( معجزة نقل جبل المقطم )
معجزة نقل جبل المقطم في زمان قداسة البابا " إبرآم إبن زرعة " ، كان المعز لدين الله الفاطمي هو حاكم مصر من خلفاء الدولة الإسلامية الفاطمية ، وكان له وزيراً يُدعى يعقوب بن يوسف ، وكان رجلاً يهوديًا ولكنه أسْلَم فيما بعد ، وكان له صديقاً يهودياً ، كان يدخل به إلى المعز أكثر الأوقات ويتحدث معه ، فإتخذ ذلك اليهودي دالة الوزير علي المعز وسيلة ليطلب حضور الأب البطريرك ليجادله ، فكان له ذلك ، وحضر الأب أبرام ومعه الأب الأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الاشمونين ، وأمرهما المعز بالجلوس فجلسا صامتين ، فقال لهما : " لماذا لا تتجادلان؟ " ، فأجابه الأنبا " ساويرس " قائلاً : " كيف نجادل في مجلس أمير المؤمنين من كان الثور أعقل منه " ، فاستوضحه المعز عن ذلك ، فقال إن الله يقول علي لسان النبي : " أن الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف - إش 1: 2" .
ثم جادلًا اليهودي وأخجلاه بما قدما من الحجج الدامغة المؤيدة لصحة دين النصارى، وخرجا من عند المعز مكرمين ، فلم يحتمل اليهودي ولا الوزير ذلك ، وصارا يتحينان الفرص للإيقاع بالنصارى ، وبعد أيام دخل الوزير علي المعز وقال له إن مولانا يعلم إن النصارى ليسوا علي شيء ، وهذا إنجيلهم يقول : "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل" ، ولا يخفي علي أمير المؤمنين ما في هذه الأقوال من الإدعاء الباطل ، وللتحقق من ذلك يستدعي البطريرك ، لكي يقيم الدليل علي صدق دعوى مسيحهم ، ففكر الخليفة في ذاته قائلاً : " إذا كان قول المسيح هذا صحيحا، فلنا فيه فائدة عظمي ، فان جبل المقطم المكتنف القاهرة ، إذا إبتعد عنها يصير مركز المدينة أعظم مما هو عليه الآن ، وإذا لم يكن صحيحًا ، تكون لنا الحُجة علي النصارى ونتبرز من إضطهادهم " ، ثم دعا المعز الأب البطريرك وعرض عليه هذا القول ، فطلب منه مهلة ثلاثة أيام فأمهله، ولما خرج من لدنه جمع الرهبان والأساقفة القريبين ، ومكثوا بكنيسة المعلقة بمصر القديمة ثلاثة أيام صائمين مصلين إلى الله ، وفي سحر الليلة الثالثة ظهرت له السيدة والدة الإله ، وأخبرته عن إنسان دباغ قديس ، سيجري الله علي يديه هذه الآية.
فإستحضره الأب البطريرك وأخذه معه وجماعة من الكهنة والرهبان والشعب، ومثلوا بين يدي المُعز الذي خرج ورجال الدولة ووجوه المدينة إلى قرب جبل المقطم، فوقف الآب البطريرك ومن معه في جانب ، والمعز ومن معه في جانب آخر ، ثم صلي الأب البطريرك والمؤمنون ، وسجدوا ثلاث سجدات ، وفي كل سجدة كانوا يقولون كيرياليسون يا رب ارحم، وكان عندما يرفع الأب البطريرك والشعب رؤوسهم في كل سجدة يرتفع الجبل ، وكلما سجدوا ينزل إلى الأرض ، وإذا ما ساروا سار أمامهم ، فوقع الرعب في قلب الخليفة وقلوب أصحابه، وسقط كثيرون منهم علي الأرض.

معجزة نقل جبل المقطم كما جاءت في التقليد الكنسي
حيث كان البابا إبرآم والقديس سمعان الخراز يقيمان صلاة القداس الإلهي يشاركهما الشعب القبطي وفي حضرة
الخليفة المعز بأمر الله الفاطمي
ثم حدث بعد ذلك ، أن تقدم الخليفة علي ظهر جواده نحو الأب البطريرك وقال له ، أيها الأمام ، لقد علمت الآن أنك ولي ، فاطلب ما تشاء وأنا أعطى ، فلم يرض إن يطلب منه شيئاً ، ولما ألح عليه قال له "أريد عمارة الكنائس وخاصة كنيسة القديس مرقوريوس (أبو سيفين) التي بمصر القديمة، فكتب له منشورا بعمارة الكنائس ، وقدم له من بيت المال مبلغًا كبيرًا ، فشكره ودعا له وامتنع عن قبول المال ، فإزداد عند المعز محبة نظراً لورعه وتقواه ، ولما شرعوا في بناء كنيسة القديس مرقوريوس ، تعرض لهم بعض الأشخاص ، فذهب المعز إلى هناك ومنع المعارضين ، أستمر واقفاً حتى وضعوا الأساس. كما جدد هذا الأب كنائس كثيرة في أنحاء الكرسي المرقسي .
أيقونة أثرية القديس البابا إبرآم بن زرعة
والقديس سمعان الخراز
كنيسة القديس سمعان الخراز بالمقطم مشيدة في نفس البقعة التي شهدت معجزة نقل جبل المقطم
بقلم
الكاتب والباحث الشماس / أشرف صالح
إرسال تعليق