سلسلة أبحاث تاريخية للكاتب والشماس / أشرف صالح
تاريخ الكرسي الباباوي لكنيسة الأسكندرية
مقدمة
منذ أن تأسست كنيسة الأسكندرية على يد القديس مرقس الرسول - كاروز الديار المصرية ، وذلك بعد أن إنطلقت كرازته منذ دخوله مدينة الأسكندرية في عام 61 م ، وأثمرت هذه الخدمة الكرازية بتأسيس كنيسة الأسكندرية في بوكاليا في عام 64 م ، ظلت المسيحية في إنتشار ، وشملت جميع أنحاء القطر المصري ، فتأسست كنائس عديدة في بابليون " القاهرة الآن " ، وفي أكثر من مكان في أرض مصر ، ولعل من أقدم الكنائس التي تأسست في العصر المسيحي المبكر في مصر ، مجموعة كنائس مصر القديمة - مثل كنيسة السيدة العذراء مريم الشهيرة بالمعلقة ، وكنيسة أبي سرجة ، وكنيسة القديسة بربارة ، وكنيسة قصرية الريحان بمنطقة مصر القديمة.
( المقر الأول )
[ كنيسة الأسكندرية - بوكاليا < دار البقر > ]
لقد ظل الكرسي الباباوي مستقراً في كنيسة الأسكندرية التي في بوكاليا ، والتي كانت معروفة قديماً بإسم " دار البقر " ، وهي الآن قريبة من منطقة أبي قير ، ويقال أنه لاتزال توجد آثار لهذه الكنيسة حتى الآن في شارع النبي دانيال بالأسكندرية .
كاتدرائية القديس مرقس الرسول - الأسكندرية
وقد إستمرت كنيسة بوكاليا بالأسكندرية ، هي المقر الرئيسي للكرسي الباباوي للمسيحية في مصر ، على مدى إحدى عشر قرناً من الزمان ، تخللتها عدة إنتقالات غير مؤثرة في مركز كنيسة الأسكندرية كمقر رئيسي للكنيسة القبطية ، منها إنتقال الكرسي الباباوي - وليس المقر الباباوي كَكُل - إلى دير الزجاج بالأسكندرية ، والذي يقع قُرابة نحو مائة عام تقريباً ، في خلال فترة القرنين السابع والثامن الميلادي.
( المقر الثاني )
[ الكنيسة المعلقة - " بابليون - مصر القديمة " ]
ثم إنتقل الكرسي الباباوي لكنيسة الأسكندرية إلى الكنيسة المعلقة بمصر القديمة في عهد البابا خريستوذولوس - البابا رقم (66) في ترتيب باباوات الأسكندرية ، والذي جلس على الكرسي الباباوي في الفترة من عام 1040 م إلى عام 1070 م .
كنيسة السيدة العذراء المعلقة - مصر القديمة
أما البابوات الذين إتخذوا من الكنيسة المعلقة مقراً باباوياً لكنيسة الأسكندرية هُم :
1- البابا خريستوذولوس البطريرك 66 ( 1046- 1077 م ).
2- البابا كيرلس الثاني البطريرك 67 ( 1079 – 1092 م ).
3- البابا ميخائيل الأول البطريرك 68 (1093- 1102 م ).
4- البابا مكاريوس الثاني البطريرك 69 (1103- 1129م ).
5- البابا البابا غبريال بن تريك البطريرك 70 (1131- 1145م ).
6- البابا ميخائيل الثاني البطريرك 71 ( 1145- 1146م تقريباً ).
7- البابا يؤانس الخامس البطريرك 72 ( 1147- 1166م ).
8- البابا مرقس الثالث البطريرك 73 ( 1166- 1189م ).
9- البابا يؤانس السادس البطيرك 74 ( 1189- 1216م ).
10- البابا كيرلس الثالث "بن لقلق" البطريرك 75 ( 1235- 1243م ).
11- البابا أثناسيوس الثالث بن كليل البطريرك 76 ( 1243- 1254م ).
12- البابا غبريال الثالث البطريرك 77 ( 1269 – 1271م ).
13- البابا يؤانس السابع البطريرك 78 (1271- 1293م ).
14- البابا ثاؤدسيوس الثاني البطريرك 79 ( 1293- 1300م ).
( المقر الثالث )
[ كنيسة السيدة العذراء - حارة زويلة ]
في خلال عصر البابا يؤانس الثامن البطريرك 80 (1300-1320م) ، تم نقل الكرسي البابوي من كنيسة السيدة العذراء المعلقة إلي كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة التي تأسست عام 350م ؛ وقد ذكرها العلامة المقريزي فقال عنها : ( كنيسة عظيمة عند النصاري اليعاقبة ؛ وهي علي إسم " السيدة " ).
كما قال عنها علي باشا مبارك في خططه " نقلاً عن أبو المكارم " يقول : ( أنه كان بحارة زويلة ، كنيسة عظمي ، جدابها من الأبنية المشيدة والأحجبة المطعمة بالعاج والآبنوس والتصاوير والنقوش المذهبة من عمل الصناع والمصورين المصريين الأقباط ، وكان في هذه الحارة كنيسة أخري غاية في اللطف ، وكان من عادة قسوس الكنيسة الكبري ان يحتفلوا رسميا ثلاث مرات في كل سنة - الأولي : يوم أحد الشعانين وهو الأحد الذي قبل عيد الفصح والثانية : ثالث يوم من عيد الفصح والثالثة : يوم عيد الصليب وهو اليوم السابع عشر من شهر توت وذلك انهم كانوا بعد إقامة الصلاة الاحتفالية يخرجون من الكنيسة بالملابس الرسمية حاملين صحف الانجيل وتتقدمهم المباخر والصلبان وأغصان الزيتون والشموع الموقدة إلي خارج الدرب ؛ ويقرأون الانجيل ، ويرتلون ، ويهللون ، ويدعون للخليفة ووزيره ؛ ثم يعودون اليها فيكملون نهارهم وينصرفون ).
كنيسة السيدة العذراء المعلقة من الداخل
أما المؤرخ الإنجليزي بتلر فقال عنها ( هي بلا شك أقدم كنيسة في مدينة القاهرة ؛وهي تقع علي مسافة 14 قدما تحت مستوي المباني المجاورة حاليا – وهذا يبرهن ما فيه الكفاية علي أنها أثرية - ؛أما طولها فيبلغ حوالي 60 قدما ؛ ولقد أشار بتلر في كتابه إلي "الأيقونة العجائبية " ، وهي تمثل السيدة العذراء حاملة السيد للسيد المسيح في منظر نصفي بين فروع شجرة تنبع من ظهر يسي وحولها الأنبياء داخل دوائر ).
أما أسماء البابوات الذين جلسوا علي الكرسي البابوي ، وإتخذوا من كنيسة حارة زويلة مقرا لهم فهم:
1- البابا يؤانس الثامن البطريرك 80 (1301- 1320 م).
2- البابا يؤانس التاسع البطريرك 81 (1320- 1327 م ).
3- البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 (1327- 1339 م).
4- البابا بطرس الخامس البطريرك 83 (1340- 1348 م ).
5- البابا مرقس الرابع البطريرك 84 ( 1349- 1363 م).
6- البابا يؤانس العاشر البطريرك 85 (1363- 1369 م).
7- البابا غبريال الرابع البطريرك 86 ( 1370 – 1378 م ).
8- البابا متاؤس الأول البطريرك 87 (1378- 1409 م).
9- البابا غبريال الخامس البطريرك 88 ( 1409 – 1427 م).
10- البابا يؤانس الحادي عشر البطريرك 89 (1427- 1452 م ).
11- البابا متاؤس الثاني البطريرك 90 ( 1453- 1466 م).
12- البابا غبريال السادس البطريرك 91( 1466- 1475 م).
13- البابا ميخائيل الثالث البطريرك 92 ( 1476- 1477 م).
14- البابا يؤانس الثاني عشر البطريرك 93 ( 1479- 1483 م).
15- البابا يؤانس الثالث عشر البطريرك 94 (1483- 1524 م).
16- البابا غبريال السابع البطريرك 95 ( 1525- 1570 م).
17- البابا يؤانس الرابع عشر البطريرك 96 ( 1571- 1585 م ).
18- البابا غبريال الثامن البطريرك 97 ( 1585- 1603 م ).
19- البابا مرقس الخامس البطريرك 98 (1603- 1619 م).
20- البابا يؤانس الخامس عشر البطريرك 99 ( 1621 – 1631 م).
21- البابا متاؤس الثالث البطريرك 100 ( 1631 – 1646 م ).
22- البابا مرقس السادس البطريرك 101 ( 1646- 1656 م).
( المقر الرابع )
[ كنيسة السيدة العذراء " المغيثة " - حارة الروم ]
في خلال عصر البابا متاؤس الرابع البطريرك 102 ( 1660- 1675 م) م ، تم نقل الكرسي البابوي إلي كنيسة السيدة العذراء حارة الروم ؛ وهي كنيسة آثرية تقع في منطقة الغورية بالدرب الأحمر ؛وعنها قال العلامة المقريزي في خططه " هي كنيسة تعرف بالمغيثة بحارة الروم القاهرة علي اسم "" السيدة مريم"" ؛ ولقد لُقبت ( بالمغيثة ) ، تَبَرُكاً بالسيدة العذراء التي تنجي ، وتغيث كل من كان في شدة ويلجأ إليها طالبا صلواتها وشفاعتها ؛ أما البطاركة الذين جلسوا علي الكرسي البابوي في كنيسة حارة الروم فهم :
1- البابا متاؤس الرابع البطريرك 102 ( 1661- 1675 م).
2- البابا يؤانس السادس عشر البطريرك 103 (1676- 1718 م).
3-البابا بطرس السادس البطريرك 104( 1718- 1726 م).
4- البابا يؤانس السابع عشر البطريرك 105 (1727- 1745 م ).
5- البابا مرقس السابع البطريرك 106 ( 1745- 1769 م ).
6- البابا يؤانس الثامن عشر البطريرك 107 ( 1769- 1796 م ).
7- البابا مرقس الثامن البطريرك 108 ( 1796- 1809 م)
كنيسة السيدة العذراء " المُغيثة " - حارة الروم
( المقر الخامس )
[الكنيسة المرقسية "الدرب الواسع سابقاً - الأزبكية حالياً"]
قام البابا مرقس الثامن ( جلس على الكرسي الباباوي في الفترة من عام 1799م - 1809م ) ، بنقل الكرسي البابوي من حارة الروم إلي الكنيسة المرقسية الكبري بالدرب الواسع ؛ ولبناء هذه الكنيسة قصة طريفة يرويها لنا علي باشا مبارك في خططه ؛وذلك في الجزء السادس من خططه ص 211 فيقول ( وسبب إنشاء هذه الكنيسة أن الأمير الشهير المعلم إبراهيم الجوهري – رئيس كتبة القطر المصري – إتفق له أحد النساء المُحترمات السلطانية ، ولعلها أخت السلطان كانت قدمت من القسطنينية إلي مصر قاصدة الحج ؛ ولكونه مُتقدماً في الدولة تقدماً مشهوراً ، باشر بنفسه أداء الخدمات الواجبة لمثلها في الذهاب والعودة وقدم لها الهدايا اللائقة لرفيع مقامها فأرادت مكافأته علي خدمته التي أبداها معها ؛ فسألت عن مرغوباته فالتمس منها المساعدة في إصدار فرمان سلطاني بالرخصة في إنشاء كنيسة بالأزبكية حيث مستقر سكنه ، وإلتمس منها أشياء أخري كرفع الجزية عن الرهبان إلي غير ذلك فقوبل رجاؤه بالإجابة ؛ ولكنه توفي في 25 بشنس 1511 الموافق ختام سنة 1209 هلالية قبل الشروع في البناء ؛ فلما تولي أخوه جرجس أفندي منصبه أتحد مع البطريرك وباقي أكابر الأمة وشرعوا في بنائها بجانب القلاية وانتهت عمارته سنة 1516 للشهداء كما ذكرنا ؛ ويقال إن أصل الموقع الذي بنيت فيه الكنيسة كان ملكا للأمير يعقوب والمعلم ملطي الذين كانوا موظفين في وظائف شهيرة مدة حكم الفرنسيس وتنازلاً عنه للكنيسة ولإتخاذ البطريرك القلاية سكنه بجانبها صارت هذه الكنيسة الأولي من الكنائس المصرية ) - وبالفعل - تم تكريس الكنيسة للصلاة في 14 سبتمبر 1800 علي يد البابا مرقس الثامن .
قداسة البابا مرقس الثامن
الكنيسة المرقسية بالأزبكية
ولعل في رأي العلامة الإنجليزي ألفريد بتلر عن هذه الكنيسة ما يجعلنا نشعر بشيء من الصدمة نذكره من باب الأمانة العلمية ، حيث يقول ( أن الكاتدرائية القبطية التي بنيت خلال هذا القرن بشعة المنظر ؛ ولا تلفت الإنتباه لدرجة أنها لا تستحق الزيارة إلا بالنسبة لهؤلاء المهتمين بمعرفة كيف أن أقباط اليوم يتباعدون عن تقاليدهم ويطبقون الأشكال والممارسات الخاصة بالكنيسة اليونانية )[1].
أما عن البابوات الذين جلسوا علي الكرسي البابوي في الكنيسة المرقسية فهم :
1- البابا مرقس الثامن البطريرك 108 ( 1796- 1809 م).
2- البابا بطرس السابع "الجاولي" البطريرك 109 ( 1809- 1852 م).
3- البابا كيرلس الرابع "أبو الإصلاح " البطريرك 110 (1853- 1861م).
4- البابا ديمتريوس الثاني البطريرك 111 ( 1862- 1870م ).
5- البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 ( 1874- 1927 م ).
6- البابا يؤانس التاسع عشر البطريرك 113 ( 1927- 1942 م).
7- البابا مكاريوس الثالث البطريرك 114 ( 1944- 1945 م).
8- البابا يوساب الثاني البطريرك 115 ( 1946- 1956 م).
9- البابا كيرلس السادس البطريرك 116 ( 1959 -1971 م).
( المقر السادس )
[ الكاتدرائية الكبرى " الأنبا رويس بالعباسبة " ]
وفي عصر البابا كيرلس السادس - وبالتحديد - في 24 يوليو 1965م - تم وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة بأرض الأنبا رويس بالعباسية ، ولقد عُرِفَت هذه الأرض في كتب التاريخ بـ "دير الخندق " وعنه قال العلامة المقريزي في خططه وتحت كلمة "دير الخندق" ( ظاهر القاهرة. من بحريها .عمره القائد جوهر عوضاً عن دير هدمه كان بالقرب من الجامع الأقمر ؛ حيث البئر التي تعرف الآن "بئر العظمة" وكانت إذ ذاك تعرف "ببئر العظام " ، من أجل أنه نقل عظاماً كانت بالدير وجعلها "بدير الخندق" ثم هدم دير الخندق في رابع عشر شوال سنة ثمان وسبعين وستمائة في أيام المنصور قلاوون ؛ ثم جدد هذا الدير الذي هناك بعد ذلك ؛ وعمل كنيستين يأتي ذكرهما في الكنائس ).
وفي باب الكنائس وتحت كلمة "كنيستا الخندق" كتب يقول ( ظاهر القاهرة . أحداهما علي إسم "غبريال الملاك " والأخري علي إسم "مرقوريوس " ، وعُرفت برويس ؛وكان راهباً مشهوراً بعد سنة ثمانمائة ؛ وعند هاتين الكنيستين يقبر النصاري موتاهم ؛وتعرف بمقبرة الخندق )[2].
كما جاء عنها في الخطط التوفيقية لعلي باشا مبارك في الجزء السادس ص 230 ( هي بدير الانبا القديس فريج المعروف الآن بدير الانبا رويس ؛وهو دير الخندق الذي ذكره المقريزي ؛وكان ابو رويس هذا عابداً زاهداً معتبراً لدي قومه توفي 1121 للشهداء الموافقة 1405 مسيحية ودفن بالدير المذكور).
وقد إفتُتِحَت الكاتدرائية الكبرى بالعباسية رسمياً ، بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ؛ وجلالة الإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور أثيوبيا في 25 يونية 1968 في حفل مهيب حضره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ؛ وفي هذه الكاتدرائية أيضاً تمت صلاة التجنيز علي روح قداسة البابا كيرلس السادس في 10 مارس 1971 .
جانب من مراسم الإحتفال بإفتتاح الكاتدرائية الكبرى بالعباسية بحضور جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية والإمبراطور هيلاسلاسي حاكم إثيوبيا
كما تم تجليس البابا شنودة الثالث البطريرك الراحل عليها في 14 نوفمبر 1971 ؛ وأيضاً صلاة التجنيز علي قداسته في 21 مارس 2012 ؛ كما تم فيها أيضاً رسامة البابا تاوضروس الثاني البطريرك الـ 118- أطال الله حياته - في 18 نوفمبر 2012 .
قداسة البابا شنودة الثالث بعد تجليسه كبابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الكاتدرائية الكبرى بالعباسية
صلاة الجناز على روح قداسة البابا شنودة الثالث الطاهرة من داخل الكاتدرائية الكبرى بالعباسية في يوم 20 مارس من عام 2020
قداسة البابا تاوضروس الثاني - البابا الحالي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أثناء إقامة صلاة القداس الإلهي في الكاتدرائية الكبرى بالعباسية
فيديو يشرح تاريخ المسيحية في مصر ومراحل إنتقال الكرسي الباباوي المرقسي عبر العصور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - راجع : " الكنائس القبطية القديمة في مصر ؛الجزء الأول ؛ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم ؛ مراجعة وتقديم : نيافة الأنبا غريغوريوس ؛الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛سلسلة الألف كتاب الثاني رقم 131 ؛ص 239 "
إرسال تعليق