21 – الإمبراطور سبتيموس ساويرس Septimius Severus193م - 211 م
المولد والنشأة الأولى وبلد الأصل الإمبراطور لوشيوس سيبتموس سيفيروس Lucius Septimius Severus أو "سيفروس الأول" ، وهو لوسيوس سيبتيموس سيفيروس أوغسطس (11 أبريل 145 - 4 فبراير 211) م ، الإمبراطور الروماني الحادي والعشرون (193-211) م .
ولد في 11 أبريل من عام 145 م - بمدينة لبدة الكبرى (بليبيا الحالية). لعائلة عريقة بمدينة لبدة الكبرى ، أسرته كانت من طبقة الإكواتيس ، وهي من أرقى الطبقات في لبدة الكبري وقتها لأب من أصول ليبية - بربرية وأم ليبية ، ويُعتقد أنها قد تكون من أصول بونيقية ، كما أن له أصولاً إيطالية من أسرة أمه.
الإمبراطور سبتيموس سفيروس
التدرج في المراكز والمناصب الحكوميةكان أحد أقارب الإمبراطور " سبتيموس سيفيروس " - مسؤولاً في الولاية الرومانية ، وكان هو الذي ساعده منذ البداية في الوصول إلى المجلس الروماني - كسناتور ، وكمؤيد للامبراطور ماركوس أوريليوس ، وكان يتحدث عدة لغات بينها البونيقية اللغة السائدة في الإقليم وقتها اضافة للغتين اللاتينية والإغريقية اللتين كان يتحدثهما بلهجة مغايرة ، وقد درس سبتيموس البلاغة والقانون والآداب والفلسفة في آثينا وفي روما ، ثم إشتغل بالمحاماة في روما ، ولم تكن حياة سيبتموس تخلو من الحركة والتنقل من منصب إلى آخر ، فقد تولى ولاية جنوب إسبانيا ، ثم عاد إلى أفريقيا كممثل للامبراطور ، ثم كممثل عن العامة (غير النُبلاء) في مجلس الشيوخ بروما ، أصبح عام 173 م - عضواً في مجلس الشيوخ الروماني بدعم من الإمبراطور (ماركوس أوريليوس).
زيجات الإمبراطور سبتيموس سفيروسفي عام 175 م - تزوج من " باشيا مارشيانا " المولودة في لَبٌدَة الكُبرى ، ودام زواجهما أكثر من عشر سنوات.
وقد توفيت مارشيانا لأسباب طبيعية حوالي 186م .
وقد إنتعشت حياة سفيروس سفيروس مع صعوده الوظيفي وخاصة بعد انتقال الحكم من الامبراطور ماركوس أوريليوس إلى كومودوس ، فتولى العديد من المناصب الرفيعة كنائب قنصل ، ثم عمل في سوريا ، كقائد ، ثم حاكم لمنطقة الغال (فرنسا الحالية) وصقلية والنمسا والمجر.
نظراً لكونه لما ينجب أطفال من زوجته الراحلة ، فقد بدأت تعرض عليه نساء للزواج ، وفي فترة حكمه لبلاد الغال ، وفي سنة 187 م - تذُكر Historia Augusta وهي مجموعة سير حول تاريخ الأباطرة الرومان أنه سمع أن إمرأة من أصل سوري ـ وتحديداً من حِمص - كان إسمها جوليا دومنا من أسرة "شميس" ، وهي عائلة مالكة في ولاية سوريا الرومانية ، تم التنبؤ لها بأنها سوف تتزوج من ملك.
وبالتالي سعى سيفيروس بالزواج منها في 187م - ورُزقا بإبنين - الأول لوشيوس سبتيموس باسيانوس ( لاحقاً سُمي بإسم كاراكلا وولد في أبريل 188م ) ، و ( بوبليوس سبتيموس جيتا وقد ولد في 7 مارس 189 م ) .
الجلوس على عرش الإمبراطورية الرومانية الإمبراطورية الرومانية في أقصى إتساع لها في عهد الإمبراطور سبتيموس سيفيروس
تفاصيل الوصول إلى العرشأولاً - وقائع التآمر على الإمبراطور برتيناكس وإغتياله
كانت الحرب الاهلية في ربوع الإمبراطورية الرومانية ، قد بدأت في الإنطلاق ، حين وضع حاكم إقليمي آخر عينه على العرش الروماني ، ألا وهو حاكم سوريا نيجـــــــر -
Pescennius Niger، وإستولى على المنطقة الشرقية للامبراطورية ، وإتخذ من بيزنطية - قاعدة لعملياته ضد القوات الغربية بقيادة سيفروس ، وحيث ان نيجر لم يستطع التقدم بقواته ناحية أوروبا ، فإن القتال كان قد إنتقل إلى آسيا في أواخر ديسمبر 193م ، وفر في بداية يناير 194م - إلى الجنوب ووقعت آسيا وبيثنيا (إيران) - تحت حكم سيفروس ، وفي نهاية فصل الربيع تمت الهزيمة الساحقة لنيجر وقتل.
إلا أن بيزنطة رفضت الإستسلام ، فأرسل سيفروس رأس " نيجر " إلى المدينة لدفع سكانها المحاصرين إلى اليأس ، ولكن دون فائدة ، فلقد بقت المدينة مقاومة لمدة سنة كاملة مما دفع سيفروس إلى هدم أسوارها عقابا لهم.
وبعد توليه مقاليد الحكم ، قام ببذل الجهود الكبيرة في سبيل الإصلاح وتحسين أوضاع الجيش والقضاة وإزالة مساوئ الفتن الأهلية ، ووجه العناية إلى الولايات فأقام فيها كثيراً من المنشآت والأبنية العامة والحمامات وسواها.
وفيما يخص الخدمة في الجيش الروماني - فقد جعل الخدمة العسكرية - خدمة إجبارية على كل الولايات - فيما عدا إيطاليا ، ثم قام بعملية إحلال وتجديد شامل في الجيش الإمبراطوري ، وأحدث حرساًَ جديداً أعضاءه من سائر الولايات ، بعد أن كان هذا الحرس إيطاليّاً فقط.
إنتقل " سبتيموس سيفيروس " إلى بانونيا ، لكي ليكون قائداً عاماً للقوات الرومانية، وفي ذلك الوقت قام الحرس الإمبراطوري ( البريتوري ) ، بإنتفاضة ضد الامبراطور (برتيناكس) ، وإغتياله في 28 مارس193م ، وأعلن الحرس أن التاج سيكون من نصيب الذي سوف يمنحهم أكبر عطاء ، وتقدم بعض القادة بعروضهم من العطاء للجنود وعرض عليهم أن يقدم لكل جندي مبلغ قدره (12000) دراخمة حين يجلس على العرش ، وخرق العرف الروماني ، ودخل في أبريل 193م بقواته العسكرية روما ، رغم أنه لبس ثيابه المدنية - حينذاك - أعلن مجلس الشيوخ تسميته "إمبراطوراً".
ثانياً - مجلس شيوخ روما يعلن سبتيموس سفيروس إمبراطوراً
تم تنصيب " سبتيموس سيفيروس " - كأمبراطور للإمبراطورية الرومانية في 9 أبريل 193م ـ ولكنه كان ينتظر في ذات الوقت - مقاومة عنيفة من معارضيه ، فإستعد لخوض المعارك ضدهم ، حيث قاد الامبراطور سبتيموس الجيش الروماني في منطقة نهري الراين والدانوب ، ولكن ولاء حاكم بريطانيا الروماني كلوديوس ألبينوس كان محل شك من الامبراطور ، فارسل له مبعوثا وعرض عليه لقب القيصر الذي قبله، في هذه الأثناء حصلت الحرب الاهلية الرومانية بعد إدعاء ديديوس جوليانوس في روما خلافة الامبراطور المغتال ، بدعم من الحرس الامبراطوري في روما ولكن سلطة جوليلنوس لم تتجاوز حدود إيطاليا ، وكان وجدد أكثر من مدعي لمنصب الامبراطور يشكل خطر على الإمبراطورية الرومانية ، كما كان يعنقد سيبتموس ، ولذا عمل على وجود سلطة حاكمة واحدة مقبولة في روماولذا امر قواته بالتوجه إلى المدينة، ولم يواجه أي مقاومة في تقدمه إلى شمال إيطاليا وهزم مؤيدي جوليانوس في بداية يونيو حين وصل إلى إنترامنة ، والتي تقع على مسافة 50 ميلاً شمال روما ، وتحول ولاء الحرس الامبراطوري إلى سيفروس ، وتم اعلان ديدوس جوليانوس كعدو للشعب وقتل ، ودخل سيفروس روما بدون قتال.
أطماع سبتيموس ساويرس وبداية إضطهاده للمسيحيةكان الإمبراطور " سبتيموس ساويرس " لا يشبع من أكاليل الغار ، حيث أنه قضى فترة طويلة من بداية حكمه كإمبراطور - تزيد عن الثمانية عشرة سنة ، في حروب مستمرة وسريعة ، إزداد معها الجيش الروماني ، ورفِعِت رواتب الجُند ، كل هذا من أجل التخلص من منافسيه ومقاومية تماماً ، ثم بدأ حرب القضاء على الفِتَن، وقاتل لإسترداد مناطق قديمة ، وضم مناطق جديدة للإمبراطورية ، دك بيزنطية بعد حصار دام أربعة سنوات ، وغزا بارثيا (فارس) واستولى على (طشقونة) وضم (بلاد النهرين) لهذه الإمبراطورية ، لقد أعاد لعرش روما مكانته، وخلص الإمبراطورية من تركة فساد متراكم من إستبداد كاليجولا ، وبلاهة كلوديوس وجنون نيرون وطغيان أنطونيوس ، كما أنه كان دائماً ضد المسيحية ، بل انه أصدر قرارا بإنشاء تمثال له واجبار المواطنين السجود للتمثال ، ومن لم يفعل ذلك يلقى أشد العذاب ؛ حرق الكتب المقدسة وهدم الكنائس ، وقتل العديد من أتباع المسيحية ، فإستشهد في عهدة الألوف من المسيحيين في مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية
تمثال الإمبراطور سبتيموس سفيروس
مدخل سوق المُشير - ليبيا
تجسيد لإضطهاد الإمبراطور سبتيموس للمسيحيين
إنجازات الإمبراطور سبتيموس سفيروس في مجال الإصلاحلقد إهتم بمسقط رأسه ليبيا الذي لم يعلن جنوبه بعد الولاء لإمبراطورية روما ، بل وشكل تهديداً علي المدن الساحلية وإستقرارها.
وعلي الرغم من هذا - فقد علّق سيفروس أهمية كبري له - فإعتنى عناية خاصة بالزراعة التي إزدهرت إزدهاراً كبيراًً ، وإهتم بالتجارة.
وكانت ليبيا تُسمي آنذاك بمخزن الغلال في الشرق ، وكانت مركزاً تجارياً هاماً يشكل همزة وصل بين الشرق والغرب ، وبين أواسط أفريقيا ، وسواحل البحر الأبيض المتوسط ، كما طَوٌَرَ مسقط رأسه لبدة الكبرى ، فأنشأ فيها العديد من المباني ، والحمامات ووسع من الأسواق والمسارح.
قوس نصر الإمبراطور سبتيموس سيفيروس في ليبيا
الأيام الأخيرة في حياة الإمبراطور سبيتموس والوفاةرغم شيخوخته وكِبَر سنة ، وإصابته بداء النقرص ، إلا إن ذلك لم يقعده عن تحقيق إنتصارات ، وتسجيل إسمه في صفحات التاريخ ، وهو بهذه الحالة قد وصل إلى (كلدونيا) ، وإنتصر على الأسكتلنديين في عدة وقائع ، ثم عاد إلى (بريطانيا).
وهناك عندما وصل سبتيموس سفيروس إلى (يورك) ، في نحو العام 211 م - كان على موعد مع الموت ، حيث قال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة:" لقد نُلت كل شيء ، ولكن ما نُلته . لا قيمة له ".
وكانت آخر وصاياه هي : ( الحِفَاظ على الأسرة الإمبراطورية ، والعمل على إسترضاء الجيش ) .
إرسال تعليق