أحدث المواضيع
U3F1ZWV6ZTQ4NjU0ODU1Mjc4NzIwX0ZyZWUzMDY5NTY4OTkzNzEzNA==
أحدث المواضيع
أحدث المواضيع

سمي خطأ الفتح العربي الإسلامي لمصر | الغزو العربي الإسلامي لمصر | عمرو بن العاص يغزو مصر عام 641م

  

https://kingdomoftheearth.blogspot.com/2019/11/blog-post_78.html

مصر في عصور الإحتلال

مصر في ظل الإحتلال الإسلامي

1 - عهد ولاية عمرو بن العاص

مقدمة عامة عن تاريخ الخلافة الإسلامية


{ بداية عهد الخلافة الإسلامية الراشدة }


توضيح للقراء
سوف نتناول في هذا الفصل ، مقدمة عامة عن بداية عهد الخلافة الإسلامية الراشدة ، ما قبل بداية عصر حكم الولاة المسلمين لمصر ـ حيث إننا سوف نستهل حديثنا عن تاريخ الولاية الإسلامية في مصر ، بهذا الفصل الذي ندخل من خلاله إلى عُمق التاريخ الإسلامي في مصر ، وأبعاده المختلفة ، والتي تضع الحقائق كلها نُصُب الأعين .


أولاً { خلفية تاريخية عن محمد صاحب شريعة الإسلام }

سيوف محمد صاحب شريعة الإسلام ومُشترعها
متحف إسطامبول )

مقدمة 
كان مُحمداً صاحب شريعة الإسلام ، ومُشترعها ، من مواليد شهر إبريل من عام 571م ، في شبه الجزيرة العربية ، وإسمه الحقيقي " قُثم " ، ومعناه " الملطخ بالبراز !! " ، وورد في بعض المراجع أن إسمه بالكامل كان " أبا القاسم محمد عبد الله عبد المطلب " ، وكان أبوه يدعى " عبد الله بن عبد المطلب " ، وأمه هي " آمنة بنت وهب بن مناف ".
وجدير بالذكر أنه ورد في بعض المراجع الإسلامية الكبرى ذات الإعتبار لدى المسلمين ، ما يفيد أنه ولد يتيماً ، وأن أبوه كان قد مات قبل ميلاده ، وبأن أبوه ليس " عبد المطلب " ، ولكنه رجلاً آخر غير معروف " مجهول الإسم " ، ولكن ليس معلوم لدينا الكثير عن تفاصيل حياته في الطفولة ، وذلك لنُدرة المصادر التاريخية التي يُمكن الأخذ بها كوثيقة مُعتمدة لتاريخه في تلك المرحلة المبكرة من العُمر ، ولكن معظم المؤرخون يستقون معلوماتهم التاريخية عن محمد في بداية مراحله العُمرية المُبكرة من ما يُعرف بإسم ( كُتب الشمائل ) ، ولكن ما هو معروف عنه أنه كان دائم الترحال مع عمه في قوافل التجارة التي كانت ترتحل من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام ، وبعض من البلاد الأخرى المجاورة للحجاز ،  وقد كانت فترة حياته المُبكرة ، قد شهدت حالة من عدم الإستقرار السياسي في شبه الجزيرة العربية ، فمن جهة – كانت هناك هجمات تحدث من حين لآخر على أنحاء متفرقة من شبه الجزيرة العربية ، من قِبَل القبائل العربية ، بينما كان النزاع الداخلي مستشرياً ما بين قبائل تُهامة والحجاز من جانب ، ومن جانب آخر ما بين الأوس والخزرج في المدينة المنورة .

خريطة شبه الجزيرة العربية ما قبل الإسلام


مقر ميلاد محمد صاحب شريعة الإسلام بجبل النور 


واقعة لقاء محمد بالراهب بحيري في الشام
لم يكن عمّه أبي طالب ذا مال وفير ، فاشتغل محمد ، في مهنة رعي الغنم وكان يأخذ عليه أجرًا مساعدةً منه لعمّه ، قال «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط (أجزاء من الدراهم والدنانير) لأهل مكة». [ بينما أنكر الشيعة خبر رعيه الغنم ] . 
وفي الثانية عشر من عمره ، سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة ، فلما نزلوا "بصرى" في الشام ، مرّوا على راهب إسمه " بحيرى" ، وكان عالمًا بالإنجيل ، فجعل ينظر إلى محمد ويتأمّله ، ثم قال لأبي طالب " إرجع بابن أخيك إلى بلدك وإحذر عليه اليهود فوالله إن رأوه أوعرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا ، فإنه كائن لإبن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا ! " [ تحتاج إلى مصدر ].


دير الراهب بحيري في بصرى بالشام


وقد لُقّب محمد في مكة "بالأمين" ، فكان الناس يودعون أماناتهم عنده ، كما عُرف عنه أنه لم يسجد لصنم قطّ ، رغم إنتشار العبادات الوثنية في قريش ، وفي أكثر من صورة .


جانب من أشكال العبادة الوثنية لعرب قريش 
ما قبل الإسلام

كما أن محمد في شبابه ، لم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم ، وإنما كان يشارك كبرائهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا ، ففي الرابعة عشر من عمره ، وقيل في العشرين من عمره، حدثت حرب الفجار بين كنانة وقيس عيلان ، وشارك محمد مع قريش ضمن بني كنانة لأن قريش من كنانة ، وأما خصومهم قيس وعيلان فكان منهم قبائل هوازن وغطفان وسليم وعدوان وفهم ، وغيرهم من القبائل القيسية ، فشارك محمد فيها. 
وقال محمد عن حرب الفُجار : « قد حضرته مع عمومتي ، ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت » ، وقال عن حرب الفجار كذلك : « كنت أنبل على أعمامي»،  وقال عنها أيضا :« ما سرني أني لم أشهده إنهم تعدوا على قومي عرضوا عليهم أن يدفعوا إليهم البراض صاحبهم فأبوا » . 
كما شارك قريشًا في " حلف الفضول " ، وهو ميثاق عقدته قريش في دار عبد الله بن جدعان بمكة ، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين ، قال محمد « لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جدعان حِلفًا ، لو دُعيت به في الإسلام لأجبتُ ». 

صورة تخيليلة لمكة ما قبل الإسلام

ولمّا أصاب الكعبة سيل أدّى إلى تصدّع جدرانها ، قرر أهل مكة تجديد بنائها ، وفي أثناء ذلك إختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه ، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم، فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة، قالوا « هذا الأمينُ، قد رَضينا بما يقضي بيننا » ، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ، ثم أخذ الحجر ، فوضعه موضعه.

محمد وبداية قصة الإسلام 
يؤمن المسلمون بأن الله لم يبعث نبيًا إلا وأخذ عليه الميثاق ، لئن بُعث محمدًا ، وهو حيّ ليؤمننّ به وينصرنّه ، ويأمر قومه بذلك ، وكان محمدٌ يقول « أنا دعوة إبراهيم، وكان آخر من بشّر بي عيسى بن مريم » !. 
وقد ورد في كتب [ السيٌَر ] - ما يفيد - أن الأحبار من اليهود ، والكهّان من النصارى ومن العرب ، كانوا قد تحدّثوا بأمر محمد قبل مبعثه لمّا تقارب زمانه ، فأمّا الكهّان من العرب ، فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع في السماء قبل أن تُحجَب عن ذلك برمي النجوم والشهب بمبعث  محمد ، وأما الأحبار من اليهود والرهبان من المسيحيين ، فلِما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه ، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم أن يتبعوه وينصروه إذا بعث فيهم.
قال إبن عباس « كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلمّا التقوا هُزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالت «اللهم إنا نسألك بحقّ محمد النبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم »، فكانوا إذا التَقَوا ، دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بُعث النبي  كفروا به فأنزل الله ﴿ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ ». 
ومما ورد في قصة إسلام سلمان الفارسي أنه قال له أحد الرهبان « قد أظلّ زمان نبي، مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب ، مُهاجره إلى الأرض بين حرّتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة، بين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فإفعل ». 
وعن عامر بن ربيعة أنه قال : « سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول أنا أنتظر نبيًا من ولد إسماعيل ثم من بني عبد المطلب بن هاشم ولا أراني أدركه ، وأنا أؤمن به وأصدّقه وأشهد أنه نبيّ، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السّلام ، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك. قلت : هلمّ. قال : " هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينيه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد ![ تحتاج إلى مصدر ] ، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره، فإيّاك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم " .
فكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون "هذا الدين وراءك" ، وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون " لم يبق نبي غيره " !.
وقد كان محمد يرى قبل بعثته أمورًا ، من ذلك ما قاله " إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلّم علي قبل أن أُبعث ، إني لأعرفه الآن ، وكان إذا خرج لحاجة أبعد حتى تحسر عنه البيوت ، ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها ، فلا يمرّ بحجر ولا شجر إلا قال «السلام عليك يا رسول الله ، يمينه وعن شماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة ، فمكث كذلك يرى ويسمع ، حتى جاءه جبريل في غار حراء ! ".

مجتمع مكة ما قبل الإسلام


بداية الغزوات المُحمدية تحت راية الإسلام
كان أول أمر بدأ به محمد صاحب شريعة الإٍسلام ومُشترعها ، أنه سعى من أجل بناء مسجداً ، فإختار له المكان الذي بركت فيه ناقته ، فإشتراه من غلامين كانا يملكانه بعشرة دنانير أدّاها من مال أبي بكر بحسب أهل السُنة ، فبُني المسجد وسُقف بجريد النخل، وجُعلت أعمدته خشب النخل، وفرشت أرضه بالرمال والحصباء ، وكان محمد ينقل معهم اللبن في بناءه، وجُعل له ثلاثة أبواب ، وجُعل طوله من القبلة للمؤخرة 100 ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه ، وجُعلت قبلته للمسجد الأقصى حتى نزل الأمر بتحويل القبلة إلى الكعبة بعد ستة عشر شهرًا من الهجرة (2 هـ) ، برغبة من محمد. وقد بنى بيوتًا إلى جانبه ، وهي حجرات أزواجه ، حيث انتقل إليها بعد تكامل البناء من بيت أبي أيوب الأنصاري بعد أن مكث عنده من شهر ربيع الأول إلى شهر صفر 2 هـ. وبعدما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر نزل فرض شهر رمضان في شعبان على رأس ثمانية عشر شهًرا من الهجرة ، وأمر محمد في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال.
وبعد قدومه بخمسة أشهر ، آخى بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار، حتى لم يبقَ من المهاجرين أحد إلا آخي بينه وبين أنصاري. 
قال محمد لهم « تآخوا في الله أخوين أخوين»، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب وقال «هذا أخي » ، فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين ، وكانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين غزوة بدر ، فرد التوارث إلى ذوي الرحم وبقيت الأخوّة. 
وذكر البلاذري أن محمد قد آخى بين المهاجرين أنفسهم في مكة قبل الهجرة، وأيّد حدوثها الشيعة، بينما رجح ابن القيم وابن كثير من أهل السنة عدم وقوعها.
ثم نظّم محمد العلاقات بين سكان المدينة المنورة، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه بإسم دستور المدينة أو الصحيفة، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، وتحديد الحقوق والواجبات، كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة. وعاهد فيها اليهود ووادعهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم. وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان ، لذلك رجح بعض المؤرخين أن تكون في الأصل وثيقتان وليست وثيقة واحدة، كُتبت الأولى (معاهدة اليهود) في سنة 1 هـ قبل غزوة بدر، والثانية (بين المهاجرين والأنصار خاصة) بعد بدر سنة 2 هـ.
منذ بداية وجود المسلمين في المدينة المنورة نصبت أحبار اليهود من بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير لمحمد العداوة ، وإنضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كانوا يُظهرون إسلامهم ويُخفون عكس ذلك ، فسُمّوا بالمنافقين، كان على رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول. وبعد أن استقر المقام بالمسلمين في المدينة المنورة، أُذن لمحمد بالقتال لأول مرة، فكانت آية أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ أول ما نزل في الإذن بالقتال. 
فبدأ محمد بإرسال البُعوث والسرايا ، وغزا وقاتل هو وأصحابه، فكان عدد مغازيه التي خرج فيها بنفسه 27 غزوة، قاتل في 9 منها بنفسه، وعدد سراياه 47 سريّة، وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا إلا أبي بن خلف.
كانت أوّل السّرايا ، سرية حمزة بن عبد المطلب ، في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من الهجرة ، في 30 رجلاً من المهاجرين ، خرجوا يعترضون عيرًا لقريش فلم تقع حرب، ثم سرية عبيدة بن الحارث ، ثم سرية سعد بن أبي وقاص. 
ثم في صفر سنة 2 هـ وعلى رأس إثني عشر شهرًا من الهجرة، خرج النبي محمد في أول غزوة يغزوها بنفسه وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودّان، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وإستخلف على المدينة سعد بن عبادة. 
ثم تلتها غزوة بواط ، وغزوة العشيرة وغزوة بدر الأولى.

ترتيب الغزوات المحمدية تحت راية الإسلام 

1 - وقائع غزوة بدر الكُبرى 
وفي 17 رمضان سنة 2 هـ الموافق مارس عام 624م ، حدثت غزوة بدر الكبرى، إذ عزم المسلمون بقيادة محمد، على اعتراض قافلة تجارية قوامها 1000 بعير لقريش يقودها أبو سفيان بعد أن أفلتت منهم في طريق ذهابها إلى الشام. ففي 8 رمضان أو 12 رمضان خرج محمد ومعه 305 رجل، بالإضافة إلى 8 رجال تخلفوا لعذر، فحُسبوا ضمن المشاركين، فكان مجموعهم 313 رجلاً. وقد خرجوا غير مستعدين لحرب، فلم يكن معهم إلا فرس أو فرسان، وسبعون من الإبل. فلمَّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرج 1000 مقاتل، بقيادة أبي جهل، ومعهم 100 من الفرس، وجمال كثيرة. والتقى الجمعان عند ماء بدر يوم الجمعة صبيحة 17 رمضان سنة 2 هـ، وكان محمد يحضّ المسلمين على القتال قائلاً «والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتَل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، ومن قتَل قتيلًا فله سَلَبُهُ»، وقد ورد في القرآن ما يؤكّد مشاركة الملائكة في المعركة لصالح المسلمين في آية ، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ
ولم يمض وقت طويل حتى انتصر جيش المسلمين، وكانت حصيلة المعركة أن قُتل من المسلمين 14 شخصًا، وقُتل من المشركين 70 منهم أبو جهل وأمية بن خلف، وأُسِر 70 شخصًا، وأسلم من الأسرى 16، وكان يُفادي بهم على قدر أموالهم، ومن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم جزاء حرّيته. 
لاحقًا - قام محمد بطرد يهود بني قينقاع في غزوة بني قينقاع، إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق ، فقام أحد المسلمين فقتله، فتكالب عليه يهود بني قينقاع حتى قتلوه وتحصنوا في حصنهم ، فحاصرهم المسلمون يوم السبت 15 شوال سنة 2 هـ، مدة 15 ليلة، ثم تركهم محمد بدون أن يقتلهم وأمر بهم أن يخرجوا من المدينة.

2 - وقائع غزوة أُحُد
وقد سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في غزوة بدر، فخرجت مع عدد من القبائل في 3000 مقاتل و200 فرس و3000 بعير، وقائدهم يومئذٍ أبو سفيان بن حرب. ولما بلغ خبرهم لمحمد ، إجتمع بأتباعه واقترح عليهم أن يبقوا بالمدينة ، ويتحصنوا بها، لكنه سرعان ما قرر الخروج للقتال نزولاً على رأي الشباب. فخرج في 1000 من أصحابه، ثم في الطريق انسحب عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش (وهم ممن يُسمَّون بـ "المنافقين"). ثم تابع المسلمون سيرهم ، ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل عينين، وجعل على جبل عينين (وهو جبل الرماة) 50 من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير موصيًا لهم أن «قوموا على مصافّكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا». وبدأت غزوة أحد يوم السبت 7 شوال سنة 3 هـ، واقتتل الفريقان حتى بدت المعركة لصالح المسلمين بهروب قريش، فظنّ الرماة انتهاء المعركة ، فترك معظمهم مواقعهم مخالفين أمر محمد ، وإستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش ، وتغيّرت موازين المعركة لصالح قريش ، وأوجعوا في المسلمين قتلاً شديدًا ، وولّى من وّلى منهم يومئذ، وثبت مع محمد 14 رجلاً من أصحابه فيهم أبو بكر، بينما يرى الشيعة أنه لم يثبت معه أحد إلا عليّ. 
وقد أصيب محمد وقتئذٍ، فكُسرت رباعيته اليمنى السفلى وجُرحت شفته السفلى، وجرح في وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه ، وجعل يمسح الدم وهو يقول «كيف يُفلح قومٌ خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربّهم» ، ودخلت حلقتان من حِلَق المغفر في وجنته ووقع في حفرة، وضربه "إبن قمئة" بالسيف على عاتقه الأيمن، فأُشيع أن محمدًا قد قتل، فلما عرف المسلمون بأنه ما زال حيًا نهضوا به نحو شِقّ في جبل أحد للاحتماء فيه، وحاول أعداؤهم الوصول إليه ففشلوا فأوقفوا القتال مكتفين بإنتصارهم هذا. كان من نتيجة المعركة أن قُتل حمزة بن عبد المطلب على يد وحشي بن حرب، ومثّلت به هند بنت عتبة ، فشقت بطنه عن كبده وجدعت أنفه وأذناه، فسُمي حينها بأسد الله وأسد رسوله.

الشق الذي إحتمي فيه محمد في بطن الجبل
 أثناء غزوة أُحُد

ولما كان يوم غد الأحد 8 شوال ، أمر محمد أصحابه ممن شارك في غزوة أُحُد بالخروج في طلب قريش في غزوة حمراء الأسد، مرهبًا قريش ليظنّوا به قوة، فخرجوا حتى عسركوا في منطقة "حمراء الأسد" وأوقدوا فيها 500 نارًا، وكان أبو سفيان يوم الأحد أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل بقية المسلمين، فنصحهم صفوان بن أمية بن خلف بالرجوع إلى مكة عندما سمع نبأ خروج محمد وأصحابه، فرجعوا، فعاد محمد وأصحابه إلى المدينة يوم الأربعاء بلا قتال.
ثم في وقت لاحق في شهر ربيع الأول سنة 4 هـ، حدثت غزوة بني النضير بعد أن همّ يهود بنو النضير بالغدر وقتل محمد، فنقضوا بذلك الصحيفة، فأمهلهم محمد 10 أيام ليغادروا المدينة، فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم محمد 15 يومًا، وقيل 6 ليال، ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على 600 بعير، فلحقوا بخيبر ، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم.

3 - وقائع غزوة الخَندَق 
لما أُجلي بنو النضير ، وساروا إلى خيبر، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا قريشًا وغطفان ودعوهم إلى حرب محمد وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم. وتجهزت قريش فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300 فرس. وانضم إليهم أعدادًا من بني سليم وبني أسد، وفزارة، وغطفان، وبني مرة. فكان جميعهم 10,000 سُمّوا بـ الأحزاب، وكان قائدهم أبو سفيان، فكانت ما عُرف بـ غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب، وكانت في شوال سنة 5 هـ وقيل في ذي القعدة. فلما سمع بهم محمد، عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح جبل سلع، وكان شعارهم «حَم، لَا يُنْصَرُونَ» ، وجعل النساء والأطفال في آطام (حصون) ، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة سلمان الفارسي، وكان يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد 6 أيام.
ولما انتهوا من الخندق، أقبلت قريش ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصاراً شديدًا، وفي أثناء ذلك وافق يهود بني قريظة على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجزء الخاص بهم بعد أن فاوضهم حيي بن الأخطب القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها الصحابي "نعيم بن مسعود الغطفاني" للإيقاء من بني قريظة والأحزاب. واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، فنزلت آيات من سورة الأحزاب تصف ما حدث  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا : جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاج
وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ، وأقام المسلمون ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار. حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها. كان من نتيجة هذا الحصار أن قُتل 8 من المسلمين، و4 من الأحزاب. ولما انصرف الأحزاب عن المدينة، قال محمد لأصحابه: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم»، فلم تغزهم قريش بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى فتح مكة.
بعد انتهاء المعركة، رجعت بنو قريظة ، فتحصنوا بحصونهم، ووضع محمد السلاح. فجاءه جبريل في صورة دحية الكلبي فقال: «أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟» قال «نعم» فقال جبريل «فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإنّي عامد إليهم ، فمزلزل بهم» فأمر محمد أصحابه بالرحيل إليهم 7 ذو القعدة 5 هـ، فكانت غزوة بني قريظة ، فحاصرهم المسلمون وهم يومئذ 3000، 25 ليلة حتى أتعبهم الحصار. فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام محمد بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين، فقال محمد «لقد حكمتَ فيهم بحكم الله». فأمر محمد بتنفيذ الحكم وفِي الراجح تم إعدام ما بين 40 إلى 400 شخص ، بينما بحسب مرسل ابن إسحاق تم اعدام ما بين 700 إلى 900 شخص.

وقائع صُلح الحديبية
في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ الموافق 628 م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك العمرة في مكة، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وطافوا واعتمروا. واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فخرج منها يوم الإثنين غرّة ذي القعدة سنة 6 هـ، في 1400 أو 1500، ولم يخرج بسلاح، إلا سلاح المسافر (السيوف في القُرُب)، وساق معه الهدي 70 بدنة. ولمّا علمت قريش بذلك، قررت منعه عن الكعبة، فأرسلوا 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد للطريق الرئيسي إلى مكة. لكنَّ محمدًا اتخذ طريقًا أكثر صعوبة لتفادي مواجهتهم، حتى وصل إلى الحديبية على بعد 9 أميال من مكة، فجاءه نفر من خزاعة ناصحين له، فقال لهم محمد «إنّا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره». فعادوا إلى قريش موصلين تلك الرسالة، فبعثت قريش الحليس بن علقمة الكناني سيد الأحابيش بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وحلفاء قريش فلما رآه الرسول محمد قال: «إن هذا من قومٍ يتألّهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه»، فلما رأى الحليس بن علقمة الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع إلى قريش ولم يصل إلى الرسولِ محمدٍ إعظاماً لما رأى، فقال لهم ذلك ، فقالوا له: "اجلس، فإنَّما أنت أعرابيٌّ لا علمَ لك"، فغضب عند ذلك الحليس وقال : " يا معشر قريش، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم، أيُصَدُّ عن بيت الله من جاء معظِّماً له؟ والذي نفس الحليس بيده ، لَتَخلنَّ بين محمد وبين ما جاء له ، أو لأنفرنَّ بالأحابيش نفرة رجلٍ واحد" ، فقالوا له: " كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به" .

 والله ما رأيتُ ملكًا يعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ ، فإقبلوها  } .

محمد وقصة الوحي بالنبؤة
ثم أرسل محمد عثمان بن عفان إلى قريش ليفاوضهم، فتأخر في مكة حتى سرت إشاعة أنه قد قُتل. فقرر محمد أخذ البيعة من المسلمين على أن لا يفرّوا، فيما عرف ببيعة الرضوان، فلم يتخلّف عن هذه البيعة أحد إلا جد بن قيس، ونزلت آيات من القرآن .
ولَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا -. خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، وأرسلت قريش سهيل بن عمرو لتوقيع اتفاق مصالحة عرف بصلح الحديبية، ونصّت بنوده على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصّت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من مكة بدون إذن ، في حين لا ترد قريش من يذهب إليهم من المدينة ، وإتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة 10 سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة. فلما فرغوا من الكتاب إنطلق سهيل وأصحابه، عمّ المسلمين الحزن الشديد بسبب بنود الصلح، وعدم تمكنهم من أداء العمرة، فقال لهم محمد «قوموا فانحروا» ثلاثًا فما قام منهم أحد، ثم قام محمد ولم يكلّم أحدًا منهم حتى نحر بُدْنَه، ودعا خراش بن أمية فحلق له رأسه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا ، وأقاموا بالحديبية بضعة عشر يومًا ويقال عشرين يومًا، ثم انصرفوا.
كان من نتائج الصلح أن بعث محمد رسائل إلى العديد من الملوك في العالم، داعيًا إياهم إلى اعتناق الإسلام، واختار من أصحابه رسلاً لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك في شهر ذي الحجة سنة 6 هـ، وقيل بل في بداية شهر المحرم سنة 7 هـ قبل غزوة خيبر بأيام. فكان أول رسول أرسله محمد هو عمرو بن أمية الضمري الكناني إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما وصله الكتاب، وضعه على عينيه ونزل من سريره فجلس على الأرض تواضعًا، فأسلم على يد جعفر بن أبي طالب وقال : « لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته » ، وأرسل دحية الكلبي إلى قيصر (هرقل) ملك الروم ، وعبد الله بن حذافة إلى كسرى ملك فارس، فلما وصله الكتاب مزّقه ، فقال في ذلك محمد «اللهم مزّق مُلكَه». وأرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك مصر، فلما وصله الكتاب بعث لمحمد كهدية جاريتين هما مارية القبطية (والتي أخذها لنفسه فولدت له إبراهيم)، وأختها سيرين بنت شمعون (والتي أعطاها لحسان بن ثابت) وبغلة (دُلدُل)، ولكن المقوقس لم يُسلِم. وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وأرسل سليط بن عمرو العامري ، إلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة. 
وبعث آخرين إلى ملوك عدة غيرهم.

رسالة محمد مشترع الإسلام إلى المقوقس والي الروم في مصر يدعوه فيها إلى الإسلام

4 - وقائع غزوة مؤته 
بعدما أمن محمد قريشًا بعد الحديبية ، أراد أن يحاسب اليهود لتحريضهم القبائل في غزوة الأحزاب، فخرج في شهر محرم 7 هـ في غزوة خيبر، بشكل سريّ مباغتةً لليهود، وكان معه 1500 مقاتل هم أصحاب بيعة الرضوان، وأعطى الراية إلى علي بن أبي طالب، وشعارهم يومئذ «يا منصُور أمِت أمِت». فلما علم أهل خيبر، أرسلوا إلى غطفان يستمدونهم مقابل نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين. فلما وصل المسلمون قريبًا من خيبر ليلاً باتوا ليلتهم ولا تشعر بهم اليهود، حتى إذا أصبحوا وركبوا رأوهم عمال خيبر، فهربوا وتحصنوا بحصون لهم، فقال محمد «الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم، فسَاء صباح المنذَرين». وبدأ المسلمون يفتحون حصونهم حصنًا حصنًا، يأخدون منهم سبايا، فكان منهنّ صفية بنت حيي بن أخطب والتي أسلمت وتزوجها محمد فيما بعد. وكان آخر الحصون فتحًا "الوطيح" و"السلالم"، فحاصرها المسلمون بضع عشرة ليلة، حتى إنتصروا. 
وكان محمد يريد أن يجلي اليهود من خيبر، لكن محمد اتفق معهم على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم. ولما رجع محمد من خيبر، قدم جعفر بن أبي طالب ومن معه من أرض الحبشة وهم آخر من كانوا هناك، فتلقّاه محمد فرحًا وقال «ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر». بعد ذلك أقام محمد بالمدينة 8 أشهر، ثم خرج في ذي القعدة 7 هـ، قاصدًا للعمرة، فكانت "عمرة القضاء"، على ما اتفق عليه مع قريشًا في صلح الحديبية. فأتم عمرته، وتزوج هنالك ميمونة بنت الحارث، خالة ابن
عباس وخالد بن الوليد.
ثم في جمادي الأولى سنة 8 هـ، كانت غزوة مؤتة في جنوب الأردن، كان سببها قتل الغساسنة لرسول النبي محمد الحارث بن عمير الأزدي الذي أرسله بكتاب إلى ملك بصرى يدعوه إلى الإسلام، فأرسل محمد جيشًا قوامه 3000 مقاتل قائلاً بقيادة زيد بن حارثة يليه جعفر بن أبي طالب إن قُتل، ثم عبد الله بن رواحة إن قُتل الأوّلان، وكان في مقابلهم جيش الروم بقيادة هرقل قوامه 100,000 مقاتل. فالتقى الجيشان، فقُتل قادة المسلمين الثلاثة، ثم استلم القيادة خالد بن الوليد، واستطاع بحيلة منه أن ينسحب بجيش المسلمين عائدًا إلى المدينة المنورة، فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين جعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون « يا فُرّار، أفَرَرتم في سبيل الله؟» فيقول محمد «ليسوا بُفرّار ، ولكنهم كُرّار إن شاء الله ».

آثار غزوة مؤتة جنوب الأردن

5 - وقائع غزوة مكة
كان من نتائج صلح الحديبية أن دخلت قبيلة خزاعة في حلف محمد، وبنو بكر بن عبد مناة بن كنانة في حلف قريش، وكان بين بني الدئل بن بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا، ثم أغارت بنو الدئل بن بكر على خزاعة على ماء لهم يقال له "الوتير" ليلاً، فقتلوا منهم أناس، وأمدت قريش بني الديل بن بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم. فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على محمد وهو جالس في المسجد فقال «إنّ مكة حرّمها الله ولم يحرّمها الناس ، لا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرًا، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله فيها، فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب» .
فقال له محمد «نُصِرتَ يا عمرو»، ثم جاء أبو سفيان بن حرب قادمًا من مكة يريد تجديد الصلح، فُقوبل بالرفض. ثم أمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا ، وإستنفر الأعراب والقبائل المسلمة ، فخرج في 10,000 مقاتل يوم 10 رمضان 9 هـ، والناس يومئذٍ صائمون. 
ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في مر الظهران ، وأُوقدت 10,000 نار ، فجاء أبو سفيان بن حرب يتحسس، فلقيه العباس بن عبد المطلب وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان. 
وفي يوم الثلاثاء 17 رمضان سنة 8 هـ، تابع الجيش مسيره إلى مكة. في أثناء ذلك مرّ سعد بن عبادة  بأبي سفيان قائلاً: " اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الكعب فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال كذب سعد ، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تُكسَى فيه الكعبة ".


 الكعٌبة في مكــة في صورة قديمة

6 - غزوة حنين
ثم رجع أبو سفيان إلى مكة ، وجعل ينادي بكلمات أعطاها له محمد «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن». ثم دخل الجيش مكة موزعين، فدخلها خالد بن الوليد ومن معه من أسفلها، ودخلها الزبير بن العوام ومن معه من أعلاها، ودخلها أبو عبيدة بن الجراح من بطن الوادي. وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، فلم يحصل قتال إلا ما كان من خالد بن الوليد ، ومن معه فقد قتلوا 12 رجلاً. 
ثم وصل الجيش الكعبة، فدخلوا المسجد، فأقبل محمد إلى الحجر الأسود، فإستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت 360 صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ ، والأصنام تتساقط على وجوهها. ثم خاطب قريشًا فقال « يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ » قالوا « خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم»، فقال «فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء ». 
ثم أتى جبل الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض «أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته». فجاءه الوحي بما يقولون، فقال «يا معشر الأنصار، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟» قالوا: «قلنا ذلك يا رسول الله» قال «فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم» فأقبل إليه الأنصار يبكون.
وعن ردود الأفعال من جانب العرب بعد أحداث غزو مكة ، فقد حدث بعد وقت قصير من الغزو ، أن تحالفت قبائل هوزان وثقيف وبعضٌ من بني هلال، وعزموا أمرهم على حرب المسلمين، فخرجوا ومعهم أموالهم وعيالهم ونساؤهم، ما يجعلهم يقاتلون حتى الموت. فلما سمع بهم محمد وهو في مكة خرج في غزوة حنين يوم السبت 6 شوال سنة 8 هـ، وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله مكة، وخرج معه 12,000 مقاتل، فأصاب بعضهم العُجب لكثرة الجيش فقالوا «لن نُغلَب اليوم من قِلّة». 
ولما وصل المسلمون "وادي حُنين" بغتتهم هوزان وهاجموهم بفخّ كانوا قد نصبوه لهم، فهرب المسلمون وثبت محمد ونفر من المهاجرين وأهل بيته، فجعل محمد ينادي «أنا النَّبيُّ لا كذب، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلب»، فعطف المسلمون عليه راجعين بسيوفهم ورماحهم، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه هوزان، ثم قال «انهزموا وربَّ مُحمّد!»، ثم انهزمت هوزان وثقيف وهرب معظمهم إلى الطائف ، وأُنزل من القرآن .
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ .ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ -
بعد أن فرغ محمد من غزوة حنين، وفي الشهر نفسه، توجّه إلى الطائف مطاردًا هوزان وثقيف بعد أن تحصنوا فيها، فكانت غزوة الطائف، فحاصرتهم الجيوش الإسلامية 40 يومًا، فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره. فلما طال الحصار قال محمد «لم يُؤذَن لنا حتى الآن فيهم، وما أظن أن نفتحها الآن»، وأمر الناس بالرجوع وفكّ الحصار، حتى وصلوا "الجعرانة"، فأتاه وفد هوازن هنالك مسلمين.
وفي رجب سنة 9 هـ، حدثت غزوة تبوك آخر غزوات محمد، بعد أن وصلت أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة، قد هيؤوا جيشًا لمهاجمة الدولة الإسلامية.، فحثّ الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا بسبب الحرّ الشديد والسفر البعيد، وأرسل إلى القبائل العربية يستنفرهم على قتال الروم، فخرج في 30,000 مقاتل، تصحبهم 10,000 فرس، واستخلف محمد بن مسلمة على المدينة المنورة، وتخلف عدد من المسلمين بلا عذر منهم كعب بن مالك وهلال بن ربيع ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري (وقد لحق به أبو ذر وأبو خيثمة لاحقًا)، وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحرّ وقلّة وسائل الركوب، فسُميت لذلك "غزوة العُسرة"، والجيش بـ "جيش العُسرة". فلما وصل تبوك، أقام فيها 20 ليلةً، فلما سمع الرومان وحلفاؤهم بزحف الجيوش الإسلامية أخذهم الرعب، وتفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، ثم انصرف جيش المسلمين من تبوك بلا قتال، وقدم المدينة المنورة في شهر رمضان سنة 9 هـ، وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون «قد انقطع الجهاد»، فبلغ ذلك محمد فنهاهم وقال «لا تزال عصابةٌ من أمّتي يجاهدون على الحقّ حتى يخرج الدجال». وقد نزلت آيات كثيرة من سورة التُوبة حول تلك الغزوة وظروفها. ويشكك العديد من المؤرخين بحدوث هذه الغزوة مستندين على عدم وجود ذكر لها في أي مصادر غير إسلامية.

الحجر الأسود 

وفي نفس شهر رمضان ، قدم وفد من ثقيف المدينة المنورة مسلمين. 
ثم في ذي القعدة أو ذي الحجة من سنة 9 هـ - بعث محمد أبا بكر أميرًا على الحج ، ليقيم بالمسلمين المناسك ، فخرج في 300 رجل من المدينة ، وبعث معه محمد 20 بَدَنة. 
وفي تلك الفترة بدأت مختلف قبائل العرب بالوفود على محمد في المدينة وإعلان إسلامها، والتي كان لغزوة تبوك وإسلام ثقيف ، ومن قبل فتح مكة السبب الأكبر في تلك الوفود. فجاء ما يقارب السبعين وفدًا بين عامي 9 هـ و10 هـ للمدينة لإعلان إسلامهم، حتى سُمّي عام 9 هـ بعام الوفود. 
فكان ممن جاءوا وفد قبيلة عبد القيس، ووفد كنانة (منهم وفد بني عبد بن عدي ووفد بني ليث) ، ووفد دوس، ووفد همدان، ووفد بني الحارث بن كعب، وبنو عذرة، ووفد بلي، ووفد بني حنيفة، ووفد بني شيبان ووفد جهينة، ووفد الأزد، ووفد طيء، ووفد بني عامر بن صعصعة، ووفد جرم، ووفد بنو تجيب، ووفد خولان، ووفد سليم، ووفد بني بكر بن وائل ، ووفد تغلب، ووفد مزينة، ووفد جذام، ووفد الأشعريين، ووفد مهرة، ووفد بارق، ووفد حمير، ووفد بجيلة، ووفد النخع، ووفد الصدف، ووفد غسان، ووفد عنس، ووفد كندة، ووفد زبيد، ووفد مراد، ووفد تميم، ووفد بني أسد، ووفد فزارة، ووفد سعد بن بكر، ووفد بني كلاب، ووفد بني عقيل بن كعب، ووفد بني قشير بن كعب، ووفد باهلة، ووفد بني هلال وغيرهم.


محمد وقصة حُجة الوداع
في شهر ذي القعدة سنة 10 هـ - عزم محمد على أداء مناسك الحج ، بعد أن مكث في المدينة المنورة 9 سنوات لم يحج فيها أبدًا ، فأذّن في الناس أنه خارج ، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بمحمد
فكانت حجة الوداع أو حجّة البلاغ أو حجّة الإسلام، لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها ، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم «هل بلغت؟»، ولأنه لم يحج من المدينة غيرها ، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها. وفي يوم السبت 25 ذو القعدة سنة 10 هـ - خرج محمد على ناقته «القصواء» إلى مكة للحج ، وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة أبا دُجانة. 
فلما وصل ذا الحليفة أحرم هناك وصلى العصر ، ثم أكمل مسيره ملبيًا « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك » !.
دخل محمد مكة ضحى يوم الأحد 4 ذو الحجة ، من الثنية العليا ، ودخل المسجد الحرام صبحًا من " باب عبد مناف " المعروف الآن بـ "باب السلام" ، ولما أبصر الكعبة قال «اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن حجّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا». ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر الأسود فاستلمه وبكى، ثم طاف بالبيت سبعًا ، ثم صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم، ثم دخل زمزم فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم. ثم سعى بين الصفا والمروة سبعًا. وفي 8 ذو الحجة توجه إلى منى فبات فيها. وفي 9 ذو الحجة توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم "خُطبة الوداع"، جاء فيها :
{  إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرّح. ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فقال: اللهم اشهد، اللهم أشهد، ثلاث مرات } .
وفي ذلك الموقف على جبل عرفة ، نزلت الآية القرآنية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، بينما يؤمن الشيعة أنّ هذه الآية نزلت في يوم غدير خم في معرض الحديث عن فضائل علي بن أبي طالب.

وفاة محمد صاحب شريعة الإسلام 
كان أوّل ما أُعلم به النبي محمد بإقتراب أجله ما أُنزل عليه في فتح مكة ، من سورة النصرإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وكان ابتداءُ مرضه الذي تُوفي فيه أواخر شهر صفر سنة 11 هـ بعد أن أمر أسامة بن زيد بالمسير إلى أرض فلسطين، لمُحاربة الروم، فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد ، وكان أول ما إبتدئ به من وجعه أنه خرج إلى البقيع ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله ، فلما أصبح إبتدئ وجعه ، وكان صداع الرأس مع حمّى ، ويُروى أنّ سبب مرضه كان السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في خيبر، وكان من شدّة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة ، حتى دعا نساءه يستأذنهن في أن يُمرّض في بيت عائشة بنت أبي بكر، فانتقل إلى بيتها يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب.
وفي أحد الأيام خرج محمد على أصحابه عاصبًا رأسه، حتى جلس على المنبر فقال «عبدٌ خيّره الله بين أن يؤتيَه زهرةَ الدنيا وبين ما عنده، فاختارَ ما عنده»، ففهم أبو بكر وبكى وقال «فديناك بآبائنا وأمّهاتنا»، فقال محمد «إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن إخوة الإسلام. لا تبقينَّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر»، ثم خطب فيهم مرات عديدة دعا فيها إلى إنفاذ جيش أسامة بن زيد، وأوصى المسلمين بالأنصار خيرًا. ولما ثقُل عليه المرض، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، وعاد جيش أسامة بن زيد إلى المدينة بعد أن عسكر خارجها منتظرًا ماذا يحلّ بمحمد. وقبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من الصحابة فقال لهم وهو يبكي «مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم». وكانت عامة وصيته حين حضره الموت «الصلاة، وما ملكت أيمانكم».
ولما كان يوم الإثنين الذي توفي فيه، بعد 13 يومًا على مرضه، خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، فتُوفي وهو يقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافق 8 يونيو سنة 632م ، وقد تّم له 63 سنة - فلما توفي - قام عمر بن الخطاب، فقال «والله ما مات رسول الله Mوليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم»، وجاء أبو بكر مسرعًا فكشف عن وجهه وقبّله، وقال : «بأبي أنت وأمّي، طبتَ حيًا وميّتًا» .
 ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً : « ألا من كان يعبد محمدًا .، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت » ، وقرأ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ . قيل «فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ». وقالت ابنته فاطمة الزهراء « يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه ».
ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على تجهيز محمد ، فقام علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه. 
ثم قام الصحابة برفع فراش محمد الذي توفي عليه في بيت عائشة ، فحفر أبو طلحة الأنصاري له قبرًا تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال ، ثم النساء ، ثم الصبيان ، ولم يؤم الناس أحد ، ثم أنزله القبرَ عليّ والعباس وولداه الفضل وقُثَم ، ورشّ قبره بلال بالماء ، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر، وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء.


قصة حرق قرآن محمد وكتابة قرآن عثمان
بحسب إعتقاد المسلمين ، فإنَّ القرآن المعروف الآن ، هو قرآن موحى بكلماته من الله ، وأن محمداً هو من نزل هذا الوحي الإلهي - دون غيره - ولذلك ، ووفقاً لإعتقاد المُسلمين في أنحاء الأرض ، يعتبر القرآن معجزة في حد ذاته ، وهي كافية من أجل التأكد من مصداقية نبؤة محمد ، ومن أجل دعم رسالة الإسلام ، والأخذ به كدين سماوي واجب الإحترام .
ولكن الواقع يقول ، أن القرآن الموجود الآن أقدم نسخة منه في متحف إسطامبول ، هو قرآن عثمان ، وهو قرآن آخر غير قرآن محمد المزعوم ،  
وقد إحتفظ المسلمون بنسخة قرآن عثمان ، ذلك بالإضافة إلى إحتفاظهم ببعض مقتنيات محمد صاحب الشريعة الإسلام ، وقد ظلّت هذه المقتنيات - ومن بينها قرآن عثمان - حتى وقت الفتح العثماني عام 1517م ، حين دخل القاهرة السلطان العثماني سليم الأول فأخذ معه كل أثر محمد إلى إسطنبول ، وبقيت هناك محفوظة إلى الآن في متحف الباب العالي.

قرآن عثمان أقدم نسخة باقية من القرآن
متحف إسطامبول


ثانياً { عصر الخلافة الراشدة  }
( الغزو والإحتلال الإستيطاني تحت راية الإسلام )

مقدمة
بعد وفاة محمد - صاحب شريعة الإسلام ومُشترعها - حدث أن إختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم، حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة فرشح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار، في حين رشح عمر بن الخطاب أبا بكر مؤكدًا على أحقية المهاجرين في الخلافة. ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة. في حين تأخرت بيعة من كان من الصحابة بصحبة علي بن أبي طالب والذي كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه ، فتأخرت بيعتهم يومًا واحدًا عتبًا على أبي بكر لعدم أخذ المشورة منهم، بينما يرى الشيعة أن عليًا ومن معه قد بايعوا أبا بكر مُجبَرين ، لما يرونه أن عليًا كان أحق من أبي بكر بالخلافة. نشأ من تلك الحادثة الخلاف التاريخي بين طائفتي السنة والشيعة.
بعد إستقرار الأمر لأبي بكر في المدينة ، عمل على حماية المدينة ومحاربة بعض القبائل التي ارتدت عن الإسلام ومنعت الزكاة ، وبعض ممن اعتبرهم المسلمون مدعي النبوة، فيما عرف تاريخيًا بحروب الردّة، مثل معركة اليمامة لقتال بني حنيفة والذي ادّعى فيهم مسيلمة بن حبيب النبوة. كما أرسل أبو بكر جيش أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها ولانتشار الردة في بعض الصفوف. ثم سار أسامة فكان لا يمرّ بقبيلة انتشر فيها الارتداد إلا أرجعها إلى الإسلام. ولما وصل أسامة إلى بلاد الروم قاتلوهم وانتصر المسلمون. كما عمل أبو بكر على توسيع نفوذ الدولة بإرسال قوات عسكرية إلى مختلف المناطق.


أولاً - وقائع حروب الرِدٌة


بعد أن أرسي " أبي بكر الصديق " دعائم حكمه كخليفة لمحمد على المسلمين ، بدأت سلسلة حروب ما عُرف في بعض المراجع الإسلامية بإسم : " حروب الردٌة " ، حيث جاءت تفاصيل هذه الحروب ، وفقاً لما جاء في هذه المراجع ، أنه كان قد حدث أن إرتدت بعض القبائل عن الإسلام ، ومنعت الزكاة ، فقام أبو بكر الصديق بمحاربتها ، وشارك في حروب الردة هذه معاوية بن أبي سفيان .

ثانياً - الإستعداد لمحاربة الروم


كان محمداً - صاحب الشريعة الإسلامية - قد شرع في تجهيز جيشاً لقتال الروم ، وأمر عليه أسامة بن زيد ، وعندما مات محمداً ، واصل أبو بكر الصديق مهمة إرسال الجيش ، وبرغم إعتراض الصحابة على كون أسامة بن زيد هو قائد الجيش بسبب صغر سنه ، إلا أنه أصر على بعث الجيش ، كما أصر على كون قائده أسامة بن زيد حتى لا يخالف أمر محمد .


ثالثاً - الخلفاء وجَمٌع القرآن


قصاصة من مخطوطة قيل أنها للقرآن

لقد جاء في بعض المراجع الإسلامية ، فيما يخص واقعة جمع كتاب القرآن ، أن كان هناك الكثيرون من حفاظ القرآن ـ قد ماتوا في حروب الردة ، فأشار عمر بن الخطاب علي أبي بكر الصديق بجمع القرآن في مصحف واحد ، وقام بتجميع كتاب القرآن بعدما كتب على أشياء متفرقة.
ولكن هناك أكثر من رواية حول تفسير واقعة " جمع القُرآن " ، وقد ورد ذكرُ لها في عدد من المراجع العربية والإسلامية ، منها ما يلي تباعاً  :
إنّ المعروف من مذهب أهل السنّة هو نفي التحريف عن القرآن، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم ، وكتبهم في علوم القرآن والعقائد، ولا حاجة إلى نقل خصوص كلماتهم.
ولكنّ الواقع : إن أحاديث نقصان القرآن في كتبهم كثيرة في العدد ، صحيحة في الإسناد ، واضحة الدلالة وذلك : لأنها مخرّجة في الكتب الستّة المعروفة بـ (الصحاح) عندهم والتي ذهب جمهورهم إلى أنّ جميع ما اخرج فيها مقطوع بصدوره عن النبي، لا سيمّا كتابي البخاري ومسلم بن الحجّاج النيسابوري ، هذين الكتابين الملقّبين بـ «الصحيحين» والمبرّأين عندهم من كلّ شين ، فهي في هذه الكتب، وفي كتبٍ أخرى تليها في الإعتبار والعظمة يطلقون عليها إسمها «الصحيح» ، وأخرى يسمّونها بـ المساني.
ولنذكر نماذج ممّا رووه عن الصحابة في الزيادة والتبديل، ثمّ ما رووه عنهم في النقيصة ـ وهو موضوع هذا الفصل ـ ثم طرفاً مما نقل عن الصحابة من كلماتهم وأقوالهم في وقوع الخطأ واللحن في القرآن.
ماذا قالوا عن البخاري ومسلم .
يعتبر صحيح البخاري ومسلم عند أهل السنة كالكافي عند الشيعة - قال أحدهم : اِعلم أن أصحُّ كتاب بعد القرآن ، هو صحيحي البخاري ومسلم ، ويكفي تسميتهم لها بـ(الصحاح)! - هذا ما اجمع عليه علماء أهل السنة.
وقال الذهبي والسرخس ، وإبن تيمية ، وإبن الصلاح : قد صرّحوا بأنّ ما في الصحيحين يفيد القطع ، ذكر هذا الكشميري في فيض الباري على صحيح البخاري تحت عنوان: القول الفصل في أنَّ خبر الصحيحين يفيد) . وقال : وإعلم أنّه إنعقد الإجماع على صحّة البخاري ومسلم. فيض الباري، [ المصدر : للكشميري الديوبندي 1: 57 ].
ونجد إبن خلدون يصرح في تاريخه بأنَّ الإجماع ، قد إتّصل في الاُمّة على تلقي الصحيحين بالقبول والعمل بما فيهما ، ثم قال : وفي الاِجماع أعظم حماية ، وأعظم دفع. [ تاريخ إبن خلدون المصدر : 1:556 الفصل  52 .
وفي عمدة القارئ (إتّفق علماء الشرق والغرب (يعني: علماء العامّة) على أنّه ليس بعد كتاب الله تعالى أصحّ من صحيحي البخاري ومسلم). [ المصادر : عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني 1: 5. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني: 381 من المقدمة. عمدة القاري شرح صحيح البخاري 1: 8 و 45 إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطلاني 1: 29. وفيات الأعيان لابن خلكان 4: 208. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي الشافعي 1: من المقدمة كشف الظنون، لحاجي خليفة 1: 641 ] .
كما كان الكافي وغيره من كتب الحديث عند الشيعة ، شاهد عدل على دعوى تحريف القرآن. هكذا أيضاً سيكون البخاري ومسلم. شهود عدلٍ على دعوة التحريف عند أهل السنة.
عن عبدالله…(وما اُوتوا من العلم إلاّ قليلاً) قال الاعمش: هكذا في قراءتنا. والمذكور في المصاحف الشريفة : (وما أُوتيتم) - [ المصدر : صحيح البخاري رقم: 125 ].
عن ابن عباس: كان عكاظ و… فنزلت: ليس عليكم جناج أن تبتغوا فضلاً من ربّكم في مواسم الحج. صحيح البخاري رقم 1945 كتاب البيوع.
وعن انس… فكنا نقرأ : ان بلغوا قومنا ان قد لقينا ربّنا فرضي عنا وأرضانا) ، ثم نسخ بعد… صحيح البخاري رقم 2647 كتاب الجهاد. [ المصدر : صحيح مسلم 5: 85. صحيح البخاري رقم 1328 .
وعنه أُنزل في الذين قتلوا في بئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا ان قد لقينا ربّنا فرضي عنا ورضينا عنه. صحيح البخاري 2659 كتاب الجهاد.
وقرأ ابن عباس: امامهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصباً ، وأما الغلام فكان كافرا وكان ابواه مؤمنين.
وفي صحيح مسلم مثله بزيادة: سفينة صالحة. [ المصدر : صحيح البخاري ذيل 3220 كتاب الانبياء صحح مسلم 15: 142. [ 
عن علقمة… فقرأت عليه: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والاَُنثى) - قال والله أقرأنيها رسول الله من فيه الى في. [ المصدر : صحيح البخاري رقم 3532 كتاب فضائل الصحابة ، وانظر صحيح مسلم 6: 10] .
عن إبن عباس : قال عمر لقد خشيت ان يطول بالناس زمان حتّى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله… [ المصدر : صحيح البخاري رقم 6441 كتاب المُحاربين ] .
وعن عكرمة… قال: لولا ان يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي. [ المصدر : صحيح البخاري بعد رقم 6748 كتاب الاحكام ].
عن عمر ـ في حديث طويل ـ ثم انّا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم فانّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو (أن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم…). [ المصدر : صحيح البخاري رقم : 6442 كتاب المحاربين ].
عن أبي يونس…فأملت عائشة عليَّ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) - قالت عائشة : سمعتها من رسول الله. [ المصدر : صحيح مسلم 1: 130، سنن النسائي 1: 236 ] .
عن عائشة انّها قالت كان فيما اُنزل من القرآن:(عشر رضعات معلومات يحرمن) ، ثم نسخ بخمس معلومات، فتوفّى رسول الله صلعم وهن فيما يقرأ من القرآن. [ صحيح مسلم 10: 29 و30 كتاب الرضاع سُنن أبى داود 2: 230.  [ 
عن عمر بن الخطاب… فكان مما أُنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلنا، فرجم رسول الله صلعم ورجمنا بعده ، فاخشى ان طال بالناس زمان ان يقول قائل: مانجد الرجم في كتاب الله… وانّ الرجم في كتاب الله حق. [ المصدر : صحيح مسلم 11: 191 كتاب الحدود ].
عن عائشة: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها. [ المصدر : صحيح البخاري رقم 1945 كتاب النكاح ].
هذا ما جاء في صحيح البخاري ومسلم. اصح كتابين بعد القرآن كما اجمع علية العلماء الأفاضل.
والمقصود من اللحن هو الخطأ ، وقد روي عن عثمان بن عفان بطرق كثيرة دعوى وجود اللحن في القرآن، ولا بأس بذكر بعضها.

1- قال ابوعبيد في فضائل القرآن: حدثنا حجاج، عن هارون بن موسى، قال أخبرني الزبير بن خريت، عن عكرمة، قال: لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان، فوجد فيه حروفا من اللحن، فقال: لا تغيروها فإن العرب ستغيرها، أو قال ستعربها بالسنتها، لو أن الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف. [ المصدر : فضائل القرآن ج 2 ص 171 ] .
قال السيوطي بعد نقل هذا الخبر في الإتقان: أخرجه ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان ، وابن أشتة في كتاب المصاحف. أقول: والخبر صحيح على شرط البخاري ومسلم.
2 - قال أبوبكر بن أبي داود : حدثنا ابوحاتم السجستاني، حثنا عبيد بن عقيل، عن هارون ، عن الزبير بن الخريت، عن عكرمة الطائي، قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئا من لحن، فقال: لوكان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا. [ المصدر : كتاب المصاحف ص 142 ] .
3 - وقال الحافظ عمر بن شبة النميري في تاريخ المدينة المنورة : حدثنا عمرو بن مرزوق، قال حدثنا عمر بن القطان ، عن عبدالله بن فطيم، عن يحي بن يعمر، قال: قال عثمان رضي الله عنه: إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بالسنتها.) - [ المصدر : تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1013 ] .

4وقال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبوداود ، حدثنا عمران بن داود القطان، عن قتادة، عن نصر بن عاصم ، عن عبدالله بن فطيمة ، عن يحي بن يعمر: قال: قال عثمان رضي الله عنه : [ المصدر : إن في القرآن لحنا ، وستقيمه العرب بالسنتها.) كتاب المصاحف ص 42 .

5وقال الحافظ عمر بن شبة في تاريخ المدينة المنورة : حدثنا علي بن أبي هاشم، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن عبدالأعلى بن عبيدالله بن عامر القرشي، قال: لما فرغ من المصاحف أتي به عثمان رضي الله عنه، فقال:(قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها) [ المصدر : تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1013 ] .

6وقال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا المؤمل بن هشام، حدثنا إسماعيل بن الحارث بن عبدالرحمن ، عن عبدالأعلى بن عبدالله بن عامر القرشي، قال: لما فرغ من المصحف أتي به عثمان ، فنظر فيه ، فقال:( قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بالسنتها - [ المصدر : كتاب المصاحف ص 41 ] .

هذه بعض طرق الحديث ، ذكرناها ليتضح تعدد طرقه مضافا لصحة سنده، وقد حاول عدة الطعن في هذا الحديث ، ولكنه صحيح وفقاً لقواعد الحديث ، وربما يؤيد بعضه بعضاً ، ولذا قال السيوطي في مقام الرد على من حاول تضعيف الخبر المتقدم: (أما الجواب بالتضعيف، فلأن إسناده صحيح ، كما ترى [ المصدر : الإتقان ج 1 ص  391 ].
قال ابو عبد الله الحاكم في المُستدرك: عن مجاهد، عن إبن عباس في قوله تعالى(لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا) قال: أخطأ الكاتب ، (حتى تستأذنوا).
قال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم. [ المصدر : المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 430 حديث 3496 ط دار الكتاب العلمية ].

وهذا الخبر أخرجه ابو عبيد و الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبري بعدة طرق وإبن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في شعب الايمان و المقدسي في الضياء المختارة - [ الدُرَ المنثور للسبوطي ج 5 ص 69، شعب الإيمان ج 6 ص 427، ح 8801، 8802، 8803، 8804 ، تفسير الطبري ج 18 ص 109 ].

قال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في فضائل القرآن: حدثنـا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، قال : سألت عائشة عن لحن القرآن ، عن قوله (إن هذان لساحران) ، وعن قوله (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) ، وعن قوله : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون). فقالت: هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب. [ المصدر : فضائل القرآن ج 2 ص 103 ح 563 ] .

قال السيوطي بعد إيراد هذا الخبر في الإتقان : هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. [ المصدر : الإتفان في علوم القرآن ج 1 ص 388 النوع 41 ، المصاحف لإبن أبي داوود ص 43 ] .
عن حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام، قال قلت لأبان بن عثمان: ما شأنها كتبت (والمقيمين) ؟ فقال : إن الكاتب لما كتب قال: ما أكتب؟ قيل له: أكتب( والمقيمين الصلاة). [ المصدر : فضائل القرآن ج 2 ص 104 ح 565 ] .
وقال أبو بكر بن ابي داود في المصاحف : حدثنا اسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال أخبرنا حماد، عن الزبير أبي خالد، قال: قلت لأبان بن عثمان: كيف صارت (لكن الراسخوان في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) ما بين يديها ومن خلفها رفع، وهي نصب؟ قال: من قبل الكتاب ، كتب ما قبلها ثم قال: أكتب؟ قال: أكتب (المقيمين الصلاة) ، فكتب ما قيل له. [ المصدر : كتاب المصاحف ص 42 ] .
أقول: وذهـب الى خطأ قـراءة قـولـه تعالى(إنّ هذان لساحران) من علماء السنة أبو عمرو وهو زبان بن العلاء التميمي أحد القرآء السبعة.(قال فيه الذهبي: و كان من أهل السنة و قال يحيى بن معين: ثقة) [راجع سير أعلام النبلاء ج 1 ص 241 رقم 1012ٍ].
نقل ذلك عنهما عدة من المفسرين منهم الطبري والقرطبي والفخر الرازي. [ تفسير الكبير للفخر الرازي ج 22 ص 74 ، تفسير الطبري ج 16 ص 181، تفسير القرطبي ج 11 ص 226 ].
وقد روي نحو ذلك عن سعيد بن جبير فيما أخرجه أبوبكر بن ابي داود حيث قال: عن أشعث ، عن سعيد بن جبي ، قال : في القرآن أربعة أحرف لحن : (الصابئون) و(المقيمين) ، و(فأصدّق وأكن من الصالحين) و(إن هذان لساحران). [ المصدر : كتاب المصاحف ص 42 ] .

قال الطبري بشأن الآية(31) من سورة الرعد: عن عكرمة، عن ابن عباس ، أنه كان يقرؤها(أفلم يتبين الذين آمنوا) ، قال : كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس . [ المصدر : تفسير الطبري ج 18 ص 136 ].
وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: حدثنا إبن أبي مريم ، عن نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة ، قال : إنما هي (أفلم يتبين). [ فضائل القرآن ج 2 ص 123 ح 624 ].
وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن إبن عباس أنه قرأ (أفلم يتبين الذين آمنوا) ، فقيل له إنها في المصحف (أفلم ييأس) فقال : أظن الكاتب كتبها - وهو ناعس [ المصدر : الدر المنثور ج 4 ص 118 ] .
وقال إبن حجر العسقلاني في فتح الباري : وروى الطبري وعبد بن حميد باسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن إبن عباس أنه كان يقرأها (أفلم يتبين) ، ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس - [ فتح الباري ج 8 ص 475 ] .
قال السيوطي في الإتقان:… وما أخرجه سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى(وقضى ربك) إنما هي (ووصى ربك) التصقت الواو بالصاد.
قال السيوطي : وأخرجه ابن أشتة بلفظ : إستمد الكاتب مداداً كثيراً ، فإلتزقت الواو بالصاد.
قال السيوطي أيضاً : وأخرجه من طريق أخرى عن الضحاك أنه قال : كيف تقرأ هذا الحرف؟ قال: (وقضى ربك) - قال: ليس كذلك نقرؤها نحن ولا إبن عباس ، إنما هي(ووصى ربك) وكذلك كانت تقرأ وتكتب، فاستمد كاتبكم فاحتمل القلم مدادا كثيرا، فالتصقت الواو بالصاد، ثم قرأ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) ولو كانت قضى من الرب لم يستطع أحد رد قضاء الرب ، ولكنه وصية أوصى بها العباد. [ المصدر : الإتقان في علوم القرآن ج 1 ص 39 ] .

وأخرج نحو ذلك الطبري وأبو عبيد وإبن المنذر [ تفسير الطبري ج 15 ص 63 .

وقال الحافظ ابن حجر بشأن الخبر المتقدم : أخرجه سعيد بن منصور باسناد جيد. [ المصدر : فتح الباري ج 8 ص 475 ].
قال السيوطي:… وما أخرجه ابن أشتة وإبن ابي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: ( مثل نوره كمِشكاة) .
قال: هي خطأ من الكاتب ، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، إنما هي (مثل نور المؤمن كمِشكاة). [ المصدر : الإتقان ج 1ص393 ].
وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ، أنه كان يقرأها : (مثل نور المؤمنين كمشكاة فيها مصباح). [ فضائل القرآن ج 2 ص 129 ].
وقال أيضاً : حدثنا خالد بن عمرو ، عن ابي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن ابي العالية، قال: هي في قراءة أبي بن كعب: (مثل نور من آمن بالله) أو قال: (مثل من آمن به). [ فضائل القرآن ج2 ص 130 ].
وقال الحاكم في المستدرك : عن ابن عباس في قوله عزوجل ( الله نور السماوات والأرض مثل نور من آمن بالله كمشكاة) قال: وهي القبّرة، يعني الكوّة.
قال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص : صحيح. [ المُستدرك على الصحيحين ج 2 ص 432 ].
أقول: لا بأس هنا بنقل عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني بشأن نظره في عدة من الروايات حيث يقول بشأن بعض الروايات الواردة في تفسير الآية (31) من سورة الرعد : (وروى الطبري وعبد بن حميد باسناد صحيح كلهم رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها (أفلم يتبين) ، ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس،
ومن طريق ابن جريج قال : زعم ابن كثير وغيره أنها القراءة الأولى، وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عباس وعكرمة وابن ابي مليكة وعلي بن بديمة وشهر بن حوشب وعلي بن الحسين وإبنه زيد ، وحفيده جعفر بن محمد في آخرين قرأوا كلهم (أفلم يتبين). وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد انكار جماعة ممن لاعلم له بالرجال صحته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته الى أن قال: هي والله فرية ما فيها مرية، وتبعه جماعة بعده ، وقد جاء عن ابن عباس نحو ذلك في قوله تعالى:(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) قال: (ووصى) التزقت الواو في الصاد ، أخرجه سعيد بن منصور باسناد جيد عنه، وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد ، ولكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق به) - [ المصدر : تح الباري ج 8 ص 475 ].
قال أبو بكر بن ابي داود في المصاحف : حدثنا ابوالربيع، أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال: ( بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب ، فلما جمع أبوبكر وعمر ).
وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم، وذلك فيما بلغنا حملهم على أن يتتبعوا القرآن، فجمعوه في الصحف في خلافة ابي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن فيذهبوا بما معهم من القرآن، فلايوجد عند أحد بعدهم، فوفق الله تعالى عثمان ، فنسخ ذلك الصحف في المصاحف ، فبعث بها الى الأمصار، وبثها في المسلمين - [ المصدر : المصاحف لأبي بكر بن أبي داود ص 31 ].
وهذا الكلام صريح في نقيصة القرآن الموجود بين الدفتين ، وأن النقص وقع بعد القتال يوم اليمامة في مواجهة مُسيلمة الكذاب.
قال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابوعبيد، وسعيد بن منصور، وابن ابي شيبة ، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري، والطبراني من طرق عن ابن مسعود، أنه كان يقرأ (فإمضوا الى ذكر الله) ويقول: لو كانت (فاسعوا) لسعيت حتى يسقط ردائي.
أقول: وهذا الكلام واضح الدلالة في أن كلمة (فاسعوا) محرفة.
وبسند صحيح عن ابن عمر قال : " لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه! ، قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر". [ المصدر : الدر المنثور 2/298 ].
وكلام إبن عمر هذا نصٌ صريح في سقوط كثير من آي القرآن وفقدانـها ، وهو التحريف المقصود بحدّه وحدوده.
ولكن بعض علماء المسلمين يحاولون ستر ريح ما جاءهم به ابن عمر فقالوا مؤولين متلكئين: إنه قصد بالذي ذهب من القرآن منسوخ التلاو!
وهذا الكلام باطل بلا ريب، لأمور:
1 - ظاهر اللفظ حجة وخلافه يحتاج إلى دليل، فأين الدليل على أن ابن عمر قصد بقوله السابق منسوخ التلاوة؟!، لا دليل إلا الهرب من الفضيحة!
2 - قوله (وما يدريه ما كله؟!) هو استفهام استنكاري يفيد النفي والتعجب من قول من يقول إنه قد أخذ القرآن كاملا وهذا لا يمكن تفسيره بنسخ التلاوة، لأن الله عز وجل في نسخ التلاوة يلغي الآية وينسخها فيحل محلها ويسد نقصها بآية أخرى مكانـها فلا ترفع آية أو تمحى إلا وتنـزل مثلها أو خير منها تقوم مقامها لذا لا تنقص الآيات وإنما تتبدل، وهذا لم يقصده ابن عمر وإنما قصد النقص وذهاب كثير من القرآن وليس في نسخ التلاوة نقص للقرآن وإنما تبديل وإحلال.
قال الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه: "فالعجب كل العجب من كثرة هؤلاء العلماء وجلالتهم من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم القائلين بجواز النسخ لا إلى بدل ووقوعه مع أن الله يصرح بخلاف ذلك في قوله تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) - (البقرة/106). مذكرة أتصول الفقه للشيخ محمد الشنقيطي ص 49.
[ المصادر : فضائل القرآن ج 2 ص 146. الإتقان للسيوطي 2/30 وروح المعاني 1/25 والدر المنثور 2/298 ] .

وعن سورة الأحزاب :
أخرج أحمد بن حنبل في مسنده: "حدثنا عبد الله ثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بـهدلة عن زر عن أبي بن كعب أنه قال: "كم تقرؤون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط! لقد رأيتها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم! قال زرّ: قلت وما آية الرجم؟ قال : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم )". [ المصادر : مسند احمد 5/123 حديث 21245. والاتقان 2/25 ].
هذه الرواية صريحة في أن الأحزاب التي عرفها سيد القرّاء أبي بن كعب كانت ثلاثة أضعاف الموجود، وأنه لم يعهد السورة بـهذا العدد القليل من الآيات فتعجب من سقوط أكثرها، وكما ترى لو كان للضياع أصل يعوّل عليه لما خفي عن مثل سيد القراء أبي بن كعب، وإلا فما معنى أن الرسول أمر الصحابة أن يستقرئوه القرآن بعد عبد الله بن مسعود؟!
وهنا رواية أشكل من سابقتها: "عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمن النبي مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن". [ المصدر : الإتقان 2/25 ].
فإن بين طياتـها اتـهاما لعثمان بتحريف المصاحف وحذف أكثر من مئتي آية من سورة الأحزاب وهذا الكلام موافق للروايات الصحيحة التي أخبرت أن عثمان حذف ستة أضعاف القرآن.
عن زر بن حبيش قال : قال لي أبيُّ بن كعب: كم تقدّرون سورة الأحزاب؟ قلت: إمّا ثلاثاً وسبعين آية، أو أربعاً وسبعين آية. قال: إنْ كانت لتقارن سورة البقرة، أوْ لهيَ أطول منها!! 
وعن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدّون سورة الاحزاب؟ قلتُ: إثنتين أو ثلاثا وسبعين آية. قال : إن كانت لتعدل بسورة البقرة وإنْ كان فيها لاية الرجم. [ المصدر : الدرّ المنثور 5 / 180 ] .
قال إبن حزم في المحلّى عن إسناد هذه الرواية: «هذا إسناد صحيح لا مغمز فيه»  [ المصادر : المحلّى، لابن حزم 11: 234 مسألة 2204. والإتقان 3: 82. ومعالم التنزيل 1: 136. وفواتح الرحموت 2: 73 ] .
نقل السيوطي في تفسير الدّر المنثور عن تاريخ البخاري، عن حذيفة أنّه قال: قرأت سورة الاحزاب على النبيّ، فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها. الدرّ المنثور 5 / 180، في أوّل تفسير سورة الاحزاب. جوامع السيرة ص 277؛ وتقريب التهذيب 1 / 156.
عن زر عن أُبيّ بن كعب قال: كانت سورة الاحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة). المستدرك وتلخيصه 2 / 415، تفسير سورة الاحزاب ؛ والإتقان ، النوع السابع والاربعون في ناسخه ومنسوخه 2 / 25 [  المصدر : تذكرة الحفاظ ص 1405 ؛ وكشف الظنون 1 / 1624 ].
وإذا ما علمت أنّ في سورة البقرة (286) آية، وفي الأحزاب (73) آية فإنّه سيكون المقدار الناقص من آياتها بموجب هذه الرواية (صحيحة الإسناد!!) هو (213) آية أو أكثر من ذلك «أو لهي أطول منها» أمّا مقداره في قول عائشة فهو (127) آية، بينما نجد ابن حبّان في صحيحه يروي عن أبيُّ بن كعب بأن سورة الأحزاب توازي سورة النور، وسورة النور (64) آية. [ راجع: البرهان في علوم القرآن ، للزركشي 2: 41 ـ 42 ].
ومن مراجعة صحيح مسلم، والبرهان للزركشي، والدر المنثور في تفسير سورة البينة، يعلم أنّ إحصاءهم ـ أو قل : تقديرهم لعدد آيات سورة البينة ـ ينقص عما هو عليه اليوم (121) آية؛ لاَنّهم رووا عن أبي موسى الاَشعري وغيره، بأنَّها في الطُّول كسورة براءة _التوبة_ أي: (219) آية! بينما المصحف يشهد على كونها ثمان آيات فقط . [ راجع المصدر : صحيح مسلم 2: 726. والبرهان في علوم القرآن 1: 43. والدر المنثور 8: 587 ].
على أنّ ما قدمناه أهون بكثير من إحصاء عمر بن الخطاب لحروف القرآن الكريم كما في رواية الطبراني ، وقد شهد على ذلك السيوطي في الاِتقان، وإليك نص ما نسبه إلى عمر من أنَّه قال: «القرآن ألف ألف حرف، من قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين».  [ المصادر : الإتقان في علوم القرآن : 242 ـ 243. كنز العمال 1 / 460، الحديث 2309 و ص 481، الحديث 2427؛ والاتقان 1 / 72 في آخر النوع التاسع عشر في عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ؛ والدرّ المنثور 6/ 422.تذكرة الحفاظ ص1118؛ وكشف الظنون 1 / 2 وذيله ص 648؛ وهدية العارفين 1 /  648 ].
وهنا لابدّ من وقفة قصيرة فنقول : إنّ المنقول في إحصاء حروف القرآن هو: عن إبن مسعود: (322670) حرفاً.
وعن ابن عباس قولان: أحدهما: (323621) حرفاً.
والآخر: (323670) حرفاً.
وعن مجاهد: (320621) حرفاً.
وعن إبراهيم التيمي: (323015) حرفاً.
وعن عبد العزيز بن عبدالله: (321200) حرفاً.
وعن غير هؤلاء: (321000) حرفاً.
بينما نقل الزركشي : أنّهم عدّوا حروف القرآن فكانت ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف وسبعمائة وأربعون حرفا. البرهان في علوم القرآن 1 / 249.وبناء على ما روي عن الخليفة عمر ، فقد ذهب ثُلثا القرآن!
وكلّ هذه الإستقراءات ذكرها الفقيه أبو الليث نصر بن محمّد السمرقندي في كتابه : [ كتابه بُستان العارفين والمطبوع بذيل كتاب تنبيه الغافلين في الموعظة بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين : 457 الباب 149 ].
بيد أنّ المنقول عن أكثر القراء هو : (323671) حرفاً.
الإختلاف كبير جدّا في عدد الآَيات بين العلماء، قال السيوطي تعديد الآي من معضلات القرآن ونقل عن الموصلي : إختلفَ في عدّ الآَي أهلُ المدينة ومكّة والشام والبصرة والكوفة ، ولأهل المدينة عددان [ المصدر : الإتقان 1/1-232 ] .


سورة التوبة
لقد جاء في روايات عديدة وصحيحة أن حذيفة بن اليمان كان يتحسف من تسمية الناس لهذه السورة باسم سورة التوبة وهي في الأصل سورة العذاب لأن الناس يقرؤون ربعها فقط! فالتي نزل بـها جبريل على محمد أضعاف الموجود ، وهذا ما أخرجه: " ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: التي تسمّونـها سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ، ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها " [ المصدر : مجمع الزوائد 7/28 سورة التوبة ] ، وأيضاً [ المُثنف لإبن ابي الشيبة 10/509 حديث 10143 ] . وأيضاً [ المستدرك على الصحيحين 3/208 ] ، وأيضاً [ المصدر : الدر المنثور 3/208 ] .
وأخرج الحاكم في موضع آخر بسنده : " عن حذيفة رضي الله عنه قال: ما تقرؤون ربعها يعني براءة وهي سورة العذاب". [ المصدر : المستدرك 2/230 ].

وفي مجمع الزوائد: "عن حذيفة قال : تسمون سورة التوبة وهي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها". [ المصدر : مجمع الزوائد 7/2 ].
ويا ليت أمرها اقتصر على الروايات فقط، بل تعداه إلى ما يعتقده القوم! حتى ذهب إمام المالكية مالك بن أنس إلى أن سورة براءة –التوبة- سقط منها الكثير عندما سقطت البسملة، وهذا ما ذكره الزركشي في البرهان عن الإمام مالك بن أنس حين تعرضه لأسباب سقوط البسملة من أوّل براءة فقال الزركشي :" وعن مالك أنّ أوّلـها لما سقط سقطت البسملة" - [ المصدر : البرهان في علوم القرآن 1/263 ].
وذكره السيوطي في الإتقان: " وعن مالك أن أوّلـها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنـها كانت تعدل البقرة لطولـها ". [ المصدر : الإتقان 1/65 ].
وقد وافق إبن حزم قول الشيعة ، حيث قال في الإحكام: وأيضا فقد روي عن البراء أن آخر سورة نزلت سورة براءة وبعث النبي بـها فقرأها على أهل الموسم علانية ، وقال بعض الصحابة وأظنه جابر بن عبد الله ما كنا نسمي براءة إلا الفاضحة. قال أبو محمد –ابن حزم-: فسورة قرئت على جميع العرب في الموسم وتقرع بـها كثير من أهل المدينة ومنها يكون منها آية خفيت على الناس؟! هذا ما لا يظنه من له رمق وبه حشاشة. [ المصدر : الأحكام لابن حزم 6/266-268 .

وفي تفسير " سورة التوبة من الدرّ المنثور للسيوطي " قال :
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الاوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: الّتي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب. واللّه ما تركت أحدا إلاّ نالت منه ، ولا تقرأون منها ممّا كنّا نقرأ ربعها. [ المصادر : تفسير التوبة من الدرّ المنثور 3 / 208؛ تذكرة الحفاظ ص 432 و ص 945 ، وكشف الظنون 2 / 1711. مادّة المصنف ، ولُباب الأنساب لإبن الاثير 1 / 331 ؛ وكشف الظنون ص 1406 ؛ وهدية العارفين 1 / 447 ] .
روى الحاكم بسندٍ صحّحه: عن حذيفة بن اليمان ـ العالم بأسماء المنافقين ـ أنّه قال عن سورة براءة: ما تقرأون ربعها ، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة ، وهو سورة العذاب [ المصدر : المستدرك على الصحيحين 2/ 33 ] .
وفي نقل آخر: التي تسمّونها سورة التوبة هي سورة العذاب ، والله ما تركتْ أحدا إلا نالتْ منه، ولا تقرأون إلا ربعها. [ المصدر : الدرّ المنثور 3/20 ].
وفي الاتقان: قيل لبراءة : الفاضحة. [ المصدر : الاتقان 1 / 56 والدرّ المنثور 3 / 208 ].
وفي الإتقان قال: قال مالك : إنّ أوّلها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة. [ المصدر : الإتقان 1 / 67 .
وسورة براءة في القرآن(129) آية، فمقتضى الحديث أنّها(516) يعني تقرب من ضعفي سورة البقرة أكبر سور القرآن!. [ المصادر : المصنف للصنعاني ج 7 ص 330، حديث رقم 13363 ، وأيضاً : التمهيد في شرح الموطأ . ج 4 . ص 275 ، شرح حديث 21 ].


ماذا قالوا عن الْمُعَوِّذَتَيْن؟
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى. [ رواه أحمد في مسند الأنصار (6/154) ح 20683. مجمع الزوائد 152 / 7  ] 
وروى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعودٍ لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة.[ المصدر : تفسير القرآن العظيم لإبن كثير(1/9)، وإنظر أيضاً : فتح القدير للشوكاني (1/62)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18 / 1 ].  
وعن ابن سيرين أن أُبَيَّ بن كعبٍ وعثمانَ كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين، ولم يكتب ابن مسعودٍ شيئًا منهن. رواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن نصر [ المصدر : المروزي في تعظيم قدر الصلاة ، انظر فتح القدير (1/62) . [
وأما المعوذتان، إنه كان يَحكهما ، ويقول : لا تخلطوا به ما ليس منه. يعني المعوذتين. [ الإنتصار لنقل القرآن ص 93  ].
ويدل على ذلك ما رواه ابن أبي داود عن أبي جمرة قال: أتيت إبراهيم بمصحفٍ لي مكتوبٍ فيه : سورة كذا، وكذا آية، قال إبراهيم: امحُ هذا، فإن ابن مسعودٍ كان يكره هذا، ويقول : لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه. [ المصدر : رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف ، باب كتابة الفواتح والعدد في المصاحف ص 154 ].
روي بعدة أسانيد في كتب السنة، بأن عبد الله بن مسعود كان يرى أن المعوذتين ليستا من القرآن الكريم، وروي عنه نحو ذلك بشأن سورة الفاتحة.
عن زر، قال: سألت أبي بن كعب، قلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبي: سألت رسول الله فقال لي: قيل لي فقلت، فنحن نقول كما قال رسول الله [ راجع : فتح الباري ج 8 ص 962 ].
وقال ابو بكر بن أبي شيبة في المصنف: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله محا المعوذتين من مصاحفه، وقال لا تخلطوا فيه ما ليس منه. [ المصدر المصنف ج 6 ص 146 ].
وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و(اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد) وتركهن إبن مسعود، وكتب عثمـأن منهـن فاتحة الكتاب والمعوذتين). [ المصدر : فضائل القرآن ج 2 ص 144 ] .
وقال الراغب الأصبهاني في المحاضرات: وأثبت إبن مسعود في مصحفه (لو كان لأبن آدم واديان من ذهب لابتغى اليهما ثالثا ويملاء جوف إبن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. [ المصدر : محاضرات الأدباء ج 2 ص 433 ] .

الى أن قال: وأثبت ابن مسعود (بسم الله) في سورة البراءة.

الى أن قال: وأسقط ابن مسعود من مصحفه أم القرآن والمعوذتين.

وقال ابن الجوزي في فنون الأفنان في بيان عدد سور القرآن:

(أما سوره، فقال ابو الحسين بن المنادي: جميع سور القرآن في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين مائة وأربع عشرة سورة، فيهن فاتحة الكتاب والتوبة والمعوذتان، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا.

وجملة سوره على ما ذكر عن أبي بن كعب مائة وستة عشرة سورة، وكان ابن مسعود يسقط المعوذتين، فنقصت جلته سورتين عن جملة زيد، وكان زيد يلحقهما ويزيد اليهما سورتين، وهما الخلع والحفد) . [ المصدر : فنون الأفنان في عيون القرآن ص 233، 234، 235 ] .

قال الحافظ ابن حجر رداً على من ضعف الخبر المتقدم: والطعن في الرواية الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل. [ المصدر : فتح الباري ج 8 ص 964 ] .

[ المصادر الرئيسية المستعان بها لتوثيق المعلومات هي : الدرّ المنثور للسيوطي 6 / 416. الاتقان 1 / 81 و1 / 67 ؛ ومسند أحمد 5 / 129 ولفظه: يحكّه من مصاحفه. تقريب التهذيب 1/ 401 ؛ وهدية العارفين 2 / 442.و 1 / 71. و1 / 825. و 1 / 54 و 2 / 44 تذكرة الحفاظ ص1051.و ص 204 و ص 920 و ص 417 ـ 418 بتاريخ بغداد 4 / 334. النوع التاسع عشر: في عدد سوره. البخاري في جزء القراءة، 1 / 113. ؛ تقريب التهذيب 2 / 117؛ تفسير المعوذتين بتفسير ابن كثير 4 / 71. 709؛ ومجمع الزوائد، 7 / 149 فهرست النديم، ط. مصر ، ص 39 ـ 40. [ 

بلغ موقف ابن مسعود من المعوذتين شهرة أغنتنا عن تكلف ذكر أدلته ، فأمره واضح لا يحتاج إلى بيان.
عن مسند الحميدي: "قال ثنا سفيان قال ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بـهدلة أنـهما سمعا زرّ بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين، فقلت: يا أبا المنذر! إن أخاك ابن مسعود يحكـّها من المصحف! قال: إني سألت رسول الله قال: قال لي : قل ، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله. [ مسند الحميدي ج 1 ص 185 حديث 27 ] .
ومن مجمع الزوائد: "عن زر قال: قلت لأبيّ: إن أخاك يحكهما من الصحف!، قيل لسفيان ابن مسعود فلم ينكر، قال سألت رسول الله فقال: فقيل لي، فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله". [ المصدر : مُجمع الزوائد ج 7 ص 149 باي ما جاء في المعوذتين ] .
وعن عبد الرحمن بن يزيد يعني النخعي قال : كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول: إنـهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى.
وعن عبد الله، أنه كان يحك المعوذتين من الصحف، ويقول: إنما أمر النبي صلعم أن يتعوذ بـهما وكان عبد الله لا يقرأ بـهما.
وعن المصنّف لابن أبي شيبة:" حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله مـحا المعوذتين من مصاحفه، وقال: لا تخلطوا فيه ما ليس منه". [ المصدر : المُصنف لإبن أبي شيبة ج 10 ص 538 حديث 10254 ] .

وعنه أيضا: "حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين قال: كان ابن مسعود لا يكتب المعوذتين". [ المصدر : المصنف لابن ابي شيبة ج 6 ص 147 حديث 30212 ].

وعند الشافعي في الأم: "أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا به ما ليس منه". [ المصدر : الام ج 7 / 189 ] .
مسند أحمد: "حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم عن زر قال قلت: لأبي إن أخاك يحكهما من المصحف! فلم ينكر. قيل لسفيان بن مسعود، قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود كان يرى رسول الله يعوذ بـهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته ، فظن أنـهما عوذتان وأصر على ظنه وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه ". [ المصدر : مسند احمد ج 5 ص 130 حديث 21227 ].
وقال ابن جحر العسقلاني في فتح الباري: "وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال : "كان إبن مسعود يحك المعوذتين من مصاحف ويقول إنـهما ليستا من كتاب الله". [ المصادر : فتح الباري بشرح صحيح الباري ج8 743. ومجمع الزوائد ج 7 ص 149 التفسير الكبير للرازي 1/213 .
وقال السيوطي في الإتقان: " وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أُبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع. وأخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أُبيّ بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و(اللهم إناّ نستعينك) و(اللهم إياك نعبد) وتركهن ابن مسعود وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين". [ المصدر : الإتقان 1/65. [ 
البخاري ذكر إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين في صحيحه!
ويكفينا أن إنكار ابن مسعود للمعوذتين قد أخرجه البخاري في صحيحه في (باب تفسير سورة قل أعوذ برب الناس): "عن زر قال: سألت أبي بن كعب قلت: يا أبا المنذر! إن أخاك ابن مسعود يقول: كذا وكذا، فقال أبي : سألت رسول الله، فقال لي: قيل لي، فقلت. قال: فنحن نقول كما قال رسول الله [ المصدر : صحيح البخاري ج 4 ص 1904 حديث 4693 و4692 .
وكما ترى فقد حاول البخاري ستر رائحة ما قاله ابن مسعود ولكنه عجز عن ذلك، فإن ما أبـهمه البخاري بقوله (كذا وكذا) قد بيّنه كثير من أعلام وحفاظ أهل السنة كما مر ، ونص على تستر البخاري رواة الأخبار والمحدثين، فهذا البيهقي يقول بعد ذكره هذه الرواية :  "وأنبأ أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق أنبأ بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بـهدلة أنـهما سمعا زر بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت : يا أبا المنذر أن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف! قال: إني سألت رسول الله، قال: فقيل لي، فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله. رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وعلي بن عبد الله عن سفيان ".  [ المصدر : سنن البيهقي الكبرى ج 2ص 394 حديث 3851 ].
وكذا الحافظ ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد علق على الرواية السابقة بقوله: "هو في الصحيح –أي صحيح البخاري- خلا (حكهما من المصحف) ، رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح ". [ المصدر : مجمع الزوائد 7/149 ].
اذا إتضح إلى هنا أن الروايات صريحة في إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين ، بل إن بعضها يفيد أن موقف ابن مسعود كان معروفا ومشهورا بين الصحابة والتابعين.
فقدان سورتين إحداهما تعدل التوبة وأخرى المسبحات !  .
أخرج مسلم في صحيحه: "عن أبي الأسود ظالم بن عمرو قال: بَعثَ أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجلٍ قد قرءوا القرآن. فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم. فأتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنـّـا كنّـا نقرأ سورةً كنّـا نشبِّهـها في الطّول والشّدة ببراءة، فأنْسيتُها، غير أنّي قد حفظت منها: (لو كان لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب) وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبـّـهها بإحدى المسبِّحات فأنسيتها غير إنّي حفظت منها "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادةٌ في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة". [ صحبح مسلم ج 3 ص 100 وبشرح النووي ج 7 ص 139-140 الاتقان في علوم الران 1/64 ].
وفي الدر المنثور: وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها (إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم). [ المصدر : الدر المنثور 1/105 ].
وفي مجمع الزوائد : "عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحوا من براءة فرفعت ، فحفظت منها ( أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم )". [ المصدر : مجمع الزوائد 5/302 ].
والسؤال هنا: أين ذهبت هاتان السورتان؟ ، ولماذا لم يذكرهما غير أبي موسى الأشعري؟ وكيف أثبتوا ما ليس من القرآن فيه برواية آحاد؟ أسئلة كثيرة لا جواب عنها إلا تحريف القرآن بالزيادة أو النقيصة، كما مر سابقاً.

ترك كتابة سورة الفاتحة
قال القرطبيّ: أجمعت الاُمّة على أنّ الفاتحة من القرآن.
فإنْ قيل : لو كانتْ قرآنا لأثبتها عبدُ الله بن مسعود في مصحفه، فلمّا لم يُثبتْها دلّ على أنّها ليست من القرآن، كالمعوّذتين عنده.
فالجوابُ: ما ذكره أبو بكر الأنباريّ: قيل لعبد الله بن مسعود: لِمَ لمْ تكتبْ فاتحة الكتاب في مصحفك؟ قال: لو كتبتُها لكتبتُها مع كلّ سورة.
قال أبو بكر: يعني إختصرتُ بإسقاطها ، ووثقتُ بحفظ المسلمين لها. [ المصدر : تفسيرالقرطبي 1/ 114 ].
وروى السجستانيّ عن ابن مسعود أنّه أسقطَ (ولا يلتَفِتْ منكمْ أحَدٌ) من الآية(18) من سورة(52) هود. [ المرجع : المصاحف ص73 ] .
يقرأ؟ قال: قال أبو الدرداء لعلقمة النخعيّ: تحفظُ كيف كان عبدُ الله بن مسعود قلت: نعم، قال (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) .
1- (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى).
2- (………والذَّكَرَ وَالأُنْثَى).
3- (قال علقمةُ : فقلتُ:والذكر والاُنثى).
قال أبو الدرداء: والله الذي لا إله إلاّ هو، لهكذا أقْرأني رسولُ الله من فيهِ إلى فيَّ، فما زالَ هؤلاء حتّى كادوا أنْ يردّوني عنها. [ المصدر : أمالي المحاملي ص112 ح72 ].
وفي (البخاري 8/ 77) : هؤلاء يريدونني على أنْ أقرأ: (وما خلق الذكر والاُنثى) ، والله، لا اُتابعهم. (أخرجه مسلم وأحمد) قال إبن حجر في (فتح الباري: 8707) هؤلاء : يعني أهل الشام.
زيادة (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ): روى السجستاني في (المصاحف ص65) عن ميمون بن مهران ، وتلا هذه السورة:(وَالْعَصْرِ) 1(إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
2- (إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ……….. وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
3- ذكر أنّها هكذا في قراءة ابن مسعود، أي بحذف (…وَتَوَاصَوْا بِالحَق…).


سورتي الحَفد والخلع للقرآن!
هذا نص سورة الخلع: "اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك ونَخْلَعُ ونـَــتـْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك"
ونص سورة الحفد:
"اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ " .

روايات المسلمين القائلة أنـهما قرآن منزّل!
لنستعرض بعض رواياتـهم التي تدل على أنـهما سورتان كغيرهما من سور القرآن، وأن بعض الصحابة كان يقرأ بـهما في صلاته بل ومنهم من يحلف بالله أنـهما نزلتا من السماء ، وتارة أخرى تخبرنا الروايات كتابة بعض الصحابة للسورتين بين سور مصاحفهم ، وهاك نبذة منها :

النص على كونـهما سورتين :
وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين (اللهم إياك نعبد) (واللهم إنا نستعينك). وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قنت عمربالسورتين. وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أن عمر قنت بـهاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد). [ الدر المنثور ج 6 ص 420 ].
وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال: كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين:(اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد). وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال يقرأ في الوترالسورتين:(اللهم إياك نعبد)(اللهم إنا نستعينك ونستغفرك).
"وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال: نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات ".
عن أبي اسحاق قال: أمّـنـاً أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بـهاتين السورتين (إنا نستعينك) و(نستغفرك). [ المصدر : محمع الزوائد 7 157. والإتقان في علوم القرآن 3/36 ].
وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال كان أبو عبد الرحمن يقرئنا (اللهم إنا نستعينك) زعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله كان يقرئهم إياها ". [ المصدر الدر المنثور ج 6 ص 422 ].
وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك) قال أنس: والله إن أنزلتا إلا من السماء! . [ المصدر : الدر المنثور . ج6 . ص 420 ].
كما أضاف قائلاً : ولا أرى نصوصاً هي أوضح وأجلى بيانا مما سبق في إثبات كونـهما سورتين كغيرهما من سور القرآن.


دمج بعض الصحابة لـهما في المصحف
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه". الاتقان في علوم القرآن 2/35-37
وفي مصحف ابن مسعود مائة وإثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين ، وفي مصحف أُبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع.
وأخرج ابن أبى شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك …) ، وزعم عبيد أنه بلغه انـهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود ". [ المصدر : الدر المنثور ج 6 ص421 ].
قد يقال إن تلك الروايات التي تحكي كتابة السورتين في مصحف كل من أَبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس لا يستفاد منها أنـهم ألحقوها بالمصحف كسورتين مثل بقية سور القرآن وإنما كتبتا كذكر ودعاء في آخر المصحف حتى يسهل إيجادهما وقراءتـهما، فليس كل ما يضاف في آخر المصحف يعتبر من القرآن المنـزل، وهذا أشبه بما يفعل اليوم من دمج دعاء ختم القرآن في آخره وهذا لا يعني أنه دمج كسورة في المصحف.
وهذا الكلام غير صحيح ، لأن الروايات صريحة في كونـهما سورتين ولم يعهد التعبير بالسورة عن الدعاء، وقد صرحت رواياتـهم عن كيفية وضع أبي بن كعب هاتين السورتين في مصحفه وكيفية ترتيبهما، وهذا بيانه: قال ابن أشته في كتاب المصاحف: أنبأنا محمد بن يعقوب، حدثنا أبو داود حدثنا أبو جعفر الكوفي قال: هذا تأليف مصحف أُبيّ: الحمد ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران ثم الأنعام ثم الأعراف ثم المائدة ثم يونس ثم الأنفال - إلى أن يقول - ثم الضحى ثم ألم نشرح ثم القارعة ثم التكاثر ثم العصر ثم سورة الخلع ثم سورة الحفد ، ثم ويل لكل همزة … إلخ". [ المصدر : الإتقان في علوم القرآن 1/64 طبعة الحلبي ].
وقال النديم في الفهرست: "اب ترتيب القرآن في مصحف أبي بن كعب: … الصف، الضحى، ألم نشرح لك، القارعة، التكاثر، الخلع ثلاث آيات، الحفد ست آيات اللهم إياك نعبد وآخرها بالكفار ملحق، اللمز، إذا زلزلت، العاديات، أصحاب الفيل، التين، الكوثر، القدر، الكافرون، النصر، أبي لهب، قريش، الصمد، الفلق، الناس، فذلك مائة وستة عشر سورة قال إلى هاهنا أصبحت في مصحف أبي بن كعب وجميع آي القرآن في قول أبي بن كعب ستة آلاف آية ومائتان وعشر آيات ، وجميع عدد سور القرآن". [ المصدر . [ الفهرست ج 1 ص 40 ].
فالكل مُتفق على أن السورتين وقعتا بين السور، وترتيبهما بـهذا النحو في مصحف أبي بن كعب شاهد على أنـهما دمجتا كسورتين من سور المصحف لا كدعاء ألحق في آخر صفحاته! بل إن راوي الرواية قد صرّح بكونـهما سورتين، فجزئيتهما واضحة لا غبار عليها ، ومما يزيد الأمر وضوحاً هذه الرواية : وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي قال: " قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أُبيّ بن كعب هاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك)، والأخرى، بينهما (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ) قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من الفصل " [ المصدر : الدر المنثور ج 6 ص 420 ] .
وواضح من موضع السورتين في المصحف أن دمجهما كان باعتبار قرآنيتهما وإلا لو كانت دعاءً لما صح أن توضع بين السور بل توضع في آخر المصحف أو في هامش الصفحات ، وهذا التقريب ليس بذاك الشيء بعد صراحة الروايات السابقة ونصها على أنـهما سورتان.


عثمان بن عفان
ثالث الخلفاء الراشدين

ولي عثمان الحكم بعد عمر بن الخطاب وعمره 68 عامًا، في عهده سقطت الدولة الساسانية ، وفتح المسلمون قبرص ، وأمر بإنشاء أول أسطول إسلامي للحد من سيطرة البيزنطيين على مياه البحر المتوسط. 
مات مقتولاً - في الفتنة الكبرى - وهو جالس في منزله يقرأ القرآن. 
من أهم أعماله : حرق ما عُرف بإسم : ( كتاب القرآن ) ، وإعادة نسخه من جديد وإرسال نسخ منه إلى مُختلف البلاد الإسلامية.

على إبن أبي طالب

هو إبن عم محمد صاحب شريعة الإسلام ومُشترعها ، والرابع في الخلفاء الراشدين ، بايعه المسلمون بعد مقتل عثمان بن عفان ، قام فور توليه الخلافة بعزل ولاة الدولة السابقين ، وتعيين ولاة آخرين يثق بهم. 
وتخللت فترة حكمه الفتن والمعارك التي أثرت كثيراً في مستقبل تاريخ العالم الإسلامي كمعركة الجمل ضد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ، ومعهما عائشة بنت أبي بكر الذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان ، وإنتهت بمقتل طلحة والزبير وإنتصار علي. ومعركة صفين ضد معاوية بن أبي سفيان الذي طالب كذلك بدم عثمان ، وإن كان بعض المؤرخين يرجعون ذلك لأغراض سياسية ، ولتعارض المصالح ، وقُتِل علي على يد عبد الرحمن بن ملجم الخارجي ، وبويع ولده الأكبر الحسن بعد موته.


{ قائمة الخلفاء الراشدين }

1 - أبو بكر الصديق     11 هـ - 13 هـ      50 ق هـ - 13 هـ
2 - عمر بن الخطاب    13 هـ - 23 هـ      40 ق هـ - 23 هـ
3 - عثمان بن عفان     23 هـ - 35 هـ      47 ق هـ - 35 هـ
4 - علي بن أبي طالب  35 هـ - 40 هـ      23 ق هـ - 40 هـ

في عهد الخلافة الراشدة أصبحت الدولة الإسلامية أقوى دول العالم عسكريا آنذاك وأوسعها رقعة، حيث ضمت الدولة الإسلامية شبه الجزيرة العربية والشام والعراق ومصر وأفريقية، و فارس، وخراسان.


رابعاً - إتمام غزو بلاد الشام والعراق
واصل أبو بكر الصديق فتح البلاد ، وكانت أهم فتوحاته فتح بلاد الشام وفتح العراق. فأرسل جيش خالد بن الوليد إلى الكوفة بالعراق ( وإستطاع خلال بضعة أشهر فتح أكثر من نصف العراق ، ولم يجبر أحداً على الدخول في الإسلام ). 
وأرسل جيش أبي عبيدة بن الجراح إلى حمص. وأرسل جيش يزيد بن أبي سفيان إلى دمشق. 
وأرسل جيش شرحبيل بن حسنة إلى الأردن. وأرسل جيش عمرو بن العاص إلى القدس.

رابعاً - إتمام غزو مصر
بعد أن نجح عمرو بن العاص في تحقيق أهدافه في مصر ، والتي هي إتمام غزوها ، ثم إحتلالها إحتلالاً إستيطانياً ، منذ أن بدأت أولى معاركة ضد الرومان لإتمام الغزو في العام العشرون من الهجرة ، والموافق لعام 641 م - ثم كان إتمام غزوها ، بالإنتصار على جيوش الروم ، وإسقاط قبضتهم من حكمها بتاريخ العام الحادي والعشرون من الهجرة ، والموافق لعام 642 من الميلاد ، بدأ في إرساء قواعد الحكم الإسلامي فيها ، حيث أنه بعد أن إستطاع إحكام قبضته على كامل عموم مصر ، بمساعدة المقوقس - والي الروم في مصر - جرت عدة معارك من قبل جيوش هرقل ملك الروم ، الذي ما إن علم بفعلة المقوقس ـ حتي بادر بإرسال أوامره للحاميات الرومانية المنتشرة في ربوع مصر من أجل التصدي لجيوش العرب المسلمين ، ومنعهم من دخولها ، ولكن ، كان النصر حليف المسلمين ، الذين تمكنوا بعد عدة مواقع حربية ، شهدت خلالها العديد من المواجهات الدامية ، وسقط الآلاف من القتلي والجرحي من الجيشين ، من إحتلال مصر ، وإرساء دعائم حكمهم فيها ، بمباركة الخليفة المسلم " عمر بن الخطاب " ، الذي ما إن علم بنبأ إنتصار المسلمين ، فرح فرحاً عارماً ، وبدأ بذلك عهد الولاية الإسلامية في مصر ، بداية بولاية عمرو بن العاص لمصر ، والتي بدأت في سنة 642 م ، وإستمرت لفترة ، ثم تولي من بعده ولاية مصر في فترة حكم ( الخلفاء الراشدين ) ، عدد من الولاة المسلمون الآخرون ، وكان إحتلال العرب المسلمين لمصر ، إحتلالاً إستيطانياً .

يتبع في الفصول القادمة - بداية عهد حكم الولاة المسلمون لمصر

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة

التصنيفات
تاريخ البطاركة201 مقالات تاريخية67 تاريخ الحضارة المصرية القديمة46 مقالات متنوعة27 مقالات في التاريخ24 تاريخ الكتاب المقدس23 أبحاث تاريخية21 مصر في العصر اليوناني21 تاريخ مصر القديم16 تاريخ مصر في العصر الروماني16 تاريخ الإمبراطورية الرومانية15 الاباطرة الرومان14 تاريخ مصر في عصر الإسلام14 تاريخ مصر في عصور الإسلام13 قسم المخطوطات13 تاريخ الحروب الصليبية | موسوعة شاملة في تاريخ الحملات الصليبية12 موسوعة الحروب الصليبية12 تاريخ البدع والهرطقات11 مقالات متنوعة في التاريخ11 موسوعة آباء الكنيسة11 أبحاث تاريخية | تاريخ المتاحف الكبرى في مصر والعالم10 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية10 موسوعة الكنائس والأديرة10 تاريخ الرهبنة المصرية9 تاريخ الكنيسة9 تاريخ الحروب الصليبية8 دراسات في تاريخ الكنيسة القبطية8 تاريخ الكون6 موسوعة الآباء الرهبان6 بطاركة الإسكندرية5 أبحاث تاريخية | تاريخ الجامعات المصرية4 تاريخ البطالمة4 تاريخ الحملات الصليبية | مشاهير قادة الجيوش الصليبية4 دراسات في التاريخ العربي الإسلامي4 مكتبة المرئيات4 أبحاث تاريخية | تاريخ الأسكندرية عبر العصور3 أبحاث تاريخية | حريق القاهرة في يناير عام 1952م3 تاريخ الجامعات المصرية3 تاريخ الحضارات الإنسانية الأولى3 تاريخ روما القديم3 تاريخ مصر في عصور الإسلام | العصر العثماني | الأسرة العلوية3 مصر في العصر الجمهوري3 مصر في العصر اليوناني | مقدمة3 أبحاث تاريخية | الإسكندر الأكبر2 أبحاث تاريخية | التاريخ المصري القديم2 أبحاث تاريخية | الحروب الصليبية في تاريخ مصر2 أبحاث تاريخية | المتحف المصري2 أبحاث تاريخية | تاريخ الكنيسة2 أبحاث دينية ولاهوت2 التاريخ الطبيعي للأرض2 تاريخ الانسان الاول2 تاريخ البطاركة | مقدمة عن تاريخ الكنيسة القبطية2 تاريخ الثورات في مصر2 تاريخ مصر في العصر الجمهوري2 تاريخ مصر في العصر الروماني | فصل خاص عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ما بعد الإسلام2 تاريخ مصر في العصر اليوناني2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الأسرة العلوية2 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأيوبية2 تاريخ مصر في عصر الاسلام | جرائم العرب المسلمين في مصر2 حياة الديناصورات2 مصر في عصر الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مصر في عصور الإسلام | عصر الخلفاء الراشدين2 مقالات في الدين2 أبحاث الكتاب المقدس1 أبحاث تاريخية | أكتشاف الصليب المقدس1 أبحاث تاريخية | تاريخ أقدم القصور في مصر والعالم1 أبحاث تاريخية | تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية | حياة الأسد المرقسي1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر1 أبحاث تاريخية | رحلة العائلة المقدسة إلى مصر21 أبحاث تاريخية | مقدمة عن تاريخ الحملات الصليبية1 أبحاث تاريخية حصرية | الحملة الفرنسية على مصر1 أبحاث تاريخية حصرية | محمد على باشا الكبير | تاريخ الأسرة العلوية1 أبحاث في اللاهوت والعقيدة1 إنسان العصر الحجري ومراحل التطور | تاريخ الإنسان عبر العصور1 التاريخ الطبيعي وأوائل الكائنات1 العصر العثماني | إكتشاف حجر رشيد1 العصر العثماني | الحملة الفرنسية على مصر1 تاريخ الأرض الطبيعي1 تاريخ الإمبراطورية الرومانية الغربية1 تاريخ العالم | القرن الرابع الميلادي1 تاريخ الكون وبداية نشأة الحياة على كوكب الأرض1 تاريخ الكون وبداية نشأة كوكب الأرض | فيديو أحدث الإكتشافات العلمية في مجال علم الفضاء1 تاريخ المسيحية في مصر1 تاريخ مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة الأموية1 تاريخ مصر في عصور الاحتلال | عصر الجمهورية1 جرائم العرب المسلمون في مصر | الكاتب / أشرف صالح1 حضارات ما قبل التاريخ | حضارات ما قبل الطوفان العظيم1 دراسات في الكتاب المقدس1 دراسات في تاريخ الإسلام1 دراسات في تاريخ العالم القديم1 قاموس القديسين والشهداء1 مصر عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية | الدولة العباسية الثانية1 مصر في العصر الإسلامي | مقدمة الكاتب أشرف صالح عن تاريخ العرب القديم ما قبل الإسلام1 مصر في عصر الإسلام1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الإخشيدية1 مصر في عصر الإسلام | الدولة الطولونية | مقدمة عن الدولة الطولونية1 مصر في عصر الإسلام | العصر الأموي1 مصر في عصر الإسلام | العصر العباسي | الدولة العباسية الأولى1 مصر في عصر الإسلام | جرائم عمرو بن العاص | حرق مكتبة الأسكندرية1 مصر في عصر الإسلام | دراسات في تاريخ الإسلام وحكم مصر1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العباسية الرابعة1 مصر في عصر الإسلام | عصر الدولة العثمانية | تاريخ الأسرة العلوية1 مصر في عصر الإسلام | عصر المماليك البرجية الشركسية1 مصر في عصر الإسلام | مصر في عصر الخلفاء الراشدين1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة الأيوبية1 مصر في عصور الإحتلال | عصر الدولة العباسية الثالثة1 مصر في عصور الإحتلال |عصر المماليك1 مصر في عصور الإسلام | العصر الجمهوري1 مصر في عصور الإسلام | عصر الدولة العباسية1 مقتطفات من حياة البطاركة1 موسوعة أقباط مصر1 موسوعة أنبياء العهد القديم1 موسوعة المؤرخون الأوائل1 موسوعة مصر التاريخية الشاملة1 موسوعة مملكة الأرض الجغرافية1