة اليونانية الرومانية ، بدلاً من تنصير الامبراطورية الرومانية.


المولد والنشاة الأولى والتدرج في مراحل التعليم مقدمة
ولد فلاڤيوس كلوديوس يوليانوس - Flavius Claudius Julianus  في القصـــــر الإمبراطوري في القسطنطينية في عام 332 م ، وكان ابن أخي قسطنطين

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html

الإمبراطور يوليانوس



النجاة من المذبحة
لقد حدث أن قُتِلَ أبوه ، وأخوه الأكبر ، ومعظم أبناء عمه ، في المذبحة التي حدثت أيام حكم أبناء قسطنطين ، وأرسل هو إلى نقوميديا ليتلقى فيها العلم على الأسقف يوسبيوس ؛ ولقن من علوم اللاهوت المسيحية أكثر ما يطيقه عقله، وظهرت عليه سِمات تدل على أنه سيكون قديساً ، ولما بلغ السابعة من عمره بدأ يدرس الآداب القديمة على مردونيوس Mardonius ، وسرى حب هومر وهزيود والتحمس لآدابهما من الخصي الهرم إلى تلميذه ، وهلّ يوليان إلى عالم الأساطير اليونانية الشعري الزاهر بدهشة وبهجة عظيمتين.


النفي إلى كبادوكيا
وفي عــام 341 م نفـي يوليــــان وأخوه جالـــــوس -Gallus  إلى كبدوكيا لأســـباب لا نعلمها الآن ، وظلا ست سنين يكـــــادان أن يكونا فيهـــا سجينيــن في حصــــن ماسلوم
Macellu.


العودة إلى القسطنطينية
لما أطلق سراحهما ، سمح ليوليان أن يعيش وقتاً ما في القسطنطينية ، ولكن مرح الشباب ، وما إمتاز به من إخلاص وذكاء حباه إلى الشعب حباً ، أقلق بال الإمبراطور ؛ فأرسله مرة أخرى إلى محاضرات ليبانيوس حرم عليه هذا ، ولكنه إستطاع أن يحصل على مذكرات وافية لدروس هذا المعلم ، وكان وقتئذ شاباً في السابعة عشرة من عمره ، بهي الطلعة ، جياش القلب بالعواطف ، متأهباً لأن يبهره سحر الفلسفة الخطر ، وبينا كانت الفلسفة ، وبينا كان التفكير الحر يأتيان إليه بكل ما فيهما من إغراء ، كانت المسيحية تُعرض عليه بوصفها مجموعةً من العقائد التعسفية التي لا تقبل الجدل ؛ وكنيسةً تمزقها الفضائح ، منقسمة على نفسها بسبب منازعات أريوس وأتباعه ، وبسبب تبادل اللعنات بين الشرق والغرب ، وتكفير كل منهما الآخر.


ترك المسيحية وإعتناق الوثنية

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html

الإمبراطور يوليانوس 


وفي عام 351م - قام بتعيين جالوس قيصراً - أي ولياً للعهد - وعهد إليه حكم أنطاكية؛ وأحسن يوليان وقتاً ما بأنه آمن من ريبة الإمبراطورية ، فأخذ يتنقل من نيقوميديا إلى برجموم ، ثم إلى أفسوس ، يدرس فيها الفلسفة على المعلمون : إدسيوس  -Edssius ، و مكسيموس ، وكريسنثيوسChrysanthius  ، وقد تم هؤلاء تحويله سراً إلى الدين الوثني. 
وفي عام 354م - إستدعى قسطنطين جالوس ويوليان إلى ميلان ، حيث كان يعقد محكمة للنظر في أمرهما ـ ذلك أن جالوس ، تعدى حدود السلطة المخولة له، وحكم الولايات الأسيوية ، حكماً بلغ من إستبداده وقسوته أن ارتاع له قسطنطين نفسه. وحوكم الرجل أمام الإمبراطور، ووجهت إليه عدة تهم ، وأُدين ، وصدر عليه الحكم بالإعدام ، ونفذ على الفور ، وأما يوليان فقد ظل تحت الحراسة في إيطاليا عدة أشهر، حتى أفلح أخيراً في أن يقنع الإمبراطور المرتاب أن السياسة لم تكن له على بال في يوم من الأيام ، وأن إهتمامه كله موجه إلى الفلسفة. 
واطمأن قسطنطيوس إذ عرف أن غريمه ليس إلا رجلاً فيلسوفاً ، فنفاه إلى أثينة (355) م ، وإذ كان يوليان قبل هذا النفي يوقع الإعدام ، فإنه لم يجد صعوبة في الرضا بالنفي إلى بلد هو منبع العلم ، والدين ، والتفكير الوثني.
وقد قضى في تلك المدينة ستة أشهر ، كانت من أسعد أيام حياته ، يدْرس الفلسفة في الغياض التي إستمعت إلى صوت أفلاطون في الزمن القديم ، وعقد فيها أواصر الصداقة مع ثامسطيوس Themistius ، وغيره من الفلاسفة المخلدين والمنسيين  الذين أعجبوا بشغفه بالعلم ، وكسب قلوب أهل المدينة برقة شمائله ، وتواضعه ، وجميل مسلكه ، وكان يُشَبِّه هؤلاء الوثنيين المثقفين المهذبين الذين ورثوا ثقافة قرن عشرة بعلماء الدين الوقورين الذين كانوا يحيطون به في نقوميديا أو بأولئك الساسة والحكام الأتقياء الذين رأوا من الواجب عليهم أن يقتلوا أباه واخوته وكثيرين غيرهم من خلق الله؛ وخلص من هذا كله إلى أنه ليس ثمة وحوش أكثر تعطشاً للدماء من المسيحيين. 
وكان إذ سمع أن معابد مشهورة قد دمرت ، وأن كهنة وثنيين قد حكم عليهم بالإعدام ، وأن أملاكهم قد وزعت على الخِصيان ، وأشياع السلطان أجهش بالبكاء. وكان هذا في أغلب الظن هو الوقت الذي قبل فيه أن يتعلم سراً وفي حذر شديد طقوس إليسيز الخفية وأسرارها ؛ وكانت المبادئ الأخلاقية الوثنية تتجاوز عما لجأ إليه في ارتداده من مخادعة ورياء . هذا إلى أن أصدقاءه ومعلميه على سره لم يكونوا يوافقون على أن يجهر بهذا الإرتداد ، فقد كانوا يعرفون أنه إذا فعل سيتوجه قسطنطيوس في غير الوقت الملائم، بتاج الشهداء. 
وكانوا هم يتطلعون إلى الوقت الذي يرث فيه صنيعتهم عرش الإمبراطورية، ويعيد إليهم رواتبهم وآلهتهم ، ولهذا قضى يوليان عشر سنين كاملة يؤدي جميع الشعائر والعبادات المسيحية الظاهرة ، بل لقد بلغ من أمره أن كان يقرأ الكتاب المقدس علناً في الكنيسة.


الهروب من الوطن والعودة

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html
تمثال الإمبراطور يوليانوس

وفي وسط هذا التخفي والخوف ، إستدعى مرة أخرى إلى المثول بين يدي الإمبراطور في ميلان ؛ وتردد أول الأمر في الذهاب خشية العقاب ، لكن الإمبراطورة يوزيبيا ، أرسلت إليه تبلغه أنها دافعت عنه لدى الإمبراطور، وأنه لن يصاب بمكروه ، وما كان أشد دهشته ، حين زوجه الإمبراطور من أخته هلينا Helena ، وخلع عليه لقب قيصر ، وعهد إليه حكم غالة في سنة : (355) م ، وإرتدى الرجل الأعزب الحي الذي قدم على الإمبراطور في ثياب الفيلسوف الخشنة حلة القائد الرسمية على مضض، وقام بواجبات الزوجية. 


إشتعال الحرب الأهلية في الإمبراطورية الرومانية
وما من شك في أنه قد ضايقه فوق هذا وحيره أن يعرف أن الألمان قد إغتنموا فرصة اشتعال نيران الحرب الأهلية التي كادت تقضي على ما للإمبراطورية الرومانية في الغرب من قوة حربية ، فغزوا الولايات الرومانية الممتدة على ضفاف الراين ، وشتتوا شمل جيش روماني ، ونهبوا المستعمرة الرومانية القديمة في كولوني، واستولوا على أرع وأربعين مدينة غيرها ، وفتحوا الألساس كلها ، وتقدموا مدى أربعين ميلاً في غالة [ فرنسا الحالية ] ، ولما أن واجه قنسطنطيوس هذه الأزمة العصيبة، طلب إلى الشاب الذي يرتاب فيه ويزدريه أن يبذل نفسه من فوره فيجعل منها نفس جندي حازم وإداري حازم، وأعطى يوليان حرساً مؤلفاً من ثلثمائة وستين رجلاً، وكلفه بإعادة تنظيم الجيش المربط في غالة ، وأمره بعبور جبال الألب.


إنتصار يوليانوس على جيوش الجرمان
قضى يوليان الشتاء في فينVienne  على نهر الرون ، يدرب نفسه التدريب العسكري ، ويدرس فنون الحرب دراسة الرجل المجد المتحمس لأداء واجبه. 
وفي ربيع عام 356 م ، جمع جيشاً عند ريم Reims صد به الغزاة الألمان ، وإسترد منهم كولوني ؛ ولما حاصرته قبيلة الألماني - التي أصبح إسمها علماً على ألمانيا كلها - في سنس Sens ، ظل يصد هجمات المحاصِرين ثلاثين يوماً ، وإستطاع أن يحصل على ما يحتاجه جنوده وأهل المدينة من المؤن حتى نفد صبر الأعداء ، ثم زحف نحو الجنوب والتقى بجيش قبيلة الألماني الأكبر عند ستراسبورج ، ونظم جيشه على شكل إسفين هلالي ، وقاده قيادة الرجل العارف بأفانين الحرب المملوء القلب بالشجاعة، فإنتصر نصراًً على قوات العدو التي تفوق قواته عدداً ، وتنفست غالة الصعداء بعد هذا النصر المؤزر ؛ ولكن قبائل الفرنجة الضاربة في الشمال كانت لا تزال تعيث فساداً في وادي الموز Meuse ، فزحف عليها يوليان بنفسه ، وأوقع بها هزيمة منكرة، وأرغمها على عبور الرين ، ثم عاد إلى باريس عاصمة الولاية متوجاً بأكاليل النصر، ورحب به أهل غالة وشكروا له حسن صنيعه ورأوا في القيصر الصغير يوليوساً Julius  جديداً ؛ وما لبث جنوده أن هجروا بأملهم في أن يجلس عما قريب على عرش الإمبراطورية.


الصراع من أجل عرش الإمبراطورية الرومانية
أولاً - الصراع الداخلي للوصول إلى عرش روما
وبقى في غالة خمس سنين، يعمر الأرض المخربة بالسكان ، ويعيد وسائل الدفاع عن نهر الراين ، ويمنع استغلال الأهلين الاقتصادي والفساد السياسي ، ويعيد الرخاء إلى الولاية ، ويملأ خزائنها بالمال، ويخفض في الوقت عينه ما كان مفروضاً على البلاد من الضرائب.
وقد عجب الناس كيف إستطاع هذا الشاب الغارق في التفكير ، الذي لم ينتزع من بين كتبه إلا من وقت قريب ، أن يُبذل نفسه ، فيجعل منها - كأنما قد مسته عصا ساحر- قائدأ محنكاً ، وحاكماً عظيماً ، وقاضياً عادلاً رحيماًً ، وكان هو الذي وضع في القضاء ذلك المبدأ القائل بأن المتهم يُعد بريئاً حتى تثبت إدانته. 
وكان سبب تقرير هذا المبدأ أن نومريوسNumerius  أحد حكام غالة النربونية السابقين ، إتهم بإختلاس الأموال التي عهد إليه تحصيلها ؛ ولكنه أنكر التهمة ، ولم يكن من المُستطاع دحض حجة من الحجج التي أدلى بها. 
وقد حدث أن إغتاظ القاضي Delfedius لنقص الأدلة التي تثبت التهمة عليه فصاح قائلاً : " أي قيٌصر عظيم ! ، هل يُمكن أن يدان إنسان إذا كان مجرد إنكاره التهمة يكفي لبراءته؟" ، فكان جواب يوليان " .هلا يمكن أن يبرأ إنسان إذا كان كل ما في الأمر أنه اتهم؟ " ، "وكان هذا" ، كما يقول أمنيانوس شاهداً من الشواهد الكثيرة ، الدالة على رحمتة " .
غير أن إصلاحاته قد خلقت له أعداء ، فالموظفون الذين كانوا يخشون بحثه وتنقيبه، أو يحسدونه لحب الناس له ، أخذوا يتهمونه سراً لدى قسطنطيوس الثاني بأنه يعمل للإستيلاء على عرش الإمبراطورية. 
فلما علم بذلك يوليان رد عليهم - بأن كتب يمتدح الإمبراطور - مدحاً فيه كثير من المبالغة. 
ولكن ذلك لم يبدد شكوك قسطنطيوس الثاني ، فاستدعى إليه سالوست Sallust ، 
والذي كان من أخلص أعوان يوليان


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html
ديناريوس الإمبراطور يوليانوس

وإذا جاز لنا أن نصدق أميانوس فإن الإمبراطورة يوزيبيا ، التي لم يكن لها ولد ، والتي كانت الغيرة من يوليان وزوجته تأكل قلبها ، قد رشت بعض حاشية زوجة يوليان بأن يعطوها عقاراً مجهضاً كلما حملت ، ولما أن وضعت هلينا. على الرغم من هذا، طفلاً ذكراً ، قطعت القابلة حبل سرته قريباً من جسمه إلى حد نزف من الدم حتى مات ، وبينما كانت هذه المتاعب كلها تحيط بيوليان تلقى في عام 360م ـ أمراً من قسطنطيوس ، بأن يبعث بخير عناصر جيوشه في غالة ، لكي ينضموا إلى الجيش الذي يحارب فارس.


ثانياً - الحرب بين مملكتي روما وفارس
كان لعمل قسطنطيوس الثاني هذا ما يبرره ، فقد طالب شابور الثاني أن ترد إليه بلاد النهرين وأرمينية (358) م ، فلما رفض قنسطنطيوس هذا الطلب حاصر شابور أميدا Amida ( والمعروفة حالياً بإسم : ديار بكر في ولاية كردستان التركية ) ، ونزل قسطنطيوس الميدان ، وأمر يوليان أن يمد جيوش الإمبراطورية بثلثمائة رجل من كل فيلق من الفيالق الغالية لتشترك في هذه الحرب الأسيوية ، ورد يوليان على هذا الطلب بأن هؤلاء الجنود قد تطوعوا في تلك الفيالق على ألا يدعوا إلى الخدمة وراء حدود جبال الألب؛ وحذر الإمبراطور من عاقبة هذا العمل قائلاً أن غالة لن تأمن على نفسها ، إذا ما تعرض جيشها لهذا النقص الكبير ، ( وقد حدثت أن عجز الألمان في غزو غالة بعد ست سنين من ذلك الوقت ) ، ولكنه مع ذلك أمر جنوده أن يطيعوا رسل الإمبراطور.

ثالثاً - إعلان جيش غالة مبايعته ليوليانوس 
غير أن الجنود كانوا قد قاموا بعصيان هذا الأمر ، وأحاطوا بقصر يوليان ، ونادوا به أغسطساًAugustus  - أي إمبراطوراً - ورجوه أن يستبقيهم في غالة، فنصحهم مرة أخرى بإطاعة أمر الإمبراطور ، ولكنهم أصروا على الرفض ، وأحس يوليان ، كما أحس قيصر آخر من قبله ، أن الأقدار قد قررت مصيره ، فقبل اللقب الإمبراطوري ، وإستعد للقتال لإنقاذ الإمبراطورية ، وإنقاذ حياته ، وأقسم الجيش الذي أبى قبل أن يغادر غالة أن يزحف على القسطنطينية ، ويجلس يوليان على العرش.
وكان قسطنطيوس في كليكية حين بلغته أنباء الفتنة ، وظل عاماً آخر يقاتل الفرس، معرضاً عرشه للضياع في سبيل الدفاع عن بلاده. 


رابعاً - وقائع الهُدنة مع الملك شابور الثاني
ثم عقد يوليان هُدنة مع شابور الثاني ، وزحف بفيالقه غرباً لملاقاة إبن عمه. 
ثم حدث أن تقدم يوليان نحوه ومعه قوة صغيرة ، ثم وقف بعض الوقت عند صـــرميوم -
Sirmium (بالقرب من بلگراد الحالية ) ، وفيها أعلن إلى العالم إعتناقه الوثنية ، وكتب إلى مكسموس رسالة حماسية قال فيها : " إننا الآن نجهر بعبادة الأرباب، وكذلك يخلص في عبادتها جميع الجنود الذين إتبعوني " .
قد ساعده الحظ فأنجاه من مأزق حرج - ذلك أن قنسطنطيوس - كان قد توفي في نوفمبر من عام 361م ـ على أثر حُمى أصيب بها في طرسوس ، وكانت وفاته في الخامسة والأربعين من عمره ، وبعد شهر من وفاته دخل يوليان القسطنطينية ، وجلس على العرش دون ان يلقى مقاومة ، وأشرف على جنازة إبن عمه قسطنطيوس الثاني بجميع مظاهر الحب.

فلسفة يوليان الوثنية في إدارة مقاليد الحكم  
كان الإمبراطور الروماني يوليانوس ، يفتخر بأنه يحتفظ ببساطة الفيلسوف وسط ترف البلاط. وما كاد يجلس على تخلص من الخصيان ، والحلاقين ، والجواسيس ، الذين كانوا في خدمة قنسطنطيوس.
ولما ماتت زوجته في شبابها صمم على ألا يتزوج بعدها أبداً ، ولهذا لم يكن في حاجة إلى الخصيان ، وكان يشعر أن في وسع الحلاق واحد أن يعنى بجميع موظفي القصر؛ أما الطهاة فلم يكن في حاجة إليهم لأنه لم يأكل إلا أبسط الأطعمة التي يستطيع أن يعدها أي إنسان ، وكان هذا الإمبراطور الوثني يعيش عيشة الرهبان ، ويلبس كما يلبسون ، ويلوح أنه لم يتصل إتصالاً جنسياً مباشراً بالنساء بعد أن ماتت زوجته ، وكان ينام على قش خشن في حجرة غير مدفأة ، ولا يسمح بتدفئة أية حجرة من حجراته طوال فصل الشتاء " لكي يعتاد تحمل البرد ". 
ولم يكن يميل إلى اللهو والتسلية ، فكان يهاب دور التمثيل، وما فيها من مسرحيات صامتة مثيرة للغريزة الجنسية ، وأثار غضب العامة بالابتعاد عن ميدان السباق؛ فقد كان في الإحتفالات الكبرى يقضي فيه قليلاً من الوقت ، ولكنه يجد أن لا فرق بين سباق وسباق ، فلا يلبث أن يغادره. وقد أكبر الشعب في بادئ الأمر فضائله، وزهده، وإنهماكه في العمل، وفي أزمات الحكم؛ وكانوا يشبهونه بتراجان في حسن قيادته العسكرية، وبأنطونينس بيوس في تقواه وصلاحه، وبماركس أورليوس في الجمع بين الملكية والفلسفة وإنا ليدهشنا أن نرى هذا الوثني الشاب قد رضت عنه على الفور مدينة ودولة لم تعرفا منذ جيل من الزمان إلا أباطرة مسيحيين.
وقد أرضى مجلس شيوخ بيزنطية بمحافظته على تقاليده وحقوقه دون أن يفخر بذلك أو يمن به عليه ، وكان يقوم من مقعده ليحيي القناصل ، ويمثل جميع المظاهر التي يتصف بها الإمبراطور - من الوجهة النظرية ، وهي أنه خادم لشيوخ الأمة وشعبها ومندوب عنهم. 
وقد حدث أن إعتدى من غير قصد على أحد الإمتيازات الخاصة بمجلس الشيوخ، فما كان منه إلا حكم على نفسه بغرامة قدرها عشرة أرطال من الذهب ، وأعلن أنه يخضع كما يخضع كل المواطنين لجميع قوانين الإمبراطورية وتقاليدها ، وكان يقضي وقته من الصباح إلى المساء يكدح في أداء واجبات الحكم ، لا ينقطع عن ذلك إلا فترة صغيرة بعد الظهر، يخصها بالدرس . 
هذا - ويحدثنا المؤرخون أن ما كان يتناوله من طعام خفيف قد أكسب جسمه وعقله نشاطاً عصبياً، كان يستطيع بفضله أن ينتقل من واجب إلى واجب ومن زائر إلى زائر ، وأن يرهق بالعمل ثلاثة من أمناء السر في كل يوم ، وكان يظهر في قيامه بواجبات القاضي منتهى النشاط والجلد والإهتمام ؛ ويكشف في أثناء ذلك عن سفسطة المحامين، ويخضع في تواضع وأدب جم لآراء القضاة المدعمة بالبراهين والتي تخالف آراءه هو، وأعجب الناس جميعاً بعدالة أحكامه ، ومن أعماله أنه خفض الضرائب المفروضة على الفقراء، ورفض التيجان الذهبية التي كانت التقاليد تقضي بأن تقدمها كل ولاية للإمبراطور الجديد، وألغى ما تجمع على إفريقية من الضرائب المُتأخرة ، وتجاوز على الجيزة الباهظة التي كانت مفروضة حتى ذلك الوقت على اليهود ، وأصر على إلزام كل من يريد ممارسة مهنة الطب أن يحصل على ترخيص بممارستها ، وإشتد في تنفيذ ذلك كثيراً، وقصارى القول أنه توج انتصاراته العسكرية بنجاحه في الأعمال الإدارية - ويقول أميانوس إن " شهرته أخذت تنتشر شيئاً فشيئاً حتى عمت بقاع العالم ".
ومع هذا النشاط الجم في شؤون الحكم كان أهم ما يولع به هو الفلسفة، وكانت غايته التي لم يغفل عنها يوماً ما هي أن يعيد الشعائر الدينية القديمة إلى سابق عهدها. ولكي يُحقق هذه الغاية أمر بإصلاح الهياكل الوثنية وفتحها، ورد ما صودر من أملاكها، وإعادة ما كان لها من موارد .
كذلك بعث بالرسائل إلى كبار الفلاسفة في عهده يدعوهم إلى القدوم إليه ليعيشوا ضيوفاً عليه في بلاطه. ولما أن قدم مكسموس، وكان يوليان يلقي خطبة في مجلس الشيوخ، قطع خطبته، وجرى بأسرع ما يستطيع ليحي أستاذه، وقدمه إلى المجلس، وأثنى عليه الثناء المستطاب، وعبَّر له عن شكره واعترافه بفضله. واغتنم مكسموس تحمس الإمبراطور فارتدى أحسن الثياب، وعاش عيشة الترف حتى أثار حوله الريب، ولما أن مات يوليان حوسب حساباً عسيراً على الوسائل التي جمع بها تلك الثروة الطائلة في هذا الوقت القصير ، و لكن يوليان لم يكن يلقي بالاً إلى المتناقضات التي بدت في حياة الرجل لأن حب الفلسفة قد ملك عليه كل تفكيره .
ولهذا لم يصرفه عنها أي نقص في سلوك الفلاسفة ، وقد كتب في ذلك إلى يومنيوس يقول : " إذا جاءك أحد من الناس ليقنعك بأن ثمة شيئاً أعظم نفعاً للجنس البشري من دراسة الفلسفة على مهل ومن غير أن يعوقه عن دراستها عائق ، فاعلم أنه مخدوع يريد أن يخدعك " .
وكان مولعاً بالكتب ، يحمل معه مكتبته في حروبه ، وقد وسع دار الكتب التي أنشأها قسطنطين ، وأنشأ غيرها من الدور. وكتب في ذلك يقول: " من الناس من هو مولع بالخيل، ومنهم من هو مولع بالطير أو بالوحوش البرية ؛ أما أنا فقد كنت منذ نعومة أظفاري مولعاً أشد الولع باقتناء الكتب " ، وكان يفخر بأنه مؤلف وحاكم سياسي معاً ، فصرف غير قليل من جهده في تبرير خططه السياسية بمحاورات على طريقة لوشيانLucian  ، أو خطب من طراز خطب لبانيوس ، أو رسائل لا تكاد تقل سحراً وطرافة عن رسائل شيشرون ، أو مقالات فلسفية طوال ، وقد شرح عقيدته الوثنية الجديدة في " ترنيمة لإبن الملك " ؛ وأوضح في مقاله " ضد أهل الجليل " الأسباب التي من أجلها ، إرتد عن المسيحية ، وكتب في مقال له من النقد العالي يقول أن الأناجيل يناقض بعضها بعضاً ، وإن أهم ما تتفق فيه هو أنها أبعد ما تكون عن العقل ؛ فإنجيل يوحنا يختلف كل الإختلاف عن الثلاثة الأناجيل الأخرى في روايتها وفيما تحتويه من أصول الدين، وقصة الخلق التي جاءت في سفر التكوين تفترض تعدد الآلهة.
فإذا لم تكن كل قصة من هذه القصص (الواردة في سفر التكوين) ، أسطورة ليس أكثر، وإذا لم يكن لها ، كما إعتقد بحق ؛ تفسير يخفى عن الناس، فهي مليئة بالتجديف في حق الله - ذلك أنها تمثله - أول ما تمثله - جاهلاً بأن التي خلقها لتكون عوناً لآدم ستكون سبب سقوطه ، ثم تمثله ثانياً إلهاً حقوداً حسوداً إلى أقصى الحقد والحسد ، وذلك بما تعزوه إليه من أنه يأبى على الإنسان أن يعرف الخير والشر (وهي دون غيرها المعرفة التي تؤلف بين عناصر العقل البشري وتجعله وحدة متناسقة) ، وأنه يخشى أن يصبح الإنسان مُخلداً إذا طعم من شجرة الحياة. 
ولِمَ يكون إلهكم غيوراً حسوداً إلى هذا الحد ، فيأخذ الأبناء بذنوب الآباء؟ ، ولم يغضب الإله العظيم ذلك الغضب الشديد على الشياطين والملائكة والآدميين ؟ - ألا فوازنوا بين سلوكه وسلوك ليكورگوس نفسه والرومان أنفسهم إزاء من يخرجون على القوانين. يضاف إلى هذا أن العهد القديم يقر التضحية الحيوانية ويتطلبها كما تقرها وتتطلبها الوثنية ) ، ولم لا تقبلون الشريعة التي نزلها الله على اليهود؟... تقولون إن الشريعة الأولى... كانت مقصورة على زمان ومكان معينين ، ولكن في وسعي أن أنقل إليكم من أسفار موسى عشرات الآلاف - لا العشرات فقط - من الفقرات التي تقول إن الشريعة نزلت ليعمل بها في جميع الأزمان.

يوليانوس يجتمع برجاله في القصر الإمبراطوري

ولما أراد يوليان أن يعيد الوثنية وجد أنها لا تناقض بعضها بعضاً في العقائد والعبادات فحسب ، بل أنها فوق ذلك تحتي في جميع أجزائها من المعجزات والأساطير التي لا يقبلها العقل أكثر مما تحتويه المسيحية ؛ وأدرك من ثم أنه ما من دين يأمل أن يستميل إليه النفس البشرية العادية ويحركها إلا إذا خلع على مبادئه الأخلاقية غلالة من خوارق العادات ، والقصص والطقوس التي تبهر العقول. 
ولشد ما تأثر بقدم الأساطير وبإنتشارها بين أمم العالم أجمع - ومن أقواله في هذا : " إن الإنسان العاجز عن أن يعرف متى اخترعت الأساطير أول الأمر ، عجزه عن أن يعرف من هو أول رجل عَطَس " ، ولهذا كله أسلم نفسه لدراسة الأساطير ، ولم يرى عيباً في أن تستخدم في غرس المبادئ الأخلاقية الفاضلة في عقول غير المُتعلمين ؛ ولم يستنكف هو نفسه ، أن يُكرر قصة سيبيل Cybele ، وكيف جئ بالأم العظمى في صورة حجر أسود من فريجيا إلى روما ؛ وليس في مقدور أي إنسان يقرأ قصته أن يظن أنه يشك في ألوهية الحجر ، أو في مقدرته على أن يستحيل أماً عظمى . 
ولقد تبين شدة الحاجة إلى الرموز الحسية لتنقل إلى الناس المبادئ الروحية ، وكان يعيد العبادة المثراسية للشمس ديناً يحل عند عامة الشعب محل إجلال الفلاسفة للعقل والاستنارة. 
ولم يكن عسيراً على هذا المليك - الشاعر أن يكتب ترنيمة هليوس الملك، الشمس مصدر الحياة كلها ، وواهب النعم التي لا تحصى للخلق. 
ويقول إن هذا هو الكلمة المقدسة التي خلقت العالم والتي هي الآن سنده ودعامته ؛ وقد أضاف يوليان إلى هذا المبدأ الأسمى والعلة الأولى ، في الأديان الوثنية القديمة من أرباب وجن يخطئهم الحصر ، وكان يظن أن الفيلسوف المتسامح لا يجد حرجاً من قبولهم بقضهم وقضيضهم.
وإنا لنُخطئ إذا صورنا يوليان في صورة الرجل الحر التفكير الذي يستبدل العقل بالأساطير ؛ ذلك أنه كان يشنع بالكفر ويعده من الحيوانية ، ويعلم الناس مبادئ لا تقل بعداً عن الأمور الطبيعية المعقولة عما نجده في أي دين من الأديان ؛ وقلما كتب إنسان من السخف مثل ما كتب يوليان في ترنيمته للشمس ؛ وقد قبلت التثليث الذي تقول به الأفلاطونية الحديثة ، وقال إن الأفكار الخلاقة الأولى التي يقول بها أفلاطون هي بعينها عقل الله ؛ وكان يرى أنها هي الحكمة التي صنعت كل شيء ، وينظر إلى عالم المادة والجسم كأنه عقبة من فعل الشيطان يضعها في طريق الفضيلة المؤدي إلى تحرير الروح السجينة؛ وفي اعتقاده أن النفس البشرية ، إذا ما سلكت طريق التقى والصلاح والفلسفة، قد تتحرر من سجنها هذا وتسمو إلى آفاق التفكير في الحقائق والشرائع الروحية، وتندمج بهذا في الحكمة الإلهية ، بل ربما اندمجت في الله الأزلي نفسه. ولم تكن أرباب الشرك الكثيرة ، في اعتقاد يوليان ، إلا قوى غير شخصية؛ كما انه لم يكن في وسعه أن يؤمن بها في صورها المجسدة البشرية كما يؤمن عامة الناس، ولكنه كان يعرف أن الناس قلما تسمو بهم أفكارهم إلى التجريدات التي تسمو إليها عقول الفلاسفة ، أو إلى الرؤى الصوفية التي يراها القديسيون ؛ وكان يمارس الشعائر القديمة في السر والعلن ، وبلغ ما ضحى به من الحيوانات للآلهة من الكثرة حداً جعل المعجبين به أنفسهم يغضون أبصارهم حياء من هذه المجازر. وكان في أثناء حروبه ضد الفرس يستشير مهابط الوحي، ويتفاءل ويتطير كما كان يفعل القواد الرومان ، ويعنى أشد العناية بالإستماع إلى تفسير الأحلام ، ويبدو أنه كان يؤمن بسحر مكسموس.
وكان يرى كما يرى كل مُصلح أن العالم في حاجة إلى تجديد من الناحية الأخلاقية؛ ولكي يصل إلى هذه الغاية لم يقصر هَمه على سن القوانين الخارجية بل سعى إلى أن يتقرب عن طريق الدين إلى قلوب الناس وسرائرهم. وقد تأثر أشد التأثر بطقوس إليوسيز وإفسوس الرمزية ، وكان يرى أنه ليس ثمة طقوس أصلح منها لأن تبعث في قلوب الناس حياة جديدة أنبل من حياتهم السابقة ، ويأمل أن المراسم المتبعة مع من يريد الاندماج في أصحاب هذه الطقوس وفي رسامتهم يمكن أن تتسع فتتعدى القلة الأرستقراطية إلى طائفة كبير من الشعب. 
ويحدثنا ليبانيوس أنه " كان يُفضل أن يسمى قساً من أن يُسمى إمبراطوراً " ، وكان يحسد السلطة الكهنوتية المسيحية ، على نظمها الحسنة وعلى إخلاص قساوستها ونسائها ، وروح المساواة التي تسود المصلين والمتعبدين في كنائسها، والصدقات التي تؤلف بين قلوب أهل ذلك الدين وتستميل نفوسهم إليه. ولم يكن يترفع عن أن يأخذ خير ما في الدين الذي يرجو أن يقوض أركانه ويستبدل به غيره، وقد أدخل عناصر جديدة في الكهانة الوثنية، ونظم كنيسة وثنية وضع نفسه على رأسها، وألح على من دونه من الكهنة أن يجادلوا رجال الدين المسيحيين ويتفوقوا عليهم في تعليم الشعب ، وتوزيع الصدقات على الفقراء، وفي استضافة الغرباء، وفي ضرب أحسن الأمثلة في التقى والصلاح. وقد أنشأ في كل مدينة مدارس تلقى فيها المحاضرات في الدين الوثني ، وتعرض فيها مبادئه ، وكان يكتب لكهنته الوثنيين ، كما كتب من بعده القديس فرانسيس
لأتباعه من الرهبان فيقول :
عاملوني بما تظنون أني سأعاملكم به ، ودعونا نتعاهد فيما بيننا على أن أبين لكم آرائي في جميع شئونكم ، وأن تفعلوا أنتم معي في مقابل هذا نفس العمل فيما يختص بأقوالي وأعمالي ، وفي اعتقادي أن ليس ثمة أعظم قيمة من تبادل الرأي على هذا النحو .... ومن واجبنا أن نقتسم مالنا مع الناس جميعاً، وعلى الأخص مع الصالحين، والضعفاء والفقراء. وأصارحكم القول، وإن بدا لكم أن في قولي هذا تناقضاً، إن من الأعمال الدالة على التقي والصلاح أن نقتسم ثيابنا وطعامنا مع الأشرار؛ ذلك أننا حين نعطي إنما نعطي الإنسانية الممثلة في الناس، ولا نعطي خلقه طيبين كانوا أو خبيثين ".


الإمبراطور يوليان وإضطهاد المسيحية 
وقد ألحق أن هذا الرجل الوثني كان مسيحياً في كل شيء عدا عقيدته ؛ ونحن إذا ما قرأنا ما كتبه، وغضضنا النظر عن أساطيره المجردة من الحياة، خيل إلينا أنه مدين بكثير من تطورات خُلُقه إلى المبادئ الأخلاقية المسيحية التي لُقِّنها في طفولته وشبابه المبكر. فكيف كان مسلكه إذن إزاء الدين الذي ربي في أحضانه؟ لقد ترك للمسيحية كامل حريتها في الوعظ ، والعبادة ، ومُمارسة جميع شعائرها ، وأعاد الأساقفة المستمسكين بدينهم القديم ، والذين نفاهم قنسطنطيوس
ولكنه منع عن الكنيسة المسيحية ما كانت تقدمه لها الدولة من إعانات مالية، وحرم على المسيحيين أن يشغلوا كراسي البلاغة، والفلسفة ، والأدب في الجامعات، وكانت حجته في ذلك أن هذه الموضوعات لا يمكن أن تجد مدرسين يعطفون عليها إلا من بين الوثنيين ؛ ووضع حداً إعفاء رجال الدين المسيحيين من الضرائب وغيرها من الفروض المدنية المرهقة، ولحق القساوسة في أن ينتفعوا من غير أجر بالمزايا والتسهيلات المخولة للموظفين العموميين .

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html
لوحة تُجسد الكنيسة في عهد الإمبراطور يوليانوس

كذلك حرم الوصية بالمال للكنائس ، كما حرم المناصب الحكومية على المسيحيين ، وأمر الجماعات المسيحية في كل بيئة أن يعوضوا الهياكل الوثنية تعويضاً كاملاً عما أنزلوه بها من الأضرار في أثناء حكم الأباطرة السابقين؛ وأجاز هدم الكنائس المسيحية المقامة على الأراضي التي اغتصبت ظلماً وعدواناً من المزارات والأضرحة الوثنية. 


يوليان وبدعة آريوس
لما أن وقع الإضطراب والظلم والشغب نتيجة لهذا المنطق المتهور حاول يوليان أن يرد الأذى عن المسيحيين ، ولكنه أبى أن يلغى ما سنه من القوانين. 
ولقد أظهر قدرته على السخرية التي قلما تليق بفيلسوف مثله ، حين ذكَّر بعض المسيحيين الذين وقع عليهم العدوان بأن " كتابهم المقدس يهيب بهم أن يصبروا على الأذى " ، وعوقب المسيحيون الذين ردوا على هذه القوانين بالعنف أو الإهانات عقاباً صارماً، أما الوثنيون الذين لجأوا إلى الإهانة في معاملتهم للمسيحيين فقد عوملوا باللين. من ذلك أن العامة من الوثنيين أهل الإسكندرية كانوا يحقدون أشد الحقد على جورج، الأسقف الأريوسي الذي أغتصب كرسي أثناسيوس ، لأنه أثار حفيظتهم بموكب عام سخر فيه من الطقوس المثراسية ، فقبضوا عليه ومزقوا جسمه إرباً ؛ ومع أن المسيحيين ، إلا قلة منهم لا تستحق الذكر، لم يهتموا بالدفاع عنه، فقد قتل أو جرح كثيرون من المسيحيين فيما صحب هذه الفتنة من إضطراب (362)م . وأراد يوليان أن يعاقب من أحدثوا الشغب ، ولكن مستشاريه أقنعوه بأن يكتفي بإرسال خطاب احتجاج شديد إلى أهل الإسكندرية ، وفي هذا الوقت خرج أثناسيوس من مخبئه وإستعاد كرسي أسقفيته ، ولكن يوليان أنكر عليه هذا العمل قائلاً إنه لم يؤخذ فيه رأيه ، وأمر أثناسيوس أن يعتزل منصبه. وصدع الأسقف الشيخ بالأمر .

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/07/julianus_21.html
عمود يوليان في أنقره


نهاية الإمبراطور يوليانوس الأليمه 
سوف نتناول هذا المقطع الأخير عن حياة الإمبراطور الروماني " يوليانوس " في صورة نقاط ، كل منها مكملاً للآخر ، تبسيطاً على القارئ من أجل الإلمام بجميع الأحداث التي مر بها هذا الإمبراطور في حياته ، قبل إيقاع القصاص الإلهي العادل عليه بموته في إحدى المعارك بكيفية عجيبة .

أولاً – الإصرار على إنكار الإيمان المسيحي 
لقد كان إندفاع يوليان ومثابرته الشديدة على تنفيذ منهجه سبباً في إخفاقه آخر الأمر. ذلك أن من أساء إليهم يقاومونه بإصرار ومعاندة، ومن اجتباهم لم يستجيبوا له في حماسة. ومرد هذا أن الوثنية كانت قد ماتت من الناحية الروحية، ولم يبق فيها ما يجدد شبابها، أو يواسيها في أحزانها، أو يبعث في أهلها الأمل في الدار الآخرة، نعم إن بعض الناس قد اعتنقوها في تلك الأيام الأخيرة ، ولكن معظمهم لم يفعلوا ذلك إلا لما كانوا ينتظرون أن ينالوه من المطامع السياسية أو الذهب الإمبراطوري. 
كذلك عادت بعض المدن إلى تقديم القرابين الرسمية ، ولكنها كانت تؤدى بهذا الثمن ما تناله من العطف عليها والعناية بمصالحها.
وقد إضطر يوليان وهو في بسينس -Pcssinus  نفسها ، وهي بيت سيبيل ، أن يرشو أهلها لكي يعظموا الأم العظمى. 
ولقد قام كثير من الوثنيين يفسرون الوثنية بأنها مراعاة الذمة والضمير في انتهاب الملذات؛ وساءهم أن يجدوا يوليان أكثر تزمتاً من المسيح ، فقد كان هذا الرجل الحر في التفكير أتقى رجل في الدولة، وكان أصدقاؤه أنفسهم يجدون من أصعب الأشياء عليهم أن يجاروه في ورعه ، ومنهم من كانوا متشككة يسخرون سراً من أربابه الذين ولى زمانهم ومن الذبائح التي كان يستعطف بها أولئك الأرباب ، ذلك أن عادة التضحية بالحيوان على المذبح كانت قد ماتت أو كادت أن تموت في الشرق ، وفي كل ما عدا روما من بلاد الغرب ، وشرع الناس ينظرون إليها على أنها عمل يجلل صاحبه العار، أو أنها في القليل طعام يشترك في أكله الناس. 
وكان يوليان يسمي حركته هذه "الهلينية"، ولكن هذه التسمية قد اشمأزت منها نفوس الوثنيين الطليان ، الذين كانوا يحتقرون كل شيء يوناني غير ميت. وكان يفرط في الاعتماد على الجدل الفلسفي الذي لم يصل في يوم من الأيام إلى أن يكون الأساس العاطفي للدين؛ كذلك لم يكن أحد يفهم مؤلفاته إلا الفئة المتعلمة، التي كان تعليمها يحول بينها وبين قبول ما في هذه المؤلفات من الأفكار، ولم تكن عقائده إلا توفيقاً مصطنعاً بين متناقضات، وكانت خالية من الجذور التي تمتد إلى آمال الناس أو خيالهم. ولقد لاحت بوادر إخفاقه حتى قبل وفاته، ولم يستنكف الجيش الذي أحبه وحزن عليه أن يرشح مسيحياً ليخلفه على العرش.
وكان حلمه الأخير العظيم أن يفعل ما فعله الإسكندر وتراجان ، فيرفع العلم الروماني على العواصم الفارسية، ويقضي القضاء النهائي على الخطر الفارسي الذي كان يهدد أمن الدولة الرومانية وسلامتها. وللوصول إلى هذه الغاية عني أعظم عناية بتنظيم الجيش، وباختيار ضباطه، وترميم الحصون المشيدة على التخوم وخزن المؤن في المدن القائمة على طريق نصره. 


ثانياً – إنتقام السماء من يوليان
فلما تم له ذلك جاء إلى إنطاكية في خريف عام 362م ، وجمع فيها جنوده؛ واغتنم تجار المدينة إحتشاد الجنود فيها ، فرفعوا أسعار الحاجيات، وشكا الناس قائلين "إن كل شيء موفور ، ولكن كل شيء غالي الثمن" ، فما كان من يوليان إلا أن استدعى إليه رؤساء الأعمال الاقتصادية وأخذ ينصحهم بالحد من مكاسبهم، فوعدوه بذلك ولكنهم لم يوفوا بوعدهم؛ فلما يئس منهم "حدد ثمناً عادلاً لكل سلعة وأعلنه للناس جميعاً"، ثم عمل على استيراد أربعمائة ألف موديوس من القمح من بلدان سوريا و مصر وأحتج التجار بأن الأثمان التي حددها لم تترك لهم شيئاً من الأرباح، وابتاعوا في الخفاء القمح المستورد، ونقلوه هو وبضاعته إلى مدن أخرى، ووجدت إنطاكية نفسها تزخر بالنقود وتفتقر إلى الطعام. 
وسرعان ما قام العمة ينددون بيوليان لتدخله في هذه الشؤون، وأخذ الفكهون يسخرون من لحيته ، ومن انهماكه في خدمة الآلهة الأموات. ورد عليهم يوليان بنشرة أصدرها سماها " كاره اللحى - Misopogon " - حوت من الفكاهة والمتعة ما لا يتفق مع مقام إمبراطور. فقد إعتذر في سخرية عن لحيته ، وعنف أهل أنطاكية على وقاحتهم ، وطيشهم، وإسرافهم ، وفساد أخلاقهم ، وإستخفافهم بآلهة اليونان. 
وكانت الحديقة الشهيرة المعروفة بإسم دافنيDaphne  ، والتي كانت من قبل مزاراً مقدساً لأبلو ، قد حولت إلى مكان للهو والتسلية ، فأصدر يوليان أمره أن يمنع اللهو منها وان تعود مزاراً مقدساً كما كانت من قبل ؛ وما كاد هذا العمل يتم حتى التهمتها النيران؛ وظن يوليان أن الحريق من فعل المسيحيين فأغلق كنيسة إنطاكية، وصادر أملاكها، وعذب كثيرين من الشهود، وقتل أحد القساوسة. ولم يجد الإمبراطور في إنطاكية سلوى إلا "وليمة العقل" التي إجتمع فيها بليبانيوس.
وأخيراً تأهب الجيش للنزول إلى الميدان ، وبدأ يوليان الحرب في شهر مارس من عام 363 ، فسار على رأس جيوشه وعبر نهر الفرات ، ثم نهر دجلة ، وطارد الفرس المتقهقرين، ولكنه لاقى الأمرين ، وكاد يلاقي الهزيمة من جراء "إجداب الأرض" وهي الخطة التي اتبعها الفرس ، وأرادوا بها إحراق جميع المحصولات في كل جزء يخلونه من البلاد، حتى كان الجنود يوليان يموتون من الجوع مرة بعد مرة ، وقد أظهر الإمبراطور في هذه الحروب المضنية أحسن ما اتصف به من خلال، فكان يشارك جنوده كل ما يعترضهم من صعاب، ويكتفي مثلهم بالقليل وبأقل من القليل ويسير مثلهم على قدميه في القيظ ، ويخوض مجاري المياه، ويحارب في الصفوف الأولى في جميع المعارك ، وكان من بين الأسرى ، فارسيات ذوات جمال ، وفي نُضرة الشباب ؛ ولكنه لم يقتحم عليهن خلوتهن ، ولم يسمح لإنسان أن يمس بأذى شرفهن ، وتقدم الجنود تحت قيادته القديرة حتى طرقوا أبواب قطشيفونة - Ctesiphon ، أو (المدائن) ، وضربوا عليها الحصار ، ولكنهم إضطروا إلى الارتداد عنها لعجزهم عن الحصول على الطعام ، وإختار شابور الثاني رجلين من أشراف الفرس وجدع أنفيهما وأمرهما أن يذهبا إلى يوليان ويدعيا أنهما قد فرا من عند الملك لقسوته عليهما واعتدائه الصارخ على كرامتهما ، ثم يقودانه هو وجيشه إلى صحراء جدباء. وفعل الرجلان ما أمرا به ، وصدقهما يوليان وسار خلفهما هو وجيشه مسافة عشرين ميلاً حتى وجد نفسه في صحراء جدباء لا ماء فيها ولا نبات ، وبينما كان يحاول إنقاذ رجاله من هذا الفج الذي نصب له هاجمته قوة من الفرس ، ولكنه صد هجومها وردها على أعقابها، وفر الفرس لا يلوون على شيء. 
وكان يوليان في مقدمة المطاردين غير عابئ بأنه ليس على جسمه دروع : فأصابته حربة في جنبه نفذت إلى كبده، فسقط على ظهر جواده وحمل إلى الخيمة ، وأنذره طبيبه بأنه لن تطول حياته أكثر من بضعة ساعات. ويقول ليبانيوس إن الذي رماه بالحربة رجل مسيحي ، ومما هو جدير بالذكر أن أحداً من الفرس لم يطالب بالمكافأة التي وعد بها شابور من يقتل الإمبراطور. 
ومن المسيحيين من يؤيد رواية ليبانيوس ويثني على القاتل " الذي أقدم على هذا العمل الجريء حباً في الله وفي الدين " .
 ومن هؤلاء سوزومين Sozomen.

الشهيد العظيم مرقوريوس أبوسيفين
أيقونة قبطية تبين القديس فيلوباتير مرقوريوس والشهير بإسم " أبي سيفين " في التقليد القبطي والكنيسة القبطية وهو يقتل يوليان وهي أيقونه تُجسد ما جاء عن القديس باسيل (زميل الدراسة ليوليان) الذي أُلقي في الحبس مع بداية حملة يوليان على الساسانيين ، والذي صلى باسيل لمرقوريوس من أجل أن يساعده ، وظهر القديس في رؤيا لباسيل 
مُدعياً أنه قتل يوليان طعناً بحربة


ثالثاً - عودة السلام إلى الكنيسة في ربوع الإمبراطورية الرومانية
وكانت الساعة الأخيرة من حياة يوليان خليقة بتقاليد سقراط وسينكا ، وقد وصفها أميانوس فقال : إن يوليان وهو مسجى في خيمته خاطب رفاقه المحزونين الذين ملك الأسى قلوبهم بقوله 
"  أيها الأصدقاء ، إن هذه الساعة لهي أنسب الأوقات التي أغادر فيها هذه الحياة ، وأردها إلى الطبيعة بعد أن طلبت ردها إليها " .
وبكى جميع الحاضرين فلامهم على بكائهم محتفظاً حتى في تلك الساعة بسلطانه عليهم ، وقال لهم أنه لا يليق بهم أن يحزنوا من أجل زعيم دعي للاتحاد بالسماء وبالنجوم. 
ولما أدخل السكينة عليهم بقوله هذا، دخل مع الفيلسوفين مكسيموس وپرسكوس في حوار دقيق عن شرف النفس ونبلها ، وفي أثناء هذا النقاش إتسع الجرح الذي في جنبه فجاءةً ، وحال ضغط الدم المتدفق بينه وبين التنفس ؛ وبعد أن تناول جرعة من الماء البارد طلبها من الحاضرين ، أسلم الروح وكان في الثانية والثلاثين من عمره.
وكان الجيش ، لايزال مُعرضاً للخطر ، وفي أَمَس الحاجة إلى قائد ، فإختار زعماؤه جوڤيان Jovian قائد الحرس الإمبراطوري. 
وعقد الإمبراطور الجديد الصلح مع فارس ، بأن رد إليها أربعاً من الولايات الخمس التي إنتزعها منها دقلديانوس منذ سبعين عاماً ، ولم يضطهد جوڤيان إنساناً ، ولكنه لم يلبث أن حول تأييده من الهياكل الوثنية إلى الكنيسة المسيحية. 
وقد إحتفل مسيحيو أنطاكية بموت الإمبراطور يوليان - الإمبراطور الوثني - إحتفالاً عاماً أظهروا فيه الفرح والإبتهاج ، وإن كان زعماء المسيحيين المنتصرين كانوا في معظم الأحوال يحضون جماعات المصلين أن يكونوا كراماً ، وأن ينسبوا ما أصاب المسيحية من أذى. 
وإنقضت بعد ذلك أحد عشر قرناً قبل أن تشهد المسيحية يوماً آخر كهذا اليوم.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1