وتُعد الأسرة السادسة والعشرين هي الأسرة التي إتخذت من سايس عاصمة لحكمها ، ولذا - فيُطلق عليها إسم : " الأسرة السايسية " ، ولقد كانت آخر أسرة مواطنة ( أي من أهل البلد ) ، تحكم مصر قبل الغزو الفارسي وكان مقر حكمها في سايس ، وهذه الأسرة تنحدر من الأصل من الملك " أبسماتيك الأول ". هذا - وتستمد الأسرة السادسة والعشرين أصولها من ملوك الأسرة الرابعة والعشرين ، والتي كانت في الأصل تنتمي إلى دماء أحفاد با كن رع نف.
وبعد الغزوات الآشورية التي وقعت في عهد تنتاماني وطهارقا ، ثم الإعتراف بـ " با كن رع نف " - كملك أوحد على عموم مصر.
ولدى إنشغال الدولة الآشورية بالثورات والحرب الأهلية مول السيطرة على العرش ، قام أپسماتيك بقطع صلاته بالآشوريين ، وعقد تحالفات مع غيغس ملك ليديا، وجند مرتزقة من كاريا واليونان لمقاومة الغارات الآشورية.
ومع تدمير نينوى في 612 ق.م. وسقوط الدولة الآشورية ، حاول أپسماتيك وخلفاؤه إعادة بسط نفود مصر في الشرق الأدنى ، إلا أنهم رُدوا بواسطة البابليين بقيادة الملك نبوخذ نصر ، وبمساعدة المرتزقة اليونانيين ، تمكن الملك وح إب رع ، من صد محاولات البابليين لغزو مصر.
إلا أن الفرس هم من تمكنوا من غزو مصر.
من المعروف عن الأسرة السادسة والعشرون ، أنها حكمت مصر بدايةً من عام 380 قبل الميلاد ، وكان مقر حكمها في سايس.
ووفقاً لما جاء في تاريخ أفريكانوس ، والتي هي معلومات صادقة في معظمها ، وتتفق مع تاريخ المؤرخ المصري مانيتون ، بالأسرة تألفت من تسع ملوك أولهم ستفيناتس (أي تف ناخت الثاني) ، وآخرهم "أپسماتيك الثالث".
وقد كان المؤرخ أفريكانوس صحيحاً حينما ذكر أن أپسماتيك الأول ، ونخاو الأول ، كانا قد حكماً مصر للمُدتين 54 عاماً وثمانية أعوام.
تاريخ ملوك الأسرة السابعة عشر
نخاو با الأول
678 ق.م – 672 ق.م
( تاريخ الملك نخاو با )
يُعد الملك نخاو با - Nekauba ، أو نكاو با678 – 672 ق.م - أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين ، أن لم يكن مؤسسها ـ ولكن ليس لدينا من الأدلة المادية الدامغة أنه المؤسس الفعلي لها ، ولكن لدينا الدليل على أنه كان أحد الملوك الأوائل في الأسرة السادسة والعشرين ، والدليل هو إثبات إسمه في هذه الأسرة من قائمة المؤرخ مانيتون.
وقد إمتد حكمه 6 سنوات - ومع ذلك - فكونه ملكاً هو أمر غير مؤكد في أي وثيقة معاصرة وقد يكون بدعة للحكام السايسيين في الأسرة الخامسة والعشرين ، لشرعنة حكمهم ، كتب مانيتون أن نكاو با من المفترض أنه خلف مؤسس الأسرة السادسة والعشرون تف ناخت الثاني - والذي خلف بدوره نخاو الأول ، والد أبسماتيك الأول ، حكم نكاو با كملك سايسي محلي في عهد الأسرة النوبية بين 678 ق.م حتى 672 ق.م ، لو ما كان يتمتع بحكم مستقل ، إذا لم يكن كذلك ، فلابد أنه كان الحاكم المحلي لسايس الذي تقلد منصبه في الفترة التي سبقت حكم الملك نخاو الأول.
خريطة توضح رحلات الملك نخاو با الأول الإستكشافية حول إفريقيا
هذا - ويقترح عالم المصريات كنيث كيتشن أن حكم نكاو با ، إمتد من 6 إلى 16 عام ، رغم أن تلك الفترة تبدو كبيرة بالنسبة لحاكم غامض ، وعلى قائمة مانيتون ، نجد أن فترة حكم نكاو با ، إمتدت 6 سنوات فقط ، مما يوحي بقصر الفترة بين حكم تف ناخت الثاني ، وتقلد نخاو الأول الحكم ، يحتمل أن نخاو با ، ونخاو الأول ، كانا أولاد تف ناخت الثاني ، حيث أن إسمه قريب الشبه من اسم نخاو.
نخاو با الثاني
372 ق.م – 672 ق.م
( تاريخ الملك نخاو با الثاني )
الملك نخاو با الثاني
لقد إمتدت فترة حكمه 8 سنوات ، حسب قائمة " مانيتون ".
وقد خلفه على عرش مصر إبنه أبسماتيك الأول.
ويعرف نخاو الأول بصفة رئيسية من الوثائق الآشورية ، لكنه موثٌق أيضاً في وثيقة مصرية معاصرة من عهده.
وقد تُوج رسمياً في سايس آشوربانيبال في حوالي سنة 670 ق.م. ، لكنه كان حاكماً لمصر بالفعل كملك محلي قبل هذا الحدث.
وبحسب ما ورد في السجلات التاريخية ، قُتل نخاو الأول على أيدي القوات الكوشية الغازية في عام 664 ق.م. بقيادة تنت آمون لكونه حليفاً للآشوريين.
يُحسب له صد هجمات النوبيون للدلتا ، وأيضاً صده لاحقاً لهجمات الآشوريون ، الذين شرعوا في التقدم جنوباً إلى صعيد مصر وطيبة.
كما يعتقد أن نخاو شقيق نخاو با - وهو ملك غير مؤكد لسايس.
وقد تزوج من إستمبات ، وأنجبا أبسماتيك الأول وشقيقته.
أبسماتيك الأول
672 ق.م – 664 ق.م
الملك أبسماتيك الأول
( تاريخ الملك أبسماتيك الأول )
هو الملك أبسماتيك الأول Psamtik I
ويطلق عليه الإغريق لقب Psammeticus
وقد طرد الآشوريين من مصر ، ونقل أبسماتيك الأول العاصمة إلى سايس في ذلك الوقت - قصة هيرودوت عن الدوديكارخي (حكم الإثنا عشر) - وصعود بسماتيك الأول للحكم أغلب الظن أنها خيالية ، من المعلوم من كتابات مسمارية أن عشرين أميراً معينين من قبل إسرحدون ملك آشور ، وآشور بانيبال المعاصران لحكم الملك نخاو الأول ، والد بسماتيك الأول ، كان زعيم هؤلاء الأمراء. ويبدو أن هؤلاء الأمراء ، كانوا قد فشلوا في الحفاظ على مصر للآشوريين المكروهين من الشعب أمام هجمات النوبيين المحبوبين من الشعب ، الآتين من مملكة كوش من الجنوب.
وحسب المؤرخ الإغريقي هيرودوت ، أن اللابيرنث ( قصر التيه ) ، الذي بناه سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشر كان مقر الدوديكارخي ، أي حكم الإثني عشر ، والتي غالباً ما تكون تحريفاً للأمراء العشرين بعد وفاة والده. تمكن أبسماتيك الأول من تحرير مصر من سيطرة الآشوريين ، وإستعاد رخاء مصر خلال فترة حكمه الطويلة التي إمتدت 54 عامًا.
وقد وحد أبسماتيك الأول مصر في العام الثامن من حكمه عندما أرسل أسطولاً قوياً في مارس 656 ق.م إلى طيبة وأجبر شبنؤبت الثانية - زوجة آمون -على اتخاذ ابنته نيتوكريس الأولي كوريثة لها .
كما دوّن في مسلة التبني نجاحه في السيطرة على طيبة ، وحطم آخر مظاهر سيطرة الأسرة النوبية على مصر العليا بقيادة تنوت أماني نيتوكريس ، إبنة أبسماتيك الأول ، بقيت في منصبها في طيبة لمدة 70 عاماً من 656 ق.م ، وحتى وفاتها في 585 ق.م بعد ذلك قام الملك أبسماتيك الأول بالعديد من الحملات ضد هؤلاء الحكام الإقليميين الذين عارضوا توحيده لمصر.
ومما يذكر من إنتصاراته أيضاً ، أنه قد حقق الإنتصار على عصابات ليبية ذكرت في مسلة من العام 10 - 11 من عهده في واحة الداخلة.
الملك أبسماتيك الأول يُقدم القرابين للآلهه
وقد كان أبسماتيك الأول فرعوناً عظيماً لمصر حيث حررها من الأشوريين ، ثم أسس علاقات وطيدة مع الإغريق ، وشجع العديد منهم على الإستقرار في مصر ، وأنشأ مستوطنات لهم وشجعهم على الإنخراط في الجيش المصري.
كما نشطت التجارة بين مصر واليونان في ذلك العهد ، وكانت سايس مركزاً تجارياً هاماً لمصر مع اليونان ودول البحر الأبيض المتوسط.
ويروي المؤرخ هيرودوت قصة عن أبسماتيك الأول في الباب الثاني من كتابه " التواريخ " ، أثناء سفره إلى مصر ، سمع هيرودوت أن پْسِمّاتيخوس (أبسماتيك الأول) أراد أن يعرف أصل اللغات بإجراء تجربة بطفلين رضيعين.
وقد أعطى أپسماتيك الطفلين لراعي ، وأمره برعايتهما على ألا يتحدث إليهما على الإطلاق ، على أن يعود الراعي إلى الملك لدى سماعه أول الكلمات التي ينطقها الطفلان ، ليرى بأي لغة تكون الإفتراض ، كان أن أول الكلمات المنطوقة ستكون باللغة الجذرية التي هي أم كل اللغات الأخرى ، وعندما صاح أحد الطفلين "بـِكوس" ، وهو ماد لذراعيه إستنتج الراعي أن الكلمة من اللغة الفريجية ، أن الكلمة كانت تعني "خبز" بالفريجية.
وبذلك إستنتجوا أن الفريجيين هم أقدم من المصريين . صحة قصة هيرودوت ، مثل الكثير من قصصه ، مشكوك بها.
الملك نخاو الثاني
( تاريخ الملك نخاو الثالث )
نخاو الثالث
664 ق.م – 610 ق.م
هو الملك نخاو الثاني Necho II - أو Nekau ، هو أحد فراعنة الأسرة المصرية السادسة والعشرين في تاريخ مصر القديم، ولقد احتل مكان الشرف في التاريخ الدولي للعصور القديمة.
وقد قام بتولى الحكم من عام 610 إلى 595 ق.م.، وكانت سياسة الملك صا الحجر(نكاو) في الأسرة السادسة والعشرين ، أن يقوم بدور فعال في العالم الخارجي فبمجرد أن تبوأ العرش ، تدخل في آسيا ، فحارب يوشيا ملك يهوذا ، الذي أراد إقفال الطريق أمامه بعد أسوار مجدو ، فقتل يوشيا في المعركة، وعين نكاو ملكاً من اختياره لعرش أورشليم ، فظل فرعون سيد فلسطين وسوريا مدة أربع سنين ، غير انه دخل في عدة معارك ، وهزم نبوخذ نصر علي يديه واحتلت بعدها بابل من قبل الفرس
ومما ورد في تاريخ هيرودوت عن الملك نخاو الثاني ، أنه كان مهتماً بالتجارة الخارجية ، وكان يعمل جاهداً على تنميتها بشتى الطرق ، فقام بمد نشاطه البحرى والتجارى ، بحفر القناة التي كانت تصل نهر النيل بالبحر الأحمر ، وأعطى مصر أسطولاً من السفن ذات الثلاثة صفوف من المجاديف ، وقام بحارته الفينيقيون برحلة إستغرقت ثلاث سنوات ، من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، وعادوا عن طريق جبل طارق ، ولم يستطع العالم القديم أن يصدق أن الشمس التي تشرق دائماً من على اليسار ، أشرقت يوماً ما من على يمين البحارة ، ومع أن هذه الرحلة تبدو بالغة الأهمية ، فإنها لم تتبع بأخرى ، ولم يتبعها أحد بعد ذلك.
ومما يذكر من أحداث هامة وقعت في عهد نخاو الثاني ، نذكر هزيمة مصر في سلسلة متتالية من معاركها في بلاد الشام ، والتي خاضتها من أجل مواجهة جيوش بابل التي كانت قد فرضت سيطرتها تماماً عليها ، وقد ثبت تاريخياً أن القوات المصرية التي أرسلها الملك نخاو الثاني لقتال البابليين ، كان عددها قليل في العدة والعتاد ، ولكنه إستطاع ان يردهم في معركة دارت على حدود رفح الحالية فيما يعرف بالحرب البابلية.
أبسماتيك الثاني
610 ق.م – 595 ق.م
الملك أبسماتيك الثاني
( تاريخ الملك أبسماتيك الثاني )
هو الملك أبسماتيك الثاني Psamtik II أو Psammetichus
وفي تهجئة أخرى : بساماتيكوس الثاني - كان فرعون مصر من الأسرة السادسة والعشرين (595 - 589) قبل الميلاد.
وإسم الميلاد نفر - إب - رع ومعناه " جميل قلب رع."
وقد حكم مصر سبع سنوات.
تولي عرش مصر بعد أن توفي أبيه الملك نخاو الثاني ، وإن كان أبسماتيك الثاني ، لم يترك وراءه آثاراً كثيرة ، إلا أننا نعرف أنه ذهب إلى سورية – وربما كانت زيارة فقط وليست حملة حربية – كما نعرف عنه أيضاً أنه ذهب مع جيشه إلى جنوبي مملكته ووصل إلى بنوبس - الكرمة - ونباتا عاصمة بلاد كوش ، في سلسلة من المعارك العنيفة ، وكان جيشه مؤلفاً من يونانيين ومصريين وسوريين ، ومن بعض اليهود ، وقد ترك الجنود اليونانيون ، نقشاً يذكرون فيه رحلتهم هذه على ساق أحد تماثيل رمسيس الثاني ، أمام معبد أبي سمبل .
ونعرف من عهد هذا الملك أيضاً أن تجارة اليونانيين - وبخاصة - المُقيمين في مدينة ناوكراتيس في الدلتا ، إزدهرت إلى أبعد الحدود ، كما كثر الجنود الأغريق وأصبحت هناك ثلاث حاميات رئيسية كبيرة : واحدة منها مارينا في غربي مصر على شاطئ البحيرة المعروفة باسم مريوط ؛ وجيش ثان في شرقي مصر في " دفنة " ، وأما الحامية الثالثة - أو الجيش الثالث - فكان في الفنتين في الجنوب أسوان الحالية. و أزدهرت أيضاً في عهده (الفنتين) ، وكانت جالية يوناية تقيم فيها تعتمد على التجارة.
ولقد كان حكم الملك أبسماتيك الثاني بين عامي 594 - 578 ق.م ، وتلاه على العرش الملك " واح – إب – رع " ، المعروف للمؤرخين بإسمه في الصيغة اليونانية إبريس.
واح إب رع
595 ق.م – 589 ق.م
الملك واح إب رع
( تاريخ الملك واح إب رع )
لقد عُرِفَ الملك " وَح إب رع " بإسم الملك أبريسApries - وباللغة اليونانية القديمة ينطق بذات الإسم أبريس أيضاً Ἁπρίη ، وهو الاسم الذي وضعه هيرودوت ، و ديودور الصقلي ، و لوصف الملك وهايبر هايبر - Wahibre Haaibre ، وهو فرعون من مصر في الفترة من : 589 ق.م - 570 ق.م ، وترتيبه الرابع في ملوك الأسرة السادسة والعشرين.
وقد ورد ذكراً له في تاريخ مانيتون ، الذي سجل بشكل صحيح أنه حكم لمدة 19 عاماً. يسمى أبريس أيضاً هو فراع Ουαφρη[ς] في كتاب العهد القديم المقدس [ راجع : سفر إرميا 30 : 44 ].
يعد الملك " واح - إيب - رع " من الملوك العظام الذين حكموا مصر في ظل الأسرة السادسة والعشرين ، حيث كان له دور بارز وفعال في تاريخ مصر السياسي بالخارج بالإضافة إلي تحولات سياسية داخلية خطيرة ، وكان أول عمل قام به الملك "واح-إيب-رع" عند اعتلائه العرش ، هو إستعادة "سوريا" و "فلسطين" ، وذلك لكي يحقق أمال أسرته القديمة لإسترداد مستعمرات مصر هناك ، ولهذا فقد عقد تحالفاً مع الملك "صدقيا " ضد " نبوخذ نصر " لتفادي سقوط أورشليم.
إشتهر الملك " واح - إيب - رع " عند الإغريق بإسم "أپريس" ، وعند اليهود باسم " حفره " ، هذا بالإضافة لألقابه الملكية التي تلقب بها ، حيث أن لقب "واح - إيب - رع - WAH - ib - Ra" ، يشير إلي اسم ميلاد الملك - ومعناه " فليدم قلب رع " ، أما بالنسبة للقب "حعع - إيب - رع " ، فهو يشير إلي إسم تتويج الملك ومعناه "فليهنأ قلب رع" ، ويجب علينا أن نفرق بين إثنين من الملوك حملوا لقب "واح - إيب - رع" ، وهم الملك " أبسماتيك الأول " مؤسس الأسرة السادسة والعشرين والملك "أپريس" رابع ملوك هذه الأسرة ، حيث يعد لقب " واح - إيب - رع " هو إسم التتويج للملك "بسماتيك الأول" واسم الميلاد بالنسبة للملك " أپريس " .
وتعتبر فترة حياة الملك " واح - إيب - رع " من الفترات الصعبة تاريخياً ، حيث أنه لم تكن هناك مصادر واضحة تبين لنا حياة الملك ، ولا معرفة تاريخ ميلاده ، ولا فترة حكمه ، ولأسرته ، فكل هذا كان يعد غامضاً ، وإن كانت هناك بعض الآراء توضح ذلك فإنها لم تكن مكتملة ، وتعتمد في مجملها علي كتابات المؤرخين القدامى أمثال "هيرودوت" ، " ديودور الصقلي " ، والمؤرخ "مانيتون" وغيرهم ممن كتبوا عن هذه الفترة ، أما بالنسبة للآثار ، فقد أمدتنا بالقليل عن حياته ومدة حكمه التي لم تكن مؤكدة ، والتي إختلف فيها المؤرخون القدامى والكتاب المحدثون، حيث أن أغلب الكتابات التي دارت بصدد هذا الأمر ، لم تكن مكتملة الأركان.
أحمس الثاني
589ق.م – 526ق.م
الملك أحمس الثاني ( أمازيس )
( تاريخ الملك أحمس الثاني أمازيس )
يُعد الملك أحمس الثاني " أمازيس " - أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين ، وقد تولى حُكم مصر في الفترة من : (570 قبل الميلاد - 526 قبل الميلاد) ، وكان وأخر الفراعنة العظام في تاريخ مصر قبل هزيمة أبنه أبسماتيك الثالث ، علي يد الفرس ، إستعان الملك أبسماتيك الأول مؤسس الأسرة السادسة والعشرين بالعناصر اليونانية ، كمرتزقة في الجيش المصري وذلك لإعادة الوحدة السياسية إلى البلاد ، كما اتخذ أبسماتيك هؤلاء المرتزقة حرساً خاصاً له وجعل منهم حاميات للحدود ومنها حامية دفنة على الحدود الشرقية ، وإلفنتين عند أسوان.
جاء بعد أبسماتيك الثاني ، إبنه الملك أبريس ، الذي أكثر من اعتماده على الاجانب في الجيش ، فزاد نفوذهم.
إبان فترة حكمه ، إندلعت ثورة بين الجنود المصريين الأصليين والتي أعطت فرصة لأحمس كي يستولي على العرش ، هذه القوات ، التي عادت إلى الوطن من رحلة عسكرية كارثية إلى سيرين في ليبيا ، إشتبهت القوات المصرية في أنهم قد تعرضوا للخيانة لكي يحكم أبريس بشكلٍ أكبر من خلال المرتزقه اليونانيين ، وتعاطف معهم كثير من المصريين ، وأعلن المتمردون الجنرال أحمس الثاني الذي أرسل لمقابلتهم وقمع التمرد ملكًا لهم ، وهزم أبريس ، الذي كان عليه بعد ذلك الإعتماد كليًا على المرتزقة.
هرب أبريس إلى بابل ، وتم القبض عليه وقتل وهو يقوم بغزو وطنه الأم في 567 قبل الميلاد بمساعدة جيش بابل ، ويؤكد النقش على الصراع بين الجندي المصري والأجنبي ، ويثبت أن أبريس قد قتل ، ودفن بشرف في السنة الثالثة من حكم أحمس (567 قبل الميلاد) ، ثم تزوج إحدى بنات سلفه أبريس ، لكي أجل إضفاء الشرعية على ملكيته.
وقد أصبح أحمس ملكاً على مصر وحده ، حيث يبدأ حكمه في عام 568 ق.م ، وينتهي في 525 ق.م ، وكانت أول صعوبة صادفته هي تهدئة ثورة المصريين ضد اليونانيين ، فقد كان يدرك تمام الإدراك أنه لا يمكن أن يطمئن على سلامة البلاد ، إلا بوجود الجنود اليونانيين لأن الحالة في غربي آسيا ، كانت قد وصلت إلى أبعد حد من السوء ضد مصر ، كما أن قوة اليونانيين بوجه عام إزدادت في البحر الأبيض المتوسط ولم يكن من حسن السياسة إضعاف الجيش وجلب عداوة جميع الدويلات اليونانية وشل اقتصاديات مصر إذا تعرض للتجار الأجانب وطردهم من البلاد.
وإستطاع أحمس أن يخرج بلباقة من كل هذه المآزق ، فأرضى شعور الوطنيين من رجال الجيش بإستدعاء اليونانيين من الحاميات التي على الحدود وأرسل المصريين ليحلوا محلهم ، ولكنه لم يسرح اليونانيين بل تركهم يعيشون في منف ، وأرضى شعور التجار المصريين الذين كانوا يغيرون من ثراء اليونانيين ومنافستهم بجمعه التجار اليونانيين في مكان واحد في مدينة " نوكراتيس " في غرب الدلتا ، وأرضى اليونانيين بأن سمح لهم أن يحولوها إلى مدينة يونانية بالمعنى الكامل ، وأن يقيموا فيها معابدهم وأسواقهم ، وسرعان ما أزدهرت هذه المدينة ، وأصبحت مركزاً رئيسياً للتجارة بين مصر وبلاد اليونان وغيرها.
وكان أحمس رجلاً لبقاً يحسن مقابلة الناس ، وكان ينصرف عمله أثناء النهار ، فإذا ما أنتهى من ذلك ترك لنفسه العنان بين أصدقائه المختارين في مجالس الشراب ، وقد أطال المؤرخ الإغريقي هيرودوت في وصف هذه الناحية من أخلاقه وفهو سياسي داهية ، ولكنه عربيد لطيف جميل المعاشرة ، وبخاصة مع أصدقائه من كبار القواد ، أو التجار اليونانيين الذين كانوا يأتون إلى مصر.
وعرف أحمس أن الخطر كان كامناً عن يمينه وعن يساره - فأما عن خطر الغرب - فقد حصن أحمس حدوده وأنشأ حاميات كثيرة على الشاطئ وفي الواحات ، وشجع إقامة الناس فيها، وبني المعابد في سيوة وفي البحيرة وفي الخارجة ليجعل من الواحات الحصون الأمامية إذا جد خطر وحدثت مهاجمة لمصر من يونانيي لييبا.
أما في الشرق - فكان الأمر مختلفاً إذ كانت الدولة البابلية تمد ببصرها نحو مصر نفسها ، وأضطر أحمس ، لأن يخوض معركة في أوائل سنين حكمه في فلسطين وهزم العدو جنوده الأغريق ، ولكن جيوش بابل لم تستمر في هجومها على مصر ، ومع ذلك فقد ظل الخطر كامناً ، وإستعد أحمس له بإحتلال أسطوله لجزيرة قبرص، كما عقد محالفة مع " كرويسوس " ملك ليديا، وأنهى نزاعه مع قورينة ، فصالحهم ، وتزوج أميرة منها.ونجحت سياسة أحمس كل النجاح ، وقضت مصر عهداً مزدهراً في كل ناحية ووأثرت البلاد إثراءاً كبيراً من التجارة ، وأستقرت فيها الأمور ، ولكم في العام الأخير من حياته أخذت السحب تتجمع ، وكانت العاصفة على وشك الإنقضاض على مصر ، ولكنه مات قبل أن تتعرض مصر لهذا الخطر ، فكان نصيب خليفته " أبسماتيك الثالث " التعرض لهذه الكارثة.
أبسماتيك الثالث
526ق.م – 525ق.م
الملك أبسماتيك الثالث
( تاريخ الملك أبسماتيك الثالث )
لقد عرف الملك أبسماتيك الثالث بإسم " عنخ كا إن رع " أيضاً .
ويعد هو الأخير في قائمة ملوك الأسرة المصرية السادسة والعشرون ، حيث سقطت الدولة المصرية بأكملها في قبضة الملك قمبيز - ملك مملكة فارس - وقد تولى أبسماتيك الثالث حكم مصر في الفترة من : 526 - 525 ق.م.
وقد ورد في الباب الثالث ، فصل : 15 ، من كتاب المؤرخ الإغريقي "هيرودوت" التواريخ ، إبنة الملك أبسماتيك الثالث أُخِذت كجارية ، وحُكِم على إبنه بالإعدام ، وتحول أحد سدنته إلى متسول ، أحضر الفرس الثلاثة إليه ليروا رد فعله.
لم يثر إلا حين رأى حال سادن العرش الذي تحول إلى متسول الفرس أوفرا حياته ، إلا أن إبنه قُطّع إرباً أمامه ، بعد فترة بدأ أبسماتيك في التخطيط لثورة على الإحتلال الفارسي ، فاُجبر على شرب دم الثور ، مما أدى إلى وفاته.
كان أبسماتيك الثالث إبن الفرعون أحمس الثاني من أحد زوجاته الملكة : خيــتا تنت في الحُكم والده أحمس الثاني عام 526 قبل الميلاد بعد فترة حكم طويلة ومُزدهرة ، إستمرت 44 عامًا تقريبًا ، وفقاً لهيرودوت ، كان لديه ابن يدعى أحمس وزوجة وإبنة ، وكلاهما غير مسمى في الوثائق التاريخية.
ولقد تولى أبسماتيك الثالث بعد وفاة أحمس الثاني ، وبعد ستة أشهر فقط من توليه الحكم وقع على عاتق هذا الملك الدفاع عن المملكة من الخطر الفارسي الذي بدأ يلوح في نهاية عهد أبيه ، وتَرَبٌَىَ هذا الأمير تربى بعيداً عن السياسة وفنون الحكم ، لذا كان غير مؤهل لتحمل المسئولية في حين ان مصر كانت تحتاج لحاكم متمرس في الحرب والحكم في أن واحد وبالرغم من كل هذه الظروف الصعبة ، أظهر أبسماتيك الثالث حكمه كبيرة في هذه الساعة الحطيره فأمر بإخاء المرتزقه لمعسكراتهم الدائمة ، وجرد القصور من الحراس والاسطول من الملاحين ، وذهب سريعاً إلى الميدان ليختار أرض المعركة فخطته إلى حد ما كانت موفقه لأنها كانت ملائمه للدفاع لكن كان الفرس ، متفوقين بمراحل حيث كان القواد والجنود من المُحنكين في الحرب خصوصا في حروب بابل وليديا ، بعكس المصريين في ذلك الوقت لم يدخلوا أي حرب أو معركة ، وإستمرت المعركة بين المصريين والفرس من طلوع الشمس إلى غروبها ، وكان القتال في الجانبين بنفس الحماس ولكن بالطبع تفوق الفرس لايمكن إنكاره ، وعندما شعر المصريين انهم سوف يحاصرون أوقفوا المقاومة ، وذهب بسماتيك الثالث إلى منف ، وتَحَصن بها بواسطة النيل وسدودها ، وقلاعها.
ووفقا لكتاب التاريخ - الفصل الثالث 199 للمؤرخ "هيرودت" ، فقد حدث بعد ذلك حادث السفينة المليتينية ، وهي سفينه حربيه ، كان قد أرسلها قمبيز ، ووضع عليها بعض الإقتراحات للسلام ، وكان تقدمها يُشار إليه من قرية إلى قرية وبذلك رتبت منف حفل إستقبال متوحش لهذه السفينة ، فبمجرد وصولها إلى منف ، صعد إلى السفينة الجنود المصريين ، وذبحوا رسول قمبيز والبحارة وقطعوا أجسادهم ومَثٌلوا بها في طرقات المدينة ، لذا ، فقد أسرع قمبيز بالعقاب ، فهاجم منف ، ودخلها ، وأسر أبسماتيك الثالث ، وإحتفظ بحق عقابه لنفسه ، ولكنه كلف لجنه من القضاة الفرس لعقاب المصريين وقادتهم ، وأعلن الحكم ان على كل بحار فارسي قد إغتيل أن يدفع عشرة نُبلاء مصريين حياتهم ثمناً لحياته.
تم ذبح حوالي ألفين من النبلاء المصريين من العاصمة المصرية القديمة ( منف ) ، جراء قيام مجموعة من الجنود المصريين بقتل مائتين من البحارة الفرس ، حاولوا التسلل على متن السفينة المليتينية لإقناع المصريين بعدم جدوى المقاومة ، والخضوع ، والإستسلام للأمر الواقع ولشرط الإملاءات الفارسية المهينة.
ثم حدث أن أرسل قمبيز في طلب أبسماتيك الثالث ، وعامله بإحتقار ، وألبس إبنته لبس الإماء ، وأرسلها بيدها إناء لتسقى به ومعها مجموعة من بنات الأشراف ، ولما رآهم أبسماتيك الثالث غَضٌ الطرف عنهم ، ثم رأى إبنه مصحوباً بألفى مصري وهم ماضين للقتل ، ولكنه ظل مستكيناً ، كما كان عند رؤية أبنته ، ولكنه إنهار تماماً الذي كان يأكل على مائدته ، وهو يتسول من الجنود ، فلما رآه الملك ، لم يستطيع أن يمسك دمعه ، ولما رويت هذه الحادثة لقمبيز أرسل له رسوله يقول له : " يقول لك سيدك قمبيز لأى سبب ما حزنت وأجريت دمعا عندما رأيت إبنتك في زىٌ أَمَة وإبنك يسار به إلى القتل ، ولكنك أكرمت هذا المتسول " ، فرد عليه الملك وقال : " يابن قورش ، إن مصائب بيتى كبيرة جدا حتى لا تستطيع البكاء لاجلها ، وأما ما أصاب هذا الرجل صديقى في أول شيخوخته من وقوعه في الفقر بعد ان كان كثير الأملاك والخيرات ظهر لى أنه يستوجب البكاء " فرق قلب قمبيز لهذه الاجابه ، فأمر أن يحضر إبنه ، ولايقتل ، ولكنه كان أول من نفذ فيه حكم القتل ، وذهبوا بأبسماتيك الثالث إلى قمبيز ، فأقام عنده سائر أيامه ولم يلحق به أذى ، كما روى من هيرودت لكنه عمل على إثارة المصريين ، فإنكشف أمره وأمره قمبيز أن يشرب دم ثور ، فمات على الفور.
ويرى تغير سلوك قمبيز مع أبسماتيك الثالث ليس من قبيل الشفقة ولكن من السياسة لأن أبيه كورش الكبير كان لايعامل الملوك إلا معاملة حسنة ، ولا يهينهم ولا يعامل سكان بلد مهزوم بطريقه وحشيه.
بعد الهزيمة النكراء التي تعرض لها الملك أبسماتيك الثالث على يد الملك قمبيز ملك بلاد فارس في الفرما " بيلوزيوم " ، حُمِلَ إلى سوسا ، عاصمة الفرس ، مُقيداً بالأصفاد والسلاسل ، ثم إنتهت حياته بإعدامه.
إرسال تعليق