سلسلة مختصرات التاريخ
تاريخ الأقباط ما بعد دخول الإسلام مصر
لقد بدأت تحركات الجيوش العربية الإسلامية صوب مصر ، إستكمالاً لخطة الغزو العربي الإسلامي للبلاد الواقعة في نطاق الشرق الأوسط ، وكان ذلك تحديداً في عام 640 م ، بعد تسليم بيت المقدس للخليفة عمر بن الخطاب في نحو العام 639م ، وقد صارت الجيوش العربية الإسلامية صوب مصر بقيادة عمرو بن العاص ـ الذي كان يلح على الخليفة عمر بن الخطاب من أجل إتمام غزو مصر وضمها إلى الدولة الإسلامية ، واصفاً له مصر كغنيمة ، تمتلك ثروات عظيمة وعلى قدر وفير من الغنى ، وأن فتحها لن يتطلب أي جهود عسكرية ، بل سيكون سهلاً ويسيراً ، قائلاً له إنه ليس في البلاد ما هو أقل منها قوة ولا أعظم منها غنى وثروة، وأن مصر تكون قوة للمسلمين إذا هم ملكوها، وكان اجتماع القائد بالخليفة في (الجابية) قرب دمشق في سنة 683م. وتحت ضغط وإلحاح عمرو بن العاص ، منح الخليفة عمر بن الخطاب الإذن لعمرو بالذهاب إلى مصر وغزوها
ولكن موافقته لم تكن موافقة خالصة ، بل كانت مشوبة بالتردد ، وبمجرد إعطاء الإذن لعمرو بن العاص بالذهاب إلى مصر ، قصد إليها على رأس جيش صغير من أربعة آلاف جندي (4000) أكثرهم من قبيلة عك، وإن كان الكندي يقول أن الثلث كانوا من قبيلة غامق، ويروي ابن دقماق أنه كان مع جيش المسلمين جماعة ممن أسلم من الروم وممن أسلم من الفرس، وقد سماهم في كتابه ، سار بهم عبر الحدود بين مصر وفلسطين حتى صار عند رفح، وهي على مرحلة واحدة منالعريش بأرض مصر، فأتت عند ذلك رسل (تحت المطي) تحمل رسالة من الخليفة، ففطن عمرو إلى ما فيها، وظن أن الخليفة لابد قد عاد إلى شكه في الأمر، خاشيا من الإقدام والمضي فيما عزم عليه. فلم يأخذ الرسالة من الرسول حتى عبر مهبط السيل الذي ربما كان الحد الفاصل بين أرض مصر وفلسطين، وبلغ بسيره الوادي الصغير الذي عند العريش، وهناك أتى له بالكتاب فقرأه فقيل له نحن في مصر. فقرأ على الناس كتاب الخليفة وقال إذن نسير في سبيلنا كما يأمرنا أمير المؤمنين، وكان الخليفة يأمره بالرجوع إذا كان بعد في فلسطين، فإذا كان قد دخل أرض مصر فليسر قدما وأن يرسل له الإمداد.
وبمجرد إستيلاء العرب المسلمين على مصر ، وإحكام السيطرة عليها ، فرضت على أهلها الذين كان معظمهم من الأقباط الجزية ، وذلك لإجبارهم على إعتناق الإسلام ، وقد مورست أعمال عنف وبطش ضد الأقباط ، كما تعدى رعاع العرب المسلمين على الكنائس ودور العبادة المسيحية في عموم مصر ، ويذكر أن كنيسة القديس مرقس بالأسكندرية ـ والتي كانت وقتئذٍ مقر الكرسي البابوي للكنيسة القبطية ، كانت قد تعرضت للسرقة والنهب ـ حيث سرقت منها نفائس كثيرة كأواني المذبح ، وبعد المقتنيات الخاصة بالكنيسة ، كما سرقت رأس القديس مرقس الرسول أيضاً.
هذا - ولم تسلم كنائس القاهرة من بطش العرب المسلمين ، فحدثت أعمال هدم وتخريب وتدمير للكنائس ، وأيضاً تم الإستيلاء على كنائس وتحويلها إلى جوامع.
وقد عاش الأقباط خلال تلك الفترة ، أزمة كبرى ، حيث عانوا من إضطهاد
مرير ، تجرعوا معه كؤوس الألم ، ولكن كانت مقاومة الأقباط لكل هذه الأعمال
الإضطهادية ، بالثبات في الإيمان دون أن يقاوموا الشر بالشر,
إرسال تعليق