عيد شم النسيم وإرتباطه بالكنيسة تاريخياً
أولاً
– خلفية تاريخية عن مسمى العيد "عيد شمّ النسيم - Sham Ennessim " - هو عيد مصري قديم، كان أجدادنا
المصريون يحتفلون به مع مطلع فصل الربيع.
إن كلمة " شم النسيم - swm `nnicim " ، في أصل منشأها ، كلمة قبطية مُشتقة من أصول أقدم منها في اللغة المصرية القديمة ، ولا تعني " إستنشاق الهواء الجميل " ، بل تعني : " بستان الزروع" " شوم" swm - تعني " بستان " ، و" نيسيم -" nicim تُعنى " الزروع ".. وحرف " إِن " بينهما للربط مثل of في اللغة الإنجليزية ، فتصير الكلمة " شوم إن نسيم " بمعنى " بستان الزروع ".
هذا وقد تطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فصارت "شم النسيم" التي
يظن الكثيرون أنها كلمة عربية ، مع إنها في الأصل كلمة
قبطية ذات أصول مصرية.
ثانياً
: الإحتفال بعيد شم النسيم في مصر بعد ظهور المسيحية
بعد إنتشار
المسيحية في مصر حتى غطتها بالكامل في
القرن الرابع، واجه المصريون مشكلة في الاحتفال بهذا العيد (شم النسيم)، إذ أنه
كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذي يسبق عيد القيامة المجيد وفترة
الصوم - Fasting تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع
طبعًا عن جميع الأطعمة التي من أصل حيواني.. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم في
الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات.. لذلك رأى
المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم) إلى ما بعد فترة
الصوم، واتفقوا على الاحتفال به في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، والذي يأتي
دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالي له.
ثانياً : موعد الإحتفال بعيد شم
النسيم وفقاً للتقويم القبطي
أما فيما بخصوص
تحديد موعد عيد القيامة ، فهذا له حساب فلكي طويل، يُسمى " حساب الأبقطي - " Epacte، وهي كلمة معناها: "عُمر القمر في بداية
شهر توت القبطي من كل عام".
وقد تم وضع هذا
الحساب في القرن الثالث الميلادي، بواسطة الفلكي المصري "بطليموس
الفرماوي" (من بلدة فرما بين بورسعيد والعريش) في عهد البابا ديمتريوس الكرام
- البابا رقم 12 بين عامي 189-232 م ، وقد
نُسِب هذا الحساب للأب البطريرك، فدُعِيَ "حساب
الكرمة ".
وهذا الحساب
يحدد موعد الاحتفال بعيد القيامة المسيحي بحيث يكون موحدًا في جميع أنحاء العالم.
وبالفعل وافَق على العمل به جميع أساقفة روما
وأنطاكية وأورشليم في ذلك الوقت، بناء على ما كتبه البابا ديمتريوس في هذا الشأن. ولما عُقِدَ مجمع نيقية عام 325 م. أقرَّ هذا الترتيب،
والتزمت به جميع الكنائس المسيحية حتى عام 1528 م كما سنذكر فيما بعد.
هذا الحساب
يراعي أن يكون الاحتفال بعيد القيامة موافقًا للشروط التالية:
1 - أن يكون يوم أحد.. لأن
قيامة الرب كانت فعلاً يوم أحد.
2 - أن يأتي بعد الاعتدال
الربيعي (21 مارس).
3 - أن يكون بعد فصح
اليهود.. لأن القيامة جاءت بعد الفصح اليهودي.
وحيث أن الفصح يكون في يوم 14 من الشهر العِبري
الأول من السنة العبرية (القمرية).. فلابد أن يأتي الاحتفال بعيد القيامة بعد
اكتمال القمر في النصف الثاني من الشهر العبري القمري.
وأيضًا لأن
الفصح اليهودي مرتبط ، عملًا بقول الرب لموسى النبي في [ سفر اللاويين 4:23-1 ، والحصاد عند اليهود دائمًا يقع بين شهري إبريل ومايو (وهي شهور شمسية).. لذلك كان المطلوب تأليف دورة، هي مزيج
من الدورة الشمسية والدورة القمرية، ليقع
عيد القيامة بين شهري ابريل ومايو.. فلا يقع قبل الأسبوع الأول من أبريل، أو يتأخر
عن الأسبوع الأول من شهر مايو .
الفكرة
الرئيسيّة أنّ عيد القيامة بحساب الأبقطي لا يأتي قبل الاعتدال الربيعي الذي هو 21
مارس كما أوضحنا أعلاه، وحيث أنّ هناك تعديل في السنة الميلاديّة صار حتّى الآن 13 يومًا يصير
الاعتدال الربيعي الآن في 3 أبريل (كما نري في عيد الميلاد الذي كان في يوم 25 ديسمبر وصار 7 يناير.
ولكن الحساب في
مُجمله هو عبارة عن دورة تتكون من تسعة عشر عامًا، وتتكرر.. وعلى لسان هذا الحساب
لا يأتي عيد القيامة قبل 4 إبريل ولا بعد 8 مايو.. ثم يأتي عيد شم النسيم تاليًا
له.
وقد إستمر موعد
الاحتفال بعيد القيامة موحدً عند جميع الطوائف المسيحية في العالم ، طبقًا لهذا
الحساب القبطي ، حتى عام 1582 م حين أدخل البابا غريغوريوس الثالث عشر تعديلا
على هذا الترتيب ، بِمُقْتَضَاه صار عيد القيامة عند الكنائس الغربية يقع بعد
اكتمال البدر الذي يلي الاعتدال الربيعي مباشرةً، بغض النظر عن الفصح اليهودي (مع
أن قيامة السيد المسيح جاءت عقب فصح اليهود حسب ما جاء في الأناجيل الأربعة ، فمن ثَمَّ أصبح عيد القيامة عند الغربيين يأتي أحيانًا في نفس يوم
احتفال الشرقيين به، وأحيانًا يأتي مبكرًا عنه (من أسبوع واحد إلى خمسة أسابيع على
أقصى تقدير)، ولا يأتي أبدًا متأخرًا عن احتفال الشرقيين بالعيد.
وجدير بالذكر أن
البروتستانت لم يعجبهم التعديل الكاثوليكي على موعد الإحتفال بعيد القيامة وظلوا يعيِّدون طبقًا لتقوم الأبقطي
الشرقي حتى عام 1775 م، ولكن مع ازدياد النفوذ الغربي اضطروا لترك التقويم الأصيل
وموافقة التقويم الغريغوري..!
إذن، فالغرض من
حساب الأبقطي هو تحديد يوم عيد القيامة تبعًا للفصح اليهودي، وعليه يمكن تحديد
الأعياد التالية له..
وجدير بالذكر أن
الاحتفال بعيد القيامة في عام 2007م ، كان
موحدًا بين كل الكنائس المسيحية في العالم.
إرسال تعليق