تاريخ مصر في العصور القديمة
تابع : عصر الأسرات المصرية
تابع : عصر الدولة القديمة
الأسرة المصرية الثالثة
مقدمة
تعتبر الأسرة المصرية الثالثة ، هي إحدى الأسرات التي حكمت مصر إبان عصر الدولة القديمة ، وهي أسرة تظهر في عصرها أول أشكال الإزدهار العمراني ، وخاصةً – بناء المقابر الهرمية ، بدايةً بهرم الملك زوسر .
ويعتبر المؤرخون بداية حكم الأسرة الثالثة البداية الفعلية لإزدهار الدولة المصرية في أقدم عصورها ، حيث ساهمت بدورها الإصلاحي الذي إشتمل النهوض بأكثر من مجال من مجالات الحياة ، في نجاح الحضارة المصرية القديمة ، وكانت أيضاً أول أسرة تهتم بتوجيه الموارد الطبيعية التي حبا الله مصر بها – وفي مقدمتها نهر النيل – في سبيل النهوض بمنظومة الزراعة وإستصلاح الأراضي.
كما أدى الفيضان المتوقع والري المتحكم به في الوادي الخصب إلى إنتاج فائض من المحاصيل ، مما ساعد على زيادة كثافة السكان ، والتنمية الاجتماعية والثقافة.
وبتوفير الموارد ، رعت الإدارة إستغلال المعادن في الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة بها ، والتطوير المبكر لنظام كتابة مستقل ، وتنظيم البناء الجماعي والمشاريع الزراعية ، والتجارة مع المناطق المحيطة ، والجيش الذي يهدف إلى تأكيد الهيمنة المصرية. كان تحفيز وتنظيم هذه الأنشطة عبارة عن بيروقراطية من نخبة الكتبة والقادة الدينيين والإداريين تحت سيطرة فرعون ، الذين كفلوا تعاون ووحدة الشعب المصري في سياق نظام متطور من المعتقدات الدينية .
كما تُعد فترة حُكم الأسرة المصرية الثالثة ، هي البداية الفعلية لعصر الدولة المصرية القديمة ، وهي أيضاً النقلة الحقيقية إلى حضارة عصر ما بعد تكوين الأسرات ، وبداية حكمها في تاريخ مصر .
معبد جنائزي للملك زوسر في سقارة
ولكن من حيث تسلسل الأحداث التاريخية الموثقة ، نجد أن الإنتقال من الأسرة الثانية إلى الأسرة الثالثة ، قد تم دون حدوث أي إنفصال أو إنقطاع ، حيث نجد أن أول ملوكها يقيم تمثالاً لسلفه ، بالإضافة إلى أننا نجد أن الملكة المصرية ، والمعروفة بإسم الملكة : " نــي ماعــت حابـي - Nymaathapy " ، والتي كان يطلق عليها لقب " أم الأولاد الملكييٌن " ، خلال فترة حكم "خع سخمري - الأسرة الثانية " ، صارت توصف ، بـ ( أم الملك ) ، وذلك أثناء حكم الملك زوسر - مما يوحي بوجود روابط عائلية تجمع بين الأسرتين الثانية والثالثة.
تمثال الملك زوسر
( المتحف المصري للآثار )
وقد خلف خع سخم وى على العرش في منف الملك ، وهو أول مؤسس الأسرة الثالثة ، وهو أول ملك بنتى لنفسه مقربتين ؛ الأولى في بيت خلاف بصفته ملكاً للوجه القبلي ، ومقبرة أخرى في سقارة .
وهذه المقبرة هي أقدم هرم تم تشييده على أرض مصر ، ويعرف بإسم " الهرم المُدرج " ، وكان مهندسه المعماري إمحوتب ، ويُعد الملك زوسر ، هو أول ملك تغل في النوبة السفلى فيما وراء الشلال .
وقد عثر في دهاليز هرمه على أواني من الأحجار الصلبة من المرمر والجرانيت والديوريت و الإردواز وغيرها من أنواع الأحجار الصلبة .
ويُعد الملك " حوني " - هو آخر ملوك هذه الأسرة ، وتُعني الضارب الذي أقام لنفسه هرماً في دهشور ، وهو الحلقة المُوٌصلة بين الهرم المدرج الهرم الكامل .
وفيما يلي بياناً تفصيلياً بتاريخ كل ملك من ملوك الأسرة المصرية الثالثة على حِدة :
1- الملك سا ناختي
قطعة من لوحة صخرية تُمثل الملك " سا ناختي " وهو يوجه ضربة لأحد أعداءه - وقد تم العثور عليها في سيناء - ومعروضة حالياً في المتحف البريطاني تحت رقم EA 691
التعريف بإسم الملك والتوثيق لتاريخه
هو الملك المشهور بـ ( الفرعون العملاق ) ، وإسمه بالكامل هو"سا ناختي "ـ وترتيبه في الأسرة الثالثة غير واضح تماماً ، ولا يزال موضوعاً للنقاش ، بينما وجود الملك سا ناختي مؤكداً عن طريق بقايا ختم وكتابات من المصطبة رقم K2، ترتيبه كمؤسس للأسرة الثالثة ، كما سجله المؤرخ والكاهن المصري " مانيتون " ـ وكما ورد في : (بردية تورين) ، قوضته بشدة الإكتشافات الأثرية التي عثر عليها في أبيدوس ـ ومن خلال تلك الإكتشافات ، أصبح من المرجح أن الملك " زوسر " الذي ساعد في الدفن هو "خع سخم وي" ، بدلاً من " ساناخت " ـ وقد تأكد هذا من خلال الأختام التي عثر عليها في مدخل مقبرة الأخير والتي تحمل إسم " زوسر " ، ويرى مؤيدو النظرية القائلة بأن سا ناختي هو مؤسس الأسرة الثالثة ، بأنه قد تم العثور على أختام الملك " زوسر" في مقبرة خع سخم وي ، أكدت أن " زوسر" ، قد أقام طقوس ثقافية على شرف هذا الملك ، ولا يعني بالضرورة أن "زوسر" كان الخليفة المباشر لخع سخم وي ، وبالتالي فإن سا ناختي تزوج من الملكة ني ماعت هاپ ، والتي كانت إبنة خع سخم وي وليست زوجته ، ويكون " زوسر "هو إبن سا ناختي ، و ني ماعت هاپ ، وذلك بدلاً من ذلك ، ويُعتبر البعض أن سا ناختي هو شقيق زوسر الأكبر ، وقد تأكد هذا من خلال الأختام التي عثر عليها في مدخل مقبرة الأخير والتي تحمل إسم < زوس > ، والنظرية السائدة في الوقت الراهن عن الملك " ساناختي " هي أن حكم سا ناختي ، يرجع إلى الثلاث الأخير من الأسرة ، بعد حكم "زوسر " ، أما فيما يخص العلماء : توبي ويلكينسون ، وستفن سايدلماير ، وكنيث كيتشن ، و رانييه ستادلمان ، فهم يتفقون فيما بينهم على أن إسم " سا ناختي " ، و إسم " نبــكا " ، الذي ظهر في قوائم الملوك الرعامسة ، هما إسمان لملك واحد .
الجانب الأيمن من اللوحة : جمجمة لمومياء فرعونية يعتقد أنها للملك" سان ناختي ".
وعلى الجانب الأيسر من على اللوحة : قطعة من الصخر تم العثور عليها في سيناء - ويرجع تاريخها إلى عصر الملك ساناختي وهي معروضة حالياً في المتحف البريطاني تحت رقم : EA 691
هذا - وتدعم هذه النظرية قطعة من خِتم طيني يظهر على الجزء السفلي - منها الخرطوش - ويرى العلماء والباحثون : ويلكينسون ، سايدلماير ، وستادلمان ـ آثار علامـة " كا "، والتي تُمثل الحروف الأخيرة من إسم " نبكا " .
ولكن يُفضل العالم والباحث دايتريتش ڤيلدونگ المساواة بين نابكا و سا ناختي ، بالرغم من الأسئلة التي تدور حول مصداقية الختم كدليل نظراً للأضرار التي تعرض لها الختم مما يجعل خرطوش " نبكا " لا يحمل أي تأكيد .
وفيما يخص تحديد فترة حكم الملك " سا ناختي " غير معلومة - وعلى عكس الملك زوسر - لم تتبق سوى ألواح قليل من عهده ، والتي أثارت شكوك قوية حول السنوات التقليدية لحكم هذا الملك ، والمقدرة بثمانية عشر سنة ، بحسب ما ورد في تاريخ المؤرخ : ( مانيتون ) ، و ( بردية تورين ) أيضاً ، وينبغي التأكيد على أن بردية تورين ، ومانيتون - كانا أكثر أزالوا أكثر من ألفي سنة من عهد الأسرة الثالثة ، والتي من المتوقع أنها تحتوي على بيانات غير دقيقة أو غير موثوق بها . و ( بردية تورين ) ، على سبيل المثال ، والتي نقشت على ورق بردي ، تؤرخ عهد ملك الدولة الفرعونية الحديثة ، رمسيس الثاني ، الذي حكم مصر من 1279 - 1213 ق.م ، ولا يعرف سوى القليل عن أنشطة سا ناختي في فترة حكمه ، وجود النقوش التي تصوره في وادي المغارة بسيناء مع تلك التي تصور زوسر وسخم خت تقترح تواجد مصري هام هناك في عهد الأسرة الثالثة ، وقد أُطلقت حملات للتنقيب عن المواد المعدنية ، خاصة الفيروز .
إكتشاف مقبرة الملك ساناختي
فيما يخص موضع دفن الملك " ساخانتي " ، فلم يزل موقع مقبرة سا ناختي غير مؤكد ، كان يعتقد لفترة طويلة أن مقبرة سا ناختي هي المصطبة الكبيرة رقم : K2 في بيت خلاف كما أسفرت أعمال التنقيب عن إكتشاف أجزاء من نقوش تحمل إسمه ، ومع ذلك فبعض علماء المصريات ، يعتبرون الآن أن هذه المصطبة هي مدفن لكبار المسئولين ، الأمراء أو الأميرات وليس للفرعون ، بينما إستمر آخرون في دعم الفرضية الأولى هذا - وقد عثر في المصطبة على بقاي هيكل عظمي لرجل يزيد طوله عن 1.87 متر. تبعاً لتشارلز . س . مايرز ، فإن هذه القامة أطول بكثير عن الطول المتوسط ، 1.67 متر للمصريون اللاحقين ، وفي عصر ما قبل التاريخ ، جمجمة العينة كانت ضخمة وعريضة للغاية ، بالرغم من أن مؤشر الجمجمة الخاص به كان عريضاً بشكل غير عادي almost brachycephalic ، نسب عظامه الطويلة كانت مشابهة تماماً لمعظم المصريين القدماء الآخرين ؛ خاصة ما كانوا يعيشون في فترة ما قبل الأسرات. ومع ذلك ـ فالملامح العامة للجمجمة ، كانت أقرب لجماجم المصريين من فترة الأسرات.
وبناءاً على ذلك ، فالمصطبة مرتبطة برواية مانيتون عن ملك أواخر الأسرة الثانية المُسمى سـِسوخريس ، والذي وصفه على أنه طويل بشكل مُلفت .
هذا - ويقترح عالم المصريات ڤولفگانگ هلك فرضية أخرى ؛ ومضمونها تقول بأن قبر الملك سا ناختي هي بناء غير مكتمل يوجد إلى الغرب من هرم زوسر .
جمجمة محتملة للفرعون سا ناختي من المصطبة K2
في منطقة بيت خلاف
إرسال تعليق