أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

بطاركة الأسكندرية | 108- البابا مرقس الثامن - Mark IX | بطاركة القرن الثامن عشر الميلادي


https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/108-mark-ix.html
[ تابع : بطاركة القرن الثامن عشر الميلادي ]
 108 - البابا مرقس الثامن - Mark IX
1796م – 1810م

مقدمة
ولد البابا " مرقس الثامن " - أو " يوحنا " - في طما بمديرية جرجا  من أسرة مسيحية قوية التمسك بإيمانها ، ولما صار شاباً ، تَرَهَّب في دير الأنبا أنطونيوس بالبرية الشرقية ، ثم عاش في الدار البطريركية مع البابا يوحنا الثامن عشر ، وحضر ما حل بها من ويلات ، وبعد نياحة البابا " يؤانس الثامن عشر " ، وافق الأساقفة على أن يكون بطريركاً على الكنيسة ، ووقعت عليه القرعة الهيكلية ، ورسم بحارة الروم في يوم الأحد 28 توت ؟ 1513 ش ، 1797 م في عهد السلطان سليم الثالث ، وقد إشتهر بأعمال الخير ، والوفاء بإحتياجات الفقراء والمحتاجين من شعب الكنيسة القبطية.

الجلوس على الكاتدراء المرقسي 
لقد كان إختيار الآساقفة والشعب والأكليروس بإجماع الآراء للراهب " يوحنا " - للجلوس على الكاتدراء الباباوي المرقسي في يوم 24 توت من عام 1513 للشهداء والموافق : 2 أكتوبر 1796 للميلاد ، وبرسامته الباباوية ، أصبح يعرف بإسم البابا :"مرقس الثامن".
وكان محل إقامة البطريرك : حارة الروم في بداية فترة جلوسه ، ثم إنتقل إلى المرقسية بالأزبكية ، جراء حريق شب في الكنيستين السفلى والعليا بحارة الروم.

البابا مرقس الثامن

إنتقال مقر الكرسي الباباوي إلى الأزبكية
لقد وقعت في خلال فترة جلوس البابا "مرقس الثامن" على الكرسي الباباوي ، مجموعة من الأحداث المؤسفة التي حدثت للأقباط ، نذكر من بينها  حرق الكنيستين العليا والسفلى بحارة الروم ، حيث كان يوجد المقر الباباوي في ذلك الوقت.

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2020/08/108-mark-ix.html
الكنيسة المرقسية بالأزبكية

وجراء الحريق الذي وقع بكنيسة العذراء بحارة الروم ، إنتقل المقر البطريركي من حارة الروم إلى حارة الأزبكية ، حيث نجح المعلم إبراهيم الجوهري في أخذ فرمان ببناء كنيسة بالدرب الواسع وبناء مقر بطريركي ، وقام أخوه المعلم جرجس بإتمام هذا المشروع ، وتم نقل مقر البابا إلى هذه الكنيسة التي أطلق عليها إسم كاتدرائية الكاروز مارمرقس ، فعرفت بإسم الكنيسة المرقسية.


أهم أعماله خلال الخدمة 
1 - خطة الإصلاح الشامل للخدمات الكنسيٌة
لقد قام  البابا " مرقس الثامن " ، بوضع الكثير من المواعظ لتقرأ في الكنائس وكانت أشبه بقواعد إصلاحية ، لما لحق النظام الكنسي من خلل في أوقات الصلوات وإقامة الطقوس والترتيبات الكنسيٌة ،  فزجر فيها من كانوا يتكلمون أثناء الصلاة في القداس الكنسي ، وعظات عن إلتماس الأدب ، والإحتشام في الكنيسة ، ومنع فيها دوران الفقراء في الكنيسة مع أطباق التبرعات " أنا أسألكم بلين المسيح وتواضعه ، أن تبطل دورة الأطباق ولا يدور الفقراء،  فالأطباق يقفون بها في الخورس التحتاني وذلك في وقت التسريح ، ومثل ذلك الفقراء بجانبهم بأدب ووقار".  
وغير ذلك من الرسائل في موضوعات دينية ومواد للتعزية "إن الكتب الشرعية يا أبني الحبيب عزى الله قلبك بعزاء الروح القدس المعزى تدعونا إلى تعزية بعضنا بعضًا، والعقل والأدب والمحبة ، والعادة مجمعة على ذلك ، فقد صار مستحبًا وفرضًا ، وما هذا إلا لأن المباشر بذاته الألم والحزن قد يعدم الرأي الصائب عند حلول الصائب ، أو ليس الأمر الواجب الاكتئاب عليه فيحتاج إلى من يذكره ، لذلك كتبت هذا إليك".

2 - الإهتمام بتعمير وبناء الكنائس والأديرة
وبالاختصار بالجملة ، قام البابا مرقس الثامن بالعديد من الأعمال الإصلاحية منذ أن جلس على الكرسي الباباوي المرقسي ، نذكر منها بإختصار - بناءه كنائس كثيرة ، وقيامه بتعمير البراري ، وتشييد الأديرة ، وإهتم بالرهبان الساكنين فيها ، وفرق القرابين ، وأيضاً الشموع والزيت والستور وكتب البِيِعة على كل كنيسة ، في أنحاء القطر المصري ، ووزع الصداقات على جميع الفقراء والمساكين في كل موضع ، وإهتم لهم بالطعام والكسوة ، وكذا الأرامل واليتامى الذين ليس لهم من يهتم بهم، ورتب لهم في كل شهر ما يقوم بكفياتهم ، وذلك حسب ما شهد له به إبن الابحّ في مرثية البابا يوأنس البطريرك (107) .
وقد روى عن هذا البابا في بعض المصادر التاريخية الأخرى ، أنه كان شديد الاهتمام بأمر الكنائس والأديرة وإصلاح ما تخرب منها ، وكان مقدراً لمنفعة الوعظ ، فثابر على إلقاء العظات بنفسه ، ولم ينقطع عن التعليم في أي وقت ، وقد رسم جملة أساقفة ومطرانا للحبشة.
وقد روى عن البابا " مرقس الثامن " أنه كان شديد الاهتمام بأمر الكنائس والأديرة وإصلاح ما تخرب منها ، وكان مقدراً لمنفعة الوعظ ، فثابر على إلقاء العظات بنفسه ولم ينقطع عن التعليم في أي وقت ، وقد رسم جملة أساقفة ومطرانا ً للحبشة.

مشاهير الأقباط المعاصرين للخدمة
1- القديس الأنبا يوساب الأبح 
مقدمة 
وُلد القديس الأنبا يوساب الأبح - أو " يوسف " - في سنة 1735 م ، في قرية النخيلة بمحافظة أسيوط من أبوين بارين أمام الله ، وكان والده من أغنياء القرية ومشهود لهما بالتقوى والعطف على المساكين والفقراء ، وكانت الأسرة تلقب بأسرة "الأبَحّ". 

القديس الأنبا يوساب الأبح


حياة القديس الأنبا يوساب الأبح
هذا - ويظن البعض أنه دعي الأبَحّ لأنه كانا مصابًا ببَحَّة في صوته ، لكن كثيرين يرفضون ذلك ، لأنه لو كان كذلك لما إستطاع رثاء المعلم إبراهيم الجوهري يوم نياحته في 31 مايو 1795 م. بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم أمام ألوف من وُجهاء البلاد والأراخنة ، وعلى رأسهم حاكم مصر إبراهيم بك ، كذلك قام الأنبا يوساب بتأبين البابا يوأنس الثالث في يوم نياحته.
ومنذ الطفولة ، تعلم مبادئ القراءة والكتابة واللغة القبطية وحفظ المزامير ، وصار يتلوها في كل وقت في خشوع وهيبة ، كما درس الكتاب المقدس ، وذلك بالإضافة إلى التعليم ، كان يوسف يساعد والده في أعمال الزراعة ، وكان يتصف بالمحبة والبساطة والتواضع. 
وكان مواظبًا على حضور الكنيسة والتناول من الأسرار المقدسة ، حتى إمتلأ قلبه بمحبة التكريس ، وزهد العالم. 
ثم أخذ يجاهد في الأصوام وأحب النسك ، وكان يقوم في الليل مصليًا وساهرًا على خلاص نفسه.
ولما بلغ الخامسة والعشرين من عمره أراد والداه أن يزوّجاه ، لكنه رفض إذ كان يشتاق لحياة الرهبنة ، ففرح أبواه وباركا اختياره الصالح.
يُعتبر أحد علماء الكنيسة اللاهوتيين، ويُعرف بفكره اللاهوتي العميق وغيرته المتقدة للحفاظ على الإيمان المستقيم. 
بجانب روحانياته العميقة ونسكياته وفضائله التي اتسم بها ، فقد سمح الله بالإحتفاظ بجسده الطاهر إلى يومنا هذا.

أهم الفترات التاريخية المعاصرة للقديس الأنبا يوساب الأبح
يمكن تقسيم الفترة التي عاش فيها هذا الأسقف من ميلاده إلى نياحته (1735 - 1826 م.) إلى ثمان فترات سوف نتناولها بالتفصيل على النحو التالي :

الفترة الأولى 1735 - 1743 م :
ظهور شخصية عثمان كتخذا الإنكشارية [ أي قائد الجيش العثماني الجديد الذي كان يتكون من الصبية المسيحيين من البلاد المفتوحة ، كنوعٍ من الجزية ، حيث كانوا يتربّون تربية عسكرية إسلامية ، ولا يختلطون بالشعب ، ولا يتزوجون ، ويحسبون أنفسهم عبيدًا للسلطان ، وكان يعتبر من أشهر الجيوش في العالم ].
ضم عثمان زعماء المماليك وسيطر على مصر،  وإمتاز بالحزم ، لكن ثار ضده أتباع جركس ، ثم ظهر عثمان بك من كبار المماليك الذي تولى السلطة ، وكان حازمًا فإستتب الأمن.


الفترة الثانية 1744م - 1754 م :
ظهر فيها إبراهيم كتخذا الإنكشارية ، وهو من المماليك ، وسيطر على مصر.

الفترة الثالثة 1755م - 1772م :
ظهر على بك الكبير الذي تطلع إلى إعادة مجد المماليك، وفي بداية عهده قام ضده زعماء آخرون من المماليك.
إذ بدأت الحرب الروسية التركية عام 1769 م.، طلب السلطان عبد الحميد الأول من على بك تجهيز فرق عسكرية ، وإذ وشي البعض به أنه يجهزها ليستقل بمصر عزله السلطان. 
لكنه لم يذعن للقرار ، وإستولى على الحجاز والشام ، ثم إنضم إلى الشيخ ضاهر العمر والي عكا ، وتمكن الاثنان من الإستيلاء على دمشق. 
ولكن السلطان العثماني ، إستمال محمد بك أبو الدهب قائد على بك الكبير ، فغدر به ، وتمكن من هزيمة مصر ، فهرب على بك إلى صديقه الشيخ ضاهر العمر في عام 1772 م ، وساعدتهما روسيا لمحاربة الدولة العثمانية ، فعاد على بك إلى مصر والتقى بقوات أبو الذهب عند الصالحية ، لكنه هُزم ، ومات عام 1773 م.


الفترة الرابعة 1772م - 1775م :
سيطر أبو الذهب على مصر في ولاءٍ للدولة العثمانية ، ولإرضائها استولى على مدن كثيرة في الشام حتى توفى فجأة عام 1775 م.


الفترة الخامسة 1775م - 1798م :
سيطر على مصر إبراهيم بك ومراد بك وهما من مماليك أبو الدهب.
ظهر إسماعيل بك الكبير الذي تمكن من طردهما إلى صعيد مصر ، ولكنهما تمكنا من الرجوع ، وإستمر الصراع بين أمراء المماليك.
اضطر السلطان عبد الحميد الأول أن يبعث حملة عسكرية بقيادة حسن باشا الجزايرلي لوضع حد للفوضى في مصر ، هزم إبراهيم بك ومراد بك ، فهربا إلى الصعيد ، ثم إتفق معهما أن يحكما المنطقة من جرجا إلى شلال أسوان على أن يحكم إسماعيل بك بقية البلاد ، ولكن عاد إبراهيم بك ومراد بك إلى مصر وإستلما حكم البلاد كلها.

الفترة السادسة 1798م - 1801م :
تمكن نابليون بونابرت على الإستيلاء بجيوشه على الإسكندرية، وقام بتحصين الثغر ، ثم تقدم إلى القاهرة بالرغم من المقاومة الشعبية في دمنهور والرحمانية وإمبابة. 
في أغسطس 1798 م. حطم الإنجليز الأسطول الفرنسي في موقعة أبي قير البحرية. لكن مضى بونابرت في حكم مصر، ثم كليبر ، وبعده منو ، وتم جلاؤهم في سنة 1801 م.

الفترة السابعة 1801م - 1805م :
فترة صراع بن العثمانيين والمماليك من أجل الحكم ، سادها الفوضى السياسية ، بجانب تدخل قوة بريطانية بالإسكندرية والقاهرة.
في هذه الفترة ، ظهرت شخصيات قبطية لها دورها وصوتها المسموع مثل الجنرال يعقوب القبطي ، الذي كوّن وفدًا من أعيان الأقباط لمفاوضة الدول الأوروبية عامة وبريطانيا خاصة في مسألة استقلال مصر. 
كما ظهر عمر مكرم كزعيمٍ شعبيٍ ساهم في ثورة المصريين على أحمد خورشيد وخلعه وتولية محمد علي باشا بدلاً منه.

الفترة الثامنة 1805م
بتولي محمد على الحكم بدأت مصر عهدًا جديدًا ، دُعي عصر النهضة الحديثة في مصر.

تابع : مشاهير الأقباط المعاصرين للخدمة
المعلم يعقوب الأمير
مقدمة 
المعلم يعقوب يوحنا من مشاهير الأقباط في القرن الثامن عشر الميلادي ، وهو أول قبطي يقوم بتأليف جيشًا قبطيًا يعمل بقيادته ، وأول مصري يقوم بوضع مشروعًا لإستقلال مصر عن الدولة العليا " العثمانية " ، وعن حكم المماليك " الفلول الباقية من المماليك " ، إذ أرادها بلادًا حرة خالصة لأهلها ، ولكن المنيّة لم تمهله الأقدار حتى ينال موافقة الدول على الإستقلال.

المولد والنشاة الأولى
ولد يعقوب في ملوي بمحافظة المنيا ، وكانت تابعة إداريًا  وقتئذٍ لأسيوط ، سنه 1745 م ، من أبوين قبطيين هما يوحنا ومريم إبنة توفيق غزال ، وتعلم في الكتاتيب القبطية الملحقة بالكنائس حيث لم يكن موجوداً غيرها ، حيث تعلم القراءة والكتابة والحساب ، كما حفظ المزامير والإلحان الكنسيّة كغيرة من أبناء الأقباط.
ولما امتد به العمر وأصل تعليمه فيما بعد الكتاب ، فتعلم اللغة العربية وأجاد الخط العربي ، والأصول الحسابية على يد الصيارفة القبط ، وجعل يتطلع لجمع المعارف العامة ، ولما أتم يعقوب العقد الثاني من عمره ، أَلحقه والده كاتبا عند أحد أقربائه من المستقلين بجباية أموال أحد المماليك الذين كانوا يتقاسمون حُكم البلاد في ذلك العصر، وهنا بدأت مواهبه تظهر ، واكتسب كثيرًا من المعلومات الإدارية والحسابية.

دوره الوطني في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر

المعلم يعقوب الأمير


لما طرد على بك الكبير محمد باشا الحاكم العثماني من القاهرة ، وتولى حكم البلاد قرب إليه المماليك الآخرين بالإنعام عليهم برتبة البكوية ، فإلتحق في ذلك الوقت يعقوب بخدمة احد هؤلاء المماليك ، وهو سليمان أغا الإنكشاري ، وكان غنيًا امتلك الكثير، ولم يمض وقت طويل حتى أنس سليمان بك في يعقوب الأمانة والمقرة ، فأولاه ثقته وعينه مديرًا على أملاكه. 
 لما وصلت الحملة الفرنسية مصر عام 1798 م ، وإستقر نابليون بونابرت في القاهرة ، قدم إليه المعلم جرجس الجوهري ، وكان عميد الأقباط في ذلك الوقت ، وقدم طائفة من شباب الأقباط ، فعين منهم نابليون رؤساء للمالية في بعض المديريات ، أما يعقوب فأحتفظ به هو لما هو أهم من ذلك ، فلما لجأ المماليك إلى الصعيد ذكر بونابرت في القضاء عليهم بحمله قادها الفرنسي (ديزييه) ، وكانت هذه الحملة بحاجة إلى رجل أمين يجمع في شخصه الصفات العسكرية والإدارية وله خبرة تامة بالبلاد في الصعيد، فلم يجد خيرًا من المعلم يعقوب ، فعينه مديرًا عامًا لهذه الحملة.
وبالفعل جهز يعقوب للحملة المؤن والذخائر وأمن لها الطرق ، والمواصلات ، ورتب حركاتها ونظم شئونها المالية والإدارية ، ونجحت الحملة بمساعدته ، فكانت ليعقوب كلمته المسموعة في الشئون المالية والإدارية في مصر كلها ، وكان ذا سياسة لبقة في جباية الضرائب.
ولما غادر نابليون بونابرت البلاد إلى فرنسا وسلم قيادة الحملة لكليبر ، أوصى بجعل يعقوب ساعده الأيمن وعدم الإستغناء عنه ، وإتخذ يعقوب إدارته في بيت البارودي ، وبعد إنتصار كليبر في معركة عين شمس على الأتراك في عام 1800 م ، وإخماده ثورة القاهرة الثانية ، وفرضه غرامات كبيرة على الثوار المصريين عهد إلى يعقوب بتحصيلها ، فإستعمل الحكمة في ذلك ، ولم يرهق الأهالي في جمعها.
لما رأى يعقوب أن مصر محرومة من جيش وطني يمكن الإعتماد عليه في الأحداث الكبيرة ، فكر في تأليف فرقة قبطية ، ورخص له الفرنسيون بذلك ، فجمعها من شباب الصعيد ، وبلغ عددهم نحو ألفين ودربهم ضباط فرنسيون على الحركات العسكرية.
ولما دبرت مكيدة لقتل الأقباط نظير هذه الأعمال والتأليف مع الفرنسيين ، وجه يعقوب إهتمامه للدفاع عن إخوانه أقباط القاهرة ، فبدأ يهدم بعض البيوت التي خربت في الحوادث الأخيرة ، وبنى بأنقاضها سورًا عاليًا منيعًا حول الحي الذي جمع الأقباط فيه، وشيد أبراجًا فوقه داخل السور ، وعمل في السور بوابتين ، ورتب جنديين قبطيين يقفان على كل باب بالسلاح على أكتافهما لمنع كل من يحاول الدخول ، فأصبح المكان حصينًا ، وتمكن يعقوب بذلك من دفع خطر كان يحيق بالأقباط ، ولما عين الجنرال مينو بعد كليبر الذي قتله سليمان الحلبي ، وجد أن إيرادات الدولة قد نقصت وأن الإدارة في حاجة إلى أموال ، ففرضت ضرائب جديدة ، إلا أنها لم تف بالمطلوب ، حيث كانت المشروعات ، قد إستعجلت وحاجة الجيش زادت ، فإضطر مينو أن يعقد قرضًا بمليون ونصف من الفرنكات ، وفاوض المعلم يعقوب في ذلك ، فاتفق يعقوب مع أربعة من زملائه الأقباط هم : المعلم جرجس الجوهري ، والمعلم أنطون أبو طاقية وفلتاؤوس وملطي على أن يقدم كل منهم 300 ألف فرنك وقدموها فعلًا على أن تخصم من الضرائب المطلوبة فيما بعد ، وتسلموا سندات بقيمتها على الخزانة الفرنسية.

سليمان الحلبي يقتل كليبر

تعرّف به الفرنسيون حال إحتلالهم لمصر ، ونظرًا لأن الرجل كان فارسًا شجاعًا ألقيت على عاتقه مهام لا يستطيع غيره النهوض بأعبائها ، ولكنه أدّاها على خير ما يرام وبأفضل أسلوب للوصول إلى تحرير البلاد من نير المماليك والترك. 
وقد نهض وحده بأعباء تموين الحملة الفرنسية والجيوش المتفرقة على طول النيل ، بل ، ونهض أيضًا بإدارة ماليَّة الوجه القبلي كله ، وهذه المقدرة الفائقة ، جعلت للمعلم يعقوب كلمة مسموعة في الشئون الإدارية والمالية. 
كما كان له الفضل في تنظيم فرقة من السعاة (الهجانة) تتولى أعمال البريد ، وقد أعجب بها الفرنسيون إذ جعلت الاتصال دائم بين القيادة والجنود في الشمال والجنوب.
إذ رأى أن مصر محرومة من جيش وطني يمكن الاعتماد عليه فكر في تأليف فرقة قبطية ، وإتفق مع الفرنسيين على ذلك ، فجمع من الصعيد نحو ألفين قبلهم الفرنسيون ودرّبوهم على حمل السلاح والقتال ، وتعلم يعقوب الحركات العسكرية وترأس الفرقة القبطية وأُلحِق بخدمة الجيش الفرنسي ومُنِح رتبة جنرال (قائد) ، إلا أن أباء الشبان الأقباط وأهلهم لم يكونوا قد ألِفوا هذه الخدمة ، فلجأوا إلى الأنبا مرقس البطريرك 101 ليتوسط لهم لدى الجنرال يعقوب حتى يطلق سراح أولادهم ، فلم يذعن له ، وبنى قلعة بجهة الجامع الأحمر بالأزبكية ، وأطلق عليها إسم " قلعة يعقوب ".
لما دُبِرت مكيدة لإغتيال الأقباط وجّه يعقوب كل همه للدفاع عن إخوانه أقباط القاهرة ، وبدأ يهدم بعض البيوت التي خُربت في الحوادث الأخيرة ، وبنى بأنقاضها سورًا عاليًا منيعًا حول الحي الذي جمع الأقباط فيه ، وشيّد أبراجًا فوقه داخل السور ، وقام بعمل بوابتين للسور ، ورَتٌبَ جُنديين قبطيين يقفان على كل باب ، والسلاح على أكتافهما لمنع كل من يحاول الدخول ، فأصبح المكان حصينًا وتمكّن يعقوب من أن ينجّي قومه من مذبحة مريعة.

موقفه العدائي من البابا والكنيسة في مصر
كانت العلاقة بين المعلم يعقوب ، وبين البطريرك في مصر ، لم تكن على ما يرام وذلك بسبب أخذه لإمرأة من غير جنسه بطريقة غير شرعية ومخالفته لقومه في الزي والحركات ، حتى أنه لما مات طلبت زوجته ، الإستيلاء على ما يخصها في تِركته فعارضها إخوته بدعوى أنها غير شرعية.
كما يمكننا أن نضيف أن الجنرال يعقوب كثيرًا ما إتخذ موقفًا معاديًا من الكنيسة، كما أنه رغم ما يملكه من أموال طائلة لم يرمم كنيسة واحدة ولم يوقف على أية كنيسة شيئًا من ماله.
نبغ من المصريين في القرن الثامن هذا الرجل القبطي الذي استحق أن تخصص له صفحات في التاريخ المصري الحديث ، وهو يعقوب يوحنا، الذي لقب بالمعلم ثم بالجنرال يعقوب.

وفاته ومحل الدفن 
لم يكن في إمكان يعقوب البقاء في مصر بعد خروج الفرنسيين منها ، فخرج مع الجيش الفرنسي هو وأكثر رجال فرقته خشية إضطهاد المسلمين لهم ، لأن الفرنسيين كانوا قد ولّوا منهم أفرادًا في مناصب عالية. 
وقد توفّي الجنرال يعقوب في السفينة في طريقه لفرنسا بعد ستة أيام من رحيله، وذلك في يوم 16 أغسطس سنة 1801 م ، وتقديرًا لمكانته حفظ الأطباء جثته ولم يلقوها في البحر كالمعتاد ، وحملوها معهم إلى أن وصلوا إلى بلادهم ، حيث دفنوه هناك .

تابع : مشاهير الأقباط المعاصرين للخدمة
المعلم جرجس الجوهري
مقدمة
هو المعلم جرجس الجوهري هو شقيق المعلم إبراهيم الجوهري ، وليست شهرته فقط في علو المنصب وعظم المكانة ، بل لِما إمتاز به من العقل وكرم الأخلاق وعمل المعروف للجميع بدون تمييز بين مسلمٍ ونصرانيٍ ، وعدم التدخل فيما لا يعنيه وعظم النفس والصدق ، حتى نال ثقة الجميع على إختلاف أجناسهم ومشاربهم. 

التدرج في المناصب الحكومية وأهم أعماله الخيرية
لقد إلتحق المعلم جرجس الجوهري بالعمل الحكومي ، حيث باشر أمور الحكومة في أربعة عهود مختلفة واحتك بكثير من حكام متباينين في العادات والأخلاق والدين وقد عاصر المعلم جرجس جوهرى إثنين من البطاركة هما البابا يؤنس 18 والبابا مرقس الثامن من باباوات الكنيسة القبطية المعلم جرجس جوهرى من مشاهير الأقباط في آواخر القرن 18 م ، وأوآخر القرن 19 م - نشأ المعلم جرجس جوهرى في مدينة قليوب ، وكان يذهب مع أخية إلى الكتاب ، فتحصل على العلم هناك وكانت العلوم التي تحصل عليها الكتابة والقراءة والحساب علاوة على تعلم اللغة القبطية وإتقانها والألحان الكنسية وفن نسخ الكتب . 
وفي ذات الصدد - ورد في تاريخ الجبرتى ما يلي تحت عنوان : " محمد على بين المعلم جرجس الجوهرى والمعلم غالى " - ذكر يقول " ولما مات أخوه في زمن رئاسة الأمراء المصريين تعين مكانه في الرئاسة على المباشرين والكتبة وبيده حل الأمور وربطها في جميع الأقاليم المصرية ، نافذ الكلمة وافر الحرمة ، وتقدم في أيام الفرنسيين ، فكان رئيس الرؤساء وكذلك عند عند مجئ الوزير والعثمانيين وقدموه وأجلسوه لما يسديه إليهم من الهدايا والرغائب حتى كانوا يسمونه جرجس افندى ، ورأيته يجلس يجلس بجانب محمد باشا خسروا وبجانب شريف افندى الدفتردار ويشرب بحضرتهم الدخان وغيره  ، ويراعون جانبه ويشاورونه في الأمور ، وكان عظيم النفس ويعطى العطايا ويغدق على جميع ألأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والعسلية والسكر والأرز والكساوى واللبن ، ويعطى ويهب ، بنى عدة بيوت بحارة الونديك والأزبكية ، وأنشأ داراً كبيرة وهى التي يسكنها الدفتردار الآن ويعمل فيها الباشا وأبنه الدواوين عند قنطرة الدكة ، وكان يقف على أبوابه الحجاب والخدم , ولم يزل على حالته حتى ظهر المعلم غالى وتداخل في هذا الباشا (محمد على) وفتح له ألبواب لجمع الأموال ، والمعلم جرجس يدافع في ذلك .

الحياة العائلية والأبناء 
وقد تزوج المعلم جرجس ورُزق من زوجته بإبنه أسماها مختارة ، وكان عظيم النفس كريما وجزيلاً في عطاءه يوزع في المناسبات الشئ الكثير من الطعام والملابس على الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل ، وعندما وصل أخيه إبراهيم إلى مركز مرموق في الحكومة أشركه في جميع الأعمال التي يمارسها ، وكان ملازماً لأخيه ملازمة الظل للأنسان فكان ذلك له اثر كبير في مستقبل حياته الوظيفية وأساساً لإختياره لرياسة المباشرين (رئاسة الوزراء) بعد وفاه أخيه المعلم إبراهيم جوهرى .

الفترات التاريخية المعاصرة لحياته
أولاً - عودة المماليك لحكم مصر
يذكر التاريخ أنه لما مات أخوه المعلم إبراهيم الجوهري قلده إبراهيم بك منصبه فأصبح كبير كتبة مصر ، إقتدى بأخيه في كل شيء ، حتى نال ثقة المصريين ، مسيحيين ومسلمين ، وكان بين الكتبة الذين تحت إدارته رجل سوري الأصل يُدعى يوسف كسّاب سوّلت له نفسه أن يوشي به لدى إسماعيل بك الذي غضب عليه وعزله من منصبه، لكن بعد مدة وجيزة إكتشف إسماعيل بك كذب يوسف وخيانته ، فأمر بتغريقه في نهر النيل ، وأعاد المعلم جرجس إلى منصبه ، وظل يعمل المعلم جرجس يعمل رئيساً حتى عاد إبراهيم بك و مراد بك إلى الحكم سنة 1791 م , فترك جرجس منصبه عن رئاسة المباشرين لأخيه إبراهيم الجوهرى الذي كان صديقاً لأبراهيم بك ومراد بك . وعندما توفى المعلم إبراهيم سنة 1795 م - أعطى إبراهيم بك ومراد بك منصب رئاسة المباشرين إلى المعلم جرجس .

المعلم جرجس الجوهري


ثانياً - الحملة الفرنسية على مصر 
وغزت الحملة الفرنسية مصر في يوليه 1798 م , ولم يجد نابليون بونابرت رجلاً حكيماً مثل المعلم جرجس في البلاد فثبته في رئاسته للمباشرين في مصر وأعتبره عميد الأقباط وحدث أنه بعد استقرار الفرنسيين بشهرين أنهم أرادوا الأحتفال بأحد اعيادهم الفرنسية ، فدعوا المشايخ وأعيان المسلمين والقبط والشوام , وفي هذا الأحتفال لبس جرجس الجوهرى كركة بطرز قصب على أكتافها إلى أكمامها , وعلى صدرها شماسات قصب بأزرار ، وكذلك فلثيوس ، وتعمموا بعمائم كشميرى وركبوا البغال الفارعة وأظهروا البشر والسرور .
وعندما ذهب نابليون بونابرت إلى السويس ، طلب أن يكون بعض المشايخ والمديرين والمهندسين والمصورين ، كما إستصحب المعلم جرجس الجوهرى والمعلم أنطون أبو طاقية للأستعانة بخبرتهما ومهارتهما ومشورتهما .
وعندما رست مراكب الأنجليز والترك عند أبى قير ، وأنزلوا قواتهم هناك وأراد الفرنسيين تعدية النيل إلى الضفة الأخرى من ناحية بولاق أخذوه أيضاً معهم .
وظل المعلم جرجس في مركز الرياسة طيلة إحتلال الفرنسيين مصر لمدة الثلاث السنين وظلوا يأخذونه معهم وأستصحبوه معهم حتى جلاؤهم لمصر سنة 1801 م .
وفى الفترة الأخيرة من الحملة الفرنسية حين أصبح بليار قائداً في مصر أثناء أنشغال الجنرال عبد الله جاك مينو سابقاً لقيادة الجيش الفرنسى لصد المهاجمين النجليز بالأسكندرية أتخذ الجنرال بليار بيت جرجس الجوهرى مسكناً للأقامة فيه .
ثم أراد الجنرال بليار هدم بقايا المنازل التي تهدمت نتيجة للمعارك السابقة والمجاورة لمنزل جرجس الجوهرى لكى يبنى ثكنات عسكرية , فنصب خيمة عند بيته على مقربة من العمل حتى يباشر عمليات الهدم والبناء ، وأعد مساعده قوائم بأرباب الحرف وأمروهم بالحضور ، وإبتدأوا بالأقباط ، فحضر الأقباط يتقدمهم جرجس الجوهرى وواصف وفلثيوس يصحبهم مجموعه تطبل وتزمر ، فكان العمالى يشتغلون على أنغام الطبل والزمر والغناء ، وأستمروا ذلك عدة أيام ثم تبعنهم طوائف أخرى ، ومع أن هذا العمل سر الجنرال بلير ، إلا أنه طالب المطبلين والمزمرين بدفع مبالغ من المال ، فمن دفع مبلغاً يرضيه أنقص ساعات عمله ، ومن دفع مبلغاً أقل مما يبتغيه أطال عليه مدة العمل وأتعبه.

ثالثاً - فترة الحكم العثماني 
لقد دخلت الجيوش العثمانية مصر بعد جلاء الفرنسيين وعاثوا في الرض فساداً وهرب عدد كبير من الأقباط إلى مصر القديمة والجيزة خوفاً من سكين المسلمين الذي قطع رقابهم كما حدث في المرات السابقة : " أما أكابر القبط مثل جرجس الجوهرى وفلثيوس ، وملطى فإنهم طلبوا الأمان من المسلمين لكونهم إنحصروا بدورهم وهم بوسطهم فأرسلوا لهم الأمان ، عنها وعين السلطان خسرو محمد باشا حاكما على مصر . وفى سنة 1802 م جاء إلى مصر عدد من سيدات الباب العالى ومعهن زوجة قبطان باشا فتبارى العظماء في إكرامهم ومعهم جرجس الجوهرى , وقد قام جرجس الجوهرى بإستضافة بعضهن في بيته ، فأعد داراً إعداداً خاصاً فاعتنى بفرش هذه الدار عناية خاصة حتى لقد فرش بساطاً من الكشمير في مدخلها ، وقد تم زواج أثنين من السيدات منهن في آن واحد وأقيمت وليمة العرس في هذه الدار .

رابعاً - بداية حكم محمد على باشا 
يقول الجبرتي أن محمد علي باشا بدأ تصرفاته بالعمل على تعزيز كلمته وإظهار سلطانه وتأييد مقامه وإسترضاء الجند وصرف المتأخر من مرتباتهم، ففرض على قبط مصر وعلى عظمائهم جزية.

واقعة سجن المعلم جرجس الجوهري 
ورد في بعض المصادر التاريخية ما يلي : "قُبِضَ على المعلم جرجس الجوهري معلم مصر يومئذٍ ، وصاحب خِراجها (الضرائب) ، وعلى جماعة من عظماء القبط وسجنهم ببيت كتخدا ، وطلب من المعلم جرجس الجوهري حسابه عن سنة 1215 م".
وفيما يخص واقعة سجن المعلم إبراهيم الجوهري ، فقد ورد في مصدر آخر ما يفيد التالي : 
" بعد أن تولى محمد علي الحكم نال لديه المعلم جرجس المقام الأول لِما يسديه إليهم من الهدايا والعطايا ، حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي. وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويوزع على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والسكر والأرز والبن والملابس. 
غير أن الوالي سرعان ما إنقلب عليه بعد ذلك مختلقًا سببًا وهو عدم مبادرته إلى جباية كل ما كان يطلبه من الضرائب ، ولعل ذلك كان شفقة من المعلم جرجس على الأهالي ، فقبض عليه ومن معه من الأقباط بحجة أن في ذمته مبالغ متأخرة من حساب التزامه".

وفاته
بعد رجوعه من الصعيد لم يعش غير سنة واحدة هاجمته الأمراض حتى تنايح فى 17 توت سنة 1557 ش الموافق 27 سبتمبر 1810 م فى عيد الصليب ودفن بجوار اخيه فى المدفن الذى أعده المعلم إبراهيم جوهرى قبل أن يموت بجواب كنيسة مار جرجس بدرب التقا بمصر القديمة ، فدفن بجوار أخيه هناك .

قبر المعلمين إبراهيم وجرجس الجوهري


تابع : مشاهير الأقباط المعاصرين للخدمة
المعلم إبراهيم الجوهري
مقدمة
لقد نشأ المعلم إبراهيم الجوهري في القرن الثامن عشر للميلاد ، من أبوين فقيرين متواضعين ، وكان إسم والده يوسف جوهري ، وكان صناعته الحياكة في بلدة " قليوب " ، وكانا أبواه مملوئين نعمة وإيماناً ، فقاما على تربيته التربية الدينية السليمة ، فبدأ أولى درجاته في سلم التعليم في كُتَّاب البلدة ، فتعلَّم الكتابة والحساب وأتقنهما، وأشتهر منذ حداثته بنسخ الكتب الدينية ، وتقديمها إلى الكنائس على نفقته الخاصة. وكان يأتي بما ينسخه من الكتب إلى البابا يوحنا السادس عشر والبطريرك السابع بعد المائة، الذي تولى الكرسي من سنة 1486 إلى 1512 للشهداء (1769 ـ 1796م). وقد لفتت أنظار هذا البابا كثرة الكتب التي قدمها إبراهيم الجوهري وكثرة ما تكبده من النفقات في نسخها وتجليدها ، فاستفسر منه عن موارده ، فكشف له إبراهيم عن حاله، فَسُرَّ البابا من غيرته وتقواه ، وقرَّبه إليه وباركه قائلاً : " ليرفع الرب اسمك ويبارك عملك ، وليقم ذكراك إلى الأبد " ، وتوثقت العلاقات بعد ذلك بينه وبين البابا.

التدرج في المناصب الحكومية
لقد إلتحق المعلم إبراهيم الجوهري في بدء أمره بوظيفة كاتب لأحد أمراء المماليك، ثم توسط البابا لدى المعلم رزق رئيس الكتَّاب وقتئذٍ ، فاتخذه كاتباً خاصاً له واستمر في هذه الوظيفة إلى آخر أيام على بك الكبير الذي ألحقه بخدمته. ولما تولى [محمد بك أبو الذهب] مشيخة البلاد ـ إعتزل المعلم رزق رئاسة الديوان وحلَّ محله المعلم إبراهيم، فسطع نجمه من هذا الحين ، وكان من عاده المماليك إتخاذ معاونين من المسيحيين حيث عاش المسيحيون في عهدهم في تميز عن المسلمين ، مثلما عاشوا ايام حكم الفاطميين الشيعة لمصر.
لمَّا مات أبو الذهب وخلفه في مشيخة البلاد إبراهيم بك ، تقلد المعلم إبراهيم رئاسة كتَّاب القطر المصري - وهى أسمى الوظائف الحكومية في ذاك العصر - حيث أنها تعادل رتبة رئاسة الوزارة. 
ولم يؤثر هذا المنصب العظيم في أخلاق إبراهيم الجوهري بل زاده تواضعاً وكرماً وإحساناً حتى جذب إليه القلوب، ومن فرط حب إبراهيم بك له، أولاه ثقته حتى آخر نسمة من حياته ، فأخلص له الجوهري كل الإخلاص.
وكان أبراهيم بك ومراد بك أمير الحج قد عصيا على الأسيتانة ولم يعترفا بالباشا الذي ارسله السلطان العثماني ، وحكما مصر ، فأرسل السلطان جيشاً بقيادة حسن باشا قفطان (قبطان) سنة 1199 هـ فقاتل كل من أبراهيم بك ومراد بك وإنهزما منه فهربا إلى الصعيد ، وهرب معهما إبراهيم جوهرى وبعض الأمراء والكتاب ، ودخل حسن باشا إلى القاهرة ، وأرسل يطلب من قاضي القضاة ، إحصاء ما أوقفه المعلم إبراهيم الجوهري عظيم الأقباط على الكنائس والأديرة من أطيان وأملاك وغير ذلك. واختفت زوجة المعلم إبراهيم الجوهري في بيت أحد المسلمين. 
وعرف حسن باشا مكان إختفائها ، فأجبرها على الاعتراف بأماكن مقتنياتهم ، فأخرجوا منها أمتعة وأواني ذهب وفضة وسروج وغيرها ، وبيعت بأثمان عالية ودلَّ بعضهم على مسكن يوسف ابن المعلم إبراهيم ، فصعدوا إليه واخرجوا كل ما فيه من المفروشات وأثمن الآواني والأدوات ، وأتوا بها إلى حسن باشا فباعها بالمزاد وقد استغرق بيعها عدة أيام لكثرتها. 
وقد إستمر حسن باشا إلى أن اُستُدعيَّ إلى الأستانة ، فغادر ، وبعد فترة ، عاد إبراهيم بك ومراد بك إلى منصبيهما ، ودخلا القاهرة في 7 أغسطس سنة 1791م ، وعاد المعلم إبراهيم الجوهري ، وإستأنف عمله وعادت إليه سلطته ووظيفته ، ولكنه لم يستمر أكثر من أربع سنوات ، وقد ظل محبوباً من الجميع لآخر أيام حياته .


المعلم إبراهيم الجوهري


الحياة العائلية والأبناء
تزوج المعلم إبراهيم من سيدة فاضلة شجعته على تعمير الكنائس. ورزق منها بولد إسمه يوسف ، وابنه اسمها دميانة ، وكان يقطن بجهة قـنطـرة الـدكة ، ولمَّا ترعرع إبنه ، عزم على تأهيله فأعدَّ له داراً خاصة به ، جهزها بأفخر المفروشات وأثمن الأواني والأدوات ، واستعدَّ لحفلة الزفاف ، ولكن شاءت إرادة الله أن تختاره قبل زواجه ، فحزن عليه والداه حزناً شديداً ، وأغلق المعلم إبراهيم الدار التي جهزها له.
كان لوفاة هذا الابن الوحيد ، أثر كبير في نفس إبراهيم وزوجته ، فإزداد رغبة في مساعدة الأرامل واليتامى والمساكين ، وتعزية الحزانى والمنكوبين ، وقيل انه رآى القديس أنطونيوس في الوقت ذاته له وعزَّاه وشجعه ، ولما إستيقظت الزوجة توجهت إلى زوجها ، وقصت عليه الرؤيا، فأجابها بأنه رأى نفس الرؤيا في هذه الليلة ، فسلَّما الأمر لله ، وإستبدلا لُباس الحداد باللباس العادي ، وإمتلأ قلباهما عزاء وشاركته زوجته في جميع أعماله الخيرية وصدقاته، حتى يوم وفاته. 

لقب ( سلطان الأقباط )
أطلق عليه الناس لقب سلطان الأقباط ، كما دل على ذلك نقش قديم على حجاب أحد هياكل كنائس دير الأنبا بولا بالجبل الشرقي ، والكتابة المدونة على القطمارس المحفوظ في هذا الدير أيضاً مما يدل على يجيزه اقباط "مسيحيين مصر" ، وتميزه لهم عن المسلمين. 
قال عنه الجبرتي المؤرِّخ الشهير : " إنه أدرك بمصر من العظمة ونفاذ الكلمة وعظمة الصيت والشهرة ـ مع طول المدة ـ ما لم يسبق لمثله من أبناء جنسه، وكان هو المشار إليه في الكليات والجزئيات ، وكان من ساسة العالم ودهاتهم، لا يغرب عن ذهنه شيء من دقائق الأمور ، ويدارى كل إنسان بما يليق به من المداراة، ويفعل ما يوجِب انجذاب القلوب والمحبة إليه وعند حلول شهر رمضان كان يُرسل إلى أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا ، وعُمِّرت في أيامه الكنائس والأديرة وأوقف عليها الأوقاف الجليلة والأطيان ، ورتَّب لها المرتبات العظيمة والأرزاق المستديمة والغلال ".
وقال عنه الأنبا يوساب الشهير بإبن الأبحّ أسقف جرجا وأخميم: " أنه كان من أكابر أهل زمانه وكان محباً لله يوزع كل ما يقتنيه على الفقراء والمساكين ، مهتماً بعمارة الكنائس ، وكان محباً لكافة الطوائف. يُسالم الكل ويحب الجميع ويقضي حوائج الكافة ولا يميز واحداً عن الآخر في قضاء الحق ".

أعماله الخيرية والتطوعية لبناء الكنائس 
[ بناء الكنيسة المرقسية بالدرب الواسع " الأزبكية " ]

الكنيسة المرقسية بالأزبكية

لقد إشتهر المعلم إبراهيم الجوهرى بحبه الشديد لتعمير الكنائس والأديرة ومن امثله ذلك اشياء كثيره منها.
تمكَّن من إستصدار الفتاوى الشرعية بالسماح للأقباط بإعادة ما تهدم من الكنائس والأديرة ، وأوقف الأملاك الكثيرة والأراضى والأموال لإصلاح ما خرب منها وقد بلغت حجج تلك الأملاك 238 حجة مدونة في كشف قديم محفوظ بالدار البطريركية.
اشتهر بنسخ الكتب الثمينة النادرة ، واهدائها لجميع الكنائس والأديرة، فلا تخلو كنيسة من كتبه وآثاره.
أول من سـعى في إقامـة الكنيسـة الكبرى بالأزبكـية ، وكان مُحرَّمـاً على الأقباط في الأزمنة الغابرة أن يشيِّدوا كنائس جديدة أو يقوموا بإصلاح القديم منها ، إلا بإذن من الهيئة الحاكمة ، فإتفق أن إحدى الأميرات قَدُمَت من الاستانة إلى مصر لقضاء مناسك الحج ، فباشر المعلم إبراهيم بنفسه أداء الخدمات اللائقة بمقام هذه الأميرة، وأدى لها الواجبات اللازمة لراحتها ، وقدَّم لها هدايا نفيسة ، فأرادت مكافأته وإظهار اسمه لدى السلطان ، فإلتمس منها السعي لإصدار فرمان سلطاني بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية ، حيث يوجد محل سكنه ، وقدم لها بعض طلبات أخرى خاصة بالأقباط والاكليروس فأصدر السُّلطان أمراً بذلك. 
ولكن عاجلته المنيَّة قبل الشروع في بناء الكنيسة ، فأتمها أخوه المعلم جرجس الجوهري.
لكي لا تتغير مواعيد الصلاة بكنيسة العذراء الكبرى بحارة زويلة لعامة الشعب ، قام بإنشاء كنيسة صغرى برسم الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بجوارها ، حتى يتمكن موظفو الحكومة من حضور القداس معه فيها ، بما يتفق مع مواعيد العمل في مصالحهم وقام بتجهيز أصناف الميرون ومواده على حسابه الخاص، وأرسلها بصحبه أخيه المعلم جرجس لغبطة البابا البطريرك بالقلاية العامرة.
سنة 1499 ش (1783م). بَنى السور البحري جميعه وحفر ساقية لدير كوكب البرية القديس أنطونيوس بعد أن أهتم ببناء هذا السور من القبلي والغربي في سنة 1498 ش ، ويعرف إلى الآن باسم سور الجوهري.
قام أيضاً بتجديد مباني كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم في سنة 1508 ش (1792م) ، وشيَّد كنيسة أبي سيفين بدير أنبا بولا في الجبل الشرقي ، وشيَّد بدير البرامـوس كنيسـة أنبا أبللـو وأنبا أبيـب (ولكنها هُدمت في سنة 1881م لتوسيع كنيسة مار يوحنا) ، وقصر السـيدة بالبراموس ، وقصر السيدة بالسريان ، وأضاف إلى دير البراموس خارجة من الجهة القبلية ، وبنى حولها سوراً وبلغت مساحتها 2400 متراً مربعاً.

تابع : مشاهير الأقباط المعاصرين للخدمة
المعلم غالي
تاريخ المعلم غالي 
لقد كان المعلم " غالي " يعمل في وظيفة كاتب محمد بك الألفي أحد أمراء المماليك، ثم أسند إليه محمد علي منصبًا كبيرًا بعد غضبه على المعلم جرجس الجوهري، وكان المعلم غالي يسهل لمحمد علي أمر تحصيل الضرائب ، ولكن هذا الأمر انقلب وبالًا عليه في النهاية. فكان جشع محمد علي في تحصيل الضرائب لا يقف عند حد، فقد طلب الباشا محمد علي من المعلم غالي ألف كيساً ، فقسم جمعها على المباشرين والكتبة وجمعها في أقرب وقت.

واقعة غدر محمد على بالمعلم غالي 
كان جمعها بسرعة موجبًا لغير ما كان يتوقعه المعلم غالي ، وسببًا في جلب الغدر عليه وعلى غيره ، فإن الباشا بعد قليل أمر بمحاصرة بيته، وبيت المعلم جرجس الطويل، وأخيه حنا ، وفرنسيس أخي المعلم غالي ، والمعلم فلتاؤس ، واثنين آخرين وأخرجوهم من منازلهم بصورة منكرة وسمّروا دورهم ، وأخذوا دفاترهم وحبسوهم ، وبعد أيام أفرج عنهم على شرط أن يدفعوا سبعة آلاف كيس ، فقاموا بدفعها.

المعلم غالي


ولم تمضِ سبعة شهور حتى قبض عليهم ثانية وحبسهم في القلعة وختموا على دورهم ، ثم عفا عنهم ، وأعاد المعلم غالي إلى منصبه ، على شرط أن يدفعوا أربعة وعشرين ألف كيسًا. 
وقد تكرر حدوث ذلك من محمد علي ، فكان يغضب عليه تارة ويعزله من منصبه ويرميه في السجن ويضربه مئات الكرابيج ، ثم يعيده إلى منصبه بعد دفع مبلغٍ طائلٍ.
وعندما أراد محمد علي تغيير هيئة الدواوين ، وإستبدالها بغيرها ، لتكون أقدر منها وتفوقها في النظام ، حتى تعود بالفائدة على الخزينة ، لم يتردد في الإفراج عن المعلم غالي والإستفادة من خبرته وكفاءته ، مادام هذا يعود بالفائدة على الخزينة. وبعدما كلّف المعلم غالي بذلك ، قسم المعلم غالي البلاد إلى مديريات وأقسام، والأطيان إلى أحواض ، وإبتكر أشياء كثيرة وحسابات تحقق مقدارًا وافرًا من المال، ولذلك يُنسَب للمعلم غالي تأسيس مصلحة المساحة ، كما كان له دوره في تشجيع صناعة الأسلحة محليًا ، ومن أعماله الجليلة أيضًا اقتراحه على محمد علي حفر قناة بين بحر الروم وبحر العرب ، ولكنه لم ينفذ. 
ونتيجة لنجاحه الكبير قابله محمد علي بالرضا وأثنى عليه ، ومن ثمَّ إتخذه كاتمًا لسره وخصّه مباشرة الأعمال الحسابية التي إبتكرها ، فكانت يده فوق يد الجميع حتى حكام الأقاليم.

واقعة مقتل المعلم غالي
وقد إستمر المعلم غالي في هذا المنصب حتى مقتله ، حين أطلق إبراهيم باشا رصاص مسدسه عليه في مدينة زفتى ، أمام ابنه طوبيا فخرّ صريعًا ، وهكذا ألقى المعلم غالي جزاء أمانته ووطنيته وخدمته ، بعد أن أدى أجلّ الخدمات لمحمد علي ولإبراهيم باشا قاتله ، وقد بقيت جثته ملقاة مدة يومين لا يجرؤ أحد على القيام بدفنها حتى استأذن رزق أغا حاكم الشرقية في دفنها ، فأقيمت الصلاة على المعلم غالي بكنيسة أبي سيفين بزفتى ثم دفن بجوارها.
ومن غير المعروف السبب الحقيقي لقتله ، ولعل السبب هو مقاومة المعلم غالي لجشع إبراهيم باشا ، لرغبته في تحصيل ضرائب على النخيل ، بينما رفض المعلم غالي ذلك رفقًا بالمصريين لعدم إرهاقهم بتعدد الضرائب. 
ولكن إبراهيم باشا أصر على فرض الضرائب، فطلب المعلم غالي أن يعرض الأمر على محمد علي، فما كان من إبراهيم باشا إلا أن أجابه بإطلاق رصاص مسدسه عليه فخرّ صريعًا.

ويذكر التاريخ أن محمد علي استدعى باسيليوس نجل المعلم غالي وقال له: "هل أنت حزين لموت أبيك؟" فأجابه باسيليوس: "لم يمت أبي مادام مولاي الأمير حيًا". فأُعجِب به محمد علي ، وأسند إليه وظيفة رئيس المحاسبة في الحكومة المصرية وأنعم عليه برتبة "بك" ، وهو أول من مُنِح هذه الرتبة من الأقباط.

أهم الأحداث المعاصرة للخدمة
الحملة الفرنسية على مصر 
مقدمة 
إن الحملة الفرنسية على مصر - هي في تعريفها السليم - كانت عبارة عن حملة عسكرية فرنسية ، قام بها الجنرال نابليون بونابرت على الولايات العثمانية مصر والشام (1798-1801م) ، وذلك بهدف الدفاع عن المصالح الفرنسية ، وأيضاً - منع إنجلترا من القدرة على الوصول للهند ، وكذلك كان للحملة أهداف علمية. 
ولقد كانت بداية الحملة هي حملة البحر المتوسط عام 1798م ، وهي سلسلة من المعارك البحرية شملت السيطرة على مالطا.
من الناحية العلمية ، أدت الحملة إلى اكتشاف حجر رشيد، واضعة بذلك حجر الأساس لعلم المصريات. 
وبالرغم من تحقيق بعض الانتصارات، ونجاح الحملة في البداية، إلا أن نابليون اضطر إلى الإنسحاب بجيشه لعدة أسباب منها حدوث إضطرابات سياسية في فرنسا، النزاعات في أوروبا ، وكذلك الهزيمة في معركة أبي قير البحرية.
في وقت الحملة، كانت السلطة التنفيذية في فرنسا ملكا لحكومة الإدارة وكانت الحكومة تلجأ للجيش للوقوف أمام نادي اليعاقبة والأخطار الملكية الأخرى، مع الاعتماد بصورة رئيسية على نابليون الأول ، الذي كان يعد قائداً ناجحاً حينها ، بعد الانتصار في الحملة الإيطالية.

بداية التفكير في القيام بالحملة على مصر والشام
خريطة الحملة الفرنسية

لقد كانت فكرة السيطرة على مصر وجعلها مستعمرة فرنسية تحت النقاش منذ قام البارون دو توت بمهمة سرية إلى بلاد الشام في 1777، لفحص الجدوى ، ولقد كان تقرير البارون إيجابياً ، لكن لم يتم إتخاذ أي خطوات من قبل فرنسا حينها. 
وقد أصبحت مصر محل نقاش بعد ذلك بين شارل تاليران ونابليون ، وفي 1798م ، قدم نابليون إقتراحاً إلى حكومة المديرين بالقيام بحملة للسيطرة على مصر ، بهدف "الحفاظ على المصالح الفرنسية" ، وتقليل قدرة بريطانيا على الوصول إلى الهند وإلحاق الضرر بتجارتها، وذلك بسبب موقع مصر الجيد بين خطوط التجارة. أراد بونابرت تأسيس مستعمرة فرنسية في مصر ، سعياً في نهاية المطاف للارتباط بحليف فرنسا السلطان تيبو في مملكة ميسور. 

تاليران
المهندس المسئول عن الحملة الفرنسية في مصر


وبما إن فرنسا لم تكن مجهزة لهجوم مباشر على بريطانيا العظمى ، قررت حكومة المديرين التدخل بصورة غير مباشرة ، وعمل ميناء مزدوج يصل بين البحرين الأحمر والمتوسط (وهو ما سيتم تطبيقه في القرن العشرين عن طريق قناة السويس).
في هذا الوقت ، كانت مصر ولاية عثمانية منذ 1517 م ، ولكن لم تكن حينها تحت السيطرة المباشرة للعثمانيين ، حيث كان يحكمها المماليك ، وكان بينهم نزاعات على السلطة. في فرنسا ، كانت "الموضة المصرية" رائجة ، حيث شاع الاعتقاد بين المفكرين أن مصر هي مهد الثقافة الغربية، وكان تجار فرنسا في مصر يشتكون من معاملة المماليك لهم ، كما كان نابليون يريد أن يسير على خطى الإسكندر الأكبر. أكد نابليون للحكومة الفرنسية أنه بمجرد السيطرة على مصر ، سيقوم بالتحالف مع الأمراء الهنود والهجوم على بريطانيا العظمى في مستعمراتها. وفقاً لتقرير قدمه تاليران في 13 فبراير 1798م .
« بمجرد السيطرة على مصر وتحصينها ، سنقوم بإرسال 15 ألف جندي من السويس إلى مملكة تيسور لمساعدة السلطان تيبو في القضاء على الوجود البريطاني في الهند».
وافقت حكومة المديرين على الخطة في مارس 1798 م ، على الرغم من عدم الاقتناع التام بكلفتها ونطاقها ، ويقال أن أحد الدوافع السرية هي أنهم أرادوا إبعاد نابليون الشعبي وشديد الطموح عن مركز السلطة.

بداية تحرك الأسطول الفرنسي صوب مصر
الأساطيل الفرنسية في طريقها إلى مصر


تم تجميع 40 ألف جندي و10 آلاف بحار في موانئ فرنسا المطلة على البحر المتوسط ، تم تجميع أسطول كبير في تولون : 13 سفينة خط ، 14 فرقاطة و400 ناقلة ، لتجنب مواجهة الأسطول الإنجليزي تحت قيادة هوراشيو نيلسون ، لم يتم الإعلان عن اتجاه الرحلة حينها ، وتم الإحتفاظ به كسر ، ولم يعرف الاتجاه إلا بونابرت نفسه، بيرثييه، كافاريللي وعالم الرياضيات غاسبار مونج. كان بونابرت القائد، وكان من مرؤوسيه توماس ألكسندر دوماس ، كليبر ، لويس دوزيه ، بيرثييه ، كافاريللي ، لانس ، داماس ، يواكيم مورات ، أندريوسي ، بيليارد ، جاك فرانسوا مينو، وزاجتشيك. وشمل مساعدوه في المعسكر أخاه لويس بونابرت، دوروك، يوجين دو بوارنيه، توماس بروسبر جولين والنبيل البولندي جوزيف سوكوفسكي.
انضمت إلى الأسطول في تولون أسراب من جنوة، تشيفيتافيكيا وباستيا، ووضع الأسطول تحت قيادة العميد البحري برويس والعقيدون البحريون بيير تشارلز فيلنوف، دو كايلا ، ديكريه وجانتيم ، كان الأسطول على وشك الرحيل عندما حدثت مشكلة مع النمسا ، واستدعت الحكومة بونابرت تحسبا لوقوع حرب. 
وقد حلت الأزمة في خلال أسابيع، وتلقى نابليون أوامر بالعودة إلى تولون بأسرع ما يمكن.
ولقد وصل بونابرت إلى تولون في 9 مايو 1798 م ، وأقام مع بينوت دي ناجاك ، الضابط المسئول عن إعداد الأسطول ، صعد الجيش السفن واثقا في قيادته وفي 19 مايو، بمجرد صعوده السفينة، وجه بونابرت خطابا إلى قواته، خاصة هؤلاء الذين كانوا معه في جيش إيطاليا :
«أيها الجنود ! ... أنتم أحد أجنحة الجيش الفرنسي ، لقد حاربتم فوق الجبال، على السهول، وفي المدن; لم يبق إلا الحرب في البحر. إن الجحافل الرومانية قد حاربت بقرطاج في نفس هذا البحر وفي سهول زاما ... أيها الجنود، أيها البحارة ، لقد تم إهمالكم حتى هذا اليوم; اليوم، أنتم أهم شيئ بالنسبة للجمهورية... إن عبقرية الحرية التي جعلتكم -عند ولادتها- حاكمي أوروبا ، نريد أن تكون عبقرية البحار والأمم الأبعد ».

وصول نابليون بونابرت إلى مصر 
نابليون بونابرت 

بعد النجاح في تجنب الإكتشاف من قبل الأسطول الملكي لمدة ثلاثة عشر يومًا ، غادر نابليون بونابرت مالطا ، متجهاً إلى مصر ، حيث أصبح الأسطول على مقربة من الإسكندرية حيث هبط في 1 يوليو، على الرغم من أن خطة نابليون كانت الهبوط في مكان آخر. في يوم الهبوط، قال نابليون لقواته "أعد كل جندي يعود من هذه الرحلة، بما يكفي لشراء ستة فدادين من الأرض". وأضاف قائلاً :
" الشعوب التي سنعيش معها هي من المسلمين. مقالهم الأول من الإيمان هو "لا إله إلا الله ، ومحمد رسول الله". لا تتعارضوا معهم؛ عاملوهم كما عاملتم اليهود والإيطاليين. احترموا المفتين وأئمتهم ، كما احترمتم حاخاماتهم وأساقفتهم. فليكن لديكم نفس التسامح في الاحتفالات المنصوص عليها في القرآن الكريم، لمساجدهم ، كما كان لديكم للأديرة، للمعابد، لدين موسى والمسيح. الجيوش الرومانية اعتادت على حماية جميع الأديان. ستجدون هنا عادات وتقاليد مختلفة عما وجدتموه في أوروبا، يجب أن تعتادوا عليها ، الناس هنا سيعاملون النساء بشكل مختلف عنا؛ لكن في كل دولة، كل من يعتدي هو وحش ، النهب لا يثري إلا عدد قليل من الرجال ؛ إنه يهزنا ، إنه يدمر مواردنا، ويصنع أعداءا من الناس الذين من مصلحتنا كونهم أصدقاء ، أول مدينة سنواجهها قد أنشأها ألكسندر الأكبر ، سنجد في كل خطوة بقايا عظيمة جديرة بالمحاكاة الفرنسية " .
كان مينو أول من إنطلق إلى مصر ، وكان أول فرنسي يصل. هبط بونابرت وكليبر معاً وانضما إلى مينو ليلاً في مارابو ، حيث تم رفع أول علم فرنسي في مصر. أبلغ بونابرت بأن الإسكندرية تعتزم مقاومته وسارع إلى الحصول على قوة على الشاطئ. وفي الساعة الثانية صباحاً ، إنطلق في ثلاثة طوابير ، ووصل على حين غرة أمام أسوار الإسكندرية ، وأمر بالإعتداء - فإستسلم المدافعون ، ولم يكن لدى المدينة وقت للإستسلام ، ووضع نفسها تحت تصرف الفرنسيين ، ولكن على الرغم من أوامر بونابرت، اقتحم الجنود الفرنسيون المدينة. 
في 1 يوليو، قام نابليون ، على متن سفينة "المشرق" في طريقه إلى مصر، بكتابة البيان التالي إلى سكان الإسكندرية المسلمين:
لطالما أهان البكوات الذين يحكمون مصر الأمة الفرنسية وغطوا تجارهم بالافتراءات. لقد حانت ساعة عقابهم ، لطالما إستبد هذا الحشد من العبيد ، الذي تم شراؤه في القوقاز وجورجيا ، بأجمل جزء من العالم. لكن الله ، الذي يعتمد عليه الجميع ، قد قرر أن إمبراطوريتهم ستنتهي - يا شعب مصر - لقد أخبروكم بأنني جئت لتدمير دينكم ، لكن لا تصدقوهم. أخبروهم أنني جئت لإستعادة حقوقكم ومعاقبة المغتصبين، وأنني أحترم الله ونبيه والقرآن أكثر من المماليك ، قولوا لهم أن جميع الناس متساوون أمام الله. الحكمة، المواهب، الفضائل هي الأشياء الوحيدة التي تجعل الإنسان يختلف عن الآخر ... هل هناك أرض أكثر جمالا؟ إنها ملك المماليك. إذا كانت مصر مزرعتهم، فعليهم أن يظهروا عقد الإيجار الذي أعطاهم الله له ... ... أيها القضاة، الشيوخ، الأئمة، وأعيان الأمة، أطلب منكم أن تخبروا الناس أننا أصدقاء حقيقيون للمسلمين ، ألم نكن نحن من دمروا فرسان مالطا؟ ، ألم نكن نحن من دمروا البابا الذي كان يقول أنه من الواجب الحرب على المسلمين؟ ، ألم نكن نحن في جميع الأوقات أصدقاء إلى الرب العظيم وأعداء لأعدائه؟ ... حقا سعداء هم أولئك الذين سيكونون معنا! ، ستزدهر ثروتهم ورتبهم. سعداء هم أولئك الذين سيكونون محايدين! ، سوف يتعرفون علينا بمرور الوقت ، وينضمون إلى صفوفنا ، لكن غير سعداء أبداً ، أولئك الذين سيسلحون أنفسهم [للقتال] من أجل المماليك والذين سيحاربوننا! لا رجاء لهم ، وسيهلكون.
عندما تم إنزال القوة الإستطلاعية ، تلقى الأدميرال برويس أوامر بنقل الأسطول إلى خليج أبي قير قبل إرساء أسطول المعركة في ميناء الإسكندرية القديم إن أمكن أو أخذه إلى كورفو. وقد كانت هذه الاحتياطات حيوية بعد ذلك بسبب وصول الأسطول البريطاني الوشيك، والذي كان قد شوهد بالفعل بالقرب من الإسكندرية قبل 24 ساعة من وصول الأسطول الفرنسي. 
كان من الحكمة تجنب مخاطر معركة بحرية - حيث يمكن أن تكون للهزيمة نتائج كارثية وكان من مصلحة القوة أن تذهب عن طريق البر، وتسير بسرعة قصوى إلى القاهرة لمفاجأة قادة العدو قبل أن يتمكنوا من وضع أي تدابير دفاعية في المكان.
سار لويس ديسايز عبر الصحراء بقسمه ومدفعيه ، ووصل إلى دمنهور - على بعد خمسة عشر ميلاً (24 كم) من الإسكندرية - في 6 يوليو - في هذه الأثناء - غادر بونابرت الإسكندرية ، تاركاً المدينة تحت قيادة كليبر. 
وقد سار الجنرال ديزا إلى رشيد ، مع أوامر بالاستيلاء على مدخل الميناء الذي يضم الأسطول الفرنسي ، والذي كان مخططا له أن يتابع الطريق إلى القاهرة بمحاذاة الضفة اليسرى للنهر وأن ينضم مرة أخرى إلى الجيش في الرحمانية. 

وصول الحملة الفرنسية إلى دمنهور 
في 8 يوليو ، وصل بونابرت إلى دمنهور، حيث وجد القوات التي كانت قد إجتمعت ، وبعد يومين ساروا إلى الرحمانية ، حيث كانوا ينتظرون الأسطول مع المؤن. وصل الأسطول 12 يوليو ، وبدأ الجيش في السير مرة أخرى ليلاً ، والأسطول وراؤه.
أجبرت الرياح العنيفة الأسطول على الإنحناء إلى يسار الجيش وإلى أسطول المماليك مباشرة ، والذي كان مدعومًا بنيران من 4 آلاف من المماليك المسلحين، مدعومين بالفلاحين والعرب ، كان للأسطول الفرنسي تفوق عددي لكنه فقد سفنه المدفعية في المواجهة ، أمر بونابرت قواته البرية بالهجوم على شبراخيت ، وتم الاستيلاء عليها بعد قتال عنيف دام ساعتين ، إنسحب المماليك إلى القاهرة ، تاركين خلفهم 600 قتيل في ساحة المعركة.

وقائع معركة الأهرام 
بعد قضاء يوم راحة في شبراخيت ، واصلت القوات البرية الفرنسية المسير ، ووصلت القوات البرية الفرنسية في 20 يوليو إلى مسافة نصف ميل من إمبابة ، كانت الحرارة عالية وإستنفذ الجيش ، وإحتاج إلى الراحة ، ولكن لم يكن هناك ما يكفي من الوقت، فأمر بونابرت قواته التي يبلغ قوامها 25 ألف جندي بالقتال عند موقع على بعد تسعة أميال (15 كم) من أهرامات الجيزة. 



وقائع معركة الأهرام

ويقال إنه أظهر لجيشه الأهرامات خلف الجناح الأيسر للقوات المدافعة، وفي اللحظة التي طلب فيها الهجوم هتف " أيها الجنود ، شاهدوا قمم الأهرام" -في المؤلفات المكتوبة بعد ذلك ، تم تغيير هذه العبارة إلى "أيها الجنود، تذكروا أنه عند قمة هذه الأهرامات، 40 قرناً من التاريخ يتأملوكم" ، على الرغم من أن المؤرخين اكتشفوا فيما بعد أن الأهرامات لم تكن مرئية من ساحة المعركة-. كانت هذه بداية ما يسمى بـ "معركة إمبابة" ، التي انتهت بنصر فرنسي على قوة قوامها حوالي 21 ألف مملوك.(حوالي 40،000 من جنود المماليك لم يكونوا في موقع المعركة). 
وقد هزم الفرنسيون سلاح الفرسان المملوكي بقوة كبيرة من المشاة والمدافع. في المجمل كان عدد الضحايا حوالي 300 فرنسي وحوالي 6000 مصري. نتج عن المعركة عشرات القصص والرسومات. تابعت فرقة دوبوي اللحاق بقوات المماليك ودخلت القاهرة ليلا، وكان قد تركها مراد بك وإبراهيم بك. في 25 يوليو، نقل بونابرت مقره الرئيسي للجيزة. أُمر دوزيه بملاحقة مراد، الذي انطلق إلى صعيد مصر. تم وضع فيلق مراقبة في Elkanka لمراقبة تحركات إبراهيم ، الذي كان متجهاً نحو سوريا. قاد بونابرت شخصياً مطاردة إبراهيم وهزمه في معركة الصالحية ودفعه نهائياً إلى خارج مصر.


وقائع موقعة أبي قير البحرية وهزيمة الفرنسيين 
أبحرت وسائل النقل عائدة إلى فرنسا ، لكن بقى أسطول المعركة مسانداً الجيش على طول الساحل ، كان الأسطول البريطاني تحت قيادة هوراشيو نيلسون ، يفتش عن الأسطول الفرنسي لأسابيع ، ولكن لم يستطع إيجاده في الوقت المناسب لمنع النزول في مصر ، ولكن في 1 أغسطس، اكتشف نيلسون السفن الحربية الفرنسية الراسية في موقع دفاعي قوي في خليج أبو قير. 
وقد إعتقد الفرنسيون أنهم كانوا عرضة للهجوم فقط على جانب واحد، والجانب الآخر محمي من قبل الشاطئ. ومع ذلك، خلال معركة النيل تمكن الأسطول البريطاني بقيادة نيلسون من وضع نصف سفنه بين البر والخط الفرنسي، وبالتالي القدرة على المهاجمة من كلا الجانبين. في غضون ساعات قليلة، تم إلقاء القبض على 11 سفينة فرنسية من أصل 13 سفينة و2 من أصل 4 فرقاطات فرنسية. هربت السفن الأربع المتبقية. 
ولقد كان عدد القتلى الفرنسيين يختلف حسب المصادر ولكنه يتراوح بين 2000 إلى 5000 قتيل وجريح ، وتم القبض على حوالي 3000 جندي، في مقابل خسارة الإنجليز 218 شخص ، وإصابة 677. أحبط هذا هدف بونابرت في تعزيز الموقف الفرنسي في البحر الأبيض المتوسط ، وبدلاً من ذلك وضعه تماماً تحت السيطرة البريطانية. 

موقعة أبي قير البحرية


وقد وصلت أخبار الهزيمة البحرية لبونابرت في طريق العودة إلى القاهرة بعد هزيمة إبراهيم. يقول شارل موليي عن موقف نابليون:
هذا الحدث الكارثي لم يزعجه نابليون على الإطلاق ، ولم يسمح لأي عاطفة لم يختبرها أولاً في ذهنه بالظهور. 
وبعد قراءة البرقية التي أبلغته أنه وجيشه أصبحوا الآن سجناء في مصر ، قال : "لم يعد لدينا سلاح بحري . حسناً ، علينا أن نبقى هنا، أو نرحل كرجال عظماء مثلما فعل القدماء".. أظهر الجيش سعادة لهذا الرد القصير، لكن المصريين اعتبروا الهزيمة في أبو قير بمثابة تحول لصالحهم ، ومن ذلك الحين شغلوا أنفسهم للعثور على وسائل للتخلص ، من نير الكراهية التي كان الأجانب يحاولون فرضها عليهم بالقوة وإصطيادهم من بلادهم .
هذا - وسرعان ما تم وضع هذا المشروع حيز التنفيذ.
بعد الهزيمة البحرية في أبو قير ، أصبحت حملة بونابرت مرتبطة بالبر. إلا أن جيشه نجح في توطيد سلطته في مصر ، رغم أنه واجه إنتفاضات قومية متكررة، وبدأ نابليون يتصرف كحاكم مطلق لكل مصر. 
في مجهود فاشل إلى حد كبير للحصول على دعم من السكان المصريين ، أصدر بونابرت تصريحات تصفه بأنه محرر للشعب من الاضطهاد العثماني والمملوكي ، مشيداً بمبادئ الإسلام ، ومدعياً الصداقة بين فرنسا والإمبراطورية العثمانية على الرغم من التدخل الفرنسي في الدولة ذاتية الحكم. 
هذا الموقف أكسبه في البداية دعمًا قويًا في مصر ، وأدى لاحقًا إلى الإعجاب بنابليون من محمد علي، الذي نجح في ما لم ينجح فيه بونابرت بإصلاح مصر والإعلان عن إستقلالها عن العثمانيين. 
وفي خطاب إلى شيخ في أغسطس 1798م ، كتب نابليون :" أتمنى ... أن أتمكن من توحيد جميع الرجال الحكيمين والمتعلمين في كل الدول وأنشئ نظامًا موحدًا يستند إلى مبادئ القرآن التي تستطيع توجيه الناس للسعادة" - ومع ذلك - كتب سكرتير بونابرت "بوريان" أنه لم يكن لديه اهتمام جاد بالإسلام ، أو أي دين آخر بعيداً عن قيمته السياسية :
"كان مبدأ بونابرت هو النظر إلى الأديان على أنها عمل الرجال ، ولكن مع احترامها في كل مكان كمحرك قوي للحكم ... إذا تحدث بونابرت كمسلم ، فقد كان ذلك فقط جزءا من شخصيته العسكرية وحكمه السياسي لبلد مسلم. إن القيام بذلك كان أساسياً لنجاحه ولسلامة جيشه. 
في الهند كان ليؤيد علي، في التبت كان ليؤيد دالاي لاما، وفي الصين أيضا كان ليؤيد كونفوشيوس".
بعد فترة وجيزة من عودة بونابرت من مواجهة إبراهيم جاء المولد النبوي، الذي تم الإحتفال به ببهاء كبير. 
وقد قاد بونابرت نفسه المسيرات العسكرية للمناسبة ، وإستعد لهذا المهرجان مرتديًا لباساً شرقيا ًوعمامة. 
وفي هذه المناسبة ، منحه الديوان لقب "علي بونابرت" بعد أن أطلق بونابرت على نفسه "ابن للنبي" و "محبوب من الله". وفي نفس الوقت تقريباً اتخذ إجراءات صارمة لحماية قوافل الحج من مصر إلى مكة المكرمة ، حيث كتب رسالة بنفسه إلى حاكم مكة.
ومع ذلك ، وبفضل الضرائب التي فرضها عليهم لدعم جيشه ، ظل المصريون غير مقتنعين بصدق محاولات بونابرت للتصالح وإستمروا في مهاجمته بلا توقف. لم تكن عمليات الإعدام العسكرية قادرة على ردع هذه الهجمات واستمرت في الحدوث.
كان يوم 22 سبتمبر 1798 م هو الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية الفرنسية الأولى، ونظم بونابرت إحتفالاً كبيراً. 
وبناءاً على أوامره ، تم بناء سيرك هائل في أكبر ساحة في القاهرة ، مع 105 عمود (كل منها يحمل راية مختلفة) ، حول الحافة ومسلة ضخمة منقوشة في المركز. تم تسجيل أسماء قتلى الحروب الثورية الفرنسية على سبعة مذابح كلاسيكية، وظهرت مشاهد معركة الأهرام على قوس للنصر. 
وكان الأمر غريباً ، حيث كان الرسم التصويري يمدح الفرنسيين ويقلل من المصريين (الذين كان بونابرت يسعى لكسبهم كحلفاء).
في يوم المهرجان ، خاطب بونابرت قواته، وقام بتعداد "مآثرهم" منذ حصار طولون عام 1793 وقال لهم :
" من الإنجليز ، المشهورين بالفنون والتجارة، إلى البدو الشرسين، لقد ألقيتم نظرة على العالم. أيها الجنود ، مصيركم عادل ... في هذا اليوم ، 40 مليون مواطن يحتفلون بحقبة الحكومة، 40 مليون مواطن يفكرون بكم " .

بداية حكم نابليون بونابرت ومشاريعه في مصر
بعد أن جعل نفسه حاكماً لمصر ، أعطى بونابرت بونابرت مصر بعضاً من فوائد الحضارة الغربية ، فسرعان ما إتخذت القاهرة مظهر مدينة أوروبية، حيث كانت إدارتها (الدواوين) تؤول إلى بعض من أفضل رجال المنطقة. 
وفي الوقت نفسه ، تم إنشاء بعض المؤسسات المحلية في المدن الأخرى. 
أُنشئ معهد للعلماء الفرنسيين ، وتم ضم لقب رئيس المعهد إلى لقب أكاديمي ، تم إنشاء مكتبة ، ومختبر للكيمياء ، وخدمة صحية ، وحديقة نباتية ، ومرصد ، ومتحف للآثار وحديقة حيوان.
بموجب أوامر بونابرت ، وضع العلماء جدولاً مقارناً للأوزان والمقاييس المصرية والفرنسية، وكُتِب قاموس فرنسي عربي وحُسِب تقويم مصري قبطي أوروبي (ثلاثي). تم إنشاء جريدتين في القاهرة، واحدة للأدب والاقتصاد السياسي تحت إسم "Décade égyptienne" ، والأخرى للسياسة تحت عنوان "Courrier égyptien".
بسبب انخفاض الأعداد بشكل كبير بسبب الوفيات في المعارك والمرض، ومع كون الجيش لم يعد يأمل في الحصول على تعزيزات من فرنسا بعد الكارثة البحرية في أبو قير، حاول بونابرت التغلب على هذه المشكلة عن طريق فرض رسوم على المصريين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 وتحويل الـ 3000 بحار الذين نجوا في أبو قير إلى فيلق بحري. أغلقت جميع الشوارع في القاهرة في الليل ببوابات لمنع السكان من مساعدة العرب في هجماتهم الليلية على الفرنسيين. 
وقد قام بونابرت بإزالة هذه الأسوار، حيث كان المصريون يستخدمونها كمتاريس ضد الفرنسيين (وقد ثبت أن هذا الإزالة مبررة بالأحداث التي أعقبت ذلك).

المقاومة الشعبية ضد الإحتلال الفرنسي في القاهرة 
في 21 أكتوبر 1798م - بينما كان بونابرت في القاهرة القديمة ، كان سكان المدينة ينشرون الأسلحة في الشوارع ، ويعملون على عمل تحصينات ، خاصة في المسجد الكبير ، كان قائد اللواء "دوبوي"، حاكم القاهرة ، أول من قتل ، ثم سلكوفسكي ، صديق بونابرت ومعاونه في المعسكر ، بعد تحميسهم من قبل الشيوخ والأئمة ، أقسم المصريون أن يبيدوا كل الفرنسيين، وأي فرنسي قابلوه تم قتله. 
وقد تجمعت الحشود على بوابات المدينة لمنع بونابرت من الدخول ، الذي صُدِم وأُجبر على اتخاذ منعطف للدخول عبر بوابة بولاق.
كان وضع الجيش الفرنسي خطيراً ، كان البريطانيون يهددون المدن الساحلية، وكان مراد بك في صعيد مصر، وكان الجنرالات مينو ودوغوا قادرين فقط على السيطرة على مصر السفلى. كان لدى العرب المصريين تأييد ودعم لأولئك الذين يثورون ضد الفرنسيين في القاهرة.
تم ضرب العرب مرة أخرى في الصحراء بأوامر من بونابرت، وتمت إعادة المدفعية إلى المدينة الثائرة. 
قام بونابرت بنفسه بمطاردة الثوار من شارع إلى شارع وأجبرهم على تركيز انسحابهم في المسجد الكبير ، لحسن الحظ بالنسبة للفرنسيين ، كانت السماء مغطاة بالغيوم وكذلك صوت الرعد ، وهي ظاهرة نادرة في مصر. 
وقد إعتبر بعض من السكان المؤمنين بالخرافات الرعد كعلامة من السماء. 
وقد أمر بونابرت على الفور مدفعه بفتح النار على المسجد ، حطم الفرنسيون البوابات واقتحموا المبنى ، وذبحوا ثوار المدينة في الداخل.
بعد عودته مرة أخرى إلى السيطرة المطلقة على القاهرة ، سعى بونابرت إلى القبض على الكتاب والمحرضين على التمرد. وأدين عدة مشايخ والعديد من الأتراك والمصريين بالمشاركة في المؤامرة وأعدموا. لإكمال عقوبته ، فرض بونابرت على المدينة ضريبة عالية جديدة وإستبدل ديوانها بلجنة عسكرية.

العودة الثانية لنابليون إلى مصر 
بعد أربعة أشهر خارج مصر ، قضاها نابليون في حصار عكا ، ومن قبلها يافا ، وصلت البعثة إلى القاهرة مع 1800 جريح ، وخسرت 600 رجل بسبب الطاعون و1،200 أثناء القتال. في غضون ذلك ، أرسل المبعوثون العثمانيون والبريطانيون أخباراً عن نكسة بونابرت في عكا إلى مصر، مشيرين إلى أن قوته الاستكشافية دمرت بشكل كبير وأن بونابرت نفسه قد مات. 
عند عودته ، سخر بونابرت من هذه الشائعات عن طريق العودة إلى مصر ، كما لو كان على رأس جيش منتصر ، حيث كان جنوده يحملون أشجار النخيل وشارات النصر - و في خطابه لسكان القاهرة ، قال بونابرت :
لقد عاد إلى القاهرة ، رئيس الجيش الفرنسي، الجنرال بونابرت، الذي يحب دين محمد. عاد سليما وبخير، شاكرا الله على النعم التي أعطاه إياها. دخل القاهرة من بوابة النصر. هذا اليوم هو يوم عظيم. 
لقد خرج جميع سكان القاهرة لمقابلته ، لقد رأوا وأدركوا أنه هو نفس القائد العام ، بونابرت، بنفسه. لكن أولئك الذين في يافا ، بعد أن رفضوا الإستسلام ، فقد سلمهم جميعاً الموت في غضبه ، و لقد دمر كل أسوارهم وقتل جميع الذين كانوا هناك ، كان هناك حوالي 5000 من جنود الجزار في يافا - لقد دمرهم جميعًا.
عندما دخل الفرنسيون بحملتهم إلى مصر ، قامت حرب بينهم وبين العثمانيين في القاهرة بعد ثمانية عشرة شهرًا من وصولهم ، وقد إستمرت هذه الحرب أربعة وثلاثين يومًا ، وكان الصوم الأربعين المقدس ، فعمل البابا مرقس جمعة البصخة المقدسة وعيد القيامة في فناء الكنيسة القديمة بحارة الروم لأنها كانت قد احترقت هي وما حولها من محلات ، وكانت كارثة ؛ إذ إمتدت يد الحرافيش إلى نهب الكنائس بسبب هجوم الفرنسيين على الممتلكات الإسلامية وإيذاء المسلمين والأزهر ، حتى إمتد النهب إلى الإسكندرية، فنهبت كنيسة مارمرقس ، ولم يتبيَّن إلا بعد خروجهم بمساعدة المعلم إبراهيم الجوهري أيضًا وكرسها البابا مرقس على إسم مارمرقص عوضًا عما هدمه الفرنسيين.

فوائد الحملة الفرنسية على مصر
لقد أنتجت لنا الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت ، العديد من الفوائد التي عادت على مصر بالنفع في شتى مجالات العلم ، حيث قام نابليون بإحضار لفيف من العلماء والمهندسين الفرنسيين خلال رحلته إلى مصر - وبدوره - فقد قامت هذه الكوكبة من العلماء والباحثين بأعمال مجيدة في شتى مجالات العلم عادت على مصر بالعديد من الإنجازات في مجال الإصلاح الثقافي والعلمي .
وفي مايلي - سوف نستعرض جانب من بعض تلك الإنجازات التي حققتها الحملة الفرنسية خلال فترة وجودها في مصر .

أولاً – إجراء أول إحصاء لمواليد ووفيات شعب مصر
لقد عرف المصريون بعض الإنظمة الإدارية عن الفرنسيين ، ومن بينها سجلات المواليد والوفيات ، وكذلك نظام المحاكمات الفرنسي ، وبرز ذلك في قضية سليمان الحلبي.

ثانياً - إنشاء المجمع العلمي ووضع كتاب وصف مصر
يرجع تاريخ بناء المجمع العلمي بالقاهرة إلى فترة وجود الحملة الفرنسية في مصصر ، وتحديداً في يوم 20 أغسطس من عام 1797م ، وقد كان يحمل إسم " المعهد العلمي " ، في بادئ الأمر ، وبمغادرة الفرنسيين مصر عام 1801 م ، توقف نشاط المعهد العلمي ، وذلك لإنتهاء سبب إنشائه ، وتبقى جانب من مقر المعهد القديم، وهو منزل إبراهيم كتخدا الملقب بالسناري ، نسبة إلى مدينة سنار التي قدم منها قبل أن ينتقل إلى القاهرة ، ليصبح واحدًا من أعيانها بفضل قربه من الأمير مراد بك، وفرغ من بناء المنزل قبل وصول الفرنسيين بسنوات قليلة ، يتوسط المنزل فناء مكشوف عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسطها فسقية ، وفي الضلع الشرقي منه عدد من الحواصل وغرف الخدم والمنافع. وفي الضلع الجنوبي من الفناء التختبوش، عبارة عن مساحة مستطيلة مغطاة بسقف خشبي ذي زخارف ملونة ، يرتكز على عمود رخامي.
وفي الضلع الغربي لدهليز المدخل باب معقود يؤدي إلى ديوان عبارة عن حجرة ذات رواقين غطى كل منهما بقبوين متقاطعين.
وفي الركن الجنوبي الغربي من الفناء سلم صاعد ينتهي بمسطبة عن يمينها باب يؤدي إلى حجرة مستطيلة في ضلعها الجنوبي الغربي شباكان ، بالإضافة إلى باب يوصل للقاعات ، وإلى يسار البسطة مقعد مغطى بسقف خشبي.
هذا - ويسجل لنا مبني المجمع العلمي الحالي قصة عودة الحياة إلى المجمع العلمي مرة أخرى، حيث ظل منذ خروج الفرنسيين مهملاً ، إلى أن نجح دكتور والن قنصل بريطانيا في مصر، في تأسيس الجمعية المصرية العلمية لتقوم بدوره، وأنشأ الدكتور هنري إليوت وهو إنجليزي، وبريس دافين العالم الفرنسي في عام 1842 الجمعية الأدبية المصرية لتقوم بنفس الهدف. وفي 6 مايو 1856 أعلن محمد سعيد باشا والي مصر، إعادة تأسيس المجمع مرة أخرى بالإسكندرية وأدمجت الجمعيتان السابقتان فيه، وضم المجمع العديد من أعضاء المجمع القديم ، أبرزهم جومار الذي كان عضوا في لجنة الفنون وماربيت وكوليج وغيرهم ، وبرز عدد كبير آخر من أعضاء المجمع على مدى تاريخه في مختلف المجالات ، ومنهم جورج شواينفورت الرحالة المشهور المتخصص في العلوم الطبيعية ، ومحمود الفلكي الإخصائي في علم الفلك، وجاستون ماسبيرو المتخصص في التاريخ الفرعوني ، وعلى مشرفة عالم الرياضيات، والدكتور علي باشا إبراهيم وأحمد زكي باشا.

المجمع العلمي بالقاهرة


ولعل من أهم ما ضمه المجمع العلمي بين جنباته من كنوز التراث العلمي والحضاري في شتى مجالات العلوم المعارف ، والزخائر الثقافية التي أفرغت سلسلة من أعظم المراجع والموسوعات العلمية ، والخرائط الجغرافية للعالم القديم والجديد ، مايلي :
1- كتاب وصف مصر : رافقت الحملة الفرنسية مجموعة من العلماء ، في شتى مجال العلم في وقتها أكثر من 150 عالما وأكثر من 2000 متخصص من خيرة الفنانين والرسامين والتقنيين الذي رافقوا القائد الفرنسي نابليون بونابرت في مصر خلال أعوام 1798/ 1801م من كيميائيين وأطباء وفلكيين إلى آخرة، وكانت نتيجة لمجهودهم هو كتاب وصف مصر ، وهو عبارة عن المجموعة الموثقة تضم 11 مجلداً من الصور واللوحات مملوكة لمكتبة الإسكندرية و9 مجلدات من النصوص من بينها مجلد خاص بالأطالس والخرائط اسهم بها المجمع العلمي المصري وقام هؤلاء العلماء بعمل مجهد غطى جميع أرض مصر من شمالها إلى جنوبها خلال سنوات تواجدهم وقاموا برصد وتسجيل كل أمور الحياة في مصر آنذاك وكل مايتعلق بالحضارة المصرية القديمة ليخرجوا إلى العالم 20 جزءاً لكتاب وصف مصر ، وتميز الكتاب بصور ولوحات شديدة الدقة والتفاصيل. 
ويعتبر هذا الكتاب ألان أكبر وأشمل موسوعة للأراضي والآثار المصرية كونها أكبر مخطوطة يدوية مكتوبة ومرسومة برسوم توضيحية قتميزت بالدراسة العميقة الدارسين والأكاديميين الذين رافقوا نابليون فيما نشر الكتاب بين عامي 1809/1829. 
كما تشتمل هذه المجموعة على صور ولوحات لأوجه نشاط المصري القديم للآثار المصرية وأيام الحملة نفسها التاريخ الطبيعي المصري بالإضافة إلى توثيق كل مظاهر الحياة والكنوز التاريخية والفنية والدينية المصرية وتسجيل جميع جوانب الحياة النباتية والحيوانية والثروة المعدنية آنذاك.

ثالثاً - فكرة حفر قناة السويس 
يعزى إلى الفرنسيين فكرة حفر قناة السويس ، حيث اقترح علماء الحملة توصيل البحرين الأحمر والمتوسط فيما يعرف الآن باسم "قناة السويس" ، ولكن الفكرة لم تنفذ ، وذلك بسبب إعتقاد خاطئ بان البحر الأحمر أعلي في المستوي من البحر المتوسط.

رابعاً - فك رموز حجر رشيد
يرجع الفضل للفرنسيين أيضاً في فك رموز حجر رشيد ، والتوصل إلى مفتاح اللغة المصرية القديمة " والمعروفة باللغة الهيروغليفية " ، حيث إستطاع العالم فرانسوا شامبليون ، من فك رموز حجر رشيد واكتشاف أسرار اللغة المصرية القديمة .



حجر رشيد 

وقد ساعد فك رموز اللغات المصرية القديمة (الهيروغليفية – الهيراطيقية - الديموطيقية) من معرفة اسرار الحضارة الفرعونية. 

الإنسحاب الفرنسي الكامل من مصر 
وبعد عام ترك نابليون جنوده وتسلل عبر الحصار البريطاني عائداً إلى فرنسا ، حيث تسلم زمام السلطة في انقلاب 9 / 10 / 1799. وكان بين القليل من مرؤوسيه الذين عاد بهم معه G. مونج وL-.C. برتوليه، أي العضوان البارزان في أول بعثة علمية ترافق حملة عسكرية. 
أما زملاؤهما من لجنة العلوم والفنون الذين تركاهم وراءهما مع الجيش فكانوا مجموعة من 151 عالما ومهندسا وعاملا في مجال الطب ، مع عدد قليل من الباحثين scholars
وقد اختيرت النخبة من هؤلاء لتكوين المجمع العلمي المصري الذي تأسس بمبادرة من بونابرت لكي يكون نسخة استعمارية معدلة من المجمع العلمي الفرنسي.
وكان يقوم فيه بأعباء أمانة السر الدائمة خلال فترة الإحتلال رجلاً يدعى " فورييه " ، والذي لم يكن قد ابتكر بعد ذلك التحليل الذي يحمل إسمه.
ويظل أشهر إكتشاف حققته هذه البعثة هو حجر رشيد ، الموجود حالياً في المتحف البريطاني. 
وقد تنازل عنه الفرنسيون ، بعد ممانعة شديدة ، للقوات البريطانية التي طردتهم بعدها من مصر في أواخر عام 1801م ، ولكن لجنة الخبراء التقنيين أنجزت أيضا في أرض الفراعنة أشياء كثيرة أخرى ذات أهمية علمية، وقد جمعتْها كلها في سِفْر خالد ضخم سَجَّل أعمالهم في المسح الآثاري ،  وأبحاثهم في الظواهر الفيزيائية والكيميائية، وكذلك في التاريخ الطبيعي الخاص بالمنطقة ، إضافة إلى تحقيقاتهم في الشؤون الاجتماعية لهذا البلد الغريب.

آثار الحملة الفرنسية على الكنيسة القبطية في مصر
البابا مرقس الثامن

لم يكن وصول الحملة الفرنسية إلى مصر مكسبًا للأقباط كما قد يُظَن ، وإنما جرت عليهم الكثير من الويلات ، فبسببها نقل مقر البطريركية من حارة الروم إلى الأزبكية بالدرب الواسع؛ إذ حرقت في تلك الفترة الكنيستان العليا والسفلى بحارة الروم ، وكان الميرون الذي عمله سلفه موضوعًا في أعلى دهليز الكنيسة السفلي بحارة الروم فحُرِق، وكان باقيًا من هذا الدهن المقدس في بعض الكنائس بمصر القديمة الذي عُمِلَ منذ عهد البابا متاؤس الثاني ومن أيام البابا يوحنا 16. 
وقبل حرق الكنيسة بثماني سنوات في رياسة البابا مرقس انتقلت القلاية البطريركية من حارة الروم إلى حارة الأزبكية. 
والسبب في نقلها أنه عندما دخل الفرنسيون أهان المسلمون الأقباط بهم، فانتقلت البطريركية إلى الأزبكية في مواضع كان قد بناها المعلم إبراهيم الجوهري قبل وفاته وترجع ملابسات بناء هذه الدار التي أقام فيها البطريرك أن المعلم إبراهيم الجوهري استطاع أن يحصل على فرمان ببناء الكنيسة، وأودعه في القلاية في يدي حبرية البابا يوحنا 18 ، وبعد ذلك اشترى عدة محلات وهدمها ، وبدأ بوضع أساسات الكنيسة ، وبجوارها أماكن أقام فيها البابا " مرقس الثامن " ، ولم يكن الحصول على فرمان بناء الكنيسة أمر سهلاً ، إلا أن المعلم إبراهيم الجوهري استغل مركزه وتقدير السلطة له، وانتهز فرصة قدوم إحدى قريبات السلطان العثماني في زيارة لمصر من القسطنطينية في طريقها إلى الحج ، فكان في استقبالها بحكم منصبه الرفيع في ذلك الوقت ، وأشرف بنفسه على ما قَدَّم لها من خدمات، وعندما إستحسنت الأميرة ما فعل ، سألته مقابلًا لما قدمه لها، وهنا التمس منها المساعدة في استعداد فرمان سلطاني بالترخيص بإنشاء كنيسة كبرى في الأزبكية حيث كان يقيم هو أيضًا ، كما إلتمس منها التوسط لدى السلطان أن يرفع الجزية عن الرهبان وغير القادرين ، وقبلت رجاءه ، وفعلاً صدرت هذه الفرمانات - إلا أن الأجل لم يمهله.

الملوك والولاة المعاصرون للخدمة
( فترة حكم المماليك البيات " البكوات " )
في الفترة من سنة 1801م - 1805م
مراد بك أبو الدهب

1769م - 1801م 

مراد بك أبو الدهب

مقدمة
هو مراد بك - أحد المماليك الذين نجهل إلى الآن تاريخ نشأتهم الأولى ، وأصولهم التي قدموا منها ، شأنه في ذلك شأن المئات من المماليك الذين تم شرائهم منذ عهد الدولة الأيوبية ، وظلوا يتدرجون في المراكز والمناصب حتي وصلوا إلى كرسي الحكم .
فلقد بدأ مراد حياته - كأحد مماليك علي بك الكبير - وكان من قادة جيوش علي بك التي ذهبت إلى الشام لضمها إلى الدولة المصرية ، ولكنه خان سيده ، وقاتل علي بك الكبير إلى أن مات على يد قوات محمد بك أبو الدهب ، الذي أصبح الحاكم لمصر وسعى لتثبيت الحكم العثماني ، وإسترضاء السلطان العثماني ، ولكنه لم يمكث إلا ثلاثة أعوام مات بعدها فجأة ، ثم تولى إبراهيم بك الحكم وتقاسم بعض سلطاته مع مراد بك (1790-1798) م ، دون الدخول تحت طاعة الباشا الذي عينه السلطان العثماني.
ويُحكي "عبد الرحمن الجبرتي" عن واقع الحكم المشترك فيقول: "وعكف مراد بك على لذاته وشهواته وقضى أكثر زمانه خارج المدينة مرة بقصره الذي أنشأه بالروضة وأخرى بجزيرة الذهب وأخرى بقصر قايماز جهة العادلية كل ذلك مع مشاركته لإبراهيم بك في الأحكام والنقض والإبرام والإيراد والإصدار ومقاسمة الأموال والدواوين وتقليد مماليكه وأتباعه الولايات والمناصب وأخذ في بذل الأموال وإنفاقها على أمرائه وأتباعه فانضم إليه بعض أمراء علي بك وغيره ممن مات أسيادهم كعلي بك المعروف بالملط وسليمان بك الشابوري وعبد الرحمن بك عثمان فأكرمهم وواساهم ورخص لمماليكه في هفواتهم وسامحهم في زلاتهم وحظي عنده كل جريء غشوم عسوف ذميم ظلوم فإنقلبت أوضاعهم وتبدلت طباعهم ، وشرهت نفوسهم وعلت رؤوسهم فتناظروا وتفاخروا وطمعوا في أستاذهم وشمخت آنافهم عليه ، وأغاروا حتى على ما في يده واشتهر بالكرم والعطاء فقصده الراغبون وامتدحه الشعراء والغاوون وأخذا الشيء من غير حقه وأعطاه لغير مستحقة " .
إلا أن شريكي الحكم فوجئا بحملةٍ عسكرية أرسلها عبد الحميد الأول بقيادة حسن باشا الجزايرلي فقاوما هذه الحملة، غير أن حسن باشا انتصر عليهما, وحتى يكسبهما إلى جانبه أعطاهما حكم المنطقة الواقعة ما بين برديس - قرب سوهاج - حتى شلال أسوان
غير أن المماليك حشدوا صفوفهم وهيأوا الفرصة لإبراهيم بك ومراد بك للعودة إلى القاهرة والسيطرة على البلاد مرة أخرى ، فآل بعدها إلى مراد بك وإبراهيم بك منصب شيخ البلد ، وكان شيخ البلد حينها هو الحاكم الفعلي لمصر .

الوصول إلى عرش مصر
يروي المؤرخ " الجبرتي " في يومياته بأن أمراء مماليك إعتدوا على بعض فلاحي مدينة بلبيس ، فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي وكان شيخاً للأزهر وقتها، وقدموا شكواهم له ليرفع عنهم الظلم ، غضب الشرقاوي وتوجه إلى الأزهر ، وجمع المشايخ ، وأغلقوا أبواب الجامع ، وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر.
وإحتشدت الجموع الغاضبة من الشعب ، فأرسل إبراهيم بك شيخ البلد لهم أيوب بك الدفتردار ، فسألهم عن أمرهم. فقالوا: نريد العدل ورفع الظلم والجور ، وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوسات (الضرائب) ، وخشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبريء نفسه من تبعة الظلم ، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك. وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة ، فإستسلم مراد بك ورد ما إغتصبه من أموال ، وأرضى نفوس المظلومين.
لكن العلماء طالبوا بوضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان.
وإجتمع الأمراء مع العلماء ، وكان من بينهم الشيخ السادات وعمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري والشيخ الأمير ، وأعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا بما اشترطه عليهم العلماء ، وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب والكف عن سلب أموال الناس والإلتزام بإرسال صرة مال أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهم ، وكانوا ينهبونها ، وكان قاضي القضاة حاضراً ، فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد.
وعندما وصل جنود الحملة الفرنسية غرب مدينة الإسكندرية في 2 يوليو عام 1798 م ، زحفوا على المدينة وإحتلوها بعد مقاومة من جانب أهلها وحاكمها محمد كريم دامت ساعات ، وبعد ذلك أخذ نابليون يزحف على القاهرة بطريق دمنهور ، حيث إستطاع الفرنسيون إحتلال مدينة رشيد في 6 يوليو ، ووصلوا إلى الرحمانية وهي قرية على النيل ، وفي تلك الأثناء ، كان المماليك يعدون جيشاً لمقاومة الجيوش الفرنسية بقيادة مراد بك حيث التقى الجيشان بالقرب من شبراخيت في 13 يوليو إلا أن الجيوش المملوكية هُزِمَت ، وإضطرت إلى التقهقر فرجع مراد بك إلى القاهرة.
وعن هذه الموقعة يقول الجبرتي : التقى العسكر المصري مع الفرنسيس فلم تكن إلا ساعة ، وإنهزم مراد بك ومن معه ولم يقع قتال صحيح ، وإنما هي مناوشة من طلائع العسكرين بحيث ، لم يقتل إلا القليل من الفريقين ، وإحترقت مراكب مراد بك بما فيها من الجبخانة والآلات الحربية وإحترق بها رئيس الطبجية خليل الكردلي".


وقائع الحملة الفرنسية على مصر
لقد كانت قوات مراد بك تمتد من بشتيل وإمبابة إلى الأهرامات وكان جيشه يتألف من نحو خمسين ألفاً من المماليك ، وممن انضم إليهم من الانكشارية وغيرهم ، هذا عدا العربان الذين تألفت منهم إلى حد كبير ميسرة الجيش الممتدة من الأهرامات .
غير أن جيش مراد بك كان يعاني من سوء التدبير ، وإهمال أمر العدو ، فضلاً عن الجفاء الواضح بين مراد بك وإبراهيم بك بسبب التنافس القديم على السلطة ـ إلتقى كلٌ من الجيش الفرنسي والجيش المملوكي مرة أخرى في موقعة إمبابة أو موقعة الأهرام، حيث هُزِمَ جيش مراد بك مرة أخرى في هذه المعركة الفاصلة في 21 يوليو، وفر مراد بك وبقايا جيشه إلى الجيزة ، فصعد إلى قصره وقضى بعض أشغاله في نحو ربع ساعة، ثم توجه إلى الصعيد.
وأما إبراهيم بك الذي كان مرابطاً بالبر الشرقي من النيل ، فحين رأى الهزيمة حلت بجيوش مراد بك أخذ من تبعه من مماليك ومصريين والوالي التركي ، وإنسحبوا جميعاً قاصدين بلبيس.
وبذلك خلت القاهرة من قوة الدفاع ، فإستطاع نابليون بونابرت إحتلالها ، ودخل القاهرة في 24 يوليو عام 1798 م مصحوباً بضباطه ، وأركان حربه ونزل بقصر محمد بك الألفي في الأزبكية
أرسل نابليون بونابرت حملة إلى الصعيد لمطاردة مراد وإخضاع الصعيد بقيادة الجنرال ديزيه ، ثم أرسل إليه أيضاً قنصل النمسا في الإسكندرية شارل روزنتي برسالةٍ مضمونها أن يقدم مراد الطاعة إلى الفرنسيين ، مقابل ذلك يجعله الفرنسيون حاكماً على الصعيد ، رفض مراد هذا العرض بحسم ، وقال لـ "روزنتي": "ارجع وقل لـ"نابليون" أن يجمع عساكره ، ويرجع إلى الإسكندرية ، ويأخذ منا مصروف عسكره، ويحمي نفسه وجنوده منا"! .
كان مستغرباً أن يتحدث مراد بك بهذه الثقة الزائدة التي تعكس إستخفافاً بالغاً بالخصم الذي هزم مراد شر هزيمةٍ في إمبابة وجعله يفر بجيشه إلى الصعيد ، وبطبيعة الحال كان الرد المستفز بداية لحملة مطاردة طويلة بين ديزيه ومراد.
وقد إنطلق مراد يجوب الصعيد وخلفه ديزيه يتبعه ، كان مراد يسبق ديزيه بيومٍ أو ليلة. 
ويبدو أن مراد كان متيقناً من أنه لن يتمكن من مواجهة قوات الفرنسيين ، خاصة أنهم يملكون المدافع ويفتقدها هو، لذا اتبع معهم خطة الفرار ، والتي تؤدي إلى إنهاك خصمه في مطاردته عبر صحراء شاسعة وبلدان لا يعرف ديزيه عنها شيئاً ، وفي المطاردة يفقد الفرنسيون الزاد والمئونة والسلاح أيضاً.
حققت هذه الخطة بعض أهدافها ، لكن الذي تحمل ثمن وتكلفة تلك الخطة هم المصريون أبناء الصعيد، فلم يكن مراد ينزل بمدينة حتى يلزم أهلها بدفع "الميري" - أي الضرائب التي كان يحصلها من الأهالي بعنف - ولا يهم إن كان الأهالي قد دفعوا الضريبة نفسها من قبل للدولة ، ثم ما يكاد يتركها ، حتى يتبعه ديزيه لينهب هو الآخر ، فقد كان بحاجة إلى المال والطعام ، فكان جنوده يأخذون الحبوب ، التي لدى الفلاحين ويذبحون حيواناتهم وطيورهم كطعام لهم ، ثم يخلعون أسقف البيوت وأبوابها ونوافذها للتدفئة بها في ليل الشتاء ، ويفرضون الضرائب الباهظة من جديد على الأهالي.

التعاون مع قيادات الإحتلال الفرنسي
لم يكن مراد معتاداً على هذا النوع من المعيشة، بعيداً عن قصوره وجواريه ، وحياة الرفاهية التي يعيشها ، فبدأت المراسلات بين كليبر ومراد بك ، وإنتهت بإجتماعهما في الفيوم ، حيث إتفقا على أن يحكم مراد بك الصعيد باسم الجمهورية الفرنسية. 
وتعهد كليبر بحمايته إذا تعرض لهجوم أعدائه عليه ، وتعهد مراد بك من جانبه بتقديم النجدة اللازمة لمعاونة القوات الفرنسية إذا تعرضت لهجوم عدائي أيًا كان نوعه، وأن يمنع أي قوات أو مقاتلين من أن يأتوا إلى القاهرة من الصعيد لمحاربة الفرنسيين، وأن يدفع مراد لفرنسا الخراج الذي كان يدفعه من قبل للدولة العثمانية ، ثم ينتفع هو بدخل هذه الأقاليم.
وكانت قمة خيانة مراد بك بحق أثناء ثورة القاهرة الثانية، حيث شارك في عمليات القتال ضد المصريين ، ومنع عن القاهرة الإمدادات الغذائية التي كانت ترد إليها من الصعيد ومن الجيزة ،  فيُذكر أنه قد صادر شحنة من الأغذية والخراف تقدر بأربعة آلاف رأس كانت آتية من الصعيد لنجدة أهل القاهرة ، وقدمها هديةً إلى كليبر والجيش الفرنسي ، وكادت القاهرة تسقط في مجاعةٍ حقيقية.
لم يكتفِ مراد بك بالوعود التي تعهد فيها تسهيل مأمؤرية الحملة الفرنسية في مصر ،  بل سارع أيضاً بإرسال الهدايا والإمدادات إلى جيش كليبر الذي يحاصر القاهرة، وقدم للفرنسيين المؤن والذخائر ، وسلمهم العثمانيين اللاجئين إليه، وسعى إلى سحب المماليك الشرفاء الذين يقاتلون الفرنسيين داخل القاهرة إلى جواره لينضموا إليه في معاهدته وينهي بذلك ثورة القاهرة. 
ولما فشل في ذلك، كان هو الذي أسدى كليبر النصح بأن يحرق القاهرة على من فيها ، وهو الذي أمد الفرنسيين بالبارود والمواد الحارقة التي إستخدمت بالفعل في تدمير أحياء القاهرة. 
وكان مراد قد اشترى هذا البارود من قبل بأموال المصريين التي جمعها منهم للدفاع عن مصر ضد أي خطرٍ يمكن أن تتعرض له.
وبالفعل أشعل الجنود الفرنسيون الحرائق في البيوت والمتاجر والوكالات، فاندلعت النيران في حي بولاق (مصدر الثورة) وسقطت البيوت على من فيها، وتناثرت جثث القتلى ، وإستمر الضرب بالمدافع حتى دمر الحي بأكمله. ثم تتابع هجوم الفرنسيين على سائر أحياء القاهرة ، حياً حياً ، وإستمرت هذه الأهوال ثمانية أيام جرت في أثنائها الدماء أنهاراً في الشوارع ، وأصبحت أحياء القاهرة خراباً.

وقائع ثورة القاهرة ضد الإحتلال الفرنسي 
يذهب الجبرتي إلى أنه لولا إنضمام مراد بك إلى كليبر لما إنتهت ثورة القاهرة الثانية بهذه الهزيمة الساحقة للمصريين وتدمير القاهرة ، إنطلق مراد بك بعد ذلك إلى الصعيد، وإستقر في جرجا ، وكانت رسائل قادة الحملة إلى مينو - الذي تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد إغتيال كليبر على يد سليمان الحلبي في 14 يونيو من عام 1800 - تؤكد إخلاص مراد ، وولاءه الشديد للفرنسيين.
الجنرال مينو


الوفاة
وفي ذروة سعادته بأنه نجح في أن يلعب على الجانبين الفرنسي والإنجليزي بنجاح ، كان المرض القاتل ينتظره ، فقبل نشوب المعركة الأخيرة بين الإنجليز والفرنسيين ، أصاب الطاعون مراد ، ومات به في 22 أبريل عام 1801 م ـ ودفن في سوهاج.


خورشيد باشا
 1804م - 1805م 
خورشيد باشا

مقدمة 
ولد خورشيد باشا في القوقاز " بلد الأصل جورجيا " ، وكان في الأصل راهباً مسيحياً 
، ثم أصبح واحداً من الإنكشارية - وهو الجيش الرسمي للإمبراطورية العثمانية ، ثم عُين عمدة للإسكندرية  ، ثم عين بعد ذلك صدراً أعظماً  ، بعد جلاء الفرنسيين عن مصر عام 1801م ، ثم  قام محمد علي باشا بتعييينه والياً عام 1804م . لم يكن مطمئناً لموقف محمد علي ؛ فأراد التخلص منه لأنه مصدر خطر لإكتسابه ثقه الشعب ، فطلب خورشيد باشا من السلطان العثماني إستدعاء فرق الألبان والأرناؤوط إلى إسطنبول ، ورفض محمد علي تنفيذ ذلك بتأيد من العلماء ، فطلب خورشيد باشا من محمد علي التوجه إلى الصعيد لابعاده عن القاهرة ، كما طلب من السلطان العثماني إرسال فرق عسكرية لدعم سلطة الحكم ، فأرسل له السلطان فرقاً عرفت بإسم : " الدولاه " ، قامت بأعمال نهب وسلب ضد الأهالي.
غضب الشعب وزعماؤه وتوجهوا مع عمر مكرم إلى محمد علي لتوليته حكم مصر بشروطهم ، وغادر خورشيد باشا مصر عام 1805م متوجهاً إلى القصيص.
وفي كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار لمؤرخ ذلك العصر عبد الرحمن الجبرتي أنه في أول صفر 1220 هـ - حضر سكان مصر القديمة نساء ورجالا إلى الجامع الأزهر يشكون ، ويستغيثون من الدلاتية ، الذين أخرجوهم من مساكنهم وأوطانهم قهرًا، ولم يتركوهم يأخذون ثيابهم ، ومتاعهم بل ومنعوا النساء أيضاً ، ولم يستطيعوا التخلص منهم إلا بتسلق ونط من الحيطان.
ركب المشايخ ، وصعدوا إلى القلعة ، حيث مقر خورشيد باشا وشرحوا له الحالة المتردية التي تعيشها البلاد والعباد ، فكتب فرمانًا للدلاتية بالخروج من الدور وتركها إلى أصحابها ، فلم يمتثلوا.
وخاطب المشايخ الوالي العثماني أحمد باشا خورشيد مرة أخرى وأخبروه بعصيان الدالاتية فقال أنهم سيسافرون بعد ثلاثة أيام ، لكن المشاكل إزدادت ولم تتوقف أعمال السلب والنهب، فاجتمع المشايخ يوم الخميس بالأزهر ، وتركوا قراءة الدروس وخرج الأولاد الصغار يصرخون بالأسواق ويأمرون الناس بغلق الحوانيت ، وحصل بالبلدة ضجة ووصل الخبر إلى الباشا ، فأرسل مبعوثاً إلى الأزهر لكن المشايخ كانوا قد انتقلوا إلى بيتهم لأغراض نفسانية ، وفشل مستمر فيهم ، فذهب إلى بيت الشيخ الشرقاوي وحضر السيد عمر أفندي مكرم وغيره ، فكلموه ، ثم إنصرف ، وعند خروجه ، رجمه الأولاد بالحجارة ، وسبوه ، وشتموه.
وفي الأحد الثاني عشر من صفر ركب المشايخ إلى بيت القاضي وإجتمع به الكثير من المتعممين والعامة والأطفال حتي امتلأ الحوش والمقعد بالناس وصرخوا قائلين شرع الله بيننا وبين هذا الباشا الظالم وهتف الأولاد يا لطيف ومنهم من يقول يا رب يا متجلي أهلك العثملي ومنهم من يقول : " حسبنا الله ونعم الوكيل وغير ذلك ".
وطلبوا من القاضي أن يرسل بإحضار المتكلمين في الدولة لمجلس الشرع ، فحضر الجميع واتفقوا علي كتابة عرضحال بالمطالب الشرعية ، ففعلوا ذلك وذكروا فيه تعدي طوائف العسكر علي الناس وإيذاءهم ، وإخراجهم من مساكنهم،
"الفساد الأمني"، وقبض مال الميري المعجل "سرقة المال العام" ومصادرة الناس بالدعاوي الكاذبة" فساد القضاء" وغير ذلك.
وفي الاثنين الثالث عشر من صفر أرسل خورشيد باشا رسالة إلى القاضي يرفق فيها الجواب ويظهر الإمتثال ويطلب حضوره في اليوم التالي مع العلماء للتشاور معهم، فحمل الرسالة وذهب بها إلى السيد عمر مكرم ، و لكنهم إتفقوا علي عدم التوجه إلى خورشيد باشا وغلب علي ظنهم أنها خديعة وفي عزمه شيء آخر لأنه حضر بعد ذلك من أخبرهم أنه أعد أشخاصًا لإغتيالهم في الطريق  ونسبة هذه الجريمة لأوباش العسكر.

الوصول إلى حكم مصر 
في يوم الثلاثاء الرابع عشر من صفر ، إجتمع القائمون على أمر البلاد ببيت القاضي ومعهم الكثير من العامة ، فمنعوهم من الدخول إلى بيت القاضي وقفلوا بابيه ، ثم ركب الجميع وذهبوا إلى محمد علي باشا وقالوا له لا نريد خورشيد باشا حاكمًا علينا ولا بد من عزله من الولاية فقال ومن تريدونه يكون والياً قالوا لا نرضي إلا بك وتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير فإمتنع أولا ثم رضي ، وأحضروا له كركًا وعليه قفطان وقام السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي ، فألبساه له وأرسلوا إلى أحمد باشا خورشيد الخبر بذلك فقال إني مولي من طرف السلطان ، فلا أعزل بأمر الفلاحين ، ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة.
وعاشت مصر أياماً متتالية من الفوضي والمواجهات ، بين الشعب وخورشيد باشا حتي جاء الفرمان العثماني ، بالإستجابة لمطالب الشعب بإسقاط خورشيد وتعيين قائد عساكره في مصر محمد علي والياً علي البلاد إستجابة لرغبة الشعب.

الترقي لمنصب صدراً أعظم ومغادرة مصر
في مارس 1809م ، أُرسل خورشيد باشا إلى صربيا لقمع ثورة كارادورده پيتروڤيتش. في 5 مارس 1812 ، حمل لقب الصدر الأعظم ، وإحتفظ به حتى 1 أبريل 1815 . وعُين سر عسكر القوات العثمانية في صربيا ، ونجح في قمع الثورة بعد إستعادته بلغراد في أكتوبر 1813م . 
في تلك السنة عُين حاكم على البوسنة ومن خلال منصبه ، قام بحملة نجح من خلالها في قمع الثورة الصربية الثانية بقيادة ميلوس اوبرنوفيتش.

الوفاة 
كانت وفاة خورشيد باشا في عام 1822م .

محمد على باشا
مؤسس حكم الأسرة العلوية في مصر
( فترة الحكم الأولى )
1805 م – 1848 م
محمد على باشا

مقدمة
هو محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي .
يلقب بالعزيز - أو عزيز مصر .
وهو مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر منذ عهده في سنة 1805 م ، وحتي عهد الملك فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية ، والذي إنتهى عهد حكمه بإنقلاب عسكري ، وقع في عام 1952م ، إنتهى إلى سقوط الملكية وقيام الجمهورية في مصر.
وقد إستقل محمد على بحكم مصر ما بين عامي 1805 إلى 1848 م ، ويشيع وصفه بأنه " مؤسس مصر الحديثة " ، وهي مقولة كان هو نفسه أول من روج لها واستمرت بعده بشكل منظم وملفت.
ولقد إستطاع أن يعتلي عرش مصر عام 1805 م ـ بعد أن بايعه أعيان البلاد ليكون واليًا عليها ، بعد أن ثار الشعب على سلفه خورشيد باشا ، ومكّنه ذكاؤه واستغلاله للظروف المحيطة به من أن يستمر في حكم مصر لكل تلك الفترة ، ليكسر بذلك العادة العثمانية التي كانت لا تترك واليًا على مصر لأكثر من عامين.

المولد والنشأة
ولد محمد على باشا في إحدى مدن اليونان ، وتحديداً في مدينة قولة ، في عام 1769م . وكان أبوه إبراهيم أغا ، خفير الطرق ببلدة قولة ، وكان يعمل في ذات الوقت تاجراً ، حيث كان يعمل في تجارة التبغ ، ولما كبر محمد على ، كان أبوه قد مات ، ومن بعدع ، ماتت أمه ، وكان محمد لم يزل في التاسعة من العمر ، وليس لديه أشقاء أو شقيقات نظراً لوفاتهم جميعاً لمرض غير معلوم سببه إلى الآن ، فقام عمه بتربيته ، ولما كبر ، إنضم إلى الخدمة العسكري في الجيش العثماني .

الإلتحاق بالخدمة العسكرية والتدرج في مناصبها
في أوائل عام 1806م ، أنفذ محمد علي جيشًا لمحاربة المماليك في الصعيد بقيادة حسن باشا قائد الفرقة الألبانية ، الذي إشتبك مع قوات محمد بك الألفي الأكثر عددًا في الفيوم، وانهزمت قوات محمد علي مما أدى إلى انسحابها إلى جنوب الجيزة، ثم فرّت جنوبًا إلى بني سويف من أمام قوات محمد بك الألفي الزاحفة نحو الجيزة. تزامن ذلك مع زحف قوات إبراهيم بك الكبير وعثمان بك البرديسي من أسيوط لاحتلال المنيا، التي كانت بها حامية تابعة لمحمد علي، إلا أن قوات حسن باشا دعّمت الحامية وأوقفت زحف قوات المماليك إلى المنيا.

الوصول إلى منصب الولاية على مصر وبداية الحكم
بعد أن بايعه أعيان الشعب في دار المحكمة ليكون واليًا على مصر في 17 مايو سنة 1805م ، والذي أقره فيها الفرمان السلطاني الصادر في 9 يوليو من نفس العام ، كان على محمد علي أن يواجه الخطر الأكبر المحدق به ، ألا وهو المماليك بزعامة محمد بك الألفي الذي كان المفضل لدى الإنجليز منذ أن ساندهم عندما أخرجوا الفرنسيين من مصر ، ولم يمض سوى 3 أشهر ، حتى قرر المماليك مهاجمة القاهرة، وراسلوا بعض رؤساء الجند لينضموا إليهم عند مهاجمة المدينة.
وقد علم محمد علي بما يدبر له ، فطالب من رؤساء الجند مجاراتهم وإستدراجهم لدخول المدينة ، وفي يوم الإحتفال بوفاء النيل عام 1805م ، هاجم ألف من المماليك القاهرة ، ليقعوا في الفخ الذي نصبه محمد علي لهم ، وأوقع بهم خسائر فادحة، مما إضطرهم للإنسحاب. حينئذٍ ، استغل محمد علي الفرصة ، وطاردهم حتى أجلاهم عن الجيزة ، فتقهقروا إلى الصعيد الذي كان ما زال في أيديهم.

تمثال محمد على باشا بميدان المنشية بالأسكندرية

في تلك الأثناء ، صدر فرمان سلطاني بعزل محمد علي من ولاية مصر ، وتوليته ولاية سلانيك ، أظهر محمد على الإمتثال للأمر وإستعداده للرحيل ، إلا أنه تحجج بأن الجند يرفضون رحيله قبل سداد الرواتب المتأخرة - في الوقت نفسه - لجأ إلى عمر مكرم نقيب الأشراف الذي كان له دور في توليته الحكم ليشفع له عند السلطان لإيقاف الفرمان. 
فأرسل علماء مصر وأشرافها رسالة للسلطان ، يذكرون فيها محاسن محمد علي وما كان له من يد في دحر المماليك ، ويلتمسون منه إبقائه واليًا على مصر. 
فقبلت الآستانة ذلك على أن يؤدي محمد علي 4,000 كيس ، ويرسل إبنه إبراهيم رهينة في الآستانة إلى أن يدفع هذا الفرض.
بعد أن توجه محمد بك الألفي إلى الجيزة ، لم يهاجم القاهرة وإنما توجه إلى دمنهور بناءً على إتفاق سري بينه وبين حلفائه الإنجليز ، ليتخذها مركزًا لتجميع قواته ، فحاصرها إلا أن أهالي المدينة وحاميتها ، إستبسلوا في الدفاع عنها. 
وعندما بلغ محمد علي أنباء حصار دمنهور ، أرسل جزءًا من جيشه لمواجهة قوات محمد بك الألفي ، فوصلت إلى الرحمانية في أواخر شهر يوليو من عام 1806، وإشتبكوا مع قوات الألفي بالنجيلة وهي قرية بالقرب من الرحمانية ، وتعرض جيش محمد علي للمرة الثانية للهزيمة ، وانسحبوا إلى منوف. 
عاد الألفي لحصار دمنهور ، إلا أنه لم يبلغ منها منالاً، فقد طال الحصار فتألّب عليه جنوده متذمرين ، مما اضطره لفك الحصار والانسحاب إلى الصعيد ، وسرعان ما جاءت محمد علي أنباء وفاة عثمان بك البرديسي أحد أمراء مماليك الصعيد، ثم أنباء وفاة الألفي أثناء انسحابه ، فإغتبط لذلك.
وسرعان ما جرد جيشًا وتولى قيادته لمحاربة المماليك في الصعيد ، إستطاع جيش محمد علي أن يهزم المماليك في أسيوط ، ويجليهم عنها ، وإتخذ منها مقرًا لمعسكره حيث جاءته أنباء الحملة الإنجليزية.

وقائع الحملة الفرنسية بفيادة فريزر
في إطار الحرب الإنجليزية العثمانية، وجهت إنجلترا حملة من 5,000 جندي بقيادة الفريق أول فريزر ، لإحتلال الإسكندرية لتأمين قاعدة عمليات ضد الدولة العثمانية في البحر المتوسط ، كجزء من إستراتيجية أكبر ضد التحالف الفرنسي العثماني.
أنزلت الحملة جنودها في شاطئ العجمي في 17 مارس سنة 1807م ، ثم زحفت القوات لإحتلال الإسكندرية ، التي سلمها محافظ المدينة "أمين آغا" ، إلى القوات البريطانية دون مقاومة ، فدخلوها في 21 مارس ، وهناك بلغتهم أنباء وفاة حليفهم الألفي ، فأرسل فريزر إلى خلفاء الألفي في قيادة المماليك ، ليوافوه بقواتهم إلى الإسكندرية. 
وفي الوقت ذاته ، راسلهم محمد علي ليهادنهم ، إلا أنهم خشوا أن يتهموا بالخيانة، فقرروا الإنضمام لقوات محمد علي ، وإن كانوا يضمرون أن يسوّفوا حتى تتضح نتائج الحملة ليقرروا مع من ينضموا. 
وقد قرر فريزر إحتلال رشيد والرحمانية ، لقطع طريق التعزيزات التي قد تأتي إلى المدينة عبر نهر النيل.


الجنرال الفرنسي ألكسندر فريزر

وفي 31 مارس ، أرسل فريزر 1,500 جندي بقيادة اللواء "باتريك ويشوب" لاحتلال رشيد ، فإتّفقت حامية المدينة بقيادة "علي بك السلانكلي" والأهالي على استدراج الإنجليز لدخول المدينة دون مقاومة ، حتى ما أن دخلوا شوارعها الضيقة، حتى انهالت النار عليهم من الشبابيك وأسقف المنازل ، وانسحب من نجا منهم إلى أبو قير والإسكندرية ، بعد أن خسر الإنجليز في تلك الواقعة نحو 185 قتيل و300 جريح، إضافة إلى عدد من الأسرى ، وقد أرسلت الحامية الأسرى ورؤوس القتلى إلى القاهرة، وهو ما قوبل بإحتفال كبير في القاهرة.
ولأهمية المدينة، أرسل فريزر في 3 أبريل جيشًا آخر قوامه 2,500 جندي بقيادة الفريق أول ويليام ستيوارت ، ليستأنف الزحف على المدينة ، فضرب عليها في 7 أبريل حصارًا وضربها بالمدافع ، وأرسل ستيوارت قوة ، فإحتلت قرية "الحمّاد" لتطويق رشيد، ومنع وصول الإمدادات للمدينة. 
وفي 12 أبريل ، عاد محمد علي من الصعيد ، وأطلع على الأخبار ، وقرر إرسال جيش من 4,000 من المشاة و1,500 من الفرسان بقيادة نائبه "طبوز أوغلي"، لقتال الإنجليز. 
هذا وقد صمدت المدينة لمدة 13 يومًا ،حتى وصل الجيش المصري في 20 أبريل ، مما إضطر ستيوارت إلى الإنسحاب ، كما أرسل رسولاً إلى النقيب "ماكلويد" قائد القوة التي إحتلّت الحمّاد يأمره بالإنسحاب ، إلا أنه لم يتمكن من الوصول. وفي اليوم التالي، حوصرت القوة المؤلفة من 733 جنديًا في الحمّاد ، بعد مقاومة عنيفة، وقعت القوة بين قتيل وأسير. 
فعاد ستيوارت إلى الإسكندرية ببقية قواته ، بعد أن فقد أكثر من 900 من رجاله بين قتيل وجريح وأسير.
تابعت قوات محمد علي زحفها نحو الإسكندرية ، وحاصروها.
وفي 14 سبتمبر سنة 1807، تم عقد صلح بعد مفاوضات بين الطرفين، نص على وقف القتال في غضون 10 أيام ، وإطلاق الأسرى الإنجليز ، على أن تخلي القوات الإنجليزية المدينة ، والتي رحلت إلى صقلية في 25 سبتمبر ، وبذلك تخلص محمد علي من واحد من أكبر المخاطر التي كادت تطيح بحكمه في بدايته.

القضاء على رموز المقاومة الشعبية
كان محمد على باشا قد بدأ خطته من أجل التخلص من رموز المقاومة الشعبية في مصر ، بالتخلص من نقيب الأشراف والزعيم الوطني الكبير الشيخ عمر مكرم ، بأن أصدر قرار بفصله من نقابة الأشراف .
هذا - ولقد ظل محمد على باشا متربعاً على عرش حكم مصر حتي ما بعد نياحة البابا " مرقس الثامن " ، حيث عاصر خلال فترة حكمه هو وإبنه إبراهيم باشا - البابا " كيرلس الرابع " ، حيث توفي الإثنين في عهده .

النياحة

لقد ظل البابا " مرقس الثامن " أميناً في رعايته للبيعة المقدسة في أرض مصر ، قائماً على أمور خدمته فيها خير قيام ، إلى أن إنتقل إلى دار الخلود في يوم الاثنين 25 بشنس سنة 1511ش (31 مايو سنة 1795م) ، فحزن عليه الجميع كما أسف على وفاته أمير البلاد إبراهيم بك ، فسار في جنازته إكراماً له وتقديراً منه لمقامه السامي ، ورثاه البابا يوأنس الذي كان يخصه بعظيم محبته وقد دُفِنَ في المقبرة الخاصة التي بناها لنفسه بجوار كنيسة مارجرجس بمصر القديمة.


مزيد من المعلومات عن نياحة البابا مرقس الثامن
بعد أن قضى البابا البابا " مرقس الثامن " على الكرسي 13 سنة وشهران و19 يومً ، تنيَّح البابا : " مرقس الثامن " في 13 كيهك 1529 / 1810 م ـ وكان أول من دفن في كنيسة الأزبكية من الآباء البطاركة بجوار المذبح في الكنيسة الصغرى.
محل الدفن : كنيسة مارمرقس بالأزبكية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1