{
سلسلة كاشف الأسرار }
التاريخ المخفي للإسلام
[ الحلقة
الثالثة ]
( عبادة القمر في الإسلام )
مقدمة
لقد
عُرفت ( عبادة القمر ) ، في أكثر من صورة
لدى العرب القدماء ، وذلك قبل ظهور الإسلام بقرونٍ بعيدة ـ والدليل علي ذلك ، وجود
تمثال يمثل "الإله هُبل" - إله القمر في داخل الكعبة ، والذي كان يعتقد
السكان المحليون أنه يتمتع بسلطات وقدرات أعلى وأكبر من البشر ، أي قدرات تجعله
يُنظر له كإله.
وترجع
أصول الإدعاء بأن "هُبل" هو إله القمر ، إلى الباحث الألماني "هوغو
وينكلر" في أوائل القرن العشرين الميلادي.
ولقد وصفه المؤرخ "ديفيد ليمينغ" ، بأنه إله مُحارباً وإلهاً للمطر !! ، كما يفعل "ميرتشا إلياده".
في
السياق ذاته ، فقد ورد في أحد المصادر التاريخية عن نابونيدوس ( 539 – 555 ق م ) -
آخر ملوك بابل - بأنه كان قد شيد مركزاً لعبادة الإله القمر ، ورمزه كان الهلال.
صورة من صور عبادة القمر من آثار الملك نابونيدوس ملك بابل
أصول العبادة القمرية وربطها بتاريخ الإسلام
يقوم الإعتقاد بعبادة القمر ، والربط مابينه وبين الإسلام - وذلك إلى حدٍ ما - على نظرية علمانية ، يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر الميلادي ، حول أصول النظرة الإسلامية إلى الله ، والشِرك في شبه الجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام ، وبما كان يدعو إلى نظرية تتعلق بتطور "الله" !! ، وأصوله ، والهوية ، من منظور عبادة "هُبل" ، وعلى أساس أن الكعبة كانت بيت الله !! ، ولكن المعبود الأهم في داخلها هو "هُبل" ، ولذلك ، فلقد إعتبر المؤرخ "يوليوس فلهاوزن" - "هُبل" - إسمًا قديمًا لله.
هذا - ويسرد لنا الكتاب المقدس [ العهد القديم ] - مايفيد أن الملك الأخير لبابل ، كان قد قام ببناء معبداً في الجزيرة العربية ، لتصبح بمثابة ( كعبة ) ، تمارس فيها طقوس العبادة للقمر.
وفي ذات السياق أيضاً ، فقد ذكر المؤرخ "سيغال" يقول : " في جنوب الجزيرة العربية ، كانت الديانة الرئيسية على الدوام عبادة الإله القمر ، بمختلف اشكاله".
ولقد عُرٍفَ الإله القديم للقمر بإسم "سين" ( نلاحظ أن عند المصريين أيضاً كان لديهم إله سين ، ونراه في تسمية الصحراء " سيناء" ) ، وعلى مايبدو هو المعني بالآية التي تقول: "يسن والقرآن الحكيم".
هذا
- ويؤكد مؤلفي وباحثي التاريخ في العصر الحديث ، على الأصول النبطية لهُبل ، وذلك بإعتباره شخصية مستوردة إلى الضريح ،
والتي ربما كانت مرتبطة بالفعل بالله ، تجادل باتريشيا كرون أنه "إذا كان
الهبل والله واحدًا والإله نفسه، فلابد أن يكون هُبل قد نجا كخاتم لله ، وهو ما لم
يفعله.
وعلاوة
على ذلك ، لم يكن هناك تقاليد يُطلب من الناس فيها التخلي عن الآخر."
صورة من صور عبادة القمر في أثار العرب القدماء
وفي
عام 1996م ، أكدت "جانيت بيرشال" ، في البث الإذاعي المُشترك ، أن
المسلمين يعبدون إله القمر ، حيث قال "بات روبرتسون" في عام 2003م ،
"النضال هو ما إذا كان هُبل ، إله القمر من مكة، والمعروف بإسم الله، هو
الأعلى، أو ما إذا كان يهوه -اليهودي المسيحي إله الكتاب المقدس هو الأعلى".
ومع
ذلك ، فقد أثبتت الأبحاث الحديثة من مصادر مختلفة أن "الأدلة" التي
إستخدمها موري كانت من التمثال الذي تم إستخراجه من موقع تنقيب في حاصور ، والذي
لا علاقة له بـ "الله" على الإطلاق ".
وفي
الواقع ، لا يوافق عالِم الكتاب المقدس وإستراتيجي البعثة "ريك براون" ،
علنًا على هذا النهج وقال :
{
أولئك الذين يدعون أن
الله إله وثني ، وأبرزهم إله القمر ، غالبًا ما يبنون إدعاءاتهم على حقيقة أن
رمزًا لقمر الهلال يزين قمم العديد من المساجد ويستخدم على نطاق واسع كرمز للإسلام.
التاريخ يؤكد حقيقة أنه قبل ظهور الإسلام ، كان العديد من "الآلهة" والأوثان يُعٌبَدُون في الشرق الأوسط ، ولكن إسم إله القمر كان "سين" ، وليس "الله" ، ولم يكن يحظى بشعبية خاصة في الجزيرة العربية ، مهد رأس الإسلام.
ولقد
كان المعبود الأبرز في مكة ماقبل الإسلام هو "هُبل" ، ولكن ليس هناك
دليل على أنه إله القمر من المصادر التاريخية العربية - لاسيما الإسلامية - ولكن
مما تؤكده لنا المصادر التاريخية الغربية ، أن هناك معبدًا لإله القمر في حاصور
بفلسطين ، وهو موجوداً حتى الآن ، وهو عبارة عن تمثال لرجل يرتدي قلادة تشبه
الهلال }.
( جانب من مظاهر عبادة القمر في الإسلام )
ثم إستكمل بحثه قائلاً :
{ ومع ذلك ، ليس من الواضح أن القلادة ترمز إلى إله القمر ، وعلى أي حال ، هذا الموقع ليس موقعًا دينيًا عربيًا ، بل موقعاً كنعانياً قديماً ، تم تدميره من قبل يشوع في حوالي عام 1250 قبل الميلاد ، إذا كان العرب القدماء يعبدون مئات الأصنام ، فلا شك أن إله القمر "سين" ، كان مدرجًا من بينها ، حتى لو كان العبرانيون عرضة لعبادة الشمس والقمر والنجوم ، ولكن لا يوجد دليل واضح على أن عبادة القمر كانت بارزة بين العرب بأي شكل من الأشكال أو أن الهلال كان يستخدم كرمز لإله القمر ، والله بالتأكيد ليس إسم إله القمر }.
الخلاصة ، أن الإسلام - وبصورة مؤكدة وواضحة - إتخذ من ( صور العبادة القمرية ) ركيزة أساسية له ، فمن الناحية العملية ، وهذا ما يبدو واضحاً للجميع ، إتباع المسلمين علي السواء للتقويم القمري ، وهو التقويم التابع للقمر ، والمعروف بإسم : ( السنة القمرية ) ، وهو التقويم المتبع لدى العرب المسلمين في كل مايتعلق بتحديد بدايات ونهايات الأشهر الهجرية ، وذلك بما فيه مواعيد الأعياد ، وبداية شهر رمضان ، ونهايته ، وأما من الناحية الرمزية ، فيعتبر الهلال رمزاً للإسلام ، حيث نراه يعتلي القباب والمآذن للجوامع والمساجد ، ومن هنا يتجلي لنا مدى تأثر المجتمع الإسلامي كله - من الجانب العمراني - فيما يخص الطابع الذي يميز العمارة الإسلامية من مساحد وجوامع ، بضرورة وضع الهلال فوق القباب وأعلى المآذن ، وهذا إن دل ، فهو يدل على تأثر الإسلام بالعبادة القمرية ، وهذا ما يجعلنا نضع أمام جملة " الإسلام وعبادة القمر " أكثر من علامة إستفهام ، لم تزل تبحث عن إجابة مقنعة من أولى الأمر في العالم الإسلامي ، سواء من رجال الدين الإسلامي ، أو من علماء الإسلام وباحثو التاريخ من المسلمون ، حيث ننتظر منهم أن يقدموا لنا أجابات شافية وافية من شأنها أن توضح مدي العلاقة مابين الإسلام ( كديانة ) ، وبين تمسكها بصور وأشكال كانت معروفة لدي المجتمعات الوثنية في عصور قديمة نشأت في حضارات العرب القدماء بصورة أكبر .
إرسال تعليق