وقد جاءت تفاصيل وصول " تراجان " إلى عرش مصر ، أنه لما مات الامبراطور الروماني نيرڤا في يوم 27 يناير من سنة 98م ، بمرض عرف بإسم " الحُمى " ، حيث كان في ڤيلته في حدائق سالوست ، فجلس على العرش خلفاً له ابنه بالتبني " تراجان ".
وكان تراجان أول امبراطور في تاريخ الإمبراطورية الرومانية ، ينتمي إلى أصول " إسبانية " - حيث أنه مولود في إيتاليكا ، بالقرب من إشبيلية ، وكان جندياً وإدارياً عبقرياً ، وفي الوقت نفسه ، كان متواضعاً ، دخل روما بدون مظاهر إحتفالية ، وبدون صَخب ، ففاز بحب الشعب ، مواصلاً سياسات أغسطس وڤسپاسيان ونيرڤا ، إستعاد مجلس الشيوخ لكامل سلطته في الحكم بدأ شكلاً من الرعاية الاجتماعية الحكومية ، تستهدف ضمان أن الأطفال الفقراء يحصلون على الغذاء والرعاية ، وكانت له رؤية معينة للإمبراطورية ، تبلغ فيها أقصى إمتداد لها في حكمه ، بينما يحافظ على مراقبة لصيقة المالية الدولة - [ الضرائب ] - بدون أي زيادة ، كانت كافية في عهده لدفع النفقات المعتبرة في الميزانية ، ولقد كان المخبرون الذين كان يستخدمهم " دوميتيان " ، لدعم طغيانه طـُرِدوا من روما ، لصيانة ميناء الإسكندرية.
الإمبراطور تراجان
ولد تراجان في 18 سبتمبر 53 م ، في مدينة إيتاليكا ، وإرتقى في صفوف الجيش الروماني ، كان والد تراجان حاكم سوريا في سنة 77 م ـ تم تعيينه القنصل وتقديمهم ابوللودور الدمشقي من دمشق معه إلى روما حوالي 91 م .
الجلوس على عرش الإمبراطورية الرومانية
عندما توفي الإمبراطور الروماني نيرفا - أول الأباطرة الجيدون - الذين حكموا الإمبراطورية الرومانية ،جلس القائد الروماني دومتيانوس ،على عرش الإمبراطورية الرومانية ، وقد تولى الحكم الأمبراطور تراجان يوم 27 يناير سنة 98م ، بإحترام كبير دون حوادث ، ليكون هو الإمبراطور الثاني في الأباطرة الرومان الجيدون .
زيارة الإمبراطور تراجان لمصر ومشاريع الإصلاح
لقد قام المهندس أبوللودور - بتكليف من الإمبراطور " تراجان " - بوضع التصميم الهندسي والتخطيط المعماري المطلوبة لخطة الإصلاح المعماري الشاملة ، والتي وضعها الإمبراطور الروماني " تراجان " بعناية وإهتمام ، تمهيداً لبناء أكثر المباني شُهرة في روما ، وعلى طول نهر الراين ، وقد شهدت الإمبراطورية الرومانية خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني " تراجان " ، أزهي عصورها ، من عدة جوانب ، بفضل المشاريع التي قام بوضعها على طريق خطة التطوير والنهوض بالإمبراطورية الرومانية في مُختلف المجالات.
تراجان وحملاته العسكرية التوسعيٌة
في سنة 116 م ـ قاد الإمبراطور تراجان بنفسه قواته من روما ، ومن سوريا - إلى الشرق والجنوب داخل بلاد الرافدين ، وأوقع بالعاصمة ستيسيفون الواقعة على نهر دجلة في الأسر.
ثم بلغ الإمبراطور تراجان الخليج العربي وبكلمات المؤرخ إدوارد جيبون ، " تمتع بشرف كونه أول جنرال روماني ، وكان الأخير أيضاً ، الذي أبحر في ذلك البحر النائي ". ـ وبالجُملة - كان الإمبراطور " تراجان " رجل ذو طموح لا نهاية له ، كان يحلم بالإبحار من هناك إلى شواطئ آسيا و الهند البعيدة.
الإمبراطورية الرومانية في أقصى إتساع لها في عهد
الإمبراطور تراجان
زيارة الإمبراطور تراجان لمصر وأهم مشاريعه فيها
منذ بداية حكم الإمبراطور " تراجان " فى سنة 98 م ، وكانت أولويات خطته ، هو خوض المعارك التوسعية ، التي نجح في معظمها ، حتي إستطاع أن يصل بالإمبراطور الرومانية ، إلى أقصى إتساع لها عرفته في تاريخها في عصره ، وما إن إنتهى من تلك المهام الجسام ، والتي نالت فيها أوروبا القسط الأكبر من إهتماماته ، قام بزيارة إلى مصر ، حيث أتبع هذه الزيارة ، عدة مشاريع ، الهدف منها هو النهوض بالدولة المصرية ، بإحتسابها إحدى الولايات الرومانية المميزة ، والتي تتمتع بأهمية وخصوصية لدى الإمبراطور ، ومع ذلك تم في عهده مشروعان خطيران في مصر :
المشروع الأول : تطوير الخليج البطليموسي
كان الخليج البطليموسي ، يصل النيل بالبحر الأحمر ، وكان قد مهملاً بشكل كبير ، وإنهارت جوانبه ، فرممه تراجان وزاد طوله كثيراً حتى أوصله إلى بابليون بعد مروره بمدينة عين شمس ، ولا شك أنه الخليج الحالى بعينه ، وقد رُمِمَ مرة ثانية وزيد طوله قليلاً ( نظراً لتحول مجراه ) في العهد الإسلامي.
المشروع الثانى : بناء قلعة بابليون العظيمة
وهى المعروفة بقاياها الآن بقصر الشمع ـ وهو لهذا العهد يشتمل على سِت من أقدم الكنائس المسيحية في القاهرة - أما عند إنشاء هذه القلعة - فلم يكن داخل أسوارها إلا كنيسة واحدة وهى المعروفة الآن بأبي سرجة ، هذا ولعلم القارئ أن قلعة تراجان هذه غير القلعة القديمة التى ذكرها المؤرخ "إسترابو" ، وكان موقعها إلى الجنوب من قصر الشمع بالقرب من دير بابليون الحالي .
حصن بابليون - مصر القديمة
إضطهاد الإمبراطور تراجان للمسيحية
سياسة تراجان مع المسيحيين وإعلان الإضطهاد رسمياً
لقد دارت رسائل بين المؤرخ ، والكاتب الرومانى " بللينى الصغير " ، والإمبراطــــور
تراجان عن أحوال المسيحيين في ذلك العصر ، ويقول بعض المؤرخين أن سياسة تراجان مع المسيحيين ، فكانت غالباً سياسة تسامح وتساهل . يقول بعض المؤرخين أن سياسة تراجان مع المسيحيين ، فكانت غالباً سياسة تسامح وتساهل في البداية ولكن إستشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكي أسقف أنطاكية ، وغيره من ألأساقفة في أيامه يجعلنا في شك من أنه حدث إضطهاد دامي ، سقط فيه مئات الألوف من المسيحيين مابين شهيد ، ومصاب ، ومن شدة وحشية هذا الإضطهاد ، أنه كان لافرق فيه بين رجال ونساء ، شيوخ أو أطفال ، كان الكل يلقى في ساحات التعذيب ، ليلقي مصيرة الأليم ، سواء الألقاء للوحوش الجائعة المفترسة ، أو في آتون النار المتقدة ، أو الوضع في دواليب التعذيب التي كانت تتمزق فيها الأجساد إرباً ، حتى ولو كانوا يعتبرونهم من اليهود ، ولعل تلك الحوادث تعد بمثابة نقطة سوداء في تاريخه .
وقد كان تراجان هو أول إمبراطور أعلن أن المسيحية ديانة محرمة ، ولكي يضع حداً لإنتشار المسيحية ، حكم على كثيرين منهم بالموت ، وأرسل بعضاً آخر إلى المحكمة الإمبراطورية بروما.
القديس أغناطيوس الأنطاكي
أحد شهداء إضطهاد الإمبراطور تراجان للكنيسة
أهم الأحداث المُعاصرة لحكم الإمبراطور تراجان
ثورة اليهود في شمال إفريقيا وإمتدادها لمصر
لقد إشتعلت ثورات اليهود في عدد من البلدان ، خلال السنة الثامنة عشرة من حُكم الإمبراطور " تراجان " ، والتي كانت بدايتها ، سلسلة من المنازعات والمنافسات ما بين اليهود واليونان في شمال افريقيا ، ثم ما لبثت هذه المنازعات والخلافات أن تفاقمت ، حتى آل الأمر على قيام اليهود على الدولة الرومانية ، وإشهارهم بالعصيان فحاول لاوبوس الوالى الرومانى أن يُقمع ثورتهم ، ولكنه لم يستطع أن يتغلب على الثائرين اليهود ، والذين كان يتولى زمام قيادتهم رجلاً يُدعى " لوكاس " ، قادماً من يهود قورينة ، فظل في هذا الأقليم مدة سنتين يحارب الرومان ، وعاثوا في الأرض فساداً حتى أصبحت ولاية ليبيا ، تئن من أهوال هذه الحرب الداخلية ، إلى أن أرسل الأمبراطور أخيراً القائد مارسيوس توربو بجيش جرار إلى مصر لمحاربتهم ، وبعد قتال عنيف ، جرى في عدة مواقع إِنهزم اليهود شر هزيمة ، وقتل ألوف منهم ، وجردوا عقب هزيمتهم من إمتيازاتهم الوطنية تجريداً شرعياً - وبهذه الهزيمة - ضاعت آمالهم وخابت أحلامهم ، فيما ينتظرون من عودة الحرية ـ ووطنهم إليهم ومن ذلك العهد أصبحوا يعتنقون المسيحية أفواجاً أفواجاً.
وفاة الإمبراطور تراجان
لقد قضي الإمبراطور " تراجـــان " - على عرش روما - ثماني سنوات - عبر خلالها بالإمبراطورية الرومانية من القرن الأول الميلادي ، إلى بدايات القرن الثاني الميلادي ـ وكانت وفاته في سنة 117 م .
{ آثار الإمبراطور تراجان في مجال البناء والمعمار }
عامود الإمبراطور تراجان - روما
إرسال تعليق